الفصل 13
لكن بصراحة، هذه المرّة كان سيرفيل نفسه يشعر بالضيق الشديد.
أصيب اثنان من رجاله المقرّبين بجروح خطيرة.
لم يكن يهتم بإصابته هو، لكن أن يُصاب رجاله أيضًا؟
كانت هجمات الإمبراطور تزداد قسوةً، وكان سيرفيل قد وصل إلى حدهِ من الصبر.
فكّر في الانسحاب تمامًا من العاصمة والعيش بهدوء في أراضيه…
“لا، ليس قبل أن أجد آيليت.”
قبل سنتين، قالت آيليت بوضوح إنّها ستفتح عيادة في العاصمة.
لا يعرف لمَ اختفت، لكن هذا كان الشيء الوحيد الذي سمعه منها، فلم يستطع ترك العاصمة.
لو وجد آيليت فقط.
توسلَ لو أنهُ عرف السبب على الأقل، عندها سيغادر إلى أراضيه.
أطرق سيرفيل قلقًا على رجاله المصابين. وقبل أن يغادر، حيّا الإمبراطور بأدب:
“إذن، سأراك رسميًا في مأدبة عيد ميلاد جلالتكَ.”
“…حسنًا.”
“أتمنّى السلامة للقدّيسة أيضًا.”
“بارك الله في الدوق الأكبر.”
حيّا سيرفيل الاثنين وغادر قاعة الاستقبال.
شعر بنظرات حادّة تخترق ظهره، لكنه لم يكن في مزاج للاهتمام بذلك.
“آيليت.”
كان قلقًا.
لقد مرّت سنتان.
آيليت، لمَ يصعب العثور على امرأة واحدة هكذا؟
كان مرهقًا، لكنه لا يستطيع الاستسلام.
“ربّما هناك سحر يحيط بها.”
“سحر؟”
“المنزل الذي كنتم تقيمون فيه، يا سموّك، بحثناه مرارًا.
لكن عندما تكون غير موجود، لا نراه ،
سمعتُ من برج السحرة أنّ هناك سحرًا يُفعَّل بالإرادة، يُسمّى التعتيم.”
“إذن، هل تعني أنّ آيليت لا تريد رؤيتي؟”
“ربّما…”
غطّى سيرفيل وجهه بيده وهو يغادر قاعة الاستقبال.
لمَ؟
قالت إنّها ستبقى معهِ.
لم يكن يعلم أنّها امرأةٌ قاسية تمزّق قلبه هكذا.
هل كان عبئًا عليها لأنّه لم يستعد ذاكرته؟ أم أنّها اكتشفت أنّه استعادها؟
لكن حتّى لو كان الأمر كذلك، كيف استطاعت تركهُ والرحيل؟
في البداية، بحث في القرية بأكملها. لم يكن نطاق حركة امرأةٍ واسعًا.
لكن آيليت اختفت بلا أثر. بعد سنة، جاء إلى العاصمة وأرسل رجاله للبحث، لكن لم يعثروا عليها.
عاد إلى برج السحرة وسأل عن السحر، فقالوا إنّه من المستحيل العثور عليها ما لم تكشف عن نفسها بنفسها.
“محبط.”
عاد سيرفيل إلى قصر الدوق وتوجّه أوّلًا إلى جناح الفرسان.
أراد التحقّق من حالة الفارسين اللذين أصيبا أثناء محاولة الاغتيال.
كان أحدهما يرقد متألمًا، والآخر جالسًا على السرير.
فوجئ سيرفيل برؤية الفارس الذي طُعن في كتفه يبدو أفضل ممّا توقّع، وسأل:
“هل أنتَ بخير؟”
“نعم، يا سموّكَ. هل تريد رؤية جرحي؟”
أمر الفارس خادومًا بفكّ الضمادات.
“ماذا؟”
“ستفهم عندما ترى.”
أزيلت الضمادات، وبرقت عينا سيرفيل عند رؤية خياطة الجرح.
“قلتَ إنّكَ تلقّيت خياطة مشابهة من قبل، يا سموّكَ.”
“صحيح.”
أومأ الفارس.
“قال الطبيب لي أن التي خيط جرحي إنّ اسمها آيليت، يا سموّكَ.”
“هاه!”
شعر سيرفيل كأنّ قلبه يسقط إلى الأرض.
أخيرًا، كشفت عن نفسها.
* * *
كنتُ عائدة من عيادة هاولر بعد تطهير جرح المريض الذي عالجته وفحص حالته.
اشتريتُ كيسًا من حلوى الكرات التي يحبّها آين.
“لمَ أشعر بهذا الاضطراب اليوم؟”
شعرتُ برعشة غريبة.
لم أرَ مريضًا على وشك الموت منذ افتتاح متجر الأعشاب، لكن شعرتُ بذلك.
