“في الأساس، لم أفهم قطّ كيف يمكن اتهامكَ بالخيانة، وجميع فرسان الدوقية هنا معنا.”
بمجرد أن طُرحت كلمة الخيانة، التفتت أنظار الجنود نحو رايون.
“يبدو أن هناك سوء فهم، سيتّضح كل شيءٍ عندما يستيقظ جلالته.”
لكن أحدًا لم يبدُ مقتنعًا بكلامه. فنظرات الشكّ التي صُوّبت نحوه كانت كأنها تتهمه هو نفسه بأنه من دسّ التهمة في ديونيس.
كل شيءٍ بدأ يخرج عن السيطرة، بطريقةٍ لم يعد قادرًا على تحملها. وحين غادر الجنود ولم يبقَ أحد، اقترب رايون من ديونيس، وتردد قليلًا قبل أن يتكلم.
“أين ميلودي؟”
“إنها تبحث عن وسيلةٍ لاستعادة الحاجز. قالت أنها تحاول اكتشاف طريقةٍ لنقش الدوائر السحرية على حجر الحاجز.”
كان جوابه أشبه بمحاولةٍ لإخفاء حقيقة مكانها.
“لا، الحاجز ليس بهذه السذاجة..…”
كان رايون على وشك أن يقول شيئًا، لكنه صمت فجأة.
المعركة اندلعت مجددًا دون إنذار. وبينما كانت عيناه تتابعان ديونيس الذي يقذف بالسحر والجنود يحيطون به بإعجاب، انسحب هو مع مساعده من الصفوف. فلن يلاحظ أحدٌ غيابه على أي حال.
‘يجب أن أراها بنفسي.’
تسلّق صهوة جواده، وانطلق مسرعًا. و عيناه لمحتا من بعيد معبد الإمبراطور، ثم ابتعدتا عنه.
***
طوال طريق عودتها إلى العاصمة، كان ذهن ميلودي مشغولًا بتوقعٍ واحد — التوقّع الذي تحدّث عن موت ديونيس، وكيف وأين سيحدث ذلك.
ربما بدا مضحكًا أن تقلق بعد أن قلبت كل التوقّعات رأسًا على عقب، لكنها لم تستطع طرد فكرة أن الجزء الأخير منها لم يتحقق بعد.
لن يحدث شيء…..لا شيء سيحدث.
كلما تسلّل القلق إلى صدرها، كانت تهمس لنفسها مطمئنة: لقد غيّرتُ المستقبل، وما زاتُ أغيّره، وسأغيّره حتى النهاية.
المكان الذي وصلت إليه كان المستودع الذي استخدمته من قبل مع صنّاع الأدوات السحرية كورشة عمل. وقد رأت عند بابه بعض جنود ديونيس يقفون للحراسة.
كان ذلك المخبأ قد أُعِدّ من أجل صنّاع الأدوات الذين لم يرغبوا في العودة إلى المعبد، لكنهم أيضًا ترددوا في مغادرة العاصمة.
كان لا بدّ من الحذر حتى لا تمتد تبعات تخليه عن لقب الدوق إلى أولئك الناس. فالمعبد لم يتوقف بعد عن ملاحقة “طفلة الكاهنة”، لذا وجب أن تبقى مختبئةً مؤقتًا.
تأملت ميلودي الظلال المحيطة بها، حتى وقعت عيناها على شخصٍ يقف أمام المستودع. وما إن تعرّف وجهها حتى علت صرخته بالفرح.
“ميلودي! الآنسة ميلودي!”
كانت آنا. فتقدمت ميلودي نحوها وأمسكت بيديها.
“يا إلهي، إنها حقًا أنتِ! أين اختفيتِ طوال هذا الوقت؟!”
“آنا؟! ماذا تفعلين هنا؟”
هزّت آنا يديها بفرحٍ وهي تجيبها،
“حين تخلى الدوق عن منصبه، أرسل من أراد العودة إلى موطنه، أما من أراد البقاء فقد وفرّ له عملًا جديدًا. وأنا اخترت البقاء هنا، لذا أعيش في هذا المكان الآن.”
ثم أمسكت بيدها لتقودها إلى الداخل وهي تُكمل مبتسمة،
“لكن استعدي، ستندهشين حين ترين من بالداخل!”
ميلودي لم تتوقع أن ترى ما يثير دهشتها في ورشةٍ مألوفة كهذه، لكنها حين دخلت توقفت مذهولة.
فالشخص الذي كان يتحدث مع صنّاع الأدوات السحرية لم يكن سوى ليهلين.
“لا أستطيع….لا أستطيع فعلها..…”
كان صوتها الرقيق يرتجف وهي تنظر إلى الجهاز السحري أمامها.
“استريحي قليلًا، لا تُجهدي نفسكِ.”
قالت ويني ذلك وهي تضع يدها على كتفها بلطف.
“آسفة…..لا، لا، أريد أن أحاول مجددًا.”
“لا عليكِ، نحن من نشكركِ على المساعدة. حسنًا، فلنجرب مرة أخرى.”
كانت ليهلين تملأ الأداة السحرية بالقوة المقدسة. وعندما دخلت ميلودي الغرفة، رفع الحاضرون رؤوسهم واحدًا تلو الآخر.
“أوه؟! أليست تلك ميلودي؟”
فجأة، تجمعت كل الأنظار نحوها.
“هل أنتم بخيرٍ جميعًا؟ اشتقت إليكم كثيرًا.”
كانت قد خشيت أن يكون البقاء الدائم في الورشة قد ضايقهم، لكنهم بدوا راضين تمامًا، بل وسعداء بعزلتهم.
