بفضل آين، أدرك سيرفيل مشاعره، لكنه وقع في صراع داخلي.
كان يشعر بالجنون.
أراد فتح الباب وسحب آيليت بعيدًا عن آين.
كانت آيليت حزينة جدًا.
عندما عانقها وهي تبكي بسبب رحيل آين، بذل جهدًا كبيرًا لتهدئة قلبهِ الخافق بقوة حتى لا يُسمع.
حتى في هذا الموقف، كافح للحفاظ على رباطة جأشه وسط عطر شعرها الرائع.
لكن…
“لديكَ حبيبة، لكنني بكيتُ أمامكَ، فاضطررتَ لتهدئتي. لن يحدث مجددًا. أنا آسفة.”
الفتاة التي يحبّها تعتقد أنّ لديه حبيبة.
أنكر ذلك بحزم، لكن سوء الفهم العنيد لم يُحلّ، مهما كان السبب.
كان ذلك يُجنّنه.
* * *
في اليوم التالي، عاد سيرفيل فعلاً.
“مرحبًا.”
كنتُ أتعافى بسرعة، وكنتُ جالسة على الطاولة أتدرّب على السحر مع جدّي، عندما جاء سيرفيل حاملاً حلويات من متجر شهير بين النبيلات: ماكرون وتارت.
“أهلاً، يا سمو الدوق.”
“… أهلاً.”
حيّيته بهدوء، متجنّبة عينيه.
‘آه، من الأفضل عدم النظر إليه.’
شعرتُ بالاكتئاب وأنا أرى سيرفيل، الذي بدا أكثر أناقة اليوم.
بعد إدراكي، شعرتُ أنّني مغرمة به أكثر.
أم أنّ عدم النظر يزيد الشوق، وهو من أعراض الحبّ بلا مقابل؟
نعم، ربما الأفضل رؤيته كثيرًا حتى أصبح غير مبالية.
أليس هناك قول: “تحمّل الضربة أولاً”؟
بعد هذا التفكير الإيجابي، نظرتُ إليه فجأة ورحّبتُ بحماس:
“مرحبًا، سمو الدوق!”
تفاجأ سيرفيل بردّي المبالغ فيه:
“ما الخطب؟”
“أهلاً بكَ في قصر لهير!”
“… مخيف.”
تأفّفتُ.
حتى لو لم أُسمَع كلمة “جميلة”، فكيف يشعر من يُقال له “مخيف” من حبّه الأول؟
حتى الترحيب يُسبّب المشاكل.
تذمّرتُ داخليًا وجلستُ، فنظر إليّ سيرفيل وأصدر صوتًا باللسان:
“قلتِ إنّكِ توقّفتِ عن البكاء، لكن يبدو أنّكِ بكيتِ طوال الليل.”
“صحيح، يا سموكَ، قلب هذا الجدّ ممزّقٌ وحفيدتهُ هـكذا.”
شعرتُ بالإحراج من نظرات الرجلين، فأدرتُ رأسي وصفّرتُ.
‘آه، حقًا، هذا محرج.’
قبل النوم أمس، تذكّرتُ آين وبكيتُ كثيرًا.
عشنا معًا في متجر الأعشاب لعامين، وتعلّقتُ به.
كيف لا أبكي بعد كلّ هذا؟
لذا كانت عيناي حمراء ومتورّمتان.
بالتأكيد، عاد آين بأمان إلى عالم الثعالب، لكن لا ضمان أنّه سيعود لزيارتي.
عدم معرفتي بمكان عالم الثعالب وانقطاع الاتصال زاد من حزني.
كان هذا حزنًا مختلفًا عن بداية حبّي بلا مقابل.
وبصراحة، بكيتُ أيضًا لأنّ حبّي الأول بلا أمل.
‘حبّ مستحيل.’
احتمالُ صفر بالمئة.
كانت ليلة حزينة من كلّ النواحي.
لكن هذا الرجل جاء لمواساتي كالعادة، كأنّ شيئًا لم يكن.
“جربيها، قالوا إنّها من مكان شهير.”
وضعت الخادمات الحلويات الملوّنة التي أحضرها على الطاولة، وكانت جذابة لقلوب النبيلات.
فقلتُ بصراحة:
“جميلة.”
“هكذا قالوا.”
“همم، حسنًا، لديّ عمل، سأغادر.”
نهض جدّي فجأة وغمز لي سرًا.
يا إلهي!
جدّي، إلى أين؟
يبدو أنّه يترك المكان لأجل علاقتنا، لكن هذا خطأ!
‘لن يحدث!’
لكن جدّي، المهووس بحفيدتهِ، خرج بسرعة، وتُركتُ مع سيرفيل وحدنا مجددًا.
آه.
موقف مشابه للأمس، محرجٌ وغريب.
لكنني شخصية ثانوية تقاوم الوحدة والحزن والإحراج، فلن أخاف.
قطّعتُ تارتًا بالشوكة وقلتُ بحماس:
“كعك الحمضيات لذيذ جدًا. جرب واحدًا.”
“كلي أنتِ. لا أحبّ الحلويات.”
“همف.”
تذمّرتُ.
