“هل يُعتبر التأكد من سلامة منزل أحد الخدم انتهاكًا للخصوصية؟ حتى لو كان الشخص المعني ضروريًا جدًّا بالنسبة لي؟”
“…..لأنه ليس أمرًا متعلقًا بالعمل. ثم إن منزل صانعة الأدوات السحرية هو أكثر مكان آمن، لذا عُد أدراجكَ. ولو خالفت العقد، فستتلقى على الفور ألمًا يُضاهي الموت…..”
لكن “ميلودي” توقفت فجأة، وعيناها اتسعتا وكأنها أدركت شيئًا، ثم رفعت نظرها إليه.
“لكنكَ، يا دوق، تتألم باستمرار بالفعل، أليس كذلك؟”
الألم كان بالنسبة إلى ديونيس أمرًا يوميًّا. لذا، حتى لو خالف شروط العقد، فلن يشعر بأي اختلاف يُذكر.
فلن يكون هناك ألم أسوأ مما اعتاده.
عندها فقط، فهمت ميلودي أنها كانت مخدوعة.
“إذاً بنود العقاب في العقد كانت تخصّني وحدي منذ البداية، أليس كذلك؟”
“العقد أعدّه المعبد، وليس أنا.”
انخفض صوته لينزل على أذنها بهدوء.
و نظرت إليه بنظرة متحفّظة، فرأته بوجه لم تألفه من قبل، حاجباه منخفضان، وعيناه ناعمتان بشكل غير معتاد.
رغم أن ذلك لم يكن بالكثير، إلا أنه جعلها تشعر وكأنها هي من ظلمته وظنت به السوء.
“أنا أعرف ما هو الألم. ولو لم يكن كذلك، لما كنتُ بحثت عنكِ.”
كان في كلامه بعض المنطق. فهو لم يصنع العقد، بل جاء به وفقًا لنموذج المعبد الرسمي.
لكن شعورها بعدم الارتياح لم يختفِ. إذ لم يكن من الممكن أنه لم يكن يعلم أن العقوبات لا تنطبق عليه.
“إذًا، هل تفضلين أن نعدّل العقد ليقول: ‘من يُخالف البنود يموت’؟”
“لا! لا أريد ذلك!”
صاحت ميلودي بفزع وكأنها انتبهت إلى مدى رعب اقتراحها.
الموت؟ لم تكن تطلب شيئًا كهذا!
“لكن ذلك سيُطبّق عليّ وحدي.”
“مع ذلك، لا أريده.”
“هل يزعجكِ أن أموت؟”
“بالطبع!”
عندها، انحنى شكل عيني ديونيس بلطف.
“سأدعكِ تذهبين اليوم. عودي باكراً غدًا.”
لوّح لها بيده بخفة، وعلى وجهه تعبيرٌ يصعب فهمه.
“اعتنِ بنفسكِ في طريقكِ.”
عندما التفتت لتتأكد إن كان قد تبعها، وجدته لا يزال واقفًا في مكانه.
و ربما لأنه داخل الحاجز السحري، بدا ضعيفًا بشكل مدهش تحت ضوء الشمس.
***
بعد أن سارت ميلودي عشرين دقيقة تقريبًا على طول الطريق الجبلي، وصلت إلى طرف الحاجز. و دون أي تردد، خطت خارج حدوده.
كروووغ—
لم تمشِ سوى أربع خطوات فقط، حتى ظهر وحش أمامها وقطع طريقها.
“أهو مجددًا؟”
و من دون أن ترتبك، أخرجت ميلودي مطرقتها.
بفضل زيارات فرقة الصيد الدورية، لم يعد هناك وحوشٌ قوية، لكن ما إن تخرج من الحاجز، حتى يظهر أحدهم فجأة ويهاجمها كأنه يعلم.
“إنه غريغري.”
وحشٌ يشبه الدب، قويٌ لدرجة يمكنه تحطيم الأشجار بجسده، لكنه بطيء الحركة، لدرجة أن حتى شخصًا مثلها، لا يملك لياقةً بدنية، يمكنه تجنبه بسهولة.
– “أنقذوني.”
ما إن رددت كلمات التعويذة، حتى انطلقت المطرقة وضربت رأس غريغري.
وقد ظنّت أنه سيثور مجددًا، لكنه سقط على الأرض فورًا.
“هل أصبتُ نقطة ضعفه؟ لماذا سقط بهذه السرعة؟”
بعد أن أخذت نواة طاقته السحرية، تابعت سيرها قليلاً. ثم ظهر كوخٌ خشبي أسفل التل، كان يقع جزئيًا داخل حدود الحاجز.
كان الكوخ مظلمًا حتى في وضح النهار، ولا أثر فيه لأي دفء. ورغم ذلك، لم يكن هناك سببٌ لعودتها إليه سوى واحد…..
والدها، الذي اختفى قبل ثلاث سنوات.
“لم يأتِ اليوم أيضًا..…”
قالت ذلك وهي تنظر حولها بخيبة.
المعبد أعلن وفاته، لكنها كانت ترى في اختفائه أقرب إلى الغياب القسري. فقد ترك رسالةً واحدة…..ثم اختفى دون أثر.
[ميل، يا قدري العزيز.
مبروكٌ بلوغكِ العشرين. الآن وقد كبرتِ، سأعود لإكمال ما لم أتمكن من إنهائه…..ثم سأعود إليكِ.
حتى من دون وجود والدكِ، أنا واثقٌ أنكِ ستأكلين جيدًا، و تنامين جيدًا، و تعيشين بصحة جيدة.
أحبكِ.
-من أبيك.]
الرسالة التي قرئت مرارًا حتى اهترأ طرفها، كانت حروفها قد تلطخت قليلًا بسبب الدموع.
