كان إدوين قد كوَّن كرةً من الطاقة السحرية، لكنها كانت غير مستقرة داخل المعبد. وفي النهاية، اضطر إلى سحب سيفه.
“سنساعدكَ!”
كان الصوت لأحد السحرة الذين أنقذهم قبل قليل. قال ذلك بعزيمة قوية، ثم بدأ هو والآخرون بإطلاق السحر بكل طاقتهم.
“أرجوكم، حاولوا إثارة أكبر قدر من الفوضى حتى نكسب بعض الوقت.”
وانطلقوا في جميع الاتجاهات لجذب الانتباه، لكن عددًا من فرسان المعبد قطعوا طريقهم بسرعة.
فدفع إدوين السحرة إلى الخلف وتقدم بنفسه ليتصدى للعدو.
“أيها الساحر الحقير! سأريكَ أين تقف!”
استل الفارس سيفه المقدس ولوّح به بعنف. و حاول إدوين صد الضربة مستخدمًا سحره، لكن مهارته لم تكن كافيةً أمام فارسٍ مدرّب.
رنّ صوت الحديد واهتز الهواء، وفي اللحظة التي تراجع فيها خطوةً من شدة الصدمة، انغرز السيف في خصره بعمق.
***
حين وصل أهفين إلى المعبد، كان الكهنة يفرّون عبر الممرات المعتمة.
ثم قفز من صهوة جواده واندفع إلى الداخل.
“حريق!”
“من جهة المخزن!”
كانت الصرخات تتعالى من كل اتجاه، واختلطت في الهواء رائحة الدخان بالدم.
و في نهاية الممر، تصاعد الدخان الأسود من بين شقوق الأبواب، فيما انشغل بعض الكهنة بإخماد النيران وقد غطّوا وجوههم بالأقمشة.
“هل تأخرنا؟”
يبدو أن السحرة قد بدأوا الهروب بالفعل.
“سيدي القائد!”
هل عليه أن يدعهم يذهبون؟ أم يمنعهم؟
لقد قضى حياته في مطاردتهم وحبسهم، ومع ذلك…..لم يستطع أهفين أن يتحرك. كأن قدميه التصقتا بمكانهما، عاجزًا عن التمييز بين الصواب والخطأ.
فقمع مشاعره الممزقة بصعوبة وتحدّث،
“أنتم، أطفئوا الحريق هنا. وأرسلوا مجموعةً صغيرة لتفقد السجن العظيم.”
“أمركَ، سيدي!”
بدأ أهفين بإصدار الأوامر بحزم. بينما اقترب منه ديرين وسأله بقلق،
“هل تعتقد أن مجرد انقطاعٍ مؤقت في الحاجز يمكن أن يتسبب في شيء؟ السحرة قضوا سنواتٍ في العذاب، لن يفكروا في الهرب بهذه السهولة.”
كانت فترة عذابهم طويلةً فعلًا — سنواتٌ من الظلام تحت الأرض بلا ضوءٍ ولا أمل.
لكن نظرة أهفين امتلأت بظلالٍ ثقيلة وهو يجيب،
“لقد كُتب هذا في كتاب التوقّعات.”
“ماذا؟!”
قال طلك فقط وغادر بسرعة نحو الجهة المقابلة، لكن ديرين أمسك بذراعه.
“كم عدد الفارين؟ ألا يجب أن نرسل مزيدًا من الرجال؟ إلى أين أنتَ ذاهبٌ الآن؟”
“هناك أمرٌ عليّ التحقق منه. لن يستغرق وقتًا طويلًا.”
أجاب باختصار واتجه نحو الدرج المؤدي إلى الطابق السفلي.
في الظلام الكثيف، أشعل نورًا بقوته المقدسة ليضيء طريقه. وفي نهاية المكان، لمح الجدار الذي كان يبحث عنه.
كان جدارًا ضخمًا تغطيه لوحةٌ جدارية تُظهر النور وهم يهزمون مخلوقات الظلام.
“الحرب الأولى..…”
كانت تلك اللوحة تجسّد اليوم الذي ساعدت فيه القداسة البشر على طرد الوحوش من عالمهم، في زمن الفوضى الأولى.
