كان على صيادي الوحوش تسليم الغنائم إلى المعبد، ثم يُكافَؤون بمبلغ يعادل قيمتها المقدّرة.
و كان بيعها أو استخدامها بشكل شخصي أمرًا غير قانوني بطبيعة الحال.
“المعبد هو من سيقع في مأزق إن لم أخرج في حملات القضاء على الوحوش. حتى إن لم أسلّم لهم شيئًا، فلن يجرؤوا على الاعتراض.”
عند سماع ذلك، بدأت ميلودي تختار المواد بعناية. وخلال ذلك، شعرت بنظراته الحمراء تنزلق ببطء من عينيها نحو يديها.
بعد أن فرزت الغنائم إلى مجموعتين وأشارت إلى الأصغر منهما، سألها ديونيس.
“أهذا فقط ما تحتاجينه؟”
“لا، هذه الكمية فقط أرسلها إلى المعبد.”
رغم أنها بدت قليلة، إلا أنها احتوت كميةً كافية من المواد المستخدمة في المعبد، لذا لن يُثار جدل حولها.
فبالنسبة لصنع ثريا أو جهاز تبريد، كان هذا المقدار أكثر من كافٍ.
“إن كنتِ بحاجة لشيء معين، أخبريني. سأحضره لكِ.”
“لا شيء الآن.”
قالت ميلودي ذلك وهي تضع ما تحتاجه من المواد بدقة داخل السلة،
“وتلقَّ العلاج أيضًا.”
فقد بدأت بقعة من الدم تظهر من تحت قميصه الأبيض، ويبدو أن إصابةً من حملته السابقة تفاقمت.
لكن ديونيس لم يجب، بل نقر الطاولة مرتين، بقوة تنمّ عن مشاعر مضطربة.
كان من الواضح أنه لا يريد حتى سماع كلمة “علاج”. فزفرت ميلودي زفرةً خفيفة،
“ما رأيكَ أن نصنع أداةً سحرية للعلاج؟ ليست بقوة الطاقة المقدسة، لكنها تقوم بإغلاق الجروح، ووضع الدواء، وتضميدها.”
“أولوية العمل الآن هي إتمام آلة إلغاء المانا.”
“صنع أداةٍ للعلاج لن يستغرق وقتًا طويلًا. لقد صنعت شيئًا مشابهًا من قبل.”
“أيًا يكن، هذا يعني أنها ستأخذ وقتًا، أليس كذلك؟”
“لكنني لستُ بهذا القدر من الضعف كي أعجز عن إتمام آلة إلغاء المانا بسبب عمل آخر!”
“إذاً، لما لا تقولين هذا الكلام بعدما تحضرين لي النموذج النهائي بنفسكِ؟”
“لأني لا أريدكَ أن تتألم…..هذا كل ما في الأمر. بالكاد بدأتَ تتخلص من بعض الألم.”
عند كلماتها المتذمرة، ابتلع ديونيس أنفاسه القصيرة ونظر إليها،
“…..مزعجة.”
‘من المزعج حقًا هنا؟’
قبضت ميلودي على قبضتها بإحكام.
من كان يظن أن رؤية شخص لا يشعر بألمه ستكون بهذا القدر من الإزعاج؟ ربما لأن هذا الرجل، في الرواية، كان يتصرف كما لو أنه سيحطم العالم.
“ليس نفاقًا، ولا تظاهرًا. من الطبيعي أن يقلق الإنسان على إنسان آخر.”
“إنسان؟ أنا؟”
“فهل أنتَ شبح؟”
وجهه نظر نحوها مباشرة. و في عينيه الحمراوين كاللهب، تجمّعت مشاعرٌ يصعب فهمها.
‘ديونيس ذاك الذي يمزق الوحوش بيديه..…’
فتجمّدت فجأة تحت نظراته النارية.
“طالما ذلك يزعجكَ، سأحاول ألا أتدخل مجددًا. سواءً تألمت أو مت، لا شأن لي.”
بينما كانت تقول كلامها الغاضب، بدأ هو يفك أزرار كُمّ قميصه. وكان الجرح على ساعده، الذي مزقته مخالب الوحش، واضحًا.
“الجرح هو ما يزعجني…..لأنه لا يؤلم. وهذا ما يثير السخرية فعلاً.”
“لا شيء مضحكٌ في ذلك.”
“إذاً استمري في الاهتمام.”
طلبه الغريب جاء بثقة تامة وكأنه أمرٌ بديهي.
“إذا تلقيتَ العلاج، فقط.”
قالت ذلك دون أي أمل، لكنه مدّ ساعده فجأة.
و ربما كان الأمر يزعجه أكثر مما توقعت، فخرجت منها ضحكةٌ خفيفة.
