“يقولون إنّ الإمبراطور فسخ الخطوبة بسبب نزوة؟”
“من يمكن أن تكون أجمل من قدّيستنا؟”
“لا أصدّق.”
“يا للقدّيسة المسكينة.”
كانت هذه الهمسات صحيحة، لكن سماح يوربيلا والكاهن الأعلى رتّبا بنشر هذه الشائعات بهذه الطريقة، جعل يوربيلا تبدو مثيرة للشفقة.
مشيت يوربيلا بتعبير هادئ عبر الرواق الطويل الجميل.
توقّفت أمام مكتب البابا.
أخذت نفسًا عميقًا وأشارت إلى الفارس المقدّس ليفتح الباب.
“أهلاً، يا قدّيسة.”
قبل لقاء البابا، كان الكاهن الأعلى ينتظرها في الغرفة الوسطى.
كان وجهه مظلمًا، لا يزال يلفّ أطراف أصابعه بالضمادات بعد فقدان أظافره.
“هل أنتِ بخير؟”
أجابت يوربيلا بهدوء:
“أنا بخير.”
تنهّد الكاهن الأعلى وهزّ رأسه:
“ومع ذلك، من حسن الحظ أنّ جلالته عرف بأخطائنا وأنهى الأمر بفسخ الخطوبة فقط.”
“حسن الحظ؟”
“أليس كذلك؟ أن كاهن يرتكب مثل هذه الأفعال.”
“… سأدخل.”
لم تُرد يوربيلا سماع المزيد من توبيخه، فمشيت نحو الباب الضخم لمكتب البابا الحقيقي.
كان إدوين حازمًا عندما قرّر معاقبتهما على خطف آيليت والمسرحية التي دبّراها.
وفرض عقوبة غير متوقّعة: فسخ الخطوبة.
بانتهاء الخطوبة، اختفى شرف أن تصبح يوربيلا جزءًا من العائلة الإمبراطورية، وعادَت قدّيسة عادية.
كانت عقوبة رحيمة وقاسية في آن.
تمرّدت يوربيلا على إدوين:
“لمَ فسخ الخطوبة؟ هل سئمتَ منّي؟”
“لم أحبّكِ منذ البداية، يوربيلا. أنتِ تعلمين.”
“…!”
“ظننتُكِ ورقة مفيدة، لكنكِ تبيّنتِ عديمة القيمة.”
تحت صدمة كلمات إدوين الباردة وهو يبتسم، لم تجد يوربيلا ردًا، فتسلّمت أمر الفسخ وطُردت.
لا يمكن أن يحدث هذا.
كيف أُطرد هكذا؟
صرّت على أسنانها.
طق طق.
“قداستكَ، أنا يوربيلا.”
طرقت الباب الضخم لمكتب البابا.
بعد فترة، أجاب صوت رجل عميق:
“ادخلي.”
“حسنًا.”
دفعت الباب الثقيل، فظهر البابا المسنّ في منتصف المكتب الفخم، يرتدي رداءً أبيض مزيّنًا بقماش أحمر، جالسًا على كرسيّه.
ابتلعت يوربيلا ريقها متوترة، وانحنت لـ تحيتهِ:
“أحيي قداستكَ.”
“أغلقي الباب.”
“… حسنًا.”
“أغلقي الباب.”
كلماتٌ مرعبة.
أغلقت يوربيلا الباب الثقيل بيدين مرتجفتين.
أشار البابا لها بالاقتراب.
اقتربت ببطء، لكن قبل أن تستوعب، تلقّت صفعتين متتاليتين.
طق! طق!
دار رأسها.
لكن السقوط يعني المزيد من الضرب، فصرّت يوربيلا على أسنانها وصمدت.
حدّق بها البابا بنظرة غاضبة، وصرّ على أسنانِه:
“أتُسمّين نفسكِ قدّيسة وتُقدمين على أفعال غريبة بدافع الغيرة؟”
“أنا آسفة.”
“وهكذا خسرتِ مقعد الإمبراطورة! ما الذي تفعلينهُ؟”
طق!
صفعة أخرى.
هذه المرة، انفجرت شفتها وسال الدم.
كان بإمكان قوّتها المقدّسة شفاؤها فورًا، لكن ذلك سيُغضب البابا أكثر.
وقفت يوربيلا بهدوء، تُخفي يديها خلف ظهرها، مطأطئةً رأسها.
تنهّد البابا مرارًا:
“ما هذا العمل! بسبب فسخ خطوبتكِ، ستنخفض تبرّعات إلى النصف! كيف ستُصلحين هذا؟”
“أنا آسفة. على الأقل، سأجعل الدوق بيريارت رفيقي.”
“هه! الدوق بيريارت؟ هل هذا ممكن؟”
قالت يوربيلا بهدوء، لكن البابا أصدر صوتًا ساخرًا:
“لهذا السبب القدّيسات من العامّة! لا تعليم، عيونهنّ على الرجال فقط! أحضري ‘لمسة البركة’، سأجعلكِ تستفيقين!”
“قداستك، أرجوكَ، ليس ذلك!”
توسّلت يوربيلا، لكن البابا ذهب بنفسه وأحضر السوط المعلّق على الحائط.
ارتجفت يوربيلا.
كانت تُضرب كثيرًا في مراهقتها، لكن بعد خطوبتها لإدوين، توقّف السوط.
هل يبدأ مجددًا؟
شخ!