تذكر أهفين حين رآها لأول مرة عند قدومه إلى المعبد كفارسٍ جديد. يومها قال له الكاهن الأكبر إن عليه أن يفخر باختياره من قِبل المعبد، كما فُضّل المحارب الأول في فجر الزمان.
لكن الآن…..أهفين رفع سيفه المشع بالقوة المقدسة، وضرب العمود الحجري المتصل بطرف الجدار. فدوّى صوت الانفجار الحجري، وتطاير الغبار والصخور، لكنه واصل تحطيم ما تبقّى بلا تردد.
ضرب وكسّر حتى سقطت الطبقات التي كانت تغطي الرسم الحقيقي، فبان ما كان مخفيًا خلفها.
“هاه..…”
سقط سيفه من يده وارتطم بالأرض.
كانت اللوحة الأخرى تصوّر مشهدًا مختلفًا — أصحاب القوى المظلمة يقاتلون إلى جانب حملة النور ضد الوحوش.
تمامًا كما وُصف في كتاب التوقعات.
“ما…..ما هذا؟”
سأل ديرين بدهشة وهو يحدق في الجدار. فأجاب أهفين بعد صمتٍ طويل، وصوته مبحوحٌ من الصدمة،
“الحقيقة.”
كانت تلك هي الحقيقة التي أخفاها المعبد عن العالم قرونًا طويلة.
نظر إلى الجدارية للحظة أخيرة، ثم تحرك بخطواتٍ ثقيلة نحو الخارج.
كان المعبد لا يزال في فوضى عارمة، وأضواء الحواجز المقدسة تومض في الأرجاء. و رأى الفرسان الجرحى والمصابين يملؤون الساحة.
“سيدي القائد! السحرة هربوا!”
“ما الوضع؟”
“أمسكنا بخمسةٍ منهم باستثناء من بقي في السجن. أربعة جرحى وواحدٌ ميت. كما وقعت خسائر في صفوفنا: تسعة إصاباتٍ خطيرة، وعدد من الجرحى الآخرين لكن دون خطر على حياتهم. و الكهنة يتولّون علاجهم الآن.”
تابع الفارس الذي كان يقدّم تقريره بوجهٍ متجهم،
“يبدو أن بعض الكهنة قد دُفنوا تحت الأنقاض عندما انهار المبنى أثناء الحريق. ما زالت فرق الإنقاذ تبحث عنهم.”
تحوّل بصر أهفين إلى مجموعة السحرة المقيّدين الراكعين على الأرض. لكن لم يكن هناك وقتٌ لإقناع الفرسان أو شرح الحقيقة.
“عالجوا الجرحى، وأنقذوا السحرة.”
لكن أحد الفرسان قفز محتجًّا بصوتٍ غاضب،
“ألا ترى ما فعلوه بنا؟! هؤلاء الأوغاد تجرؤوا على الهرب من مصيرهم! لا يمكن أن ندعهم يفلتون هكذا! يجب أن نُري الجميع ما يحدث لمن يتجرأ على العصيان. فلنقتلهم جميعًا ليتعلموا هيبة المعبد!”
“مهمتنا هي أسر السحرة، لا ذبحهم. هذا أمر.”
قال أهفين ذلك بصرامة، فانكمش الفارس بخيبةٍ وهو يطأطئ رأسه. بينما تنفّس أهفين بعمقٍ وأطلق تنهيدةً ثقيلة.
“سأذهب أنا إلى السحرة بنفسي.”
قال ديرين ذلك وهو يتقدّم بخطواتٍ حازمة، وحين أذن له أهفين، اصطحب أحد الكهنة وتوجّه إلى الأسرى.
أدار أهفين نظره مجددًا بين الصفوف، لكن شيئًا ما لفت انتباهه — فلم تكن ميلودي هناك.
“هل رأى أحدٌ صانعة الأدوات السحرية؟”
“يبدو أنها غادرت المعبد قبل أن تبدأ الفوضى.”
فكر الفارس قليلًا ثم رفع رأسه فجأة.
“آه، تذكرت. ورد تقريرٌ بأننا قبضنا على شخصٍ ادّعى أنه صانع الأدوات قرب حجر الحاجز.”
كان ذلك في الجهة الغربية من المعبد. فنهض أهفين فورًا وكأن النار اشتعلت في جسده.
