“لكن المهم هو ما استلمته، أليس كذلك؟ يتساءلون ما الذي تصنعينه حتى تحصلين على معاملة خاصة كهذه. صحيحٌ أنكِ جميلة المظهر، لكن هناك من يشكك في كونكِ تملكين أي قدرات حقيقية. هكذا وهكذا.”
وسط كل تلك الأحاديث الصادمة، ما جذب أذن ميلودي كان شيئًا واحدًا فقط.
“أنا جميلة؟”
“ألم تكوني تعرفين؟”
“لا، لكن بعد أن ظللت أنظر إلى الدوق بدأت أشك في ذوقي الجمالي.”
“هذا صحيح.”
على أي حال، وبعد طول تفكير، أخرجت ميلودي آخر وسيلة لديها.
“لا مفر، عليّ أن أضعه خلسةً وأرحل.”
***
كانت خطة ميلودي بسيطة: أن تضع الأداة السحرية في غرفة دوقة القصر دون أن يلاحظها رئيس الخدم.
الممرات وقد غشاها الظلام لم يظهر فيها أي ظل بشري. و كان دخول الخدم إلى المبنى الرئيسي ممنوعًا بعد غروب الشمس، بأمر من ديونيس الذي قال أنه لا يريد أن يسمع حتى أضعف الأصوات.
“إن اكتشفوها فسوف يتم التخلص منها. هل لا بد أن تفعلي هذا؟”
“لا تقلقي، لدي حساباتي.”
“لو أغضبتِ رئيس الخدم ستصبح حياتكِ في هذا القصر جحيمًا. سمعت أن الخادمات في القصر الإمبراطوري تم تبديلهن مرةً كاملة بسبب حادثٍ مشابه.”
“سأتحمل المسؤولية. آنا، أنتِ لا تعرفين شيئًا عن هذا.”
“حسنًا، لكن لا تلومي إلا نفسكِ لاحقًا.”
كانت آنا تتذمر باستمرار وهي تنقل الأداة السحرية.
و أول ما لفت انتباههما في غرفة الدوقة هو الأثاث المغطى بالقماش الأبيض. و القطع القديمة المنتشرة هنا وهناك، وتماثيل الخزف المكسورة، كلها أضفت على المكان جوًا مخيفًا.
بدأت ميلودي تتحرك في أرجاء الغرفة الواسعة بلا داعٍ، تبحث عن المكان الأنسب لوضع الأداة السحرية.
“يجب أن أضعها ضمن نطاق الخطأ المسموح به…..هنا سيكون مناسبًا.”
وأشارت إلى الركن الداخلي لغرفة الملابس الصغيرة المتصلة بالمقصورة الرئيسية.
“ستُكتشف غدًا على أبعد تقدير.”
“لا أظن ذلك.”
ثبتت ميلودي الأداة السحرية بإحكام بجانب الخزانة، ثم رددت التعويذة.
• “لن يكتشفكِ أحد!”
صرخت ميلودي بتلك الكلمات بحرارة، فسطعت نواة السحر وأخذ ينساب لونها ليمتزج بما حولها.
“يا إلهي، يبدو حقيقيًا تمامًا. ما هذا؟”
سألت آنا بدهشة.
“إنه وهمٌ مصنوع باستخدام صيغة الرونات الخاصة بالانعكاس والانكسار وتغيير الشكل. وهناك أيضًا اثنتا عشرة صيغة أخرى مدمجة معه. هل أخبركِ بها؟”
“لا، شكرًا.”
“لكن لو استمعتِ لها ستجدينها ممتعة.”
“تخمين نوع قماش الستائر سيكون أمتع بالنسبة لي.”
رغم أن هناك عيبًا طفيفًا يتمثل في اهتزازه قليلًا وظهوره بشكل ضبابي عند الاقتراب منه، إلا أنه بدا متقنًا للغاية من مسافة مناسبة.
وبما أن مظهره مطابقٌ لما كان عليه من قبل، فلن يلاحظ أي شخص غير شديد الملاحظة أن شيئًا ما قد تغيّر.
“الأدوات السحرية أعظم بكثير مما كنت أتصور.”
