“يبدو أن سيدي كان يظن أنه ارتكب خطأ بحق الإمبراطورة الراحلة، فلم يكن يجرؤ حتى على النظر إلى صورتها مرة أخرى. و حين أتلف ولي العهد اللوحة، لم يغضب، بل قال أنه كان من الأفضل لو مُحي هو من الوجود بدلاً منها.”
رغم أن السبب الحقيقي لكل ذلك كان تحوّل ديونيس إلى ساحر، إلا أن رئيس الخدم الذي لم يكن يعلم الحقيقة، ظن أن ديونيس يلوم نفسه لأنه انسحب من صراع العرش.
أخذت ميلودي نفسًا عميقًا وبدت على وجهها مرارة.
“لا يوجد طفلٌ لا يشتاق لوجه أمه. على الأقل، أنا…..لطالما اشتقت لرؤيتها.”
“هل فقدتِ والدتكِ في سن مبكرة؟”
“ربما…..و ربما لا تزال على قيد الحياة.”
في ذكريات ميلودي، كان موضع الأم دائمًا فراغًا.
فور ولادتها، رحلت أمها، ووالدها راح يتنقّل هاربًا من رقابة الدولة ضد السحرة، يربيها وحيدًا وهو يحملها على ظهره.
وكلما سألت عن والدتها، لم يكن الجواب يتغير،
“ميل،أمكِأحبتكِكثيرًا. و كانتتؤمنأنأكثرمكانيمكنأنتكونيفيهسعيدةهوبجوارأبيكِ،لهذاتركتكِلي.”
رغم صغر سنها، كانت ميلودي تظن أن والدها ساذج.
فامرأةٌ تعرف أنه ساحر، وتقع في حبه رغم ذلك، ثم تترك ابنتها فور ولادتها…..لا بد أن هناك سببًا واحدًا لذلك.
كانت تغرق في أفكارها، حينها تكلم رئيس الخدم الذي عاد إلى وجهه الجاد المعتاد،
“بعد أن تنتهي المهام العاجلة التي كلفكِ بها الدوق، هل يمكنني أن أطلب منكِ صنع بعض الأدوات التي نحتاجها في الإقليم؟ بحسب ما علمت، ثمة أدوات سحرية مفيدة تستحق التجربة.”
“بالطبع.”
“أتمنى فقط أن تهتمي بالشكل في المرة القادمة أيضاً.”
قال ذلك بتعبير لا يسمح بأي اعتراض.
“…..نعم.”
فخرج صوتٌ ضعيف من فم ميلودي.
***
“يا إلهي، هل قضيتِ الليل هنا مرة أخرى؟”
رفعت ميلودي رأسها فجأة على صوت آنا. وقد كانت أشعة الشمس الصباحية تتدفق إلى الداخل.
ثم غيّرت الوضعية التي لم تغيّرها منذ الليلة الماضية. وكان جسدها كله متيبسًا.
“كنت سأخلد للنوم بعد التحقق من أمر واحد فقط..…”
لكن ذلك “الواحد” لم يُحل بسهولة. هل مرت ثلاثة أيام؟ لا، ربما أربعة.
“لا يوجد منفذٌ لتسريب الطاقة السحرية، فكيف لي أن أقلل عدد نوى السحر؟ لا يمكنني التجول وأنا أحمل السرير على ظهري، أليس كذلك؟ الحد الأقصى هو ضعف الطاقة السحرية المنبعثة.”
“لا أفهم شيئًا مما تقولينه. لكنكِ لم تتناولي العشاء أيضًا؟!”
وجهها ازداد شحوبًا من السهر، وكانت الهالات السوداء تحت عينيها واضحة. وبشرتها الشاحبة أصلاً أصبحت أشد بياضًا، كأنها لم ترَ الشمس يومًا في حياتها.
“الآن بعد أن فكرت في الأمر، أعتقد أنني جائعة. حتى مع استخدام صيغة الضوء، لا يمكن إتلاف الطاقة المضاعفة المخزنة داخل نواة السحر. هممم.”
تركت آنا ميلودي تتمتم بكلمات غامضة، ووضعت أمامها الطعام الذي أحضرته.
“أولاً تناولي طعامكِ. بعد أن تنتهي، سأستمع إلى كل ما تريدين قوله.”
“نواة السحر لها حدود. بكمية الطاقة السحرية التي يمكن أن تحتويها الكائنات السحرية.”
“الطعام أولًا، والحديث لاحقًا.”
“حسناً..…”
بمجرد أن شمت رائحة الحساء، شعرت بالجوع. فبدأت ميلودي تمضغ الخبز وتبتلعه كأن هناك من يلاحقها.
“كلي على مهل.”
“لا يُصدّق أنني تمكنت من صنع شيء كهذا. كم كنت ذكية، هل أنا من المستقبل؟ المبدأ هو أن تمحى الطاقة السحرية داخل نواة السحر ثم يُعاد ملؤها لتتم الدورة. لكن المشكلة هي في كيفية تفريغ الطاقة التي تُعاد تعبئتها بعد ذلك. ففي كل مرة أستخدم فيها صيغة الضوء لمسح الطاقة، تتعرض نواة السحر لضغط كبير..…”
“تلك حقًا مشكلة.”