كره الحلويات لأبطال القصص، أليس كذلك؟
أم أنّ الأشرار يكرهونها أيضًا؟
بينما كنتُ أفكّر، سأل سيرفيل متردّدًا:
“هل الرجال الذين يكرهون الحلويات غير جذابين؟”
“ماذا؟ حسنًا… من الأفضل أن يأكلوا.
آين يحبّ الحلويات، كنتُ أستمتع بشراء الحلوى له.
كنا نذهب لأكل الكعك معًا…
الحديث عن هذا يجعلني أفتقد آين.”
آين الخاص بي.
كان يأكل الحلويات يوميًا ويرفض الطعام كطفل، فكم وبّختهُ على ذلكَ.
الآن، الرجل الذي يكره الحلويات يبدو أفضل.
هززتُ رأسي، فأمسك سيرفيل الشوكة وقطّع قطعة من تارت الحمضيات وأكلها.
“همم…”
بدت تعابيره سيئة، يبدو أنّه يكره الحلويات حقًا.
ضحكتُ بصوت عالٍ لأنّ تعبيرهُ مضحك:
“ههههه!”
آه، لطيف جدًا.
شعرتُ بالظلمِ وأنا أبرّر لـنفسي من الطبيعي أن أشعرَ :
لا، سيرفيل وسيم بطبيعته!
انظروا، هو وسيم دائمًا!
بينما كنتُ أضحك وسط اضطراب داخلي، نظر إليّ سيرفيل وابتسم:
“تضحكين جيدًا. هذا جيد.”
آه، تلك الابتسامة.
الابتسامة الدافئة التي أظهرها في الجبال، تلك الليلة تحت النجوم.
شعرتُ فجأة أنّ الدموع ستتدفّق.
اشتقتُ لتلك الأيام…
لم نملك شيئًا، لكن لو أستطيع العودة، سأفعل.
إلى الأيام التي لم أعرف فيها شيئًا، عندما كنّا سعداء.
“لمَ تحدّقين هكذا؟”
“لأنّكََ وسيم.”
“ماذا؟”
“أدركتَ الآن؟ لمَ تتفاجأ؟”
ضحكتُ، فاحمرّ وجهه قليلاً من الإحراج.
لطيف.
يبدو باردًا، لكن هذه البراءة ربما جذبت يوربيلا.
شعرتُ بألم في قلبي.
ظننتُ أنّ قضاء الوقت معه سيجعلني معتادة عليه، لكن حبّي بلا مقابل يزداد فقط.
ماذا أفعل؟
“آيليت.”
“ماذا؟”
كان صوته الرقيق حلوًا جدًا، فأجبتُ بخشونة عمدًا.
مال سيرفيل برأسه قليلاً، ونظر إليّ، ثم تحدّث:
“لمَ أنتِ متشنّجة؟
هل أنتِ غاضبة منّي؟
إذا كان هناك شيء، قولي.
سأصلحهُ.”
عندما تحدّث بتواضع.
شعرتُ بانفعال.
“لمَ أنتَ ليّن هكذا؟”
“ماذا؟”
“أنتَ دوق أكبر!
يجب أن تغضب إذا تحدّثتُ هكذا.
مكانتكَ أعلى بكثير، يجب أن تعاقب من يجرؤ على الكلام بوقاحة معكَ.
ما هذا؟”
“آسف، لكنني لا أغضبُ.”
هزّ كتفيه وابتسم بلطفٍ:
“معكِ، أنا كذلك.
يمكنني مسامحتكِ على كلّ شيء، طالما لا تهربين.”
“…هرب؟”
“لمَ؟
هل تخطّطين لذلك؟”
نظر إليّ بنظرة ساخرة وهو يرفع كوب الشاي، ثم شرب ووضعهُ جانبًا:
“لا تذهبي، آيليت.”
كانت نبرته هادئة، لكن عينيه متوسّلتين، فشعرتُ بانقباض في قلبي.
لمَ يتحدّث هكذا؟
كأنّه يحبّني.
لمَ يجعلني أتوهّم، بقسوة؟
أمسكتُ طرف فستاني تحت الطاولة، وابتسمتُ بصعوبة:
“لن أذهب.
لديّ الحفل الأول، ومع جلالة الإمبراطور كشريكٍ، إلى أين سأهرب؟”
“… نعم، دعينا نتحدّث عن ذلك.”
تحوّلت عينا سيرفيل إلى حادّتين.
لمَ تحول هكذا؟
مخيف.
“ألغي هذا القرار الآن.
إذا كان من الصعب قوله، اطلبي منّي.
سأتحدّث نيابةً عنكِ.”
لكنني رفضتُ:
“لا بأس.
إنّه مجرّد شريك لبضع ساعات، لا شيء.”
“حذّرتكِ مسبقًا.
إنّه شخص خطير للاقتراب منه.”
“سمعتُ، لكن لا دليل.”
وقفنا في مواجهة حادّة.
بالطبع، كنتُ أثق بسيرفيل، لكن قول شيء بدون دليل كان خطيرًا جدًا.
“آيليت، لمَ تتصرّفين هكذا؟”
التعليقات لهذا الفصل " 48"