“أنتِ لا تعرفين لأنكِ لم ترتدي مثل هذه الملابس من قبل، أليس كذلك؟”.
اختارت ليليانا الصمت لتجنب التصادم، لكن يبدو أن ذلك لم يُرضِ المتعجرفة بيتي بيلي.
“يا هذه، منذ البداية وأنتِ تتجاهلين كلامي! هل كلامي لا يبدو كلامًا بالنسبة لكِ؟”.
في هذه اللحظة، بدأت ليليانا تشك فيما إذا كان الصمت هو الخيار الأنسب. شعرت وكأنها عالقة في دوامة من المشاعر المتناقضة، تكافح للحفاظ على رباطة جأشها وسط هذا التوتر.
‘لهذا السبب تخليت عن عالم العروض ولم أعد إليه أبدًا، مهما بدا ملونًا ومغريًا.’
فجأة، اجتاحتها موجة من الاستياء، ولم تستطع كبح الكلمات التي تكدست في حلقها كالجمر: “بيتي، إذا عاملتِني كإنسان، ألن أعاملكِ بالمثل؟”.
“ماذا؟”
“ليس “يا هذه”، بل “ليليانا”. يبدو أنكِ نسيتِ، لكن هذا اسمي.”
“هل تعتقدين أنني لا أعرف اسمكِ، يا ه…”.
قبل أن تتمكن بيتي من إكمال جملتها، وهي ترفع حاجبيها بحدة وتستدير بنظرة متعالية، أمسكت ليليانا كتفيها بقوة وأجبرتها على الوقوف بشكل مستقيم.
“من الأفضل أن تقفي بشكل صحيح. يجب أن أرفع السحاب.”
بعد أن نطقت بالكلمات، لم تكن تنوي التوقف. كانت هذه لحظة تحرر، كأنها تكسر قيود الماضي التي كبلتها.
“وعندما تطلبين شيئًا، كوني مهذبة. وعندما يلبي أحدهم طلبكِ، قولي شكرًا. هذه هي الأخلاق. لا أعتقد أنكِ صغيرة جدًا بحيث أحتاج إلى تعليمكِ هذه الأمور واحدًا تلو الآخر.”
زززيب!
ارتفع السحاب، وأُكملت ارتداء الفستان. لكن بيتي لم تستدر. كتفاها كانتا ترتجفان برفق، كما لو أنها تكافح لاحتواء غضبها.
“…”
ازداد الارتجاف، ثم استدارت بيتي أخيرًا لتواجه ليليانا. كان وجهها مشتعلًا بالغضب، أحمر كالنار.
“أنتِ… هل جننتِ حقًا؟”.
“مجنونة؟ لا يا بيتي، أنا عاقلة تمامًا.”
في الماضي، كان عليها استرضاء بيتي حتى تجد وظيفة أخرى، لكن الآن، بعد عودتها من المستقبل، لم تعد مضطرة لذلك. كانت تشعر بحرية لم تشعر بها من قبل، كأنها تتخلص من عبء ثقيل كان يضغط على صدرها.
‘كنت أفكر متى سأقول هذا، والآن الفرصة مثالية.’
نظرت ليليانا إلى بيتي مباشرة، عيناها تلمعان بثقة جديدة. “بالمناسبة، سأستقيل اعتبارًا من اليوم.”
كان قرارًا اتخذته منذ لحظة خروجها من المنزل للعمل. لم يعد هناك مكان لهذه الأعمال التافهة في حياتها. كانت أمامها مهمة أكبر، هدف يستحق التضحية: حماية أنجيلو وتدمير المافيا التي دمرت حياتها.
***
في اليوم التالي، الخامس من نوفمبر.
وقفت ليليانا في وسط غرفتها الصغيرة، تدلك ذقنها بتأمل. كانت عيناها مثبتتين على كيس تسوق ملقى على الأرض، لم ترتبه منذ الليلة الماضية. بداخله، كانت فساتين بيتي محفوظة بعناية.
‘ماذا أفعل بهذه؟’.
كانت قد أعادت جميع ملابس بيتي التي أخذتها إلى الفندق إلى منزلها. كانت بيتي قد أجبرتها على شرائها بمالها الخاص، فلمَ لا تأخذها؟ كان ذلك نوعًا من العدالة البسيطة، أو ربما انتقامًا صغيرًا لسنوات من الإهانات. لم تكن تنوي ارتداءها بدافع الرغبة، بل كانت تريد أن ترى بيتي تفقد شيئًا تعتقد أنه ملكها.
لكن، بشكل غير متوقع، قد تكون هذه الفساتين مفيدة.
‘كنت أخطط لزيارة أحد أماكن عمل بينيديتي… ربما تكون هذه الفساتين مناسبة.’
كانت تعلم أن ملابسها الهادئة في خزانتها لن تتناسب مع الأجواء المتوقعة في أماكن المافيا. لكن فساتين بيتي البراقة، التي تحمل بصمة ذوقها الفاخر، كانت مثالية لهذا الغرض.
بينما كانت تفرز الملابس، بدأت ترسم خططها المستقبلية في ذهنها. قضت الليلة الماضية تفكر بعمق: كيف يمكن لامرأة وحيدة، بلا دعم أو موارد، أن تواجه قوة هائلة مثل المافيا؟.
