بما أنّني كنتُ بحاجة إلى البقاء على قيد الحياة، فقد احتجتُ إلى وضع خطط متعدّدة.
كان هذا المكان مليئًا بكتب الطبّ والأعشاب، ويبدو أنّ آيليت كانت موهوبةً في مجال الطبّ.
قرّرتُ أن أقرأ هذه الكتب كلّها، ثمّ أذهب إلى العاصمة لأفتتح عيادة صغيرة أعالج فيها الناس وأكسب عيشي.
العاصمة المزدحمة بالناس هي المكان المثالي للاختباء، لذا بدت هذه خطّة جيّدة.
‘لفتح عيادة صغيرة، لا أعتقد أنّني بحاجة إلى شهادة طبيبة، أليس كذلك؟’
إذا سُجّلت شهادة، سيسجّل اسمي، وقد يجذب ذلك انتباه الدوق، وهذا خطر. لا يمكنني التأكّد.
‘لحسن الحظّ، هذا العالم الذي انتقلتُ إليه مليء بالثغرات.’
تنفّستُ الصعداء.
لكنّني شعرتُ ببعض الظلم لأنّني، حتّى بعد انتقالي، يجب أن أستمرّ في الدراسة، ويبدو أنّني الوحيدة التي تفعل ذلك.
في حياتي السابقة، كنتُ طالبة أدرس بجدّ لامتحانات القبول…
لا، الآخرون ينتقلون إلى شخصيّات شريرات ثريّات، أو ساحرات قويّات، أو شخصيّات مميّزة ذات خلفيّات مرموقة.
‘لماذا أنا فقط من انتقل إلى شخصيّة عاديّة وعليّ أن أدرس مرّة أخرى؟’
الأمر الأكثر حزنًا هو أنّني، حتّى في هذه الحياة، بلا عائلة… بعد أن نشأتُ في دار أيتام وعشتُ بمفردي في غرفة صغيرة، كنتُ أتمنّى بصراحة أن أجد عائلة.
لكن حتّى هذا الطلب لم يتحقّق.
‘ هذا قاسٍ جدًا.’
نظرتُ حول الكوخ الوحيد وتنهّدتُ.
“تشه.”
شعرتُ ببعض الوحدة، فتمتمتُ قليلًا، ثمّ أخرجتُ كتابًا عن التشريح وبدأتُ أدرس.
“همم…”
لم يكن الموضوع سهلًا لأنّه جديد عليّ، لكن بما أنّني اعتدتُ الدراسة في حياتي السابقة، لم أجد الجلوس على كرسيّ والدراسة أمرًا صعبًا جدًا.
‘هم.’
لكن كلّما تعلّمتُ عن العلاج، شعرتُ أكثر بأنّني بحاجة إلى أشخاص أو حيوانات للتدرّب عليهم.
‘لن ينجح الأمر هكذا.’
لذلك، قرّرتُ معالجة الحيوانات المصابة وتوجّهتُ إلى الغابة.
عندما دخل هواء الغابة المنعش إلى رئتيّ، شعرتُ بالسعادةِ.
“رائع.”
اعتدتُ الآن على المشي بين الأشجار الخضراء والشجيرات المورقة في جبل الصيف النابض بالحياة.
لقد مرّت ثلاثة أشهر منذ انتقالي وعيشي بمفردي في الجبل. وأنا أمشي بسهولة في الجبل، ضحكتُ معَ نفسي.
‘أنا وحدي هنا، كأنّني أصوّر برنامجًا عن الحياة في الطبيعة.’
تذكّرتُ برنامجًا تلفزيونيًا من حياتي السابقة، وابتسمتُ وأنا أمشي، عندما رأيتُ ثعلبًا فضيًا يرتجف على الأرض بالقرب من الوادي.
‘يا إلهي.’
لم يمضِ وقت طويل منذ خروجي حتّى وجدتُ حيوانًا، وثعلبًا مصابًا على وجه الخصوص!
هرعتُ لتفقّد حالته. كان فراؤه الفضيّ ساحرًا وعيناه الزرقاوان جميلتان، ممّا يجعله هدفًا مثاليًا للصيّادين.
“هل أنتَ بخير؟”
“أوه، كرر.”
أصدر الثعلب أنينًا وصوت تحذير في الوقت ذاته.
بعد أن ظلّ يحذّرني لبعض الوقت، انهار من الإرهاق.
عندما فحصتُ الثعلب الذي يتنفّس بصعوبة، لم يبدُ أنّه أصيب من صيّاد، بل بدا أنّه عضّه وحش، ثمّ هرب وركض حتّى انهار.