و كانت ميلودي تعرف سبب رحيل والدها.
‘بسببي.’
“ابنتي العزيزة، آسف، لولا وجودي لكنتِ أكلتِ اللحم داخل الحاجز، وخلدتِ للنوم في مكان دافئ وآمن، وتعلمتِ الكثير على يد معلم رائع.”
منذ صغرها، كان والدها يقول لها مثل هذه الكلمات مرارًا.
“أنا أحب أبي أكثر من اللحم والبيت الدافئ والمعلم، هناك لا يوجد أبي، لذا لا أريد الذهاب.”
“لكن ستكون هناك كومةٌ من الكتب.”
“لا بأس، فأنا ذكية حتى بدون كتب.”
“وهناك أيضًا بسكويت بالشوكولا.”
“هممم، أبي وبسكويت الشوكولا…..ألا يمكنني الحصول على الاثنين معًا؟”
‘كان يجب أن أقول أنني أحب أبي أكثر.’
لطالما ندمت على تلك اللحظة. فبعد رحيل والدها، عاشت ميلودي عامًا كاملًا وكأنها تقول له: انظر إليّ.
ذهبت إلى القرية، واختلطت بالناس العاديين، وعملت في الأزقة الخلفية كصانعة غير قانونية للأدوات السحرية.
أكلت طعامًا لذيذًا، ونامت في أماكن لا تظهر فيها الوحوش.
و بدءًا من السنة الثانية، بدأت تجمع المال وتبحث عن أثر والدها. فقد حققت له كل ما أراده، وحان الوقت الآن لتعيش معه كما تتمنى هي.
‘أبي يبدو ذكيًا، لكنه يثق بالناس بسهولة وساذج، ربما أبرم عقدًا غير قانوني ويعاني الآن في مكانٍ ما.’
لذا كان من الواجب أن أبقى بجانبه أنا، الذكية.
لكن والدها كان أكثر حرصًا مما توقعت، فلم تتمكن من العثور على أي أثر له طيلة عامين.
وفي السنة الثالثة، انقطعت تمامًا هداياه من الزهور التي كان يرسلها لها في ميلادها. عندها أصبحت ميلودي صانعة أدوات سحرية في المعبد.
ولحسن الحظ، لم يكن هناك رجلٌ ذو شعر أخضر في سجن المعبد.
‘ماذا لو أن أبي رحل فقط لأنه شعر أنني أعيش بشكل جيد أكثر من اللازم؟’
مع مرور الوقت، ازدادت المخاوف. فنقلت ميلودي منزلها إلى أطراف الحاجز الذي كانت تقيم فيه مع والدها.
في الساحة الخلفية للمنزل، صنعت صندوقًا صغيرًا وملأته بالأدوات السحرية والطعام، بحيث يمكن لأي أحد أخذه في أي وقت.
“أين أنتَ بحق، يا أبي؟”
فتحت الصندوق لتفقده، لكنها لم تجد أي أثر يدل على أن أحدًا زاره.
ففكت الرباط وأخرجت قلادةً معلقة بها قلادةٌ سحرية. كانت هذه أول أداة سحرية صنعتها في حياتها.
“انظر، لقد صنعتها بنفسي. لأراقبكَ بها عندما تخرج لصيد الوحوش. إذا كان لونها أحمر، فكل شيء بخير، وإذا أصبحت صفراء، فمعناه أنكَ مريض. أما إذا تحولت إلى الأسود، فذلك يعني الموت.”
“ميل، هل تقولين أنكِ صنعتِ هذه الأداة السحرية بنفسك؟ كيف فعلتِ ذلك؟”
“قلّدت المعادلات التي يستخدمها أبي! قال لي أحد الصيادين أن الدم يبدأ في التغير بعد مرور يوم على الوفاة، لذا عندما يبدأ الدم في التغير، سيتغير هذا اللون الأحمر أيضًا.”
“ألا تظنين أن الحديث عن الجثث مبكرٌ على فتاة في السابعة؟”
“لكني عرفت ذلك منذ أن كنت في الخامسة.”
“حقًا، يبدو أن أمكِ كانت محقة. قالت أن ابنتنا ستكون ذكيةٌ جدًا.”
“هذا طبيعي، فأنا أشبه أبي.”
“أمكِ كانت تعرف أيضًا أن أباك سيقع في حبها، وكانت تعلم أنكِ ستأتين إلى هذا العالم، أجمل فتاةٍ في الدنيا.”
“وجهي يشبه وجه أبي، لكن من الداخل….أبي هو الأحمق.”
“غير صحيح. ابنتي تشبه أمها، لذا فهي الأجمل.”
احتضنها والدها بقوة حتى كادت تتحطم بين ذراعيه، أما هي فاستسلمت لتلك الحضنات الكبيرة واحتضنته بدورها.
كانت ذكرى دافئة.
[عُد إلى المنزل. قدركَ في انتظاركَ.]
وضعت ميلودي الرسالة في الصندوق ثم أغلقته بإحكام.
***
كان ديونيس يحدّق طويلاً في شعر ميلودي الأخضر وهو يختفي بين الأشجار، حتى ترسخت صورتها في عينيه.
وحين أصبحت بعيدةً بما يكفي لتغيب عن الأنظار، خطا نحو الغابة.
“ألستَ تنوي الالتزام بالعقد؟”
سأله روهان ذلك.
“قالت أنها لن تغيّر بنود العقد، أليس كذلك؟ هذا يعني أنها ضمنياً.”
_____________________
ديونيس ماعنده احترام للخصوصيه قاعد يتبعها✨
طيب اتبعها بدون روهان شدخله
المهم ابو ميلودي يجنن😔🫂
وامها الزفته كيف قدرت تخليهم وجع
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 19"