بناءً على كلامه، تراجعت كورنيليا خطوة إلى الخلف وقالت
“ما هذا العرض الذي يبدو كاعتراف؟”
“إنه اعتراف بالفعل.”
“على أي حال، لقد تأكدتُ الآن أنك شخص غريب الأطوار.”
“لكنني سأشتري منك بأعلى سعر دائمًا.”
أعلى سعر!
“ليس هناك قانون يمنع الشخص الغريب الأطوار من أن يكون تاجرًا جيدًا.”
كورنيليا غيّرت موقفها بسرعة.
“على أي حال، التعامل مع إيدان سيكون مريحًا. لن أضطر إلى التجوّل هنا وهناك لبيع البضائع، وسأربح أموالًا طائلة أيضًا.”
برّرت لنفسها اختيارها هذا.
“لقد اتخذتِ قرارًا جيدًا.”
همس إيدان وكأنه يشاركها سرًّا خاصًّا
“إذا واصلتِ التعامل معي، يمكنني فتح باب التجارة أمامكِ مع شخصيات بارزة، مثل جلالة الإمبراطور نفسه.”
“هاه؟!”
شهقت كورنيليا بفزع.
هل يقصد الإمبراطور هايدن سنو، ذلك المجنون في الرواية الأصلية؟!
ارتبكت لدرجة أنها صاحت دون تفكير:
“الإمبراطور؟! سأبتعد عنه بكل تأكيد!”
عندها، تغيّرت ملامح إيدان. بدا وكأنه تفاجأ، لكن عينيه كانتا تقولان شيئًا آخر. نظرة باردة كالخنجر جعلت كورنيليا ترتجف للحظة، قبل أن يسألها:
“ولماذا ذلك؟ هل لأن سمعته سيئة؟ هل تصدّقين الشائعات السيئة عنه أيضًا؟”
شعرت كورنيليا بالذعر.
بغض النظر عن كونه تاجرًا، لا ينبغي لها أن تتحدث بسوء عن الإمبراطور أمامه. لا أحد يعلم كيف قد تنتقل هذه الكلمات، وقد ينتهي بها الأمر في مأزق خطير.
‘خاصة أنه بنفسه أشار إلى أن لديه صلات مع الإمبراطور…’
عضّت شفتيها ثم هزّت رأسها سريعًا
“أنا… أعلم أن جلالة الإمبراطور ليس كما يشاع عنه بأنه شخص مستهتر.”
بل هو أكثر جنونًا مما تصفه الشائعات.
ذلك المعتوه وقع في حب كورنيليا بعد لقاء عابر.
لو كان رجلًا طبيعيًا، لكان قد اعترف بمشاعره وسعى إلى علاقة رسمية.
لكن ما فعله كان شيئًا مختلفًا تمامًا…
أشياء لا يمكن حتى وصفها بالكلمات…
تصرفات جريئة وخطيرة، مليئة بالأفعال التي لا تليق إلا برواية للكبار فقط.
“لكنني ذات سمعة سيئة، وإن علم الناس أنني تعاملتُ مع جلالته، فقد يسيء ذلك إليه.”
تعمّدت كورنيليا أن تبدو قلقة وهي تقول بحزم:
“لهذا السبب، لن أقابل جلالة الإمبراطور أبدًا، ولن أسمح حتى لظلي بأن يتقاطع مع ظله!”
عندها، ضحك إيدان بصوت خافت.
“لم أكن أعلم أنكِ مواطنة بهذه الدرجة من الإخلاص.”
ثم، وهو لا يزال مبتسمًا برضى واضح، أخرج من جيبه صكًّا ماليًّا وقدّمه لها.
“إذن، ما البضاعة التي ستُباع اليوم؟ سأدفع لكِ أكثر بعشر مرات من قيمتها.”
ظل إيدان يحدق طويلًا في الظلام حيث اختفت كورنيليا.
عندها، ظهر شخص من خلفه، فخاطبه إيدان قائلًا:
“هل أوصلتَ التعليمات إلى فالون جيدًا؟”
“نعم، أمرته بحماية الآنسة كورنيليا بهدوء حتى تصل إلى منزلها بأمان.”
كان هذا الرجل أحد أقرب مساعدي إيدان.
تردد قليلًا قبل أن يفتح فمه قائلًا:
“جلالتك…”
عندها، تحوّلت نظرات إيدان – لا، بل هايدن سنو – إلى برودة حادة.
“ألم أقل لك أن تناديني ‘سيدي’ عندما نكون في الخارج؟”
“أعتذر، زلة لسان.”
“إذن، ماذا كنت تريد أن تقول؟”
“لماذا تلتقي بتلك الفتاة شخصيًّا؟ إنها ليست ذات سمعة حسنة.”
“أنا أيضًا لستُ ذو سمعة حسنة.”
قال هايدن بتهكم، ملامحه الوسيمة ينعكس عليها ضوء القمر حتى في الظلام.
“لكن كل ذلك مجرد افتراءات!”
“في رأيي، تلك الفتاة أيضًا قد تم الافتراء عليها.”
“ماذا؟”
“على أي حال، انتهى هذا الحديث. لا تتحدث عنه مجددًا. تلك الفتاة، كورنيليا آيريس… سأتولى أمرها بنفسي.”
ثم ارتسمت على شفتيه ابتسامة خبيثة قبل أن يستدير.
حان وقت العودة إلى القصر.
إذا تأخر أكثر، فقد تكتشف الإمبراطورة الأم أمر خروجه المتخفي.
وعلى الرغم من أنه كان موقفًا يستدعي التوتر، إلا أن خطواته كانت خفيفة على نحو غير متوقع.
“أنا… أعلم أن جلالة الإمبراطور ليس كما يشاع عنه بأنه شخص مستهتر.”
“وماذا تظنين أنكِ تعرفين عني؟”
تساءل هايدن في داخله، لكن رغم ذلك، لم تفارق الابتسامة شفتيه.
كلما عرف المزيد عن كورنيليا آيريس، زاد اهتمامه بها.
كان يظنها فتاة تافهة غارقة في الحب، لكنه أدرك أنها تمتلك نظرة ثاقبة لا بأس بها.
رغم وضعها المتزعزع، لا تزال تفكر حتى في سمعة الإمبراطور الطائش.
“هل سبق أن وُجد شخص مثله بين رجالي؟”
لا، لم يكن هناك أحد.
كورنيليا آيريس كانت الأولى.
تذكر فجأة شيئًا آخر قالته.
“لهذا السبب، لن أقابل جلالة الإمبراطور أبدًا، ولن أسمح حتى لظلي بأن يتقاطع مع ظله!”
كلماتها كانت قاطعة تمامًا.
ولسبب ما، شعر هايدن برغبة جامحة في التحدي.
“إن كانت ترفض لقائي بهذا الشكل… فلا بد أن أجعلها تلتقيني أكثر!”
قال ذلك لنفسه بحزم.
بعد بضعة أسابيع
“هل تقولين إنكِ اشتريتِ هذا الشيء القيّم مقابل خمسة لوران فقط؟”
سأل هايدن وهو يحمل بين يديه قطعة صغيرة من الحجر.
“نعم، لم يتقدم أحد للمزايدة عليها. ولكن انظر إلى هذا.”
ضغطت كورنيليا على بعض الأحرف المنقوشة على الحجر بترتيب معين، فظهر فوقه ضوء شفاف رسم هيئة كاملة للحجر بلغة قديمة، وكأنه هولوجرام.
“كيف تمكنتِ من…؟!”
“كنت مهتمة بالآثار القديمة منذ صغري، لذا كنت أشتري كل ما يلفت نظري.”
ثم أضافت مبتسمة:
“وبالطبع، اشتريت بعض الأشياء عديمة الفائدة أيضًا.”
بالطبع، فعلت ذلك عمدًا. لو اشترت فقط الآثار ذات القيمة المخفية، لكان من السهل أن تثير الشكوك، مهما حاولت تبرير الأمر.
“حسنًا، سأشتري هذا أيضًا.”
ناولها هايدن صكًّا ماليًّا يحمل رقمًا فلكيًا.
حاولت كورنيليا جهدها ألا تُظهر دهشتها.
“إذن، سنلتقي مجددًا في المستقبل.”
“لا.”
قالت كورنيليا بحزم.
رفع هايدن حاجبًا باستغراب.
“لماذا؟”
“سأتوقف عن حضور المزادات.”
“لماذا هذا القرار المفاجئ؟”
“لم أعد مهتمة بذلك. لذا، هذه آخر معاملة بيننا.”
“فقدتِ اهتمامكِ، هاه…”
“لذلك، لا تفكر حتى في القدوم إلى قصر آل آيريس للإصرار على التعامل معي!”
قالت كورنيليا وهي تحدق به بجدية.
ابتسم هايدن ساخرًا.
“أنا رجل لديه أخلاق في التعاملات التجارية. لن أفعل شيئًا كهذا.”
“جيد، هذا مريح.”
نظر إليها هايدن مطولًا، مما جعلها تشعر بالارتباك.
“لِم… لِم تنظر إليّ هكذا؟”
“إذاً، هذا يعني أن لقاءات كورنيليا آيريس مع إيدان قد انتهت.”
“نعم، حتى لو كان الأمر مؤسفًا، لا يمكنني التراجع عن قراري.”
“فهمتُ. إذن، اعتنِ بنفسكِ.”
كان وداعه مفاجئًا بسلاسته.
كانت تتوقع أن يتمسك بها قليلًا، لكنه لم يفعل.
“أوه… حسنًا! اعتنِ بنفسك أيضًا!”
قالت ذلك بسرعة ثم استدارت واختفت في الظلام.
قبل أن يغيّر رأيه، كان عليها أن تغادر بأسرع ما يمكن.
ورغم الظلام، شعرت بشعور غريب من الأمان.
لم تصادف حتى سكيرًا واحدًا، ناهيك عن أي قطاع طرق.
لكنها لم تعد بحاجة إلى المخاطرة بعد الآن.
“لقد جمعت ما يكفي من المال من المزادات.”
حان وقت الانتقال إلى المرحلة التالية.
“بهذه الثروة، أستطيع شراء ‘تلك الأرض’ وتطويرها.”
وكان لديها ما يكفي من المال لبناء قصرها الخاص في الريف أيضًا.
“كل ما علي فعله الآن هو شراء الأرض وتأمين مصدر دخل دائم لحياتي.”
مما يعني أنها لن تضطر لرؤية إيدان مرة أخرى.
رغم أنها ستفتقد وجهه الوسيم…
“ولكن يجب أن أنهي الأمور بوضوح.”
أرسلت وداعًا صامتًا لإيدان في قلبها، دون أن تعلم أنها ستراه قريبًا مرة أخرى.
“أه… أُغ…”
في مكان ما، سُمعت أصوات أنين متألمة، وأنفاس متقطعة لكنها لم تنقطع تمامًا.
أدرك فينسنت بلاك، دوق بلاك، أن تلك الأصوات كانت تخرج منه هو.
ثم تدفقت الذكريات في ذهنه…
قبل أن يفقد وعيه، كان قد ارتكب أمرًا شنيعًا.
“استللتُ سيفي واندفعتُ لقطع كل شيء أمامي كما لو كنتُ في نوبة جنون… ثم انهرت.”
لأنه شعر أن دمه كان يغلي داخل جسده، وكأنه سيموت إن لم يفعل.
“مرة أخرى… نوبة الجنون.”
تنهد بيأس.
“هل سينتهي بي الأمر بالموت هكذا؟”
في هذه اللحظة، التقطت أذناه حديثًا بين بعض الخدم.
“أنت جديد هنا، لذا لا تعرف، لكنه سينهض قريبًا وكأن شيئًا لم يحدث.”
“حقًا؟ بعد كل هذه الفوضى؟”
“لكن عاجلًا أم آجلًا، سيصاب بنوبة أخرى. لم يعد بشرًا حتى.”
“إنه أشبه بالوحش. ربما سيكون من الأفضل لو مات…”
“هاه؟”
قبل أن يكمل الخادم جملته، تجمّد مكانه.
كان فينسنت قد نهض بصمت، ووجّه سيفه نحوه، بنظرة قاتلة.
التعليقات لهذا الفصل "10"
و اخيرا ظهر البطل التالت و يلي مش مستريحتله