وبّخت العمّ نوكس قائلة إنّ الطّفل عاش سنوات مرتدي ملابس نسائيّة، فلماذا لا يستطيع بالغ مثله؟
غضب العمّ نوكس غضبًا شديدًا.
[كيف أرتدي ملابس نسائيّة لسنوات؟ إذا اكتشفوا، سأموت! يا ! اقطعيه أفضل!]
قال هكذا ثمّ تشاجرا.
لا أعرف ما هو، لكنّ مادي أمسكت سكّينًا وقالت إنّها ستقطعه بنفسها، فألقى العمّ نوكس الطّاولة.
تركتهما وذهبتُ إلى المطبخ.
كان هناك عصير برتقال سكبه العمّ في كأس، فشربته دفعة واحدة. كان لذيذًا.
مهما تشاجرا مادي والعمّ نوكس، لا يمسّان خبزي أو عصيري أو كتبي أو يوميّاتي.
لهذا أحبّ هنا.
بينما أكتب اليوميّة، أدركتُ أنّني لا أحبّ المنزل بل مادي والعمّ نوكس.
إذا كان خالي يوليكيان معنا، سيكون أكثر متعة!
اليوم قيل إنّ خالي يوليكيان سيأتي لأخذي.
لذا أنتظره.
لأنّ خالي يوليكيان ومادي سيكونان أبي وأمّي من الآن.
تردّدتُ عندما سألتني مادي أوّل مرّة، لكنّ أمّي وأبي جاءا في حلمي اللّيلة الماضية.
احتضناني وقبّلاني.
ربتا على ظهري ودفعاني للأمام. بكى أبي وأمّي لكنّهما ضحكا أيضًا. شعرتُ بالحزن.
أشتاق إلى أمّي وأبي.
عندما استيقظتُ، كان الخارج مظلمًا فخفتُ.
دخلت مادي الغرفة آنذاك وغنّت لي وربّتت على ظهري الممدّد.
كانت كأمّي في الحلم. بكيتُ كثيرًا لأنّني اشتقتُ إلى أمّي.
استمرّت مادي في الغناء.
بكيتُ بشدّة ثمّ نمتُ.
قالت مادي بهمس صغير جدًّا قبل نومي.
[كلّما بكيت، سأغنّي لك. حتّى لو بكيت أعلى، لن يسمع أحد. فلا تبكي مكتوم الصّوت، يا صغيري.]
ما معنى البكاء مكتوم الصّوت؟ بكيتُ وأنا أتنفّس. قالت مادي مرّات إنّه لا داعي.
شعرتُ بدفء في بطني. كما عندما احتضنتني أمّي. أكره البكاء لكنّني أريد سماع أغنية مادي أكثر.
لكن لماذا لم يأتِ خالي يوليكيان؟ كتبتُ الكثير في اليوميّة.
قالت مادي إنّه سيأتي قريبًا لأخذي.
لم يأتِ خالي.
كأمّي الّتي قالت إنّها ستأتي قريبًا ولم تأتِ.
* * *
جلس أستريد الّذي انتهى من اليوميّة بهدوء على السّرير، يهزّ قدميه أمامًا وخلفًا، وينظر إلى الباب فقط.
قبل أيّام، سلّم أستريد ورقة لمادي الّتي جاءت في الفجر.
‘الّذي تحدّثنا عنه سابقًا جيّد.’
‘لفترة قصيرة، يمكن أن تكوني مادي أمّي، و خالي يوليكيان أبي.’
[حقًّا؟!]
احتضنت مادي أستريد بحماس كمن تلقّت هديّة كبيرة.
[شكرًا لإذنك! لنلعب معًا بمتعة!]
بفضل كلام مادي، شعرتُ وكأنّه لعب.
بفضل كلمة ‘نلعب’، بدا أستريد الّذي كان حزين قليلاً يتوقّع أمورًا مثيرة، فانفرج وجهه سريعًا.
هزّ أستريد رأسه بقوّة ومدّ ذراعيه نحو مادي.
[هيّا! أوه، كبرت مجدّدًا في هذه الأثناء!]
هزّت مادي أستريد طويلاً ثمّ قالت:
الّذين كنّا نناديهم أمًّا وأبًا لن يُمحوا.
إنّه مجرّد لعب أدوار ممتع جدًّا لخداع المارّين والقادمين إلى المنزل.
بسبب دغدغتها، لم يستطع أستريد سوى الضّحك والإيماء بقوّة.
أضافت مادي بفخر.
[أوّلاً، الطّفل صامت، لذا سيحقّق نجاحًا كبيرًا في هذه المسرحيّة، ومن المحتمل أن يفوز بجائزة أفضل ممثّل طفل في نهاية العام. تعبيراته غنيّة وهو جميل جدًّا.]
لم يفهم أستريد، لكنّه أومأ بجدّ.
[بالمقارنة مع ممثّلة محترفة ذات خبرة مثلي، قد يكون التمثيل ضعيفًا، لكن بالجهد ستتحسّن.]
فتح أستريد عينيه الكبيرتين وكتب سؤالاً على راحة مادي.
<هل مادي ممثّلة؟>
رفعت مادي كتفيها وأجابت.
[شيء مشابه.]
لم يستطع أستريد كبح إعجابه، أمّا نوكس الّذي كان يستمع جانبًا فقد صُعق وقال إنّه لا يجوز الكذب على الطّفل.
لكنّ يوليكيان لم يأتِ.
أخرج أستريد الّذي انتظر طويلاً المنظار من الصّندوق ونظرت سرًّا خارج النّافذة.
لم يكن خالي بين المارّين في الشّارع.
لا العمّ نوكس ولا مادي.
آنذاك، فُتح الباب فجأة دون طرق.
* * *
لا يجب أن يُكتشف ذهابي لأخذ أستريد.
سلامته مضمونة فقط بعد إحضاره إلى المنزل.
تجاهل يوليكيان لامدا وخرج من القصر.
“لا حاجة. إذا كان لديّ فضول، سأسأل خطيبتي مباشرة، فاذهب الآن.”
“هل ستجيب بطاعة إذا سألتَ؟ لن تفعل.”
“أنتَ من يجب ألا تتحدّث وكأنّك تعرف كلّ شيء عن خطيبتي. ألم تتعلّم من كسر ذراعك المرّة الماضية؟”
التعليقات لهذا الفصل " 88"