“أنتما، معي. والبقية لتبقوا في مواقعكم.”
كان عليه أن يمنع تحقق التوقّه — وأن ينقذها.
***
“آه!”
ترنّح إدوين من ألمٍ حادٍ اخترق جسده. و لحسن الحظ، لم تصب الضربة سوى جلده.
ثم اندفع أحد السحرة أمامه صارخًا،
“اهربوا يا سيدي! سأبقيهم مشغولين!”
لكن سحره كان ضعيفًا جدًا، فلم تمر لحظةٌ حتى اخترق سيف الفارس صدره.
“كنت….أريد فقط أن أرى السماء..…”
ولم يستطع أن يُكمل.
حجب إدوين جسده عن السيف، ثم أطلق طاقته السحرية نحو السقف، فانهار الممر بالحجارة والغبار. فترددت صرخات الفرسان وسط سحابةٍ من الدخان.
ثم التفت إدوين لاهثًا نحو رفاقه وهتف،
“المخرج من تلك الجهة! أسرعوا!”
شقّوا طريقهم بين الركام واندفعوا نحو نهاية الممر. لقد كانت تلك الثواني القصيرة فرصتهم الوحيدة للنجاة.
في تلك اللحظة، أضاءت مصابيح السقف فجأة. و تجمّدت وجوه من وصلوا إلى المخرج — فقد كان الفرسان ينتظرونهم في الخارج، مشعلين المشاعل، وقد أحكموا الحصار.
كان ردّ الفعل سريعًا إلى حدٍ يبعث على اليأس.
“الطريق مغلق!”
“وهنا أيضًا!”
“إلى الأسفل، إلى القبو!”
فعادوا مسرعين إلى الداخل.
“تباً.”
توقّفوا أخيرًا أمام بابٍ كُتب عليه قسم صناعة الأدوات السحرية. المكان ذاته الذي تحدّثت عنه ميلودي في رسالتها، حين قالت أنها بدأت العمل هناك.
“فلنعالج جراحنا أولًا.”
لحسن الحظ، لم يكن أحدٌ يطاردهم بعد.
جال إدوين ببصره داخل الغرفة، ومدّ يده ليلمس مكتبًا خاليًا كأنه يحتفظ بذكرياتٍ من وجودها. و شعر بحنينٍ مؤلمٍ وهو يتخيلها تعمل هنا ذات يوم.
“سيدي إدوين، الدم لا يتوقف…..إنكَ تنزف بشدة!”
“سأتحمّل.”
امتلأت الضمادات باللون الأحمر بسرعة، لكنه تجاهل الألم ونهض بعزم. وقد كان الجميع مصابين بدرجاتٍ مختلفة.
“من هذا الاتجاه.”
وبعد أن أنهوا الإسعافات، تابعوا سيرهم.
كان المكان كمتاهةٍ من الممرات الضيقة، لكن إدوين كان يعرف الطريق جيدًا.
كلما توغلوا أكثر، ازداد ثقل الحاجز المحيط بهم حتى بات الهواء خانقًا. و كانت تلك إشارة إلى اقترابهم من مركز الحاجز، ولهذا لم يكن هناك الكثير من الفرسان.
“تباً…..أجهزة تعطيل السحر لم تعد تعمل..…”
لهث السحرة وهم يرمون الأجهزة المحترقة أرضًا. و كانت طاقتهم على وشك النفاد.
لو تمكنوا فقط من هدم الجدار في نهاية هذا الطريق، لوجدوا مخرجًا. لكن حين كانوا على وشك الوصول—
“اتركني!”
تجمّد إدوين في مكانه عند سماع ذلك الصوت القادم من آخر الممر. فهو صوتٌ لا يمكن أن يكون هنا…..صوتٌ لم ينسَه قط.
“انتظروا!”
واندفع كالمجنون، غير آبهٍ بمن يحاول إيقافه.
لقد كان ذلك الصوت — بلا شك — صوت ابنته.
_______________________
ااااااااااا يا باباااااااااااااااا
ديونيس بعد وينه! تراك البطل على فكره اطلع تعال سو اي شي احرق الكهنه اكسر رقبة ذي الي مسك ميلودي قدام ابوها عشان يوافق عليك ياحماااااار
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 120"