ارتعشت شفتا ميلودي قليلًا إثر مديح آنا.
وبينما كانت تدير خطاها للخروج، توقفت نظراتها عند لوحة معلقة فوق المدفأة.
“لوحة بورتريه في غرفة بلا صاحب. هل هذه دوقة الجيل السابق؟”
كانت المرأة صاحبة الشعر الفضي المنسدل جميلةً كالملاك. ترتدي فوق ثوبها المزين بالذهب معطفًا من الفراء الأبيض، وتبتسم برقة وهي تحدق إلى أسفل، نحو بطنها.
أما ما تحت صدرها فقد تلطخ بحبر أسود قاتم، فلم يعد من الممكن رؤية ما كانت تنظر إليه، لكن ميلودي أحست بأنها تعرف ما هو.
“إنها جلالة الإمبراطورة السابقة.”
قالت آنا ذلك. ويبدو أنها كانت تعني فيونا، أم ديونيس.
‘يشبه والدته.’
وعندما أمعنت النظر، بدت العيون والشفاه متطابقة تقريبًا.
كان من المستحيل تخيّل ديونيس يحدّق في شخص ما بهذا الحنان، لكن ملامحه المصقولة وكأنها نُحتت بعناية بدت وكأنها صفة متوارثة في العائلة.
“يقال أن هذه اللوحة رُسمت أثناء حملها.”
“آه..…”
شعرت ميلودي بغصة في صدرها دون سبب واضح. فالإمبراطورة فيونا رحلت قبل أن تضم طفلها بين ذراعيها ولو لمرة واحدة.
ترى، لو كانت قد عرفت أن طفلها سيولد حاملاً لقوة سحرية، هل كانت تلك النظرة الدافئة ستتحول إلى ازدراء؟
على الأرجح، ديونيس كان يظن ذلك. وإلا لحاولت والدته التخلص منه وهو لا يزال في رحمها.
مدت ميلودي يدها تمسح بخفة على الجزء الملطخ بالسواد من اللوحة.
“لو بقيت كما كانت لكانت أجمل. فهي على الأقل لوحة عائلية.”
“في الحقيقة…..سمعت أن من أفسد اللوحة هو ولي العهد نفسه.”
“ماذا؟!”
“شش، هدوء!”
ارتبكت آنا ورفعت إصبعها إلى شفتيها، ثم تذكرت أن المبنى الرئيسي خالٍ من الناس، فأنزلت يدها بخجل.
“لم يكن عن قصد، بل عن طريق الخطأ…..هذا ما قيل. ومع ذلك، لأنها تحتوي على صورة جلالتها الإمبراطورة السابقة، لم يتمكن الدوق من رميها وأخذها معه.”
شعرت ميلودي بموجة عارمة من الغضب والشفقة تتصارع في داخلها.
لم يكن من الممكن أن يكون محو ديونيس وحده من اللوحة مجرد صدفة.
‘يا لهذا القذر..…!’
ثم تذكرت القاذورات الحقيقية في سلة المهملات واعتذرت لها في ذهنها، لأنها قارنتها بمثل هذا الشخص.
وبينما كانت ميلودي تلهث غضبًا وتخرج مطرقةً من حقيبتها، سألتها آنا بدهشة.
“ألن تخرجِ؟”
“اذهبي أنتِ أولاً. تذكرت أن لدي عملًا آخر هنا.”
“كيف أذهب أنا أولاً؟”
وبينما أمسكت آنا ممسحةً وبدأت في التنظيف تلقائيًا، شرعت ميلودي في صناعة أداة سحرية جديدة.
ومضى وقتٌ لا تدريان كم طال، حتى انبعث فجأة صوت ضحكة امرأة من مكان ما.
“ألم تسمعي شيئًا؟”
“سمعته…..هل تعتقدين أنه شبح؟”
“مستحيل، لا بد أنها خادمةٌ تسللت خلسة.”
لكن مساكن الخادمات تقع في جناح منفصل بعيد.
عندها تحدثت آنا بوجه شاحب يعلوه الذعر.