بدأت ميلودي بوضع الدواء ولفّ الضماد حول الجرح بخفة رغم أنها لم تكن خبيرة، وحاولت قدر الإمكان ألا تلامس بشرته.
‘لم المسه!’
وبعد أن أنهت العلاج، خرجت من الغرفة، تاركةً خلفها ديونيس ينظر إليها بنظرة غير راضية.
كان مستخدمو السحر لا يتأثرون بالقوة المقدسة، لكن بسبب طاقتهم السحرية، كانت لديهم قدرة شفاء أعلى من البشر العاديين.
فالجروح البسيطة، مثل الطعنات أو الجروح القاطعة، قد تلتئم خلال يوم واحد فقط. لكن الجروح الناتجة عن الوحوش كانت مختلفة. بسبب سمّيتها، فإنها عادةً ما تبقى لفترة أطول.
بعد بضعة أسابيع، سيخرج ديونيس مرة أخرى في حملة صيد الوحوش، وكان من الصعب أن يعود منها بلا إصابات. فمهما كانت مهارته في استخدام السيف، تبقى الوحوش كائنات تتجاوز قدرة البشر.
لقد كان من المدهش فعلًا أنه نجا حتى الآن دون إصابات خطيرة.
و رغم أن ديونيس قد سمح لها بوضع الأداة السحرية في تلك الغرفة، إلا أن رئيس الخدم كان قد أكد سابقًا أن وضع أي أداة هناك ممنوعٌ تمامًا. وهكذا، فقد خالفت قوله بوضوح.
“أنا آسفة.”
“هذا غير متوقع. بما أنكِ حصلتِ على إذن من الدوق، ظننت أنك ستخرجين من هناك بكل ثقة.”
“حتى التعاويذ السحرية لها ترتيب في التنفيذ…..وخطئي سبق الإذن هذه المرة.”
“لكن، لا بدّ أن ذلك كان من أجل الدوق أيضًا، أليس كذلك؟”
رغم صوته الجاف، كانت فيه مسحةٌ من الدفء.
“بعد عودته من حملة الصيد، بدا الدوق مرتاحًا بطريقة غريبة. و بدأتُ أعتقد أنني كنت أزدري الأدوات السحرية فقط لأن شكلها لا يليق بعائلة الدوق.”
“الشكل…..نعم، كان غريبًا قليلًا.”
راح رئيس الخدم يتفقد المعمل وهو شارد في التفكير، ثم أشار إلى أداة موضوعة في الزاوية،
“هل هذه أيضًا أداةٌ سحرية؟ هل يمكنني أن أعرف وظيفتها؟”
“آه، إنها أداة تُستخدم للتحكم بدرجة الحرارة عند صهر المعادن في الحدادة.”
“وما الأداة التالية التي ستصنعينها؟”
“أفكر بصنع أداة سحرية لعلاج الجروح. هذا أمرٌ جيد للجنود الذين لا يملكون وقتًا لزيارة المعبد.”
أجابت ميلودي بكل إخلاص، وهي تشعر وكأنها تلميذةٌ تخضع لفحص واجباتها.
بينما كان رئيس الخدم يتجول في الورشة، يلقي الأسئلة هنا وهناك، توقف عند النافذة وأطلق زفرةً طويلة.
“هل تعلمين؟ كل شيء في هذا القصر مرّ عبر يدي. الخشب المستخدم هنا، حتى قطعة واحدة من الرق، واللوحات المعلقة على الجدران…..كل شيء.”
فورًا، خطرت لميلودي صورة بورتريه الإمبراطورة الراحلة.
“أشكركِ.”
صوته كان مهذبًا لكنه ثابت. و انحنى رئيس الخدم انحناءةً رسمية دون أن يفقد وقاره، ففتحت ميلودي عينيها بدهشة.
“سمعتُ أنكِ أصلحتِ لوحة جلالة الإمبراطورة الراحلة.”
“آه..…”
من المؤكد أن سبب مجيء رئيس الخدم اليوم هو ليقول هذا الكلام بالضبط.
“كانت تلك آخر لوحة تركتها جلالتها قبل وفاتها. لذلك، رغم أنني كنت أرى أنه يجب التخلص من اللوحة الممزقة احترامًا للدوق، إلا أنني تركتها معلقةً هناك.
فمنذ أن تخلى عن حقه في العرش وغادر القصر الإمبراطوري، عاش الدوق كل يوم في عذاب.”
وكانت مشاعر الذنب المتراكمة على وجهه المتجعد جليةً لا تخفى.
______________________
طيب الله ياخذ الامبراطور وولده حتى عجوز ماله قرابه صار احن على ديونيس😔
المهم انه ضحكني وش الي كملي اهتمام ياهوه تراك واضح😭
وميلودي ياليت تخلي افكار الي البطله الاصليه احسن🥰
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 16"