أحست بوضوحٍ بملمس الجلد على بشرتها. فوخز قلبها رجفةٌ جعلتها تشد أصابع قدميها.
“لقد تلطخت بالدم. هل آلمكِ؟”
“مجرد وخزةٍ صغيرة لا غير.”
“أما الكاهن الأكبر، فسأجعلها له وخزةً مؤلمة جدًا.”
كان صوته باردًا لا يليق مع كلمةٍ رقيقة كهذه.
يا ترى أي فعلٍ رهيب كان ينوي؟ لكن أفكارها تبخرت حين رأته يرفع يده إلى فمه.
“لِم، لِم تفعل….”
ولم تكمل عبارتها حتى لامست شفتيه أصابعه. فقبضت ميلودي لا إراديًا على معصمه.
“لِماذا……تقبّلها؟”
تسارعت أنفاسها بلا سبب، فيما بقي وجه ديونيس هادئًا كما هو دومًا.
“الجرح يغيضني. لأنني وحدي من لا يستطيع لمسكِ.”
“…….”
“مع أنني الأقرب إليكِ.”
عيناه الحمراوان لم تعكسا إلا صورتها وحدها.
ثم أخرج من صدره منديلاً وبدأ يمسح يدها، اليد التي كان أهفين قد أمسك بها من قبل. فدغدغ باطن كفها مازحًا ثم نهض مطلقًا تنهيدة.
“عليّ أن أذهب الآن.”
رمقها بنظرةٍ يملؤها الأسف.
“آه، كدت أنسى.”
استدار ديونيس وهو يمد إليها بطاقةً عليها اسمها. و لم تفهم ما هي، فابتسم موضحًا.
“قلتِ أنكِ ترغبين في دخول مكتبة القصر.”
“بطاقة دخول المكتبة؟!”
ذلك ما كانت قد طلبته من رايون.
بان إشراق وجه ميلودي، فارتسمت على وجه ديونيس ابتسامةٌ أعمق.
“اذهبي إذاً.”
***
رافقتها خادمةٌ حتى بلغت المكتبة.
كانت في الجهة الشرقية من القصر، بعيدةً ومنعزلة، ساكنة بلا مارة. و لم يكن الصاخب سوى قلبها. كأنه تحطم أو اختل.
لم ترد أن تفكر في معنى آخر. كيف يُعقل أن تحب ديونيس؟ أي جنونٍ هذا؟
زواج الدوق يتطلب إذن الإمبراطور. فكيف بها أن تجرؤ على أن تكون الطرف في ذلك؟
ابنة ساحرٍ هارب……
‘الدوق أيضًا ساحر.’
وفوق ذلك، هي من عامة الشعب.
‘لكن الدوق لم يكن يبدو أنه يهتم كثيرًا بالأنساب.’
وأثناء تفكيرها في أسباب الرفض، إذا بها تصل بخيالها حتى شراء لقبٍ مزيف. فسارعت تضرب خدها لتطرد تلك الأوهام.
“ماذا تفعلين؟”
سألتها آنا التي كانت تتبعها وهي تحدق بعينيها الضيقتين.
“لا، لا شيء.”
“أليس لأنكِ متحمسةٌ جدًا؟”
عند السؤال عادت الدهشة على وجه ميلودي.
“كيف عرفتِ؟”
“أنتِ تحبين الكتب.”
“آه، الكتب. نعم، هذا يثير الحماس أيضًا.”
في مكتبة القصر الإمبراطوري قيل أن كل شيء موجود: من كتب الصيغ الرونية إلى الكتب المحظورة عن السحرة.
“منذ متى و أنتِ بدأتِ تحبين القراءة؟”
“كان أبي يجلب لي كتابًا جديدًا كل شهر. أظن أن السبب في تلك الذكرى.”
كان ذلك في الأيام التي يخرج فيها صائدو الوحوش وراء الحاجز. وكان والدها يأخذ النوى التي جمعها ويستبدلها بطعامٍ وكتب.
في الكتب كان هناك دائمًا معرفةٌ جديدة، ومع كل صفحة تُقلب كانت تشعر أن العالم يتسع قليلًا.
“أما أنا، فأظن أنني ولدت في مكانٍ فيه كتبٌ أكثر مما أحتمل.”
تمتمت آنا بتذمرٍ صغير، ثم بدت وكأن فكرةً خطرت لها فسألت.
“لكن ماذا قصدتِ بقولكِ أيضًا؟ هل هناك شيءٌ آخر؟”
وعندما لم تجب ميلودي فورًا وأشاحت بوجهها، ارتسمت على شفتي آنا ابتسامة.
