يا للجنون!
فزعتُ بشدّةٍ.
لم أرَ رجلًا مصابًا بهذا السوء من قبل، وعبارة “سيموت خلال ساعة” أثارت رعبي.
“مرحبًا! استيقظ!”
هززتُه وحاولتُ إيقاظه مرّة أخرى، لكنّه كان فاقدًا للوعي تمامًا. كم هو حجم إصاباته؟
لعلاجه بشكل صحيح، كان يجب نقله إلى المنزل، لكن وزنه كرجل بالغ فاقد للوعي كان ثقيلًا جدًا، ولم أستطع أنا، كامرأةٍ نحيفةَ، نقلهُ بمفردي.
فضلًا عن أنّ هذا الرجل كان أطول وأضخم من الرجال العاديّين، ممّا جعل نقله أكثر صعوبةً.
“آه، بحقّ! ماذا أفعل؟”
بحثتُ عن حلّ وأنا في قلق، ثمّ قرّرتُ معالجته هنا، ووضعتُه على ظهره بجهد.
في خضمّ ذلك، كان المذهل أنّ الثعلب ساعدني كثيرًا بسحب ملابس الرجل أثناء محاولتي وضعه بشكل صحيح.
“شكرًا!”
كان الثعلب صغير الحجم، لكنّه قويّ وذكيّ بشكل مذهل.
“ثعلبي الرائع.”
“كونغ.”
“يجب أن نختار اسمًا لثعلبي. لكن أوّلًا… العلاج… آه!”
نظرتُ إلى وجه الرجل بعد وضعهِ على ظهرهِ، فغطّيتُ فمي مندهشة.
‘يا إلهي، إنّه وسيم جدًا!’
ملابسه كانت فاخرةً، وملامحه المنحوتة بدقّة جعلته يبدو كممثّل.
لم أرَ في حياتي شخصًا بهذا الجمال، فكنتُ مفتونةً.
“كونغ كونغ!”
سحب الثعلب تنّورتي كأنّه يوبّخني على تشتّتي.
“آه، صحيح، صحيح.”
“كونغ!”
‘نعم، ليس هذا وقت الإعجاب.’
أدركتُ أنّ هذا ليس وقت الإعجاب بوجهه، فهززتُ رأسي لأستعيد تركيزي ونزعتُ معطفه.
‘واو…’
كما رأيتُ، كان جرح الكتف هو الأسوأ، وكانت إصاباتهُ الأخرى خطيرةً أيضًا.
هل خاض معركة ما؟
لكن بدا الأمر وكأنّه تعرّض لهجوم أحاديّ الجانب وليس معركة.
ومع ذلك، كان محظوظًا. لقد انهار في حقل أعشاب بيريتا، والتقى بي.
سحقتُ الأعشاب التي جمعتُها ووضعتُها على جروحه، ثمّ تفحّصتُ المنطقة.
لم يكن يحمل سلاحًا، ربّما فقده، ولم أجد أيّ شيء يدلّ على هويّته، ممّا أثار إحباطي.
لم يكن لديه حتّى بطاقة هويّة مهما بحثتُ.
والأغرب كان ذلك الجزء.
في نافذة الحالة، كان اسمه مكتوبًا كـ[؟؟؟]. لم أرَ شيئًا كهذا من قبل.
حتّى الثعلب بلا اسم كان مكتوبًا كـ”ثعلب”، فلمَ لم يُكتب هذا الرجل على الأقل كـ”رجل بشريّ”؟
أمّا تومي، فقد عُرض اسمه الحقيقيّ منذ البداية.
“يا للغرابة، نافذة الحالة. لمَ تتصرّفين هكذا؟”
تمتمتُ وأنا أحدّق في النافذة، متسائلة إن كان هناك خطأ، لكن لم يتغيّر شيء مهما نظرتُ.
بينما كنتُ أفعل ذلك، تذكّرتُ أنّ الوقت المتبقّي له ينفذ، فجمعتُ المزيد من أعشاب بيريتا القريبة.
هذه المرّة، جمعتُ حجارة وسحقتُ الأعشاب ووضعتُها على جروحه المختلفة.
تساعد عشبة بيريتا على وقف النزيف ومنع تفاقم الجروح.
“جيّد، الأمر يسير بشكل جيّد.”
كنتُ أتصبّب عرقًا، لكنّني لم ألاحظ ذلك وأنا أعالجه.
“يا ثعلب، ابقَ هنا وأحرسهُ.”
“كونغ؟”
“سأذهب إلى المنزل بسرعةٍ!”
بعد الانتهاء من الإسعافات الأوليّة، طلبتُ من الثعلب حراسته، وركضتُ إلى المنزل لأحضر أعشابًا أخرى، وخيوطًا، وإبرًا.
‘بسرعة!’
منذ ذلك الحين، كان الأمر سباقًا مع الزمن. لم ألاحظ ملابسي المبلّلة بالعرق، وعندما عدتُ، كان الرجل لا يزال فاقدًا للوعي، ومؤشّر قواه لم يتحرّك.
‘كم جروحهُ عميقةٌ؟…’
استغرقتُ وقتًا طويلًا لخياطة جرح الكتف الضخم بعناية ولفّه بالضمادات.
عندها ارتفع مؤشّر الطاقة بمقدار +5. تنفّستُ الصعداء.
‘بحذر.’
ببطء، خيطتُ جميع الجروح بعناية وغطّيتها بالضمادات.
لكن المؤشّر كان لا يزال 15/100. الجانب الإيجابيّ هو أنّ وقت الوفاة زاد إلى ثلاث ساعات.
