الفصل 11
كانت عيناه المتلألئتان كالنجوم جميلتين للغاية.
شعره الأسود، الذي يشبه الظلام ولكنه أعمق، كان محبوبًا.
متى أصبحتُ متعلّقة به هكذا؟
قلتُ دون وعي:
“نادِني آيليت.”
اتّسعت عينا سييت بدهشة، ثمّ أومأ بقوّة.
“نعم، يا آيليت.”
“شكرًا لأنّكَ أرَيتني هذا المكان سييت.”
“على الرحبِ.”
أمسك يدي بقوّة. شعرتُ بالخجل قليلًا، لكنّ ذلكَ الدفء كان ممتعًا.
“شكرًا… لأنّكَ بقيتَ بجانبي. بدونكَ، لم أكن لأتمكّن من فعل الكثير.”
عبّرتُ عن امتناني الذي لم أجرؤ على قوله من قبل.
هزّ سييت رأسه، ومدّ يده ليُرجع خصلةً خلف أذني وقال:
“لا، بفضلكِ، حصلتُ على الكثير. حتّى لو ذهبتُ إلى العاصمة واستعدتُ ذاكرتي، أريد أن أبقى معكِ.”
“ماذا فعلتُ لكَ؟”
ضحكتُ، فتحدّث سييت فجأة:
“آيليت، شكرًا حقًا.”
“أنا أيضًا.”
“أرجوكِ، أوفي بوعدكِ.”
أومأتُ، وقضيتُ ليلة مميّزة مع شخص مميّز تحت النجوم الجميلةٍ.
مرّت أيّام.
شعرتُ أنّني أكملتُ دراسة الطبّ والأعشاب تقريبًا، وكنتُ واثقة من استعدادي للذهاب إلى العاصمة.
‘لا يمكنني التردّد إلى الأبد.’
حان الوقت للذهاب إلى العاصمة مع سييت وآين، والاستقرار معًا بسعادة.
إذا كان الرسم في منشور المفقودين هو سييت حقًا، سأعيده إلى عائلته، وإن لم يكن، سأبقيه معي حتّى يستعيد ذاكرته.
‘غدًا صباحًا، سأخبر سييت وآين، وننطلق فورًا.
يجب أن نذهب دون لفت الأنظار لتجنّب أيّ صلة بالدوق الشرير.’
بينما كنتُ أطحن الأعشاب المهمّة وأحوّلها إلى حبوب وأحزم أمتعتي، شعرتُ بالإرهاق ونمتُ على المكتب.
فجأة، شعرتُ بحركة وفتحتُ عينيّ.
“آه، استيقظتِ؟”
“آين.”
التقيتُ بعيون آين وهو يغطّيني ببطانيّةٍ.
شممتُ رائحة شهيّة، ونظرتُ إلى المكتب فوجدتُ طعامً.
“نمتِ منذ حوالي نصف ساعة. بدا أنّكِ تعملين على شيء مهمّ، فلم أوقظكِ. سييت حضّر وجبة خفيفة وذهب.”
“شكرًا، يا آين.”
ابتسمتُ، فابتسم آين بعيون زرقاء متلألئةٍ.
أخذتُ قطعةً من الحلوى وسألتُ آين:
“هل سييت نائم؟”
“نعم، كان مشغولًا اليوم بتنظيم المنزل، فنام مبكرًا.”
آه.
لقد أدركَ سييت.
أدرك أنّني أستعدّ لأخذهما والرحيل قريبًا.
شعرتُ بالامتنان لسييت الذي حضّر وجبة خفيفة لي رغم دراستي المتأخرة، ونظّم المنزل للرحيل.
فـذهبتُ مع آين إلى جناحه.
“لمَ لم تنم، يا آين؟”
“لا أعرف. لا أنام إذا لم تنامي.”
“لكنّكَ تنام جيّدًا عندما تكون سكرانًا.”
“…لن أشرب بعد الآن، سأحميكِ.”
“أنتَ لطيفٌ جدًا.”
“لا أريد أن أكون لطيفًا بالنسبة لكِ…”
تجاهلتُ تذمّر آين غير المفهوم، وفتحتُ باب غرفة سييت.
بسبب إرهاقه من تنظيم المنزل مؤخرًا، كان صوت تنفّسه المنتظم يملأ الغرفة.
ورائحته الخاصّة أيضًا.
‘رائحة جميلةٌ.’
دخلتُ بهدوء ونظرتُ إلى وجهه النائم.
‘وسيم.’
لكن فجأة…
بام!
ظهرت نافذة حالة فوق رأس سييت.
‘ما هذا؟ لمَ؟’
نافذة الحالة تظهر لمن هم على وشك الموت. لمَ تظهر لسييت السليم؟ اقتربتُ بسرعة وقرأتها.
[سيرفيل بيريارت (24 عامًا): حمّى مجهولة السبب (الطاقة: 75/100)]
حمّى مجهولة السبب؟
ما هذا؟
لم أعرف المرض فورًا، لكن ظهور نافذة الحالة يعني خطر الموت، فخفتُ وصرختُ لآين:
“آين، سأحضر خافضًا للحرارة. ضع منشفة مبللة على جبهة سييت.”
“نعم.”
تركتُ سييت مع آين، وهرعتُ إلى غرفة الأعشاب، وأحضرتُ أعشابًا خافضة للحرارة مُعدّة مسبقًا وأعطيتها له.
كيف يمكن لحمّى بسيطة أن تُظهر نافذة حالة الموت؟
أعطيته الدواء ووقفتُ مع آين أراقبهُ.
لحسن الحظ، انخفضت الحمّى بسرعة، فشعرتُ بالراحة.