أجابت آنا بفتور، دون أن تولي اهتمامًا كبيرًا. فكل ما تعرفه هو أن نواة السحر تُعد قلب الكائن السحري.
“ما المشكلة تحديدًا؟ يجب أن أنتهي منها بسرعة حتى أعيش، وأساعد الدوق في تحقيق حبه.”
“حب؟!”
انتفضت آنا واقفة. كانت قصةً مملة على وشك أن تبدأ من جديد، لكنها لن تفوّت موضوعًا مثيرًا كهذا ظهر فجأة.
“هل تحبين الدوق؟”
“لا، الأمر ليس كذلك..…”
“إذاً الدوق هو من يحبكِ؟ هل لأن هناك فرقًا في المكانة الاجتماعية؟”
“لا، ليس هذا أيضًا.”
“لكن هناك حب، صحيح؟!”
“أعتقد أن هذا صحيح.”
رغم أن البطلة، التي يحبها من طرف واحد، ليهلين، لم تظهر بعد.
فصححت ميلودي قولها بأن كل هذا من أجل حب الدوق المستقبلي.
لكن آنا لم تكن تستمع. و بدأت تتحدث بحماس عن مدى جديتها.
وفي خضم شرود ميلودي، خُيّل إليها أنها سمعت صوت طرق على الباب.
“قيل أنكِ لم تعودي إلى السكن منذ مدة.”
“تحياتي للدوق.”
انحنت آنا برأسها مع ملامح ظاهرة من التوتر. التي قالت إنها لم ترَ الدوق ديونيس عن قرب من قبل.
بينما رمشت ميلودي وهي تحدق في وجهه، ثم أمالت رأسها بقليلٍ من الحيرة، إذ انتابها شعورٌ غريب.
‘كان هناك أمرٌ اردت قوله عندما ألتقي بالدوق…..’
ثم، وكأنها تذكرت فجأة، صفّقت ميلودي بيدها بقوة.
“صحيح، إجازتي!”
“إجازة؟”
قال ديونيس ذلك وهو يقطّب حاجبيه مستفسرًا.
“وفقًا لما ورد في عقد العمل، لا يزال لدي يومان من الإجازة. سيدي الدوق، هل يمكنني أخذ الإجازة الآن؟ تأخرت بسبب البحث، وأرغب في زيارة منزلي.”
أظهر ديونيس ملامح عدم ارتياح.
“ثلاثة أيام إجازة في الشهر، أليس كذلك؟”
“نعم.”
“من الذي أدرج هذا البند؟”
فأجاب روهان على سؤال ديونيس،
“إنه بندٌ أساسي في عقد الخدم، يا سيدي.”
ثم ظل ديونيس وكأنه يفكر قليلًا، ثم أومأ برأسه.
“سأرسل لكِ عربة.”
***
كان ديونيس واقفًا عند المدخل مع العربة.
“ما الذي تفعله هنا؟”
“ألم تقولي أنكِ ستذهبين إلى المنزل؟”
“نعم.”
ظنت أنه جاء ليودعها، لكنه فجأة مدّ ذراعه نحوها.
“لقد أُصبت.”
“كيف حدث ذلك؟”
جاء الرد من روهان.
“وقعت حادثةٌ في ساحة التدريب.”
ظنّت ميلودي إن كان قد أصيب قبل قليل في المعمل، لكنها كانت مخطئة.
“إنه يزعجني.”
اقترب ديونيس بخطوات ثقيلة وناولها الضماد بصمت.
و كان روهان يقف بجانبه، فتساءلت ميلودي في نفسها إن كان يقصد أن تقوم هي بالأمر، ورفّت عيناها بدهشة.
“هل أقوم أنا بذلك؟”
“إذاً، من الموجود هنا؟”
كان روهان خلف ديونيس، وآنا خلف ميلودي. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك ستة من الخدم الآخرين واقفين بالجوار.
“قلتِ أنك قلقة، وأنكِ ستظلين تهتمين دائماً.”
“صحيح، قلتُ ذلك.”
رغم أنها تعهدت بالاهتمام، شعرت أن طلبه بهذا الشكل العلني فيه مبالغة.
فصرخت آنا قائلة: “يا إلهي!”، وساد صمتٌ غريب بين الخدم.
و أمام هذا الجو المتوتر، عضّت ميلودي شفتيها بقلق. لكنها لم تستطع التظاهر بعدم رؤية الجرح.
“ادخل، سأقوم بعلاجكَ.”
__________________
بدا نشبة من الحين شوي شوي تلقى الاجازه ممسوحة من العقد 😭
مب بعيده بعد تطلع ام ميلودي نبيلة صح؟
السرد فيه عشوائيه الظاهر كله من ميلودي فيها فهاوه وعِجلة تضحك
المهم آنا الحين زوجت ميلودي ودينويس في راسها😂
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 17"