لا أعرف إن كان الحظ قد حالفني، أم أنّ مهاراتي الطبيّة كانت ممتازةً حقًا، لكن تومي بدأ يتعافى تدريجيًا.
“ها… الحمد لله.”
كان تومي على وشك عبور نهر الموت، لكنّه استعاد قواه حتّى وصل مؤشّره إلى 60/100.
شعرتُ بالارتياح أخيرًا.
‘كدتُ أفقد صوابي.’
لكن بعد يومين من السهر في منزله، كنتُ مرهقةً تمامًا.
بعد تفقّد حالة تومي، شعرتُ أنّه يمكنه الآن التعافي بجهدهِ وبمساعدة الأطبّاء المحليّين، فقرّرتُ مغادرة منزله.
أو بالأحرى، حاولتُ المغادرة.
لكن حشدًا هائلًا من الناس وقف في طريقي، يمنعني من الرحيل.
“لا، لا يمكن! أيتها الطبيبة آيليت! الطبيبة!”
“لا ترحلي!”
“ابقي في القرية! هذه أمنية رئيس القرية العجوز! أوه، ضغط دمي مرتفع وسأموت قريبًا!”
كان رئيس القرية ومجموعته.
“ما هذا؟ ههه.”
ضحكتُ باستغرابٍ.
“بوهوهو، أنا أتعثّر كثيرًا مؤخرًا وأشعر بالإعياء…”
“سيدي رئيس القرية، ألم تحمل والدتك على ظهركَ؟”
“…أهم.”
عند كلامي، سعَل رئيس القرية وأشاح بنظرهِ.
كان رئيس القرية رجلًا طويلًا وقويًا وعضليًا، لا يبدو أنّه يعاني من أمراض مثل ارتفاع ضغط الدم.
“حسنًا، لكن وجود طبيبة مثل الآنسة آيليت في القرية يريح البال.”
“صحيح، سيكون أكثر أمانًا للآنسة آيليت أن تبقى هنا.”
“لكن…”
خدشتُ خدّي وأنا أنظر إلى هؤلاء الذين يحاولون إقناعي بقلب واحد.
‘هذا محرج.’
كانوا جميعًا متّحدين في محاولة إبقائي في القرية لأنّني أنقذتُ تومي من الموت.
بالطبع، العيش في القرية مع الناس وسهولة الحصول على الأغراض كان أكثر راحة ومتعة من العيش بمفردي في الجبل.
‘لا يمكن.’
لكنّني كنتُ قلقةً.
بسبب القصّة الأصليّة.
إذا بقيتُ في هذه القرية الصغيرة وفتحتُ عيادة، فقد ألفت انتباه أحد أتباع الدوق الشرير يومًا ما، وأنتهي بكوني طبيبتهُ الخاصّة.
‘مهما فكّرتُ، هذا هو المسار الوحيد. كيف يمكن لفتاة تعيش في قرية نائية مثلي أن تصبح طبيبة دوق؟’
لذا، البقاء في هذه القرية لم يكن قرارًا يمكن اتّخاذه بسهولة.
حتّى لو فتحتُ عيادة، يجب أن يكون في مكان مزدحم مثل العاصمة حيث يمكنني الاختباء دون لفت الانتباه.
شعرتُ بالأسف لرفض طلبهم، لكنّني هززتُ رأسي بحزم.
“من يحتاج إلى علاج، يمكنه زيارة منزلي. يجب أن أعتني بالمنزل الذي تركتُه فارغًا، وأدرس، وأجفّف الأعشاب.”
“لكن، طبيبة، من فضلك…”
أمسك رئيس القرية بذراعي، فانتفخت عضلات ساعده.
يا له من رجلٍ عنيد! هززتُ رأسي بحزم.
“قراري نهائيّ.”
“لكن من الصعب جدًا العثور على منزلكِ. عندما نصعد، نتوه.”
بكى رئيس القرية.
ها هو ذاك الكلام مجدّدًا.
صعوبة العثور على منزلي. لماذا يقولون ذلك؟ هل هناك سحر ما؟
‘بما أنّني أرى نافذة الحالة، فمن المحتمل أن يكون هناك سحر.’
قرّرتُ أن أكتشف هذا السرّ بأيّ طريقة، ورفضتُ بأدب طلب أهل القرية بالبقاء، وأخبرتُهم أنّني سأعود إلى الجبل.
“آيليت!”
“آيليت!”
“آه!”
لم يتركوني إلّا بعد أن وعدتُهم بزيارة القرية بشكل متكرّر.
بفضل إنقاذي لتومي، حصلتُ من أهل القرية على الكثير من الخبز، اللحم، ونبيذ العنب.
‘أناس طيّبون.’
قبل العودة إلى الجبل، مررتُ لتفقّد حالة تومي، فقال لي بحذر:
“طبيبة، آسف لأنّني قلتُ إنّكِ غبيّة في البداية.”
يا له من لطيف. كان مضحكًا وهو يعتذر بخجلٍ ووجهه محمرّ.
“قل لي أختي. أنا صغيرةٌ.”
بما أنّ آيليت في التاسعة عشرة، أليس من المناسب أن يناديني تومي بالأخت؟
عندما تحدّثتُ بقسوة وهززتُ شعر تومي، سألني متردّدًا:
“لكن، هل حقًا تلقّيتِ موهبةً؟ هل تتعاملين مع الأشباح؟ كيف عرفتِ اسمي؟”
نظرتُ إلى تومي الذي يحدّق بي بعيون متلألئة بالفضول، واختلقتُ عذرًا.
