ارتدت مادي ثوب خادمة فوق قميصها وبنطالها الخفيفين بسرعة لا تُرى، وقالت:
«آه، إذن لا ترتدِه وسرْ في الطريق وأنت تقول: “تعالوا واقبضوا عليّ!”»
«حتى التنكّر بملابس نسائية؟!»
«مجرد خروجك من العاصمة مشكلة بحدّ ذاتها. ماذا ستفعل بشعرك الفضي البرّاق هذا؟ الجميع يعلم أننا تزوجنا اليوم وذهبنا في شهر عسل. بحلول الآن، كل من في القصر يعرف أننا نزلنا في محطة بِرسا. هل نعلن للجميع إلى أين نحن ذاهبون؟ سيكون مريحًا جدًّا لأولئك الأوغاد أن ينقلوا مكان أستريد!»
في النهاية، حمل يوليكيان الفستان دون كلمة ودخل الحمّام.
ثم عاد.
«…كيف أرتدي هذا؟»
كانت مادي تجمع أغراضًا بجدية، فانفجرت ضحكًا عند سماع سؤاله.
يوليكيان واقف يحمل الفستان والباروكة بكلتا يديه بوجه عبوس، بدا لطيفًا بشكل لا يليق بحجمه.
لطيف؟
توقفت مادي فورًا عن الضحك.
«أولًا، اخلع كل ما ترتديه فوق. البنطال يمكنك خلعه بعد ارتداء التنورة.»
«…مادي. اقتليني.»
«هذا بالضبط الطلب الأسرع تنفيذًا الآن، يا زبوني العزيز.»
ابتسمت مادي ابتسامة آلية كمن عمل في خدمة الزبائن عقودًا، وأخرجت من صدرها حبلًا طويلًا.
أمسكته بكلتا يديها وكأنها ستخنقه به في أي لحظة.
ندم يوليكيان على لحظة التفكير في الموت من الخزي، وخلع قميصه مطيعًا.
بان جسده العاري المشدود.
«…آه، قد يكون الفستان صغيرًا. لقد زادت عضلاتك، يا حبيبي.»
«…عادة لا يقال “زادت عضلات”، بل “ازدادت”.»
«همم، يا حبيبي. من تلك الفتاة التي ازدادت لك غيري؟»
كانت مادي في غاية النشوة، حتى عادت لأسلوب كلام لم تستخدمه منذ اختفاء أستريد، واقتربت منه.
ثم أمسكت صدره بكلتا يديها.
انتفض يوليكيان مفزوعًا عند دفء يدي مادي الخافت على ضلوعه، فشهق.
قاست مادي، بلا أي خجل، كتفيه وصدره وضلوعه وبطنه بيديها، كأنها تقارن بين مقاس الفستان وجسده.
وقف يوليكيان يتنفس بصعسر، ممسكًا بالفستان والباروكة، حتى تجاسر أخيرًا وسأل:
«هل الفستان صغير جدًّا عليّ؟ إذا كان هناك غيره سأرتديه.»
«آه.»
نظرت مادي إليه من الأسفل وهي تصدر صوت تعجب صغير.
«لمستك فقط لأن جسمك جميل. حقًا خيالي، يا حبيبي.»
«ابتعدي.»
دفعها يوليكيان بعصبية ودخل الحمّام وأغلق الباب بقوة.
كان أحدهم لا يستطيع التنفس ويردد في رأسه نشيد مملكة لوندينيس،
بينما الأخرى تلمسه دون أي سبب واضح. هو قال لها عدة مرات إنه يحبها.
على أي حال، لا يوجد في رأسها سوى المهمة.
…هل كان عليّ ألّا أتزوج بهذه السرعة؟
كان الأفضل أن أنتظر حتى تدرك مشاعرها بنفسها ثم أتقدّم لها.
«الساعة تك تك من الصباح… تك تك حتى منتصف الليل… لامدا يركب جواده دك دك دك دك.»
تغني مادي أغنية غريبة خارج الباب تحثّه على السرعة، وهي زوجته اعتبارًا من اليوم.
الأمر جميل، لكنه مزعج قليلًا أيضًا.
أرجوك لا تجعلني أندم على حبّي لك.