“نحن نتناول الطعام، ننام، ونقضي وقتنا في الأبحاث التي نحبها…..النعيم ليس بعيداً يا عزيزتي!”
ضحكت ويني وهي تشير إلى أكوام المخططات على الطاولة.
“لكن…..كيف جاءت الآنسة ليهلين إلى هنا؟”
“بعد أن غادرتُ قصر الدوقية لم يكن لي مكانٌ أذهب إليه، وهؤلاء استقبلوني. عرضوا عليّ أن أعمل معهم في صنع أدواتٍ سحرية للشفاء. و كنت قد قررت التوقف عن الطب، لكنهم قالوا لي: لمَ لا تنقذين مزيدًا من الأرواح قبل أن ترحلي؟”
تنهّدت ليهلين وهي تواصل كلامها بصوتٍ متهدّج،
“قالوا لي أن الأعشاب يمكن أن تكون دواءً أو سُمًّا…..وأن قوتي قد تكون ذات نفعٍ عظيمٍ للآخرين.”
“فنحن نصنع أدواتٍ سحرية للعلاج، ونرسلها إلى من يقاتلون داخل الحاجز.”
“إذاً فقد عدّلتم الصيغة السحرية للأداة السابقة.”
كانت تلك الأدوات مبنيةً على النموذج الذي استخدموه في مهرجان التأسيس.
ثم بدأ أحد صنّاع الأدوات السحرية يشرح التعديلات التي أُدخلت على الصيغة، وسرعان ما تحوّل الحديث بين الجميع إلى نقاشٍ حارٍ مليء بالحماس.
ثم بدا أن فكرةً خطرت لويني فجأة، ففتحت فمها فوراً،
“سمعتُ عن والدكِ…..وعن السحرة أيضًا. لا بدّ أنكِ عانيتِ كثيرًا.”
عندها تابع أحد صنّاع الأدوات السحرية بلطفٍ،
“لقد فكّرنا في بعض الأدوات التي يمكنها تغيير نظرة الناس إلى السحرة. إن احتجتِ لأي شيء، قولي لنا فقط.”
كان من الصعب تصديق مدى سهولة تقبّلهم لتلك الفكرة، ومع ذلك وقفوا في صفّ السحرة دون تردّد.
“شكرًا لكم جميعًا.”
أغمضت ميلودي عينيها للحظة، ثم فتحتها لتتأمل الوجوه التي لطالما كانت إلى جانبها.
“لقد عدتِ إلى العاصمة بسبب تحطّم الحاجز، أليس كذلك؟”
“نعم، فكّرت أن نحاول تعديل الصيغة السحرية في حجر الحاجز نفسه.”
“تابعي، أريد أن أسمع المزيد.”
بدأوا جميعًا يطرحون ما يعرفونه عن أحجار الحاجز وهم يتبادلون الأفكار.
“ربما هناك طريقةٌ لإصلاحه من هنا، دون الحاجة إلى الذهاب إليه مباشرة.”
“تمامًا كما ترتبط أحجار المعبد جميعها ببعضها، ما رأيكم أن نربط الحجر في هذا المكان بالحجارة الأخرى ونعدّل الصيغة من خلالها؟”
“فكرةٌ جيدة.”
لكن قبل أن تكتمل المناقشة، دوّى صوتٌ صاخب من الخارج. صرخاتٌ حادة، وصوت معادن تتصادم، ترددت أصداؤها عبر الجدران.
“ما الذي يحدث؟”
رفعت ميلودي المطرقة من فوق الطاولة بعفوية، وساد التوتر المكان.
“هل يمكن أن يكونوا رجال المعبد؟”
“المرة السابقة كان مجرد سكيرٍ مارّ في الطريق..…”
قالت آنا ذلك وهي تحدّق بقلقٍ عبر النافذة الصغيرة للمستودع.
“لكنني سمعتُ صوت سيوفٍ تتصادم.”
اقتربت ميلودي من الباب. فلم تكن لتدع أحدًا يقتحم ورشة صنّاع الأدوات السحرية دون أن تعرف من هو.
كوانغ! كوانغ!
اهتزّ الباب بعنف، و لم يكن طَرقًا بل محاولة تحطيمٍ حقيقية. فسحب الصنّاع أسلحتهم، وأمسكت آنا بكرسيٍّ بيديها استعدادًا للدفاع.
اقتربت أصوات الدروع الثقيلة والخطوات الحديدية أكثر فأكثر. و فعّلت ميلودي الأداة السحرية المثبتة على الباب، فانكشف في سطحها اللامع، كالمرآة، مشهد الجنود الإمبراطوريين الواقفين خلفه.
“إنهم من القصر الإمبراطوري!”
وفي تلك اللحظة، فُتح الباب بعنف، ودخل أحد الجنود رافعًا سلاحه. فرفعت ميلودي مطرقتها وتقدّمت نحوه.
“اخرج من هنا فورًا، وإلا…..لن أتردد في استخدام هذه.”
لكن الجندي في المقدمة توقّف، ثم رفع يده ببطء، ونزع خوذته. و ظهر شعرٌ أزرق مبتل، وعينان غارقتان في العتمة التقتا بنظرتها المرتبكة.
“صاحب السمو ولي العهد..…؟”
تجمّدت ميلودي من الدهشة والاضطراب، تحدّق به غير مصدّقة. بينما رفع رايون زاوية شفتيه بابتسامةٍ خفيفة، ثم أشار بيده ليوقف النزاع بين صُنّاع الأدوات والجنود.
وميلودي ياحماره تكفين لاتروحين معه تربيتي لس لاتضيع😔
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 132"