لكن عندما دقّقتُ في نافذة الحالة، لاحظتُ شيئًا غريبًا.
‘لحظة، الاسم مكتوب!’
كان الجزء المكتوب بـ”؟؟؟” واضحًا الآن. هل استعاد ذاكرته؟
الاسم…
‘سيرفيل بيريارت؟’
توقّف نفسي.
شعرتُ كأنّ الزمن يتباطأ.
لحظة، بيريارت؟ أليس هذا الدوق الشرير؟
تجمّدت.
والاسم المكتوب يعني أنّه استعاد ذاكرته. متى استعادها؟
“آيليت؟”
ارتجفت أصابعي، وشعرتُ كأنّ الدم يغادر وجهي.
أمسك آين بي بسرعة عندما رآني غريبة.
“آيليت؟ ما بكِ؟”
كنتُ غبيّةً.
كنتُ حمقاءً.
ظننتُ أنّني أضع خطة جيّدة لتجنّب الدوق الشرير وعدم أن أصبح طبيبته، لكنّني كنتُ الأقرب إليهِ.
بمجرّد لقائي بالدوق، سأصبح طبيبته، شخصيّة ثانويّة تُنسى، وسيحبّ الدوق القدّيسة، بطلة هذا العالم، ويحاول اغتصاب العرش من أجلِها؟
شعرتُ بخيانةٍ عظيمة وغضب وخوف من الرجل النائم.
‘لا.’
لا يمكن.
إذا بقيتُ مع هذا الرجل، لن أفلت من الموت. سأتخلّى عنه قبل أن يتخلّى عنّي.
لن أكون طبيبتكَ أبدًا.
فجأة، تغيّرت نافذة الحالة.
[سيرفيل بيريارت (24 عامًا): سيصاب بمرض الحبّ بعد فقدان المرأة التي يحبّها (مؤشر 100/100)]
“آيليت؟ ما بكِ؟”
“آين، لنخرج. بهدوء.”
دفعتُ ظهر آين، ونظرتُ إلى نافذة الحالة مذهولة.
فقدان المرأة التي يحبّها يعني القدّيسة على الأرجح.
يبدو أنّ القصّة ستبدأ عن قريبٍ.
ناداني آين:
“آيليت!”
استيقظتُ من صراخه، وأخذته وخرجتُ من الجناح.
فكّرتُ بسرعة.
الدوق الذي استعاد ذاكرته ينوي أخذي إلى العاصمة وجعلي طبيبته.
سييت، لا، الدوق بيريارت، عندما يستيقظ، سينتهي كلّ شيء.
إنّه سيرفيل بيريارت، الدوق الأكبر، وسيأخذني كطبيبته بأيّ طريقة.
“آين، تعالَ!”
“ماذا؟ نعم.”
جمعتُ الأعشاب الضروريّة بسرعة مع آين، وهرعتُ خارج الجبل.
“إلى أين؟”
“إلى العاصمة.”
رمش آين متعجبًا.
“في هذه الليلة؟”
“نعم، يجب أن نذهب. بأسرع ما يمكن!”
أجبتُ آين وتحرّكتُ بسرعة.
أحضرتُ الخريطة المُعدّة للذهاب إلى العاصمة، لكن الليل جعل الطريق غير واضح.
بهذه الطريقة، سييت، لا، الدوق بيريارت، سيجدني بالتأكيد.
إنّه سيّاف بارع. أو ربّما ينساني بسرعة ولا يبحث عنّي. مهما كان قراره، يجب أن أهرب الآن.
سالت الدموع.
لا أعرف السبب. هل لأنّني شعرتُ بخيانةٍ من رجل وثقتُ به كعائلتي؟
لو أخبرني أنّه استعاد ذاكرته…
أمسك آين بي ونظر إليّ مباشرة.
“ما الذي يحدث؟ ما الأمر؟”
“يجب أن نذهب. إلى العاصمة، الآن. قبل أن يستيقظ هذا الرجل.”
“لمَ؟ من هو؟ إنّه مجرّد سييت.”
هززتُ رأسي، والدموع تسيل، عاجزة عن الشرح.
أحبط آين، فهزّ رأسه بعنف، وأمسك معصمي وجذبني.
“همف، هذا يجنّنني. تعالي.”
جذبني آين وأنا أبكي، لكن ليس نحو العاصمة، بل نحو الجبل.
سألته وأنا أشهق:
“إلى أين؟”
“طريق الثعالب.”
“طريق الثعالب؟”
“طريق ملك الثعالب. سأخبركِ أنتِ فقط.”
نظرتُ إلى آين مذهولة.
كان آين ملك الثعالب…؟
كنتُ متعجبةً، لكن لم يكن لديّ خيار، فتبعتُه.
بينما كنتُ أتبعه، ظهر كهف كبير لم أرهُ من قبل.
دخلنا الكهف، وأضاءت بلّورات متلألئة الطريق.
“مكان كهذا…”
بعد حوالي نصف ساعة من المشي في الكهف، خرجنا.
فتحتُ فمي مذهولة.
لم نعبر القرية فحسب، بل وصلنا إلى جبل في ضواحي قرية بجانب العاصمة.
‘مذهل، طريق ملكُ الثعالب.’
وهكذا تمكّنتُ من الهروب بسرعة من الدوق بيريارت.
شعرتُ بالذنب لعدم ترك أيّ مذكّرة له، لكن لم يكن لديّ خيار.
أتمنّى لكَ حياةً جيّدة.
أتمنّى أن ترتكب أقلّ قدر من الأفعال الشريرة، وتعيش بريئًا ولطيفًا كما أنتَ الآن.
بكيتُ بشدّةٍ في النزل مرّةً أخرى.
التعليقات لهذا الفصل " 11"