“نعم! وإن استمررتم في رفض علاج جلالته، فسآمر باعتقال جميع الكهنة بتهمة الخيانة العظمى!”
“خيانة؟”
قال القدّيس ذلك بابتسامةٍ ملتوية.
“ألستَ أنتَ من يتمنى موت الإمبراطور؟ أليست هذه فرصتكَ الذهبية لانتزاع العرش بسهولة؟”
صمت رايون، عاجزًا عن الإجابة. و لم يعد واثقًا مما يريده حقًا: هل يتمنى العرش أم حياة الإمبراطور؟ أم أنه فقط يريد تأجيل القرار الذي يخشاه؟
لطالما كانت رغباته خارج متناول يده، والآن بعدما باتت قريبةً منه، غمره خوفٌ خانق من أن تكون له حقًا.
“لم أتمنَّ موته قط.”
ابتسم القدّيس ابتسامةً باردة و ردّ وكأنه قرأ أعماقه،
“إذاً ترى نفسكَ غير قادر على حمل ثقل العرش.”
ثم تابع بصوتٍ مفعم بالفتور،
“لكن ما العمل؟ لقد منعنا جلالته من متابعة أعمالنا، فلا يوجد كاهنٌ يمكنه الذهاب إليه الآن.”
“و أولئك الكهنة المجتمعون في قاعة المعبد، أليسوا كهنة؟!”
“لا تغضب يا سموك، إنهم يقدّمون أرواحهم لخلاص الإمبراطورية. الحاجز ينهار شيئًا فشيئًا، وإن لم نعجّل بقدوم القداسة فسيجتاحنا السواد، وسنفنى جميعًا.”
“ولمَ لا يعيد الكهنة بناء الحاجز فحسب؟!”
“ليست المسألة بتلك البساطة. فالخلل نشأ بهروب السحرة أنفسهم. لقد صدر الأمر بإطلاقهم من قِبل جلالته، فكيف لا نشعر بالمرارة؟”
رفع رايون بصره إلى الكيان المشوّه أمامه وقد ارتسمت الحيرة في عينيه.
“وما علاقة السحرة بالحاجز؟”
“كان لا بدّ للنور العظيم أن يتّزن بالظلام، أما الآن فلم نعد بحاجةٍ إليهم.”
كانت كلماته مبهمة، ومع ذلك لم يُبدِ نيةً لشرحها أكثر.
ثم نظر إلى رايون مباشرةً وسأله،
“أتريد إنقاذ جلالته، وإنقاذ الإمبراطورية؟”
“بالطبع أريد ذلك.”
“إذاً نحن بحاجةٍ إلى قوة طفلة الكاهنة. أحد صنّاع الأدوات السحرية الذين فرّوا من البلاد. لكن أثناء بحثنا وجدنا أمرًا مثيرًا…..لقد لمست حجر الحاجز في المعبد يوم فرار السحرة.”
رفع القدّيس يده كاشفًا عن صيغةٍ سحرية محفورة على حجرٍ متصدّع.
ووفقًا لما يعرفه رايون، لم يكن في ذلك اليوم داخل المعبد من صنّاع الأدوات سوى امرأةٍ واحدة — ميلودي.
“بما أنكَ على معرفةٍ بصانعة الأدوات السحرية، فلا بد أنكَ تعرفها، اسمها ميلودي، أليس كذلك؟”
ارتجف رايون لا إراديًا، ورفع رأسه بحدة نحو القدّيس. وفي اللحظة نفسها دوّى صوت ارتطامٍ في أرجاء القاعة، حين أفلت أحد الصناع مطرقةً من يده ارتباكًا.
فابتسم القدّيس ببطء، وقد كانت ابتسامته تتسع كظلٍّ شيطانيّ،
“أحضِرها إليّ، وستنتهي كل المشاكل.”
ثم همس بصوتٍ ناعمٍ كهمهمة الشيطان،
“وحينها، يا سموك، ستحصل على كل ما تتمناه.”
قال القدّيس أنه ما إن تُحضَر ميلودي، فسيكون بالإمكان إعادة كل شيءٍ إلى نصابه.
غادر رايون المعبد على عجل بعد أن أنهى حديثه معه، وقد حصل بصعوبة على وعدٍ بإرسال أحد الكهنة من الدرجة الدنيا لعلاج الإمبراطور.
كان العرق البارد يبلل شعره بينما يمرر أصابعه فيه ليتنفس باضطراب.
“لا تذهبي إلى أي مكان، تعالي إلى القصر، سأساعدكِ في أمر والدكِ.”
و لم يعد يذكر ملامح وجه ميلودي حين قال لها ذلك.
***
كانت أشعة الصباح تتسلل بين أغصان الأشجار كأنها شظايا من الضوء.
خرجت ميلودي من الخيمة ولوّحت بحماسٍ نحو الظلّ الذي كان يقترب حاملاً الماء. وقد كان إدوين.