في تلك اللحظة:
[الثعلب (20 عامًا): جرح بَسبب العضَ، سيموت خلال 3 ساعات إذا لم يُعالج (الطاقة: 70/100)]
باك!
“…؟!”
فجأة، ظهرت نافذة حالة مربّعة أمام عينيّ وأنا أركض نحو الثعلب.
حدّقتُ في النافذة شبه الشفّافة مذهولة، ثمّ تراجعتُ مفزوعة.
‘ما هذا؟’
كانت تبدو كشاشةِ لِعبة.
لم أكن ألعب الألعاب كثيرًا، لكنّني أدركتُ على الأقل أنّ هذه النافذة تُظهر حالة الثعلب بالكلمات.
“جرح بَسبب العضَ،؟ الموت خلال ثلاث ساعات؟”
“أوه، كرر.”
مهمة كنتُ في حيرةٍ، فـأنّ الثعلب أكثر أهميةٌ الآز.
“تحمّل قليلًا.”
أخرجتُ بسرعة مسحوق الأعشاب والضمادات التي أحضرتُها مسبقًا وبدأتُ بمعالجة ساق الثعلب.
“كيي…”
“هادئ.”
عندما عقّمتُ ساقه، تجهّم من الألم، لكنّه لم يقاوم وبدا أكثر طواعية ممّا توقّعتُ.
بفضل ذلك، تمكّنتُ بسهولة من وضع مسحوق الأعشاب ولفّ ساقه بإحكام بالضمادة.
“انتهيتُ.”
واجهتُ حيرةً.
انتهت المعالجة، لكنّني لم أستطع ترك الثعلب الذي لا يزال غير قادر على الحركة.
لذا، لم يكن أمامي خيار سوى حمله وأخذهِ إلى المنزل.
“هل عمرك عشرون عامًا؟”
“كيي.”
“حتّى الثعالب لها عمر طويل.”
أومأ الثعلب برأسه كأنّه يجيب، ثمّ غفا سريعًا.
بعد أن أحضرتُه إلى المنزل، تركتُه يرتاح وقدّمتُ له الطعام، فبدأت نافذة حالته تتغيّر تدريجيًا.
[الثعلب (20 عامًا): يتعافى من جرح عضّي، نافذة الحالة ستنتهي قريبًا (الطاقة: 90/100)]
مع اقتراب الطاقة من 100، بدا الثعلب يمشي جيدًا.
يبدو أنّ الطاقة تتطابق مع حالته الصحيّة.
هل تعني “نافذة الحالة ستنتهي قريبًا” أنّها ستختفي عندما يصبح بصحّةٍ جيّدة؟
لكن لماذا أرى هذه النافذة؟ هل يراها الجميع في هذا العالم؟ أم أنّها خاصّة بمن يعالجون الناس أو الحيوانات؟
كانت لديّ تساؤلات كثيرة، لكن لم يكن لديّ إجابات واضحة الآن.
‘لا أعرفُ.’
العيش بمفردي في الجبل جعلني غير قادرة على معرفة ما هي هذه النافذة بالضبط.
‘لا يمكنني البقاء في الجبل هكذا. يجب أن أنزل إلى القرية وألتقي بالناس.’
عزمتُ أمري، وبدأتُ أستعدّ للنزول إلى القرية مع تجهيز الثعلب للعودة إلى الغابة.
“هيّا نأكل.”
“كانغ كيانغ.”
بعد بضعة أيّام، تعافى الثعلب تمامًا ووصل مؤشّرهُ إلى 100، لكنّه لم يبدُ راغبًا في مغادرتي، فكان يدور حولي، يلعق خدّي، ويظهر تعلّقًا بي.
يا له من مخلوقٍ لطيف.
من سيظنّ أنّ هذا الثعلب شرسٌ؟ بعد أيّام من التفكير في أنّني سأفتقده إذا غادر، فجأةً اختفى.
‘كان يمكن أن يودّعني على الأقل.’
شعرتُ بالحزن والوحدة وأنا أنظر إلى المكان الذي كان ينام فيه، وتنهّدتُ.
منذ ذلك اليوم، لم يظهر الثعلب مجدّدًا.
تمنّيتُ أن أراه يومًا ما، ونمتُ وأنا أهدّئ شعور الأسف.
لكن بعد أيّام، سمعتُ صوت أنين الثعلب خارج الباب.
“مهلًا؟”
“كانغ كانغ!”