ولمَ دائمًا ما تكون الأحاسيس السيئة صحيحة؟
عندما عدتُ إلى المتجر، وجدتُ رجلًا يتقيّأ دمًا يطلب المساعدة.
“أغيثوني!”
بام!
[جينت (32 عامًا): تسمّم، سيُتوفّى خلال ساعة إن لم يُعالج (الطاقة 20/100)]
ظهرت نافذة حالة فوق رأسه، لم أرَ مثلها منذ فترة. تسمّم؟ على رجل عاديّ كهذا؟
“آيليت، ماذا نفعل؟”
صرخ آين بينما يحتضن الرجل مرتبكًا.
“ماذا نفعلُ؟ أه ، آين، ساعدني بنقله إلى السرير.”
لحسن الحظ، كان الرجل خفيفًا، فنقلناه معًا. هرعتُ إلى مخزن الأدوية وأحضرتُ مضادّ سمّ أساسيّ.
خطّطتُ لإعطائه مضادّ السمّ الأساسيّ، ثمّ تحديد نوع السمّ وعلاجه.
بينما كنتُ أراقب آين يعطيه الدواء، فحصتُ حالة المريض وتجهّمت.
“يا إلهي.”
هذا السمّ نادر جدًا، ومضادّه ليس متوفّرًا بسهولة.
سمّ قاتل، باهظ الثمن، ومضادّه باهظ أيضًا. لم أستطع علاجه.
“مستحيل…”
هل أستسلم هكذا؟ ما الذي فعله هذا الرجل ليُسمّم بسمّ باهظ كهذا؟
فتّشتُ جسده.
كان عليّ العثور على هويّة لإبلاغ عائلته. لكن لم يكن يحمل شيئًا، وبدأ يتقيّأ دمًا مجدّدًا بعد توقّف قصير.
كان الدم الأحمر يسيل على الأرض، كأنّه يجره إلى العالم الآخر.
“آه…”
“أرجوكِ.”
لم أعرف ماذا أفعل، وكنتُ أدور حول نفسي. عندما انخفض المؤشر إلى 5، رأيتُ أظافره تزرقّ، وأحسستُ بحرارة في عينيّ.
ابتلّت عيناي.
هذا بسبب نقصي.
لو لم أختبئ هنا ودرستُ أكثر، لربّما أنقذتُ شخصًا آخر. لو كنتُ أدير عيادة، لربّما أنقذته.
يا لكِ من غبيّة، يا آيليت. الدوق لم يبحث عنكِ، فلمَ كنتِ مختبئةً؟
فجأةً، ظهرت زجاجة صغيرة أمامي.
“هاكِ.”
نظرتُ فوجدتُ وجهًا مألوفًا. كان الفارس نفسه.
“…كيف؟”
“مضادّ سمّ. سأذهب الآن.”
ظهر الفارس الذي خيطتُ جرحه فجأة، وأعطاني الزجاجة، ثمّ اختفى.
لم أصدّق.
كان مضادّ السمّ بالتأكيد.
“لمَ أعطاني مضادّ السمّ؟”
جرّبتُ قطرة، فلم يتغيّر شيء فيّ.
“آه…”
بقي له 3/100 من القوّة.
أعطيته المضادّ بسرعة، فابتلعه وهو يسكبه نصفه.
“أرجوك!”
حدثت معجزة.
كان مضادّ السمّ حقيقيًا، فقفز المؤشر إلى 50 فجأة!
توقّف عن تقيؤ الدمّ، فأزال آين تعبيره الحزين وهتف:
“الحمد لله!”
“آه، أين ذهب ذلك الرجل؟ لحظة، آين، امسح دمّ وجه المريض.”
“نعم.”
خرجتُ لأشكر الفارس، لكنّني شعرتُ برعشة.
لمَ كان يحمل مضادّ السمّ؟
عادةً، من يستخدم السمّ يحمل مضادّه. هل حاول ذلك الفارس قتل هذا الرجل؟
“ما الذي يحدث؟”
هرعتُ خارج المتجر، ونظرتُ حولي.
“ها هو!”
رأيتُ طرف رداء الفارس في زاوية زقاق.
“يا سيد!”
لكنه تجاهلني وانعطف في الزقاق. ركضتُ وراءه.
كنتُ أعرف أنّه زقاق مسدود، فـ كسمكةٍ وقعت في شباكي. ابتسمتُ وانعطفتُ وصرختُ:
“أمسكتُـ…”
لكن ابتسامتي تلاشت ببطء.
“أمسكتِ؟”
جاء صوت رجل منخفض وعميق من نهاية الزقاق.
“آه.”
ارتجف قلبي.
التعليقات لهذا الفصل " 13"