“…سمعتُ إشاعة أنّكَ ستصبح أذكى طفل في القرية. أشباح؟ لا شيء من هذا.”
“حقًا؟ هل سأصبح ذكيًا؟”
احمرّ وجه تومي. يا له من لطيف.
لم تعد نافذة الحالة تظهر فوق رأسه. لقد ابتعد تمامًا عن الموت، لذا اختفت النافذةُ بسبب ذلكَ.
“اعتنِ بنفسك. سأراكَ لاحقًا.”
ابتسمتُ وغادرتُ منزل تومي.
صعدتُ الجبل وسط وداع أهل القرية الحارّ.
‘هذا سهل جدًا.’
يكفي أن أصعد مباشرة وأنعطف يمينًا ليظهر كوخي الخشبيّ.
لماذا يقولون إنّه من الصعب العثور عليه؟
عندما عدتُ إلى المنزل، جلستُ على الطاولة، أسندتُ ذقني، وفكّرتُ.
‘هناك بالتأكيد خدعة أو سحر.’
لكنّني لم أعرف ما هو.
ربّما فعلها والدي، لينكين، الذي توفّي بالفعل، لكن الموتى لا يتكلّمون، فكان الأمر أكثر غموضًا.
من المؤكّد أنّ والدي لم يكن رجلًا عاديًا. هل كان ساحرًا؟ لماذا عاش في هذا الجبل النائي؟
‘لا يهم. هذا في صالحي على أيّ حال. سحر يجعلني بعيدة عن أعين الناس.’
هززتُ كتفيّ، وفكّرتُ أنّ هذا ليس سيئًا، ثمّ دخلتُ المنزل. أيّ مكان أفضل من هذا لفتاة تعيش بمفردها؟
بصراحة، آيليت كانت فتاة جميلة ذات شعر بيج فاتح قريب من الأشقر وعيون بنفسجيّة، بجسد صغير يثير غريزة الحماية.
لو كانت فتاة مثلها تعيش وحيدة في الجبل دون أيّ حماية، لكنتُ متأكّدة أنّ مصيبة ما كانت ستقعُ لها.
‘لحسن الحظّ.’
أومأتُ برأسي، نظّفتُ الغبار المتراكم في المنزل، رتّبتُه، ثمّ خرجتُ إلى الجبل لملء صندوق الأعشاب الذي استنفدتُه لعلاج تومي.
في طريقي لجمع الأعشاب، التقيتُ بالثعلب الفضيّ. هزّ ذيله.
“كينغ كينغ!”
“أوه، أيها الثعلب.”
فرح الثعلب برؤيتي، لعق يدي وذقني. بالنظر إليه، كان فراؤه الفضيّ اللامع مميّزًا حقًا.
‘إنّه مخلوقٌ خارق حقًا.’
شعرتُ أنّه إذا وقع في يد صيّاد، فقد يُسلخ جلده أو يواجه مصيرًا مروّعًا.
“يا ثعلب، لماذا لا تعيش في منزلي؟ أنا قلقة عليك. سأحميك.”
“كونغ كونغ!”
كانت نافذة الحالة تقول إنّه في العشرين، لكن بجسده الصغير وحركاته المليئة بالتعلّق، بدا كأنّه في الثانيةِ من عمره.
أومأ الثعلب برأسه وهزّ ذيله كأنّه يفهمُ.
كان ذلك موافقة.
ابتسمتُ.
“حسنًا، جيّد. هل نذهب معًا؟ نفدت الأعشاب للتو.”
“كونغ!”
حملتُ السلّة وانطلقتُ مع الثعلِب.
نفدت الأعشاب الأساسيّة، وكان من الواضح أنّه إذا ظهر مريض، سيكون من الصعب علاجه.
لحسن الحظ، كانت عشبة بيريتا متوفرة بكثرة هنا، فجمعتُها بعناية وملأتُ السلّة.
كنتُ أجمع الأعشاب بمفردي في وحدةٍ، لكن مع الثعلب، شعرتُ بالسعادة.
كأنّه يحرسني، أو كأنّه عائلتَي.
“حالة الأعشاب جيّدة اليوم. وحالة يدي جيّدةٌ أيضًا، آه… هم؟”
بينما كنتُ أنظر إلى الأرض وأجمع الأعشاب، كدتُ أقطع إصبعًا، ففزعتُ وسقطتُ على الأرض.
“آه، يا للرعب!”
رفعتُ رأسي، فرأيتُ رجلًا طويلًا ضخمًا ملقى على الأرض وسط أعشاب بيريتا.
فتحتُ فمي مذهولة.
‘هل هو جثّة؟’
ما هذا الذي يحدث؟
لكنّني لم أستطع البقاء مذهولةً.
كان الرجل مغطّى بالدماء، وجرح في كتفه بدا خطيرًا للغاية.
استعدتُ رباطة جأشي و اقتربتُ منه.
“مرحبًا، مرحبًا!”
“كونغ كونغ!”
مهما صفعتُ خدّيه وهززتُه، بدا فاقدًا للوعي، وكان النزيف شديدًا.
لحسن الحظ، بدا على قيد الحياة.
في تلك اللحظة، ظهرت نافذة حالة فوق رأسه مع صوت رنين.
[؟؟؟ (24 عامًا): جرح مفتوح، خدوش، طعنات، عضّات، تمزّقات، حروق، سيموت خلال ساعة إذا لم يُعالج (الطاقة 10/100)]
‘ماذا؟’
التعليقات لهذا الفصل " 4"