ظننتُ أنّه عاد مصابًا، فهرعتُ مفزوعةً، لكنّه كان سليمًا تمامًا.
“كييانغ!”
بدت عيناه أكثر إشراقًا وصحّة من قبل. فرحتُ بأنّه تذكّر منزلي وعاود زيارتي، فداعبتُ رأسه.
“ما هذا؟ هل اشتقتَ إليّ؟”
“كيي!”
“يا لكَ من لطيفٍ.”
منذ ذلك الحين، كان الثعلب يأتي كلّ صباح إلى المنزل، يحرسني وأنا أدرس أو أجمع الأعشاب، ثمّ يغيب ليلًا.
‘يبدو أنّه مخلوق خارق.’
خلصتُ إلى أنّ ثعلبًا عاديًا لا يمكن أن يتصرّف هكذا، وأنّ ‘ثعلبي’ هذا مميّزٌ.
شعرتُ أنّ وحدتي تتلاشى بمجيئهِ اليوميّ، فكنتُ سعيدة.
بعد فترة، جاء اليوم المنتظر للنزول إلى القرية. حملتُ حقيبة الأعشاب، ونظرتُ إلى الثعلب الجالس بهدوء وحذّرتُه بحزم.
“يا ثعلب، سأنزل إلى القرية اليوم. لا يمكنكَ أن تتبعني.”
“كينغ؟”
عندما هممتُ بالتحرّك، نهض الثعلب محاولًا متابعتي، فأمرتُه بحزم. بدا عليه الحزن.
“كيي.”
“كن هادئًا. إذا نزلتَ، سيحاول الناس اصطيادكَ لأنّ فراءكَ جميلٌ جدًا.”
تأكّدتُ من اتّجاه القرية، داعبتُ رأس الثعلب المحزون مرّتين، ثمّ توجّهتُ إلى القرية.
‘سأشتري شيئًا لذيذًا له عند عودتي.’
شعرتُ بالأسف لأنّه بدا حزينًا، لكنّني كنتُ متحمّسة قليلًا للنزول إلى القريةِ.
كنتُ متحمّسة لأنّني سأرى الناس بعد فترة طويلة.
بعد حوالي ثلاثين دقيقة من النزول، بدأت القرية الصغيرة تظهرُ أمامي.
“واو.”
كانت قرية صغيرة، لكنّها بدت أكبر وأروع بكثير مقارنةً بوقتي وحدي في الجبل.
بالطبع، كانت ريفيّة جدًا مقارنة بالمدن التي رأيتُها في حياتي السابقة، لكنّ رؤية الناس والمتاجر بعد وقت طويل جعلتني أشعر بالدهشةِ.
بينما كنتُ أتجوّل وأتفحّص القرية، اقترب منّي طفلٌ صغير.
“ما هذا؟”
كنتُ أنظر حولي مندهشة كفتاة ريفيّة تزور المدينة لأوّل مرّة، فبدت نظراتي ممتعةً لطفل مرّ بجانبي، فاقترب منّي مبتسمًا.
“هذه الأخت تبدو غبيّة. لماذا تتجوّلين وفمكِ مفتوح؟”
يا له من وقح. تنهّدتُ وعبستُ، ثمّ حدّقتُ به.
“…لستُ غبيّة.”
“بل غبيّة، أنتِ غبيّةٌ.”
فجأة، ظهرت نافذة حالة فوق رأس هذا الطفل المزعج.
[تومي (7 سنوات): التهاب الأمعاء، سيصاب بالإسهال والجفاف قريبًا (الطاقة: 80/100)]
رمشتُ بعينيّ، ثمّ سألتُ الطفل المسمّى تومي مباشرة.
“هل اسمكَ تومي؟”
“ماذا؟”
بدا تومي مندهشًا جدًا.
“كيف عرفتِ؟”
خاف تومي كثيرًا، فحاولتُ التمويه.
“…لأنّني موهوبةً.”
“ما هي الموهبةُ؟”
ابتسمتُ بشكل مخيف قليلًا لتومي البريء الذي يميل رأسه.
“إنّها صفقة مع الأرواح. لذا، معرفة اسمكَ ليس صعبًا. هههه.”
“آآآه!”
هززتُ رأسي وأنا أنظر إلى تومي الذي كان يركضُ بعيدًا.
(ميري : نقطة ضعفها دموع الأطفال بتخاف عليهم أوي أوي أوي )
كما توقّعتُ، الأطفال يخافون بسهولةٍ.
التعليقات لهذا الفصل " 2"