الفصل 16
“يوربيلا، ما الخطب؟”
فوجئتُ بحزم سيرفيل الذي ناداها باسمها فور طلبها، وشعرتُ بالذهول.
‘أليس للقدّيسة مكانة أعلى؟ إنّها خطيبة جلالة الإمبراطور أيضًا.’
لكن القدّيسة، ربّما بسبب لطفها، أصبح صوتها أكثر نعومة.
“لم أرَكَ منذ زمن، اشتقتُ إليكَ.”
“…لم نلتقِ منذ يوم واحد فقط؟”
حقًا؟ إذن، هذا مبالغ فيه بعض الشيء.
جلستُ وحدي أستمع إلى حديثهما، وهذه المرّة كنتُ في صفّ سيرفيل.
“صحيح، لمَ أشعر هكذا؟”
“يوربيلا.”
“لم أعد أتحمّل، يا سيرفيل. لا تتجاهل مشاعري.”
تفاجأتُ وفتحتُ فمي. كان هذا الحديث واضحًا حتّى لشخصيّة ثانويّة متيقّظة مثلي.
القدّيسة يوربيلا تعترف بحبّها للدوق سيرفيل الآن!
لمَ؟ كيف؟
في القصّة الأصليّة، ألم ترفض يوربيلا تقدّم سيرفيل، ممّا جعله يتحوّل إلى شرير؟
لمَ انقلبت الأمور؟
‘هل هذا جيّد؟ هل أنقذتُ فتاي الذهبي؟’
شعرتُ بالحيرة وأنا أرمش بعينيّ. وبسبب ذهولي الشديد،
خشخشة-
لمستُ الأجمة بالخطأ، وتقابلتُ عينيّ مع عينيه الذهبيّتين.
اللعنة.
كان عليّ الهروب فورًا.
لم تستطع يوربيلا تصديق ما رأته عيناها.
“ها!”
كانت تعلم أنّ سيرفيل غير مهتمّ بها، لكن أن يتجاهل اعترافها ويركض وراء امرأة غريبة مختبئةٍ في الأجمة بجنون حالما رآها؟
“كيف تتركني! سيرفيل، لا يمكنكَ فعل هذا بي!”
حدّقت يوربيلا بشراسة نحو الجهة التي اختفى فيها سيرفيل والمرأة الغامضة، وهي تطحن أسنانها.
لو تزوّج القدّيسة، ستصبح قوّة الدوق أقوى من الإمبراطور، وستقلّ تهديدات الاغتيال، وهي ستعالجه جيّدًا.
بصراحة، سيرفيل يعرف ذلك ويتجاهل اعترافها، وهذا جعلها مذهولةً وغاضبةً.
في خضمّ ذلك، هربت المرأة الغامضة التي شاهدت اعترافها، وطاردها سيرفيل.
لم يكن “يطاردها” للقبض عليها، بل كان يتبعها بلهفةٍ.
“ما هذا!”
غاضبة، غادرت يوربيلا قصر الدوق بيريارت وتوجّهت إلى القصر الإمبراطوري للقاء خطيبها إدوين.
سيرفيل سيتكفّل بإسكات تلك المرأة. بالطبع، لن يخبر أخاه.
لكن من يدري.
لم تستطع تحمّل أن يتخلّى عنها إدوين أيضًا.
“يجب أن أكون جيّدةً مع إدوين.”
سيرفيل مخلص ولن يخبر إدوين عن اعترافها، لذا عليها فقط الصمت.
عندما وصلت إلى القصر، كان الإمبراطور إدوين يرتاح في صالة استقباله مع كلبه شومان.
شومان.
كلب لم يكن إدوين يهتمّ به كثيرًا من قبل، لكن بعد إصابته، انتشرت شائعات أنّه يعتني به بعنايةٍ فائقة.
في الصالة الواسعة، كان إدوين يمسح ظهر شومان وهو غارق في أفكاره، ولم يلاحظ اقتراب يوربيلا، فشعرت هي بالقلقِ.
“أتيتِ؟”
بعد فترة، همس لها بنبرةٍ منخفضة. ابتسمت يوربيلا بإشراق وجلست بجانبه وقالت:
“سمعتُ أنّ شومان أصيب؟ دعني أعالجهُ.”
مدّت يدها لتعالجه بقوتها المقدّسة في لحظة، لكن إدوين رفع يده ليوقفها.
“لا.”
“ماذا؟”
“اتركيهِ.”
نظر إدوين إلى شومان، الذي يلعق الضمادة على رجله المصابة، وابتسم.
لم تفهم يوربيلا. بقوتها المقدّسة، يمكنها علاج رجل شومان فورًا.
استند إدوين بمرفقه على مسند الذراع وأسند رأسه.
“هكذا سيتعلّم شومان الحذر من الفخاخ ويستعيد وعيه. دعيه.”
“لكن…”
تردّدت يوربيلا، فأكمل إدوين ببطء:
“وشومان يجب أن يتذكّر بوضوح من عالجه. ليس أنتِ، بل تلك المرأة.”
“تلك المرأة؟”
“نعم.”
تحدّث إدوين وهو يمسح ظهر شومان بنبرة حالمة:
“المرأة التي عالجت شومان.”
كان هناك بريق غريب في عينيه.
شعرت يوربيلا كأنّ قلبها يسقط.
“امرأة؟”
كانت تعتقد أنّ إدوين يحبّها، أو على الأقل يعرف كيف يستغلّها أفضل من غيره، لكنّه الآن يبتعد عنها.
من تكون تلك المرأة؟
غارقة في الغيرة، قبضت يوربيلا قبضتها بقوّة. أن تفقد قلب الأخوين مرّة واحدة؟
شعرت بخسارةٍ لا تُوصف.
بدأ إدوين يترنّم بهدوء.
“أتمنّى أن تأتي قريبًا.”
“ووف!”
“أليس كذلك، يا شومان؟”
برقت عينا إدوين الذهبيّتان بنظرة مجنونة، فتراجعت يوربيلا خائفة.
“ما… ما هذا؟”
من سيكون الهدف الجديد لهذا الإمبراطور المجنون غير سيرفيل؟
شعرت يوربيلا بالارتياح لأنّها ليست الهدف.
في المقابل، فكّر إدوين:
كان يشعر بالملل، فجاءت الفرصة. آيليت هي هدفه الجديد.
‘ستكون لي.’
نظر إلى أشعة الشمس الذهبيّة القادمة من النافذة وابتسم، مصمّمًا على امتلاكِ تلك الابتسامة المشرقة.
“هف، هاه، هه.”
بعد أن اكتشفني سيرفيل وأنا مختبئة في الأجمة، هربتُ منه، لكنّه لم يكن الرجل المهذّب الذي يتركني أهرب بسهولة.
تبعني بهدوء بخطوات طويلة وواثقة.
بعد أن ركضتُ بكلّ قوتي، أدركتُ أنّ الهروب من سيّاف بارع مستحيل، فانهرتُ على مقعد قريب.
“هم.”
وقف سيرفيل أمامي ومدّ لي منديلًا لأمسح عرقي.
“لم أكن أعلم أنّكِ تحبّين لعبة الغميضة.”
“لقد ركضتُ بجديّة!”
ضربتُ المنديل بعيدًا وحدّقتُ به. هزّ كتفيه وأعاد المنديل إلى جيب سترته وقال:
“تحتاجين إلى تقوية لياقتكِ. هل نأكل بعض اللحم؟”
“لمَ أفعل؟ سأقابل الطبيب الخاصّ وأغادر. هذه الأعشاب للطبيب الخاصّ فقط.”
“آه، طبيبي الخاصّ.”
ضيّق سيرفيل عينيه ونظر إليّ من رأسي إلى أخمص قدميّ.
أدركتُ متأخرة أنّني وقعتُ في فخّهِ. لقد انتهى الأمر.
تظاهرتُ بالجهل وحوّلتُ الموضوع.
“أريد تسليمها والرحيل بسرعة. اليوم ليس آين موجودًا، لذا لا يمكنني ترك المتجر طويلًا.”
قلتُ بنبرة متعالية، فداعب ذقنه وسأل:
“هل إدارة المتجر ممتعة؟”
“ممتعة جدًا. أستمتع مع آين يوميًا. إنّها مهنتي الحقيقيّة. لا شيء أكثر متعةً من هذا.”
خشيتُ أن يطلب منّي أن أكون طبيبته، فأكّدتُ على متعة متجر الأعشاب وابتسمتُ بإشراق.
لكن تعبير سيرفيل تصلّب تدريجيًا.
“إذن، هربتما ليلًا لتفعلا هذا العمل الممتع دوني؟ وأنتما سعيدان؟”
أصبح وجه سيرفيل مخيفًا جدًا.
شعرتُ أنّه سيقتلني إذا قلتُ إنّه ممتع مرةً أخرى.
“…ليس ممتعًا إلى هذا الحدّ.”
“قولي شيئًا واحدًا. ممتع أم لا؟”
“العمل هكذا. أيّام ممتعة وأخرى مملة.”
“يا لكِ من امرأةٍ مضحكةٍ.”
ضحك سيرفيل بسخرية، ومدّ المنديل مجدّدًا، واقترح رسميًا:
“كوني طبيبتي الخاصّة. سأضمن سلامتكِ، وأترك ذلك الثعلب يعيش معنا.”
“آه!”
شعرتُ كأنّ قلبي يسقط من منحدر.
هل بدأت عقارب الساعة تدور نحو النهاية المروّعة؟
هل القصّة الأصليّة لا يمكن تغييرها؟
فجأة، ظهر وجه أتين المبالغ في ذهني!
ابتلعتُ ريقي وقلتُ دون وعي:
“أنا… آسفة، لكن…”
“ماذا؟”
رفع سيرفيل حاجبه، كأنّه يتوقّع عذرًا آخر.
“لقد سجّلتُ لامتحان طبيب القصر.”
“ماذا؟”
تحوّل وجه سيرفيل إلى شيطان. يا إلهي، مخيف حقًا.
لكنّني لم أتراجع وصرختُ بثقة:
“هو طبيب مبتدئ، لكن شخص يُدعى أتين ساعدني للتقدّم لامتحان طبيب القصر.
بما أنّني أذهب إلى القصر لتوريد الأعشاب، قرّرتُ أنّه إذا أردتُ أن أكون موظّفة حكوميّة، فالأفضل العمل في القصر الإمبراطوري.”
“أنتِ تكذبين، أليس كذلك؟”
“إنّها الحقيقةُ.”
ابتسمتُ بثقةٍ أمام وجه سيرفيل المتجهّم.
التعليقات لهذا الفصل " 16"