«لا بأس. لا نية لي بمعاقبتكما على ذلك، تكلّما براحتكما. كيف تلقّيتما مساعدة… سموّ الدوقة؟»
«كنا لصوصًا في الأصل.»
تحسّس القاضي باوينغتون جيوبه الداخليّة تلقائيًّا. لم يفقد شيئًا.
على أيّ حال، من يرفض حتى المال المقدّم لن يسرق من عربة لم يدخلها.
احمرّ وجهاهما خجلًا وواصلا.
«ظهرت مادي وقالت: هذه منطقتي، فإن سرقتم أو نهبتم سأقتلكم.»
«…ماذا؟»
كان القصّة مختلفة عمّا توقّع.
ارتفع حاجبا القاضي باوينغتون بشكل غير متساوٍ.
فيركينغ الشرسة تتجوّل وتهدّد بالقتل بنفسها؟ قد يستحقّ ذلك عقوبة إضافيّة.
هزّ الشاب الآخر يديه مذعورًا وأكمل بسرعة
«لم تقصد القتل حقًا! قالت: إن قطعت يدكم. فإذا بقيت يد واحدة لن تستطيعوا فتح الأقفال.»
«هههه! قالت: حياة عائلاتكم ليست تسعة، فكّرنا أنّ ظهورنا قد صار جليدًا.»
«……»
أصبح وجه القاضي أكثر جديّة.
اقترب الشابّان مذعورين وأضافا بسرعة.
«قدّمت لنا عملًا! صحيح أننا تركنا العمل أحيانًا لأن الأجر لم يعجبنا، لكنها كانت تذهب بنفسها تعتذر، ثم تضربنا ضربة وتعتذر معنا… فشعرنا لأوّل مرّة أنّ أحدًا يتمنّى أن نعيش باستقامة. كان شعورًا غريبًا.»
«عندما ضربتني فهمتُ لماذا يقول الناس: «أُفضّل الإصلاح على أن تذبحني مادي». آه! نحن نعمل في الإسطبل الآن.»
رفع القاضي يده مقاطعًا ثرثرتهما.
«لحظة. تقولان إنها أصلحتكما بالعنف؟»
فتح الشابّان عينيهما مستديرتين ثم قالا بجديّة.
«نحن… كنا مجرمين خرجوا من السجن حديثًا وكدنا نعود للصوصيّة. بالطبع العنف ليس صحيحًا أبدًا. لكن مادي لم تكسر عظامنا، كانت تضرب رأسنا كأخت كبرى عندما نمسك متلبّسين… هل قوّتها جريمة؟»
«هذا… صحيح.»
«من في الدنيا ينحني للغرباء؟ ويقدّم لهم عملًا؟»
«هذا صحيح أيضًا…»
«لا نعرف جيّدًا ما فيركينغ، لكن مادي ليست وحشًا بلا مشاعر. تسعى ليل نهار لتوجيه الناس إلى الخير.»
قال أحدهم مازحًا:
«لو كان الهدف إصلاح الآخرين، فأرسلوها إلى السجن. لكن الإعدام أو المؤبد مستحيل.»
«لماذا؟»
ابتسموا وقالوا:
«لأنّ المدينة ستعود أرضًا بلا قانون إذا غابت مادي.»
«قد نحترس إن ضمنّا عودتها، لكن إن غابت إلى الأبد؟ من يهتم؟»
«ليست مزحة مضحكة جدًّا.»
عاد السائق مهرولًا والشابّان انحنا للقاضي ثم عادا إلى حشد المتظاهرين.
كان السائق يلهث وهو يشرح.
«الأسباب كثيرة ومتنوّعة، وكلّهم من كبار النبلاء حقًا.»
«وما قالوا؟»
«منهم من كادت تُباع لعجوز تجاوز الستين زواجًا فأعارتها مادي المال فنجت، ومنهم…»
استرداد ميراث زوج من عشيقة، مطاردة محتال هرب بالمال، البحث عن حبّ أوّل، التخلّص من ملاحق، حمل طفل في العاشرة يغلي حرارة عبر جبلين إلى المستشفى، تهديد الطبيب حتى أجرى عمليّة طارئة ثم تكفّلت هي بالتكلفة…
بعضها كان مقابل مال، وبعضها مقابل غريب جدًّا.
من فساتين ومجوهرات وأحذية وملابس رجاليّة وأحذية رسميّة، إلى «ساعدوا غيركم» أو «أخبِروني إذا احتاج أحد المساعدة» من الفقراء.
دارت عربة القاضي باوينغتون ببطء وسط الساحة المكتظّة وهو غارق في التفكير.
ربّما تكون الدوقة شخصًا لا غنى عنه لهذه البلاد.
شعر القاضي بصدق كلّ الأصوات التي تصرخ من الخارج، كلهم يتمنّون سلامة مادي من قلبهم.
«فيركينغ» و«مادي» شيئان مختلفان.
نظر القاضي إلى الحكم الذي كتب فيه 30 سنة، ثم عدّله بهدوء.
«…قتلت عددًا لا يحصى من الناس، لكنها نادمة، وليس بإرادتها، وساعدت الكثيرين بمن فيهم سكّان الأحياء الفقيرة… لذا…»
همس مساعده.
«فقط مادي، مادي. إنها من عامّة الشعب.»
رفع القاضي حاجبيه ثم أنزلهما وقال:
«أين؟ إنها زوجة سموّ الدوق الأعظم.»
ثم واصل وأصدر الحكم.
«تحكم المحكمة على مادي روندينيس بالسجن ثلاث سنوات، مع إمكانية الإفراج المشروط بعد اجتياز ثلث المدّة بمراجعة.»
فتحت مادي التي تنتظر الحكم عينيها مستديرتين.
ثلاث سنوات؟
آلة قتل وحشيّة وثلاث سنوات فقط؟ أليس قليلًا جدًّا؟
لكن جوّ قاعة المحكمة كان مختلفًا تمامًا.
«أعيدوا مــــادي!»
«من سيحمي حيّنا إذا غابت مادي! الأوغاد سيعيثون فسادًا!»
«أعيدوا أختي!»
الذي يبكي ويصرخ في النهاية كان نوكس.
هو مساعد الدوق الاكبر، ما الذي يفعل هنا ويتصرّف هكذا؟
هزّت مادي رأسها مستسلمة وتحرّكت مع الحرّاس نحو عربة السجن.
التعليقات لهذا الفصل " 174"