“أنتِ تفكرين في ذلك الفارس!”
فارتفع حاجب ميلودي.
“فارس؟”
“هيا، لا تتظاهري. الفارس الذي فاز ببطولة القتال. السفاح جيريك!”
“ما به ذاك الرجل؟”
“لقد قبّل ظاهر يدك وسط سيل الضوء. كان مشهدًا رومانسيًا للغاية.”
ضحكت ميلودي بخفة و ردّت بلا اكتراث.
“لقد كان مجرد شكر لأنني عالجتُ جراحه.”
“لكن الفائز بالبطولة أهدى مجد النصر لكِ!”
“لقد عالجت نصف المصابين تقريبًا، ومن الطبيعي أن يكون أحدهم هو الفائز. ومعظم من عالجتهم جاؤوا لشكرِي. هو فقط واحدٌ ممن لم يجد فرصةً ليفعل ذلك في اليوم السابق.”
“كيف تقولين ذلك! وسط ذلك الضوء، وهو يجثو على ركبتيه وينظر في عينيكِ……كان واضحًا أنه يكن لكِ مشاعر وكأنه جمع شجاعته أخيرًا ليبوح بها!”
“كنتُ جالسة، ولذا فالجثو كان فقط لمعادلة مستوى النظر. وكيف له أن يضمر شيئًا لمجرد أنه رآني قليلًا؟”
رفعت آنا كفها في مواجهة.
“سنرى. أراهن أن قصة حبٍ مؤلمة بين فارس وامرأة قد بدأت الآن.”
“أشك في ذلك.”
هزت ميلودي كتفيها بفتور.
وسرعان ما وصلا إلى المكتبة. و في القاعة الضخمة، كانت آلاف الكتب مصطفةً على الرفوف.
ما إن وقعت عيناها على الكتب حتى غمرها شعورٌ بالبهجة المتصاعدة.
“هل أبحث لكِ عن بعض كتب السحر؟”
“لا.”
أجابت آنا بجدية.
“بل عن كتب الطبخ. أو ربما الكتب المحظورة.”
“كتبٌ محظورة؟”
ظنت ميلودي أنها تقصد كتب السحرة فسألت، فاقتربت آنا منها وهمست.
“يُقال أن مكتبة القصر تجمع كل الكتب المطبوعة. ألا تظنين أن بينها قصص حبٍ سرية أيضًا؟”
تبادلت الاثنتان نظراتٍ سريعة مع الجنود الحارسين وخفضتا أصواتهما.
“إن وجدتِ شيئًا ممتعًا……”
“سأجلبه لكِ.”
بعد أن افترقت عن آنا، بدأت ميلودي تمشي ببطءٍ بين رفوف الكتب.
لم يكن لديها سوى يومين، فعزمت أن تقرأ أكبر عدد ممكن.
راحت تقلّب المخطوطات القديمة والسجلات واحدًا تلو الآخر، حتى وجدت في الكتاب الثالث جملةً مألوفة.
[قوة الوحوش، الفوضى، بلا اتجاه. القوة الكامنة في الوحوش بقايا لم يستطع العالم احتمالها، فتشابكت الأشياء المجهولة وتُرك منها فتات.
أعظم فرقٍ بين سحر الظلام والفوضى هو “الغاية”. الظلام له اتجاه، ويتحرك مع صاحبه، ويتبع إرادته. أما الفوضى فهي تغييرٌ بلا جوهر، تهدم حدود الوجود. هذه الفوضى تهدم البنية.]
حبست ميلودي أنفاسها. فقد وجدت هناك شرحًا يؤيد فرضيتها: “السحر والنوى يحتويان على قوى مختلفة.”
‘لقد دُعيَت فعلًا بالفوضى.’
وهذا يعني أن القدماء ربما كانوا يعرفون الفرق بين السحر وقوة الوحوش.
‘فمتى بدأ يُقال أن السحر والنوى قوةٌ واحدة؟’
لكن منذ حوالي مئتي عام اختفت الكتب المتعلقة بالسحر تقريبًا. وكأن أحدهم تعمد إخفاءها.
‘غريب.’
حقًا، كان الأمر غريبًا للغاية.
________________________________
الفصول بتصير احلا كذا اذا ركزت في السحر مع ميلودي وديونيس 🤏🏻
واخيرااااااااا ميلودي اعترفت انها تحب ديونيس قلولولولوللوووووووووش
باقي ديونيس يطلع من الفوبيا ويقرّب منها عشان المره الجايه لا شاف ابوها يقول باخذ بنتك بالحلال 😘
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات