الفصل 8
لم أستطع إبعاد عينيّ عنه، فوبّختُ نفسي داخليًا، عندما سمعتُ صوت آين بجانبي.
” أنتِ منحرفةٍ، يا آيليت.”
نظر إليّ آين بحزن وتمتم، فنفتُ بيديّ.
“ما هذا الكلام!”
“أنا أيضًا لستُ سيئًا.”
بينما كنتُ أمنع آين من خلع قميصه ليتباهى بجسده، شعر سييت بوجودنا، فاستدار وابتسم بسعادة.
“لقد عدتِ، أيتها الطبيبة. من هذا الرجل بجانبكِ؟”
“آه، إنّه آين. في الحقيقة، اكتشفتُ أنّه سوين ثعلب.”
“سوين… ثعلب؟”
بدت على سييت دهشة كبيرة. لمس جبهته وقال:
“في ذاكرتي، السوين نادرون جدًا. سمعتُ أنّهم يمتلكون قدرات استثنائيّة، ويحتاجون إلى تدريب قاسٍ للوصول إلى ذلك.”
فرفع آين ذقنه بفخر وقال:
“صحيح. لقد مررتُ بكلّ ذلك. أنا من سلالة مميّزة بين الثعالب.”
“سلالة مميّزة؟”
“شيء من هذا القبيل.”
وجدتُه لطيفًا، فداعبتُ ذقنه.
“حسنًا، حسنًا، أحسنتَ، يا آين.”
“…أنا أكبر منكِ، يا آيليت.”
“كيف تعرف عمري؟”
“أنتِ في التاسعة عشرة، وأنا أكبر بسنة!”
بينما كنتُ أتجادل مع آين، سعَل سييت.
أدركتُ حينها أنّ سييت يشعر بالإحراج، فهرعتُ إليه.
تحدّث سييت دون أيّ خجل:
“امدحينني أيضًا. نظّفتُ المنزل وقطّعتُ الحطب.”
مديح؟
يا إلهي، هؤلاء الرجال، حقًا.
“نعم، نعم، أحسنتَ، يا سييت. لكن لمَ قطّعتَ كلّ هذا الحطب؟ هل أنتَ بخير.”
بصراحة، كان الصيف لا يزال مستمرًا، فلا حاجة للحطب، فسألتُ متعجبة. ابتسم سييت بلطف وقال:
“يجب الاستعداد للشتاء مسبقًا. دعيني أساعد.”
“أنا أيضًا سأساعد، إذا احتجتِ.”
تطوّع آين أيضًا.
“لا، سييت، آين، لكن…”
“هل أزعجكِ تصرّفي هكذا؟”
بدت على سييت نظرة حزينة، وتذمّر كجروٍ يتوسّل.
“أريد أن أكون مفيدًا لكِ، أيتها الطبيبة.”
يا إلهي، كلب كبير يتصرّف بتدلّل! احمرّ وجهي وتراجعتُ.
“لا، ليس كذلك! أنا فقط ممتنّةٌ جدًا!”
“إذا كان الأمر كذلك، دعيني أساعد. أنا سعيد جدًا هكذا.”
“لكنّك مريض. جسدكَ لا يزال…”
نظرتُ إلى نافذة حالته، وتفاجأتُ.
[؟؟؟ (24 عامًا): تعافى تقريبًا. نافذة الحالة ستختفي قريبًا (الطاقة: 90/100)]
ماذا؟
كيف يتعافى إنسان بهذه السرعة بعد كلّ تلك الإصابات في يوم واحد؟ ضحكتُ بدهشة.
تحدّث آين أوّلًا:
“سييت تعافى تقريبًا، أليس كذلك؟”
“صحيح، يا سيد سوين الثعلب.”
“نادِني آين.”
“حسنًا، آين. وأنتَ نادِني سييت.”
عندما تحدّث سييت بأريحيّة، رفع آين حاجبيه.
“تتحدّث بأريحيّة، وهذا يزعجني نوعًا ما.”
“وما المشكلة؟”
ردّ سييت بلا مبالاة، فزمجر آين.
لمَ يتصرّفان هكذا؟
كانا ودودين عندما كان آين ثعلبًا، لكن الآن كإنسانين، يبدوان غير متّفقين.
وقفتُ بينهما وقُلتُ:
“سييت، يبدو أنّك تشعر بخفّة كبيرة الآن. لقد تعافيتَ.”
“صحيح؟ آه…”
فجأة، نظر سييت إليّ بحذر وقال متردّدًا:
“ألن تطردينني لأنّني تعافيتُ؟ أيتها الطبيبة، أنا… ذاكرتي لم تعد بعد، وسأكون في ورطة إذا غادرتُ الآن…”
“اطرديهِ. من الآن فصاعدًا، سأتولّى الأعمال الشاقّة، يا آيليت.”
هدّأتُ آين، الذي كان يتمتم ويحثّني.
“هش، اهدأ.”
“هيي، يا آيليت.”
“همم، ماذا أفعل؟”
“أيتها الطبيبة…”
ابتسمتُ بعينين ضيّقتين، أفكّر في مضايقتهِ.
فجأة، ركع سييت وتشبّث بي.
اتّسعت عيناي مذهولة.
ما هذا!
ثمّ بدأت عيناه تدمعان.
“أيتها الطبيبة!
عندما أستعيد ذاكرتي، سأدفع لكِ بسخاء. أرجوكِ، أبقيني لبعض الوقت!