“كان هناك شائعاتٌ تقول أن الدروع الفارغة تتحرك عندما تنطفئ أنوار القصر.”
“هل يمكن أن تكون أداةً سحرية؟”
“الأداة سحرية أفضل من شبح على الأقل. أرجوك، أتمنى أن تكون مجرد أداة سحرية غريبة.….”
“لتحريك الدرع، لا بد من ضبط الدوائر السحرية بدقة. يجب أن تتحرك الأجزاء بشكل متساوٍ معًا. من الصعب أن يتم ذلك بدوائر تغيير الموقع فقط..…”
“حتى في وضع كهذا، تفكر بالدوائر السحرية؟”
تمتمت آنا وكأنها فقدت أعصابها. فالأصوات التي كانت تُسمع من خارج النافذة انتقلت إلى الردهة.
و عندما فتحت الباب بحذر، سُمعت أصوات أقدام متخبطة وصوت أحدهم وسطها.
“بما أنه لا يوجد مالك…..سأحتضنك طوال الليل……”
“…..حقًا في هذا المكان…..لا بأس….”
“إن تحمّلتِ قليلًا فقط…..ستحصلين على كل شيء.….”
راقبت ميلودي الردهة المظلمة من خلال الفجوة الضيقة في الباب. و ضوء القمر المتسلل عبر النافذة ألقى ظلالًا باهتة على شكل شخصين.
رجلٌ وامرأة. أحدهما كان ضخم البنية، والآخر بحجم يقارب ميلودي.
هل هما لصّان؟ شعرت ميلودي بالخطر فورًا ورفعت حذرها.
“هاا…..”
ظنت ذلك قبل أن ينتشر الصوت الفوضوي.
‘هل…..تبادلا القبل الآن؟’
في تلك اللحظة، مرت صفحةٌ من رواية في ذهن ميلودي.
كان ذلك المشهد الذي يستمتع فيه رايون بتقبيل ليهيلين في قصر ديونيس، ثم يُفاجأ بظهور ديونيس نفسه. و بعد ذلك اليوم، يبدأ ديونيس بالتخطيط للتمرد.
هل كانت الغرفة التي سُلبت فيها حبيبته هي ذاتها التي تحتوي على صورة والدته؟ حتى ميلودي، كشخص ثالث، شعرت أن ما حدث كفيلٌ بإشعال الغضب.
‘لم يكتفِ بالطمع فيما ليس له، حتى لوّث غرفة دوقة الدوقية؟!’
بالطبع، لم يكن وقت ظهور ليهيلين بعد، فلا بد أنها شخصيةٌ أخرى.
ارتجفت من الاشمئزاز تجاه ذلك الانحراف المشين.
“أعتقد أنني عرفت من هما.”
“من هما؟”
“…..سكيرٌ أحمق.”
‘قد ينتهي بي الأمر بتشجيع التمرد إن استمر الوضع هكذا.’
قبل أن تسيطر عليها المزيد من الأفكار التافهة، رفعت ميلودي المطرقة. فتمتمت آنا وهي تقبض على الممسحة.
“ما الذي تنوين فعله؟”
“سأحمي هذا البيت.”
***
رايون هارتسفيلد ڤالكاراس. وُلد بكرًا في بيت الدوق هارتسفيلد، لكنه صار أميرًا بين ليلة وضحاها بعد الوفاة المفاجئة للإمبراطورة السابقة، و أصبح فتى الحظ.
لكن من وجهة نظر رايون، أكثر من نال الحظ لم يكن هو، بل والده الذي أصبح الإمبراطور.
فما تغيّر هو السرير فقط، من قصر الدوق إلى القصر الإمبراطوري، أما هو، فلا يزال لا شيء.
إذ إن ابن خالته، الذي وُلد قبيل وفاة الإمبراطورة السابقة، كان من سيخلف العرش من بعدها.
__________________
يع شخصية رايون ذاه مره مقرفه وعوه
وشكله مجنون يعني ماظني ميلودي سوت له شي خلاه يحبها الا هو شافها تكرهه وديونيس معها قال ابيها
آنا تجنن هي وميلودي يصلحون خويات😂
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 13"