“آه!”
“الإله!”
شخ!
“آخ!”
“منح قوّةً ليتيمة مثلكِ!”
شخ!
“فعملي بجدّ للمعبدِ، لا هذا الهراء!”
ركعت يوربيلا من ألم تمزّق الجلد.
شخ!
“هك!”
“سأجعلكِ تستفيقين!”
شخ!
كان الألم شديدًا لدرجة أنّها لم تعد تصرخ.
بينما كانت الدموع تتدفّق بصمت، احمرّت عيناها، وسال الدم من شفتيها المعضوضتين.
‘لو كنتُ فقط نبيلة مثل تلك الفتاة!’
صرخت داخليًا، ملومة آيليت التي سلبَت اهتمام إدوين وسيرفيل.
وُلدت يوربيلا وتُركت أمام دار الأيتام.
بسبب جمالها، عوملت معاملة خاصة من مدير الدار الذي خطّط لبيعها في الظلام عندما تكبر، مما جعلها منبوذة بلا أصدقاء.
كانت حياتها وحيدة وجحيمية.
في سنّ العاشرة، استيقظت فتاة دار الأيتام المسكينة كقدّيسة، ومنذ أن أُخذت إلى المعبد الكبير، بدأ جحيم آخر.
ظنّت أنّ المعبد سيمنحها حياة مريحة.
لكن البابا، لإزالة عادات العامّة، عذّبها بعنفٍ شديد.
وكان يُجبرها على شفاء جروحها بقوّتها المقدّسة.
كان ألمًا مروّعًا مستمرًا.
ومع ذلك، كان عليها زيارة القصر واللقاء بالأمراء بلا كللٍ.
بأناقة وجمال، كأنّها هكذا دائمًا.
أيّ خطأ يعني المزيد من السوط، والتمرّد يعني سوطًا شائكًا، فلم يكن بيد يوربيلا الصغيرة شيء.
كانت يوربيلا وحيدة وحزينة.
لذا أرادت امتلاكَ الجميع.
ولم تُسامح من يسرقون منها أحبّاءها.
الكاهنات اللواتي يخدمنها، الإمبراطور، الدوق بيريارت، الكاهن الأعلى…
حتى البابا.
كان طمعها في الناس كبيرًا.
‘تلك الفتاة، هي من سلبَت كلّ شيء.’
بعد فترة من الألم، خرجت يوربيلا من غرفة البابا، تجاهلت الكاهن الأعلى الذي تظاهر بعدم رؤية حالتها، وشفَت جسدها بالقوّة المقدّسة.
لفّتها قوّة مقدّسة هائلة، فلم يعد جسدها يؤلمها، لكن قلبها كان ممزّقًا بالفعل.
شعرت بالوحدة.
ما الذي بقي لي؟
رفضها الرجل الذي أحبّته، وفُسخت خطوبتها، والآن يبدو أنّ البابا تخلّى عنها.
‘هل انتهى كلّ شيء؟’
غيّرت يوربيلا ملابسها الممزّقة، وفكّرت، ثم نزلت دون وعي إلى قبو المعبد الكبير.
”قدّيسة، هناكَ شيطان في القبو .”
”آه! مخيف!”
“‘لا تنزلي أبدًا.”
”لن أذهب، لن أذهب!”
قصّة روتها كاهنة رعَتها في طفولتها.
هل هي حقيقية؟
أعمق قبو.
المكان الذي يُقال إنّ قدّيسة وفارسًا ختما فيه شيطانًا عالي المستوى.
إلى هناك.
قيل إنّ الشيطان يشتهي القوّة المقدّسة للقدّيسة ليأكلها.
طالما لديها قوّتها المقدّسة، لن يتخلّى عنها الشيطان.
ارتفع زاوية فم يوربيلا.
تتبّعت شيئًا يريد قوّتها المقدّسة، وبعد أكثر من ساعة في متاهة القبو المليئة بالأدوات الشريرة، وجدت شيطانًا مختومًا.
حيّته بلطف، وصبّت فيه قوّتها المقدّسة:
“مرحبًا؟”
فتح الشيطان المختوم عينيه الحمراوين ببطءٍ.
* * *
“قالوا إنّ جلالة الإمبراطور حجز متجر لوموند للأزياء.”
“… المتجر الذي يصنع ملابس العائلة الإمبراطورية فقط.”
“نعم. لم يصنعوا فستانًا للقدّيسة، فهذه أول مرة يصنعون ملابس امرأة منذ الإمبراطورة الراحلة.”
أثناء استعدادي للخروج، أخبرتني السيدة أوليفيا بما اكتشفته.
كنتُ عامّية، فلم أعرف الكثير عن متاجر الأزياء الراقية، لكن لا يوجد عامّي لا يعرف لوموند.
متجر حصري للعائلة الإمبراطورية، يديره مصمّم لا يعمل من أجل المال.
لا يصنع ملابس إلا لمن يحملون اسم العائلة الإمبراطورية، وأعلنوا رفضهم لصنع ملابس للقدّيسة غير المتزوّجة، متجر بكبرياء يصل إلى السماء.
لكن لمَ يصنعون ملابسي؟
هذا محرجٌ!
‘أليس عليهم معاملة الجميع بالتساوي؟’
(ميري : أنا مرارتي انفقعت خلاص بس ودي امسكهم وكل واحد شتايم بكبر رأسه !!!)
التعليقات لهذا الفصل " 50"