دعا يوليكيان اله، وأدخل رأسه في الفستان.
كان الفستان صغيرًا بالطبع.
بعد صراع وحده، فتح باب الحمّام وقال بصوت كئيب:
«…مادي، ألا يمكنني السفر مختبئًا في صندوق أمتعة عربة ما؟ الفستان لا يناسبني. أصلًا، لسنا مضطرين للتنكر بهذا الشكل.»
«لا يمكن. يجب أن تتنكر بملابس نسائية بالتأكيد.»
«لماذا؟»
«لأننا سنذهب إلى مكان لا تصله العربات، وأيضًا…»
«وأيضًا؟»
«أريد أن أراك مرتديًا ملابس نسائية. أنا فضولية جدًّا.»
«يااا للعنة.»
همّ يوليكيان بإغلاق الباب بعدما تفوّه بشتيمة خفيفة، فأدخلت مادي يدها بسرعة في الشق.
«كدتِ تُصابين! يدك؟ بخير؟ لم تُعصر؟»
رغم أنه كان غاضبًا قبل ثانية، قلق عليها فورًا.
خوفًا من أن تؤذي يدها.
مع أنه يعلم أنها لن تتأذى.
يا للأحمق.
كتمت مادي دغدغة قلبها مجددًا، ومدّت إليه شيئًا سحريًا.
«…ما هذا؟»
«مشّد.»
«مـشـد؟»
«مشّد أبيض وباروكة يكفيان لنذهب إلى أي مكان.»
ما إن قالت حتى فتحت المشّد الصلب ولفّته حول جذع يوليكيان.
ثم بدأت تشدّ الأربطة بسرعة خاطفة.
«آآآآخ! مهلًا، مهلًا! مادي! مادي!»
«يا حبيبي، تمسّك بالجدار وخذ نفسًا عميقًا!»
«آخ! اللعنة، لا تناديني “حبيبي”!»
يبدو أنها تنكره بالمشّد انتقام من مزاحه السابق.
كان يظنها ستخنقه، لم يتوقع أن تخنق بطنه.
شدّت مادي الأربطة حتى كاد المشّد ينفجر، ثم عقدته.
برز صدر يوليكيان العضلي الواسع من فوق المشّد فبدت أكبر من المعتاد.
نظر يوليكيان إليها بوجه شاحب تمامًا.
«…كدتِ تريدين قتلي للتو.»
«ليس لدينا وقت. هيا، بسرعة بسرعة.»
غطّت مادي رأسه بالفستان في لحظة، ثم أدخلت يدها تحت التنورة.
فكّت حزام بنطاله بسرعة مذهلة دون أن تنظر.
«سأفعلها بنفسي! بنفسي قلتُ! لا تفعلي! مادي!»
دفع كتفيها ووجهه أحمر كالدماء، لكنه بسبب المشّد لم يستطع الانحناء، فلم يتمكن من رفع التنورة المنتفخة ولا فك الحزام.
ارتجف فكّه السفلى من الخزي.
«سأخرج بالبنطال.»
«سيظهر عندما تمشي.»
تذكّر يوليكيان فجأة نوكس وهو يرتدي جوارب بيضاء طويلة وحزام الجوارب تحت تنورة، وأسفل ساقيه العضليتين.
[لا يمكن ارتداء جوارب سوداء سميكة تحت الفستان. تظهر الكاحل قليلًا عند المشي. كل هذا علّمتني إياه اختي مادي بنفسها.]
يا نوكس… كم سنة قضيت تتنكر هكذا حتى أتقنته؟
شعر يوليكيان باحترام عفوي عميق تجاه نوكس.
رفعت مادي يديها إلى الأعلى بجدية وقالت:
«أنا أستطيع تفكيك وتركيب مسدس مغمضة العينين. وأستطيع ركوب حصان مغمضة العينين أيضًا. أقرأ حتى حركة الريح. عندما أفك حزامك لن أمسّ شعرة واحدة من جسدك، ثق تمامًا.»
«…لا تتكلمي فقط.»
غطّى يوليكيان وجهه بكلتا يديه، نظر إلى سقف النزل، وترك نصفه السفلي بين يدي مادي.
التعليقات لهذا الفصل " 126"