واضح أنّ المنزل كلّه متّصل بفضاءات أخرى كالخزانة والدّرج والخزانة.
خلافًا للمظهر الرّثّ من الخارج، هناك فضاءات أكثر داخل المنزل.
‘لماذا؟ هل يحتاج وكيل المهمّات، أو مجرّد محتال، إلى عدّة مكاتب سرّيّة، وإجراء الأمور سرًّا لشراء مبنى؟ إذا كان مكان التّخفّي، رأيته سابقًا. هل هناك حاجة لفضاءات أخرى؟ إذا لحماية أسرار العملاء، مكتب واحد كافٍ.’
شعر بإحساس قلق.
“أستريد، خالك سيأتي قريبًا. ابقى هنا دون حراك لحظة.”
حمل يوليكيان أستريد وأجلسه على السّرير، ثمّ نهض كمن يُطارد.
خرج يوليكيان وتفقّد ليس منزل نوكس فقط، بل كلّ المباني في هذا الزّقاق.
بعضها أنوارها مطفأة، أو نوافذها مكسورة.
لكنّ أكثرها ستائرها مسدلة فلا يُرى الدّاخل.
ومع ذلك، لا أصوات بشر.
كلّها منازل فارغة.
بل إنّ هذا ليس النّهاية.
في المنطقة الّتي تمّت إعادة تطويرها الّتي تفقّداها مع مادي، هذا الخطّ غير مشمول.
كان فيليب محقًّا.
مادي لم تقترب طمعًا في المال.
لأنّ لديها مالاً كافيًا بالفعل.
ربّما، ربّما حقًّا، تطمح مادي في منصب الدّوقة الكبرى.
السّبب غير معروف بعد.
دار يوليكيان في الزّقاق دائرة كبيرة، متّجهًا إلى مدخل الخريطة الأولى الّتي علّمته إيّاها مادي.
بعد تفقّد الممرّ المظلم مرّة أخرى، خطّط لطرق جداره أيضًا.
دار مقبض الباب بحذر وفتحه.
سابقًا، كان مستعجلاً فلم يتحقّق جيّدًا، لكنّ نسيمًا ينبعث من شقّ في منتصف جدار الممرّ.
ابتلع يوليكيان ريقه، ودفع الباب بحذر.
مع صوت صرير، كشف الفضاء الّذي ظنّه جدارًا سرًّا آخر.
لا ممرّ طويل كالسابق، ولا أبواب متعدّدة.
لا هواء دافئ كمنزل نوكس، ولا أيّ أثاث.
مجرّد أربعة جدران سوداء رطبة.
ذلك كلّه.
كاد ان يخرج.
شعر بغرابة، فالتفت.
مشى يوليكيان ببطء نحو الجدار، وقرّب المصباح.
كان الجدار كلّه مليئًا بحروف سوداء.
ليس غرفة بلصق ورق جدران أسود.
غرفة مليئة بحروف صغيرة جدًّا دون فراغ في الأربع جهات.
ابتلع يوليكيان ريقه، وحمل الإضاءة البرتقاليّة، وبدأ يقرأها مذهولاً.
‘مادي. اسمي مادي. اسمي مادي. أنا مادي. مادي. مادي. أنا مادي. مجرّد مادي. مادي بلا والدين أو إخوة.’
هناك أجزاء تكرّر اسمها، وجمل غير مفهومة.
‘غرفة سوداء. صندوق أسود مظلم. كهف. أنكمش. أكتم أنفاسي. لا أموت. لا أموت. أنجو. أنجو. أنجو بالتّأكيد. أنجو حتّى النّهاية. أنتقم. أنتقم. أقتل. أنا أبقى. أردّ الصّاع.’
لم يُكتب لمن الانتقام. فقط من الكتابة المضغوطة، يُستنتج عزم قويّ.
‘قمامة. قمامة. أنا قمامة. أُرمى. أرمي. قمامة. أُعالج. أنجو. أُرمى. أتدفّق إلى سلّة القمامة. أنجو. قمامة. أصبح قمامة. أعيش كقمامة. قمامة مرميّة. أنا قمامة.’
كلمات تبدو كتحقير ذاتيّ.
‘جائع. بطني جائعة. جائعة. أتضوّر جوعًا. أشعر بالجوع الخفيف. يصدر صوت قرقرة. أنا لطيفة. أنا لطيفة؟ لماذا؟’
أصوات غريبة.
‘جدار عالٍ. سلّة قمامة. إنسان. إنسان وإنسان، إنسان. إنسان واحد، إنسان اثنان. إنسان ثلاثة، أربعة. خمسة. ستّة. سبعة، ثمانية. تسعة. عشرة. عشرة أعمدة من عشرة أشخاص تحت جدار عالٍ. ووحش واحد.’
التعليقات لهذا الفصل " 89"