كانت ميلودي على وشك الدخول إلى القصر، لكنه صعد إلى العربة بعناد.
و كانت تظن أن العربية تتسع لخمسة أو ستة أشخاص، لكن ما إن صعد ديونيس حتى بدأت تشعر بأنها ضيقة على نحو غريب.
“ألا تزال منزعجاً من تلقي العلاج من السيد روهان؟”
“لستُ أنا المنزعج، بل روهان هو من يخاف من السحرة.”
نظراته التي كانت تتحقق من شيء ما، ثبتت على عينيها.
“و أنتِ لا تخافين مني، أليس كذلك؟”
هل كان ذلك صحيحًا؟ في البداية أظنني كنت خائفة، لكن الآن لم أعد أشعر برغبةٍ في الهرب أو بالخوف كما في السابق.
بل فقط، يبدو مثيرًا للشفقة قليلًا.
“قلبي ينبض بسرعة، لكن الأمر مختلف.”
“هل تسمعين دقات قلبكِ؟”
“عندما يكون الجو هادئًا.”
أظن أن الجو ظلّ هادئًا منذ صعوده إلى العربة. ففي كل مرة تنظر فيها إلى وجهه، كانت تشعر بتسارع في نبضاتها…..هل سمع ذلك؟
“العربة مرتفعةٌ قليلًا، لذا أشعر بضيق في التنفس. آه، قلبي ينبض بسرعة.”
“إن كان صعودكِ متعبًا، هل أخبرهم أن يرفَعوكِ إلى العربة كل مرة؟”
“لا!”
مكانتها داخل القصر ليست قويةً أساسًا، فلو حدث ذلك ستكون مصيبة.
لكن لسبب ما، ظهرت بعض التجاعيد بين حاجبي ديونيس.
“الآن بعد أن فكرت في الأمر مجددًا، لا يعجبني أن يُحملكِ أحد. لا يمكنني السماح لأي شخص بالالتصاق بصانعة أدواتي السحرية. سأأمرهم بصنع عربةٍ يمكن تغيير ارتفاعها.”
“هل من سيطوّرها هو صانع أدواتٍ السحرية؟ ربما؟”
“أنتِ فقط اهتمي بجهاز إبطال سحري. فالعاصمة لا تحتوي على صانع أدوات سحرية واحد فقط، أليس كذلك؟”
“لكنني هنا، أفتح عيني بكل وعي، فكيف تستخدم أداةً سحرية صنعها شخصٌ آخر؟! أنا موجودة، فلماذا تلجأ إلى غيري؟! لو أعطيتني ذلك المال، لصنعت لك أداةً أفضل!”
‘أن يُعطى المال الذي يمكن أن أحصل عليه لشخصٍ آخر؟’
عندما ثارت ميلودي غضبًا، ابتسم ديونيس ابتسامةً مائلة.
“هل تريدينني أن أستخدم فقط الأدوات السحرية التي تصنعينها؟”
“لهذا السبب أنا هنا.”
“إذاً، بعد أن تنتهي من جهاز إبطال السحر، علينا أن نطوّر العربة.”
“موافقـة.”
“هل يمكنني إضافة هذا البند إلى العقد؟ يمكنكِ الحصول على مكافأةٍ كما تشائين.”
“بالطبع.”
لكن ما إن أنهت كلامها حتى شعرت بشيء غريب…..وكأن مدة العقد قد تم تمديدها بشكل مبطن.
“انتظر لحظة. تعديل مدة العقد أمرٌ يجب إعادة التفكير فيه-”
كانت ميلودي على وشك الاعتراض عندما فجأة، خلع ديونيس معطفه الخارجي.
فبرزت كتفاه العريضتان من تحت قميص رقيق، وظهرت عضلات بطنه المنحوتة، وصدره المشدود، وساعداه البارزان بالأوردة، وتفاحة آدم البارزة، وصولًا إلى خط فكه الناعم…..
وما إن صعد نظرها حتى التقت مباشرةً بعينيه الحمراوين. فارتجف جسد ميلودي فجأة.
“مـ- ما الذي تفعله؟!”
“لابد أن أخلع ملابسي قبل أن نبدأ.”
“نبدأ ماذا؟!”
“العلاج.”
وأشار بذقنه نحو الضماد الذي كانت تمسكها ميلودي.
“آه…..العلاج.”
‘يجب أن أنهي هذا بسرعة وأُخرج ديونيس من هذه العربة في أسرع وقت.’
نهضت ميلودي، لكن ديونيس نقر بخفة على جدار العربة. و فجأة، بدأت العجلات تتحرك وصدرت أصوات ارتجاج خفيفة.
“اوه، لا يجب أن نتحرك. أنت بحاجة إلى النزول.”
“على أية حال، كنت في طريقي للخروج.”
“لكن إن خرجت من حدود القصر، ستشعر بالألم!”
“وماذا في ذلك؟”
قال ذلك ببرود، وكأن الأمر لا يعنيه. فنظرت ميلودي إليه بتعبير معقّد، ثم أمسكت بالمرهم.
“حسنًا، سأبدأ العلاج.”
بينما كانت تقترب بتردد، اندفع نحوها فجأة مزيجٌ من رائحة التراب والمسك البرّي.
وقد كان صدره وعضلات بطنه المشدودة كانت تخطف بصرها مرارًا، فاضطرت ميلودي إلى تثبيت نظرها عمدًا على الجرح المرسوم على كتفه.
كان جرحًا واضحًا يمتد من الكتف حتى الساعد.
‘تماسكي، إنه مجرد علاج.’
لم تستطع حتى أن ترى بوضوح كم مرة وضعت المرهم. فعجّلت بإنهاء العلاج بسرعة، لكن العربة اهتزّت فجأة وكأنها عبرت حاجزًا، فوضعت يدها على صدره دون قصد.
و ذلك الإحساس بالعضلات المشدودة تحت يدها جعل وجهها يحمرّ على الفور.
ثم جاء الارتباك…..
“أ- آسفة!”
حاولت أن تسحب يدها بسرعة، لكن ديونيس الملبّس بالقفاز أمسك بيدها وثبّتها مكانها. بينما كانت راحتها لا تزال ملامسةً لجسده.
“لا بأس……”
أمسك ديونيس يدها بإحكام، وكانت تنظر إليه بعينين متسعتين من الارتباك.
تحت خصلات شعره الفضية المبعثرة تحت ضوء القمر، بدت ملامحه الوسيمة وكأنه يحبس شيئًا في داخله.
كلامه هذا كان سهلًا في أن يُساء فهمه، أن يقال بتلك الطريقة فقط لأجل العلاج؟
“هل أنتَ بخير فعلًا؟”
“نعم.”
أسرعت ميلودي بلف الضماد. و في كل مرة لامست فيها أصابعها جلده، كانت ترتجف لا إراديًا.
وكان هناك شعور غريب تملّكها…..فديونيس في الرواية لم يكن أبدًا شخصًا يسمح لأحد بالاقتراب منه.
ربما لأنه فقط منزعجٌ من الجرح، لا أكثر. ومع ذلك…..
أنهت العلاج قبل أن تغادر العربة حدود القصر. ثم ارتدى ديونيس معطفه مجددًا، ومن بين حاجبيه المقطبين، ألقى نظرةً إلى الخارج، ثم التفت إليها.
و يبدو أن الألم بدأ.
“هل…..أقدم لكَ هذا؟”
فأخرجت ميلودي أداةً سحرية مصنوعة من السلايم وقدّمتها له.
كانت الأداة خضراء اللون، تشبه كعكة الأرز المحشوة، فضحك بخفة عند رؤيتها. ومع ذلك، أخذها، وخلع قفازيه، وبدأ يعبث بها.
وتحت يده، بدأت الأداة تُغير شكلها وكأنها عجين طري.
“لقد حسّنتُ من المتانة هذه المرة. حتى لا تنفجر كما حدث في المرة السابقة. بإمكانها تحمّل قدر معيّن من الضغط، لكن لا تضغط عليها بقوة زائدة. هل أعجبتكَ؟”
“لا.”
“إذًا، أعدها لي.”
“لكنها أفضل من لا شيء.”
بينما كان يعبث بالأداة السحرية، لفت انتباه ميلودي الضماد المترهل تحت ساعده البارز بالعروق. و كان الجرح قد شُفي تقريبًا خلال الأيام القليلة الماضية.
“جُرحكَ السابق يبدو أنه تعافى تقريبًا.”
“بفضلكِ.”
ابتسم ديونيس وأغمض عينيه قليلًا.
و رغم بساطة ما قاله، لم تستطع ميلودي أن تُبعد عينيها عن وجهه.
ثم توقفت العربة في الساحة. فنزل ديونيس خلف ميلودي وألقى نظرةً سريعة حوله.
“هل هذا منزلكِ؟”
“لا، علينا أن نمشي قليلًا بعد.”
“إذًا، دعينا نتابع السير.”
“لا يمكننا الذهاب إلى هناك بالعربة.”
أخفضت ميلودي رأسها. لم تستطع أن تسمح له برؤية منزلها. فذلك المكان كان الأهم بالنسبة لها.
صحيحٌ أنها باتت تحمل مشاعر أقرب إلى الإعجاب تجاه ديونيس مقارنةً بلقائهما الأول، لكنها لم تكن قادرةً على الوثوق به تمامًا، فهو من استخدم مساعدتها كذريعة ليبرم معها عقدًا.
ولم تكن مستعدةً للمخاطرة بأن يتضرر مكانها العزيز بسبب ذلك.
“إلى اللقاء. أتمنى أن تنجز ما جئت من أجله.”
“سأوصلكِ.”
“أستطيع الذهاب وحدي.”
“ربما تموتين في الطريق. فأنتِ صانعة أدواتي السحرية بعد كل شيء.”
قال ديونيس كلامه الغريب وهو يسير خلفها.
“لن يحدث شيءٌ كهذا، لذا عد من حيث أتيت. وحتى لو متُّ، فلن يكون في هذا اليوم.”
“لهذا السبب تحديدًا، يجب أن أرافقكِ أكثر.”
“لماذا قررت فجأة أن توصلني؟”
“لأنكِ تقلقين عليّ.”
ما علاقة هذا بذلك؟ كان جوابًا بلا معنى.
نظرت إليه ميلودي بنظرة مشككة، فبادر ديونيس بالكلام،
“لأنكِ أصبحتِ تثيرين فضولي.”
يبدو أنه لا يزال يشكّ في لطفها غير المبرر.
وهل هناك شعور يصعب إثباته أكثر من هذا؟ فقد عاش حياته كلها كساحر منبوذ، فمن الطبيعي ألا يثق بأحد بسهولة.
“إن كان هناك ما يثير فضولكَ، فاسألني مباشرة.”
“أين تعيشين؟”
“باستثناء هذا السؤال.”
“ولماذا ترفضين أن أوصلكِ؟”
“…..لقد كتبتَ في العقد أنك لن تتدخل في حياتي الشخصية.”
“هاه…..العقد.”
تمتم بذلك وكأنه ينطقها بغيظ، ثم تابع كلامه.
____________________
نية ميلودي طارت في البدايه هدي يختي😂
والعقد عز الله بينحرق ويجيها يقول اوه احترق هيا نكتب عقد ثاني ويحطه من راسه✨
اسبابه تضحك ماعنده منطقيه اجل تتبعها لبيتها لأنها تقلق عليك؟😭
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 18"