انتشرت جملة نوكس «أختي ربّت الطفل لوحدها حتى السابعة» بين الناس كالنار في الهشيم.
«لصاحب السموّ الاكبر … كان لديه طفل؟»
«قبل سبع سنوات… أليس ذلك حين توفّيت السيّدة الكبرى؟»
«كان في حال يسمح له بذلك؟»
«يبدو الكلام غير منطقي.»
«لكنّه يشبهها تمامًا!»
«صحيح، ولمَ تكذب مادي؟ يبدو أنّ صاحب السموّ قضى ليلة معها ثم نسيها.»
«حتى لو، صاحب السموّ لا يمكن أن يفعل هكذا.»
انقسم الرأي إلى فريقين.
فريق يقول «مستحيل أن يقضي صاحب السموّ ليلة مع امرأة ولا يتحمّل مسؤوليّتها»،
وفريق يقول «هذا الطفل الذي يشبهه كثيرًا هو الدليل الحيّ».
السبب في أنّ الناس لم يصدّقوا مادي ليس لضعف تمثيل «عصابة مادي» (مادي ونوكس والموهوب الصغير أستريد الذي ينظر إلى “أبيه” لأوّل مرّة بعيون لامعة)، بل لأنّ يوليكيان عاش حياة نزيهة جدًّا طوال الوقت.
حتى حين كانت حياته مهدّدة، كان يضع شعبه أوّلًا.
من الصعب تصديق أنّ رجلًا كهذا ينسى شخصًا نام معه، فضلًا عن أن يكون هناك طفل.
حتى لو أخفوا وجود الطفل، مستحيل أن ينسى يوليكيان شخصًا اختلط به جسديًّا.
على الأقلّ، يوليكيان الذي يعرفه الناس ليس مغازلاً.
تأفّفت مادي داخليًّا.
«يا لك من رجل يعيش بلا قانون أصلًا.»
احتاجت ضربة أقوى وأوضح.
التأمت عظامها تمامًا، فقامت مادي فجأة من مكانها. نظرت إلى يوليكيان بعيون دامعة وقالت بحزن.
«لم أعد أستطيع أن أتجاهل أستريد وأحلم بمستقبل سعيد معك…فلنعد كلٌّ إلى مكانه الآن.»
كأنّها ستذهب فعلًا، أمسكت يد أستريد وسحبته إليها أكثر.
دفع يوليكيان نوكس الذي يمسك ياقته وصرخ.
«ما هذا الكلام؟! الزفاف بعد أيّام فقط! بالكاد حصلنا على إذن الكبار…»
«كنتُ أنوي إخبارك قبل أن تصل الأمور إلى هنا! بل كنتُ أتمنّى أن تتذكّرني بنفسك.»
رفعت مادي يدها إلى جبينها كأنّها تكبح دموعها ونظرت إلى السماء.
ثم خرجت من شفتيها الحمراوين كلمات فاحشة.
«ظننتُ أنّك على الأقلّ ستتذكّر تلك الليلة الحارّة التي ملأ كلّ منّا حضن الآخر…»
«الطفل يسمع يا أختي! هل جننتِ؟!»
ركض نوكس مسرعًا، حمل أستريد وبعد عن المكان.
هذه الجملة على الأقلّ كانت صادقة.
ما إن ابتعد نوكس بأستريد، زادت مادي من حدّة التمثيل.
انهارت على ركبتيها على الأرض بقوّة.
«أووه، هقهق… هقهق!»
«…مادي؟»
«أووووه! أوووه! أوووه!»
لم تقل كلمة واحدة، فقط أصوات بكاء مرعبة.
كانت تقول ليوليكيان: «تكلّم أنت الآن بما يناسب».
بعد أشهر من الشراكة في النصب، حان الوقت ليردّد على الأقلّ “كتاب الألف حرف”.
تظاهر يوليكيان بالغضب الشديد وفقدان السيطرة على مشاعره.
تنهّد تنهيدة عميقة كأنّ صدره مخنوق، ثم مرّر يديه على وجهه وقال بصوت عالٍ.
«لمَ لا تقولين الحقيقة؟! هذا الطفل ابنك!
هذا الطفل الجميل ابنك، لمَ لا تعترفين؟!»
«كيف أقول وأنا بهذا الوضع؟!»
صرخت مادي في الوقت المناسب تمامًا.
«لك، أنت الذي لا تتذكّرني! كيف أخبرك أنّ لديّ طفلًا؟! أنت أرشيدوق، وأنا… مجرّد متسوّلة من حيّ الفقراء! كيف أقول ذلك؟!
مجرّد خطوبتنا جعلت الناس يثرثرون عنك!
فكيف لو علموا بوجود طفل …؟!»
«سأتحمّل أنا ذلك! كان يجب أن تخبريني!
اللعنة… سبع سنوات وأنتِ تربّين “ابني” وحدك…»
سقطت دموع مادي الكبيرة كجواهر، ثم وقفت ببطء.
«خطأي أنّني لم أستطع نسيانك. كان يجب أن أرحل منذ زمن.»
التعليقات لهذا الفصل " 109"