“أبي!”
ركضت نحوه وألقت بنفسها في حضنه.
و رغم مرور يومين فقط على لقائهما مجددًا، كان شعورها بالفرح كما لو أنها لم تره منذ زمنٍ بعيد.
“رجاءً، ابتعد عن ابنتي.”
قال إدوين ذلك بخشونة وهو ينظر إلى دِيونيس الذي وقف بجانب ميلودي كما لو كان مكانه الطبيعي.
كان لقاؤهم بالسحرة الفارّين قد تم قبل يومين خارج حدود الحاجز، ولحسن الحظ، كان الجميع بخير.
ثم اتجهوا جميعًا إلى المقاطعة التي أعدّها دِيونيس لهم مسبقًا.
“انظروا هناك! أرضٌ للزراعة، وبيوتٌ أيضًا!”
نظر إدوين إلى البيوت المهجورة والأراضي البكر، وازدادت الكآبة المرسومة على وجهه عمقًا.
و التفت إلى دِيونيس وزفر ببطء.
“أقدّر كرمكَ يا دوق، لكن أفضّل ألا أراكَ قريبًا من ابنتي.”
“تكلّم كما تشاء. فقد تخليت عن لقبي كدوق.”
فكر دِيونيس لبرهة ثم أضاف وهو ينظر إليه بثبات،
“يا أبي.”
“أبـ…..من؟ من تظن نفسكَ لتناديني بذلك!”
صرخ إدوين متوتّرًا وجذب ميلودي إلى جانبه كمن يحميها.
“لقد أعددتُ هذا المكان على عجل، فربما تجدون فيه بعض النقص.”
بدأ الجميع يتجول في أرجاء القرية الصغيرة. التي في وسطها جرى نهرٌ صافٍ، وعلى التلال نمت أشجارٌ مثقلة بالثمار.
وبعد أن فحصت ميلودي الحاجز المحيط بالمكان، تحدّثت بنبرةٍ مفعمة بالحماس،
“ربما من الأفضل أن نحوّل طبيعة الحاجز إلى الظلمة كما في المعبد الأعلى…..أو نجعل النور والظلام متعايشين معًا.”
ففي التوقّع القديم، ذُكر أن انهيار الحواجز بدأ عندما اختلّ توازن الضوء والظلام، لذا كان الحل الأمثل هو جعلهما يتواجدان بانسجام.
تذكّرت ميلودي الحواجز المتشققة التي مرّت بها في طريقها إلى هنا، وفكّرت أن بإمكانها ربما ترميمها باستخدام السحر.
ثم تحدّث أحد السحرة بعد أن رفع نظره نحو السماء كأنه تذكّر شيئًا،
“الآن تذكرت، حاجز العاصمة قد تحطم. ألم تصادفوا أي وحوش؟”
“ماذا؟ حاجز العاصمة انهار؟ لم نرَ شيئاً كهذا.”
نظرت ميلودي نحو دِيونيس بدهشة، فوجدت ملامحه هادئة، كأنه كان يعرف مسبقًا.
لكن المفاجآت لم تنتهِ عند هذا الحد. فقد وصل بعض السحرة المتأخرين يحملون خبرًا جديدًا.
“يقولون أنهم ينوون القبض على الدوق بتهمة الخيانة. هل هذا صحيح؟”
“هاه.”
تجمدت ملامح ميلودي من الصدمة، بينما اكتفى دِيونيس بهز كتفيه بلا مبالاة، كأن الأمر لا يعنيه.
“علمت بذلك مؤخرًا فقط.”
“لكنكَ علمت على أي حال. ألم تقل أنك تخلّيت فقط عن لقب الدوق؟”
“يبدو أن ذلك أثار استياء جلالته.”
“حقًا، يا له من رجلٍ يثير الصداع.”
قال إدوين ذلك فجأة وهو يزفر بضيق. فتابع دِيونيس بنبرةٍ تبريرية،
“لقد تركت الفرسان في العاصمة، وسيُسوّى أمر الخيانة قريبًا.”
“هل يمكن الوثوق بكَ في ذلك؟”
نظرت إليه ميلودي بريبة ثم رفعت عينيها نحو الحاجز مجددًا.
“لكن…..لماذا انهار حاجز العاصمة؟ فالسحرة ما زالوا أحياء.”
حاولت أن تربط الأحداث المتسارعة لتجد سببًا منطقيًا، لكنها لم تصل إلى شيءٍ واضح.
“هل يمكن أن يكون السبب أنني لمستُ حجر الحاجز في المعبد؟”
________________________
يا ابي 😭😭😭😭😭
لو النهايه كذا عاشوا في قريه والله حلوه تكفون سووها
مناقرات ابو ميلودي وديونيس ثم بيتزوجون عشان ميلودي تحبه ويجي ابوها يبكي ويهاوش ديونيس وباقي السحره هم الجيران الي مفضوح عندهم كل شي 🤏🏻
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 129"