كان الرجل لا يزال فاقدًا للوعي، وأطرافه السوداء جعلتني أتأكّد أنّه مسموم.
‘يحتاج إلى تطهير. سأصنع مضادًا للسمّ وأطعمه إيّاه.’
قبل العودة إلى المنزل، قلتُ للثعلب:
“يا ثعلب، احرسه مجدّدًا. مفهوم؟ هذه المرّة سأستغرقُ وقتًا. إذا جاء من يهدّده، عضّهم.”
“كونغ.”
أومأ الثعلب وتظاهر بالعضّ.
تأكّدتُ أنّه يفهم كلامي بالفعلِ.
‘حسنًا، ثعلب عاش عشرين عامًا لديه الوقت الكافي ليصبح مخلوقًا خارقًا. لكنّه ذكيّ جدًا، أليس كذلك؟’
استغربتُ من ذكاء ثعلبي، لكنّني هرعتُ إلى المنزل.
صنعتُ مضادًا أساسيًا للسمّ، وعدتُ إلى حقل بيريتا حيث كان الرجل.
“هاف، هاف.”
كان الليل قد حلّ.
كنتُ مرهقةً، لكن الرجل، مضاءً بضوء القمر، كان مستلقيًا يتنفّس بصعوبة، يحارب للبقاء على قيد الحياة.
“ها، ها، ها.”
بدت ملامحه الوسيمة أكثر وسامة تحت ضوء القمر بجانب الثعلب الفضيّ.
حتّى في حياتي السابقة، لم أرَ ممثّلًا بهذا الجمال. كان أنفه وجبينه وعيناه مثاليّةٌ حسب ذوقي.
‘أفكّر في مثاليّتي وأنا أعالج مصابًا في هذا الموقف…’
وبّختُ نفسي وحاولتُ إيقاظ الرجل مجدّدًا.
“هيّا، استيقظ. يجب أن تشرب هذا لتعيش.”
“أوه…”
بدأ الرجل، الذي كان صامتًا، يُصدر أنينًا. لكنّه لم يفتح عينيه ولم يبدُ قادرًا على ابتلاع مضادّ السّم.
“مرحبًا!”
مهما ناديتُ، لم يستعد وعيه. تردّدتُ، ثمّ تنهّدتُ.
‘يبدو أنّني سأطعمه الدواءَ بفمي.’
حان وقت التضحية بقبلتي الأولى. لا، تبًا، إنها ليس قبلةً. هذا إجراء طبيّ.
لم يكن هناك خيار آخر.
ملأتُ فمي بمضادّ السّم، وضعتُ شفتيّ على شفتيه، وفتحتُ فكه ليبتلعه.
شعرتُ مضادّ السّم، ممّا أثار إحساسًا غريبًا.
“كيي، كيي.”
أصدر الثعلب أصوات أنين بجانبي. يا ثعلب، هذا ليس لإرضاء رغبتي. إنّه إجراء طبيّ…
شعرتُ بالذنب لأنّ أصوات الثعلب بدت وكأنّها توبّخني، ففكّرتُ في نفسي.
حاولتُ تجاهل شعوري ، مذكّرة نفسي أنّ هذا إجراء طبيّ، وابتعدتُ عن أيّ أفكار غير لائقة.
في البداية، سكب الرجل بعض مضادّ السّم، لكنّه بعد ذلك، كأنّه عطش، بدأ يبتلعه بنهمٍ.
“آه!”
“ها.”
أصدر الرجل تنهيدة كأنّها صرخة.
رفعتُ رأسي لأتفقّد حالته. كانت عيناه مغلقتين، لكن بدا أنّ مضادّ السّم ينتشر في جسده بسرعة.
‘نجحت!’
ابتسمتُ وأنا أنظر إلى نافذة الحالة.
ارتفع المؤشّر بسرعة إلى 50/100!
“ياهوو!”
صحتُ فرحًا، وملأتُ فمي بمضادّ السّم مجدّدًا واقتربتُ من شفتيه.
“كينغ كينغ.”
لكن الثعلب تدخّل بيننا، كأنّه يمنعني من إطعامه المزيد.
أملتُ رأسي متسائلة.
“ما الخطب، أيها الثعلب صغير؟”
“كييي!”
كأنّه يقول لا تطعميه فمًا لفم. داعبتُ رأس الثعلب لتهدئته.
“يجب أن أنقذه. لا يمكننا إطعامهُ الا هكذا، أليس كذلك؟”
“كينغ.”
فجأة، بدا الثعلب كأنّه اتّخذ قرارًا، وبدأ يُصدر ضوءًا من عينيه وجسده.
هل أرى شيئًا خاطئًا؟
ثمّ انكمش الثعلب، كأنّه يستعدّ للتحوّل، لكنّني لم أفهم.
“أوه…”
في تلك اللحظة.
فتح الرجل، الذي كان فاقدًا للوعي، عينيه ببطء، وتقابلت نظراتنا.
كانت عيناه ذهبيّتين كالذهب.
“ماذا؟”
فزعتُ وابتلعتُ مضادّ السّم عن طريق الخطأ.
“أين أنا…؟”
تحدّث الرجل بصوت خافت بعد تعافٍ سريع.
[؟؟؟ (24 عامًا): جرح مفتوح، خدوش، طعنات، عضّات، تمزّقات، حروق، تحت العلاج، سيموت إذا لم يستمرّ العلاج (الطاقة: 55/100)]
أمال الثعلب رأسهُ و اقترب منّي.
لحسن الحظ، تمسّك الرجل بحياتهِ بعنادٍ.
التعليقات لهذا الفصل " 5"