سأطبخ، وأغسل الملابس، وأنظّف، وأقطّع الحطب، وأفعل كلّ ما تأمرين به!”
“حسنًا، حسنًا! سييت، انهض!”
فزعتُ وأنا أرفع الرجل الذي يتشبّث بي ويبكي، واضطررتُ لتهدئته لفترة.
“هذا تمثيل، تمثيل!”
غضب آين مذهولًا، لكن بالنسبة لي، بدا سييت حزينًا حقًا، فشعرتُ أنّني يجب أن أهدّئه.
وعلى أيّ حال، لم يكن لديّ مشكلة في إبقاء سييت.
دبّوس الياقوت الذي أعطاني إيّاه كان يبدو ثمينًا جدًا، يكفي لإعالتي لسنةٍ دون خسارة.
وعلاوة على ذلك، كنتُ أعيش بمفردي كفتاة، فكنتُ قلقة، لكن وجود رجل قويّ مثل سييت لحمايتي كان مريحًا.
‘آين موجود أيضًا، لكن اثنان أفضل من واحد، أليس كذلك؟’
إذا استمرّ الأمر هكذا، يمكنني إرسال سييت عندما يستعيد ذاكرته، أو إذا لم يفعل، يمكننا الذهاب معًا إلى العاصمة وفتح عيادة. ذلكَ ليس فكرةً سيئة.
مددتُ يديّ إلى سييت وآين.
“حسنًا، دعونا نعيش معًا بسعادة من الآن فصاعدًا.”
“شكرًا!”
“حسنًا، لمَ لا.”
ابتسم سييت وآين بسعادةٍ.
لم أستطع إلّا أن أبتسم مع ابتسامتهما الوسيمتين بطريقتهما الخاصّة.
وهكذا بدأت حياتنا المشتركة، أنا وسييت وآين.
* * *
{ إمبراطوريّة لويلز، العاصمة. }
{ قصر لويريتا الإمبراطوري. }
كان رجل ذو شعر ذهبيّ يجلس على العرش في قاعة الاستقبال الفاخرة، يمسك ذقنه ويستمع إلى تقرير.
“الدوق الأكبر مفقود؟”
“نعم، جلالتكَ.”
فرك الإمبراطور إدوين ذقنه بعبوس.
فشلٌ آخر؟
للقضاء على أيّ تهديد لعرشه، أرسل أفضل القتلة لقتل أخيه الأصغر، الدوق الأكبر بيريارت، بما في ذلك قتلة مستأجرون من الخارج.
لكن أن يعودوا دون العثور على جثّته، فقط مع أخبار اختفائه؟
‘هذا مزعج حقًا.’
أغمض عينيه ببطء.
كان إدوين يكره أخاه دائمًا.
منذ الصغر، كان سيرفيل متفوّقًا عليه، لكنّه لم يرغب أبدًا في أن يكون وليّ العهد.
هذا الموقف الخالي من الطمع في العرش جعل إدوين أكثر قلقًا.
عندما توفّي الإمبراطور السابق، غادر سيرفيل القصر بهدوء بعد حصوله على لقب الدوق الأكبر، ممّا أثار استياء إدوين أكثر.
لأنّ الناس أشادوا به كمثال للنبلاء. كلّ ذلك أثار غيرته.
لذا قرّر قتله، ليختفي من عالمه تمامًا.
لكن أن يختفي بهذه الطريقة؟
إذا اختفى، لا يمكن التأكّد من موته.
‘هف.’
غارقًا في القلق، قرّر إدوين، الذي لا يستطيع تأكيد حياة أو موت الدوق، التركيز على تعزيز هيبته من خلال أحداث أخرى.
“هيّا.”
“نعم.”
“استدعِ القدّيسة يوربيلا.”
كان تعبيره هادئًا.
“جهّز موكبًا وعرضًا رسميًا مع القدّيسة للشعب.”
“نعم، جلالتكَ.”
بمظهرهِ الملائكيّ، وشعرهُ الذهبي وكذلكَ عينيهِ، كان يحظى بإعجاب الشعب.
لكن لتعزيز دعم الشعب أكثر، كان عليه إقامة فعاليّات رسميّة مع القدّيسة الجميلة مثله.
لذا خطب يوربيلا.
رغم أنّه لا يحبّها.
يتظاهر بالحبّ.
ألقى الإمبراطور إدوين بكلمات قاسية من شفتيه الجميلتين:
“ابحثوا عن جثّة الدوق الأكبر بأيّ ثمن. إنّه عنيدٌ جدًا.”
“نعم، جلالتكَ.”
انطلق فريق الإمبراطور السريّ للاغتيال بسرعةٍ، يخطّطون للبحث في العاصمة من جديد.
ربّما نجا الدوق ويختبئ ليهاجم الإمبراطور. يجب العثور عليه بسرعة.
* * *
ثم مرّ شهرٌ.
اعتدنا على نمط حياتنا الخاص.
“همم، سييت، هذه العشبة تُزرع فقط. هل يمكنكَ حراثة حقل؟ فقط 30 مترًا في 30 مترًا أمام المنزل.”
“بالطبع.”
أجاب سييت بحماسٍ.
أمسك سييت بالفأس، وقد تعافى تمامًا، وأصبح مزارعًا متكاملًا بالفعلِ.
التعليقات لهذا الفصل " 8"