‘لو كنت ليليانا موريتي في عام 1961، لكان ذلك مستحيلًا…’.
لكنها لم تكن تلك الفتاة الساذجة بعد الآن. لقد عادت من عام 1970، ومعها سلاح لا يُضاهى: معرفتها العميقة بعائلة بينيديتي، بما في ذلك تحركاتهم وخططهم خلال السنوات التسع القادمة، وهي معلومات ربما لا يعرفها حتى أعضاؤهم.
‘إذا أخفيت هذا السلاح ودعمت عائلة بينيديتي بكل ما أملك، ألن يكون ذلك أفضل طريقة للاقتراب منهم؟’.
كانت تعلم أن الطريق لن يكون سهلًا. لم تكن لها أي صلة سابقة بهم، ومنظمات المافيا نادرًا ما تقبل النساء. كان عليها أن تواجه تحديات اجتماعية وثقافية، لكن الصعوبة لم تكن تعني الاستحالة. كانت تشعر بثقة متجددة، مدفوعة بتجاربها الماضية وإصرارها على تغيير المصير المحتوم.
‘إذا نجحت، يمكنني التسلل إلى الظلال وممارسة تأثير خفي، ربما أصبح لاعبًا رئيسيًا دون أن يلاحظوا’.
علاوة على ذلك، كانت من مواليد بافون، الجزيرة التي تُعتبر مهد المافيا. لم يكن أصلها يؤثر كثيرًا على حياتها اليومية في الماضي، لكنه الآن بمثابة مفتاح ذهبي. كونها من بافون قد يمنحها مصداقية إضافية في عيون المافيا، وهو ما تحتاجه لكسب ثقتهم.
‘لدي الكثير من الأسلحة. الحظ يقف إلى جانبي هذه المرة.’
إذا سارت الأمور وفق الخطة، يمكنها استخدام مكانتها المستقرة لضرب عائلة كوريلا. بحجة توسيع الأعمال، يمكنها التسلل إلى شبكتهم دون إثارة الشكوك. ثم ستأتي لحظة سقوط بينيديتي العظيم.
‘لن يستغرق الأمر وقتًا طويلًا.’
كان دخول واين كمحقق متخفٍ في عائلة بينيديتي مقررًا بعد أربع سنوات من الآن. كان هدفها إنهاء كل شيء قبل ذلك، بحركات جريئة وحاسمة، مما يلغي الحاجة إلى تسلله.
‘واين، انتظرني ثلاث سنوات فقط’.
عندها، سيلتقيان مجددًا، كأشخاص أحرار من ظلال المافيا، يعيشان حياة عادية خالية من التهديدات. ستكتب من جديد القصة التي لم تكتمل في حياتها السابقة، سطرًا بسطر.
‘حتى لو لم تتذكرني، لا بأس.’
كانت واثقة أنهما سيلتقيان ويقعان في الحب مرة أخرى، كما حدث من قبل. كانت عينا واين، المليئتان بالحب دون الحاجة إلى نطق الكلمة، محفورة في ذاكرتها. تلك النظرة كانت كافية لإشعال عزمها.
“أنا أؤمن بك، يا واين.”
كان ذلك مصدر شجاعتها وقوتها لخوض هذه المعركة الضخمة. لم يكن هناك شيء تخشاه الآن.
***
الفصل الثاني، دي لوسيا.(هنا الفصول زي اركات بالأنمي للرواية، خلصنا من حدث الزنبق الساقط وبداء حدث دي لوسيا)
تك تك.
اندفعت سيارة أجرة صفراء عبر الطريق ثم توقفت في زقاق مظلم ومنعزل.
كانت الساعة السادسة مساءً، حيث بدأت الشمس تغرب تدريجيًا. أضاءت المتاجر التي تستقبل المساء المبكر لافتات النيون الملونة واحدة تلو الأخرى، ملقية أضواءها الزاهية على الأرصفة. أما المتاجر التي لا تزال مفتوحة في ضوء النهار، فبدت قذرة وكئيبة، مغطاة بطبقة من الإهمال. كان هذا زقاق ديميرسي الخلفي، صورة نمطية لمنطقة الجريمة، حيث يختلط دخان السجائر برائحة الرطوبة والفساد.
توقفت السيارة الصفراء وسط هذا الجو الكثيف، وانفتح الباب.
وووش.
تطايرت خصلات شعرها الرقيقة، التي بدت وكأنها ستنكسر بلمسة، مع نسيم المساء البارد. في زمن كانت فيه معظم النساء يفضلن الشعر القصير، كان شعرها الطويل البلاتيني استثناءً نادرًا. على الرغم من أن أسلوبها كان متأخرًا عن الموضة، إلا أن لمعان شعرها كان ساحرًا، يجذب الأنظار كضوء القمر في ليلة مظلمة.
كانت ترتدي فستانًا طويلًا يصل إلى كاحليها، بياقة قاربية وبدون أكمام، مع معطف فرو فاخر يغطي ذراعيها المكشوفتين. كانت الزينة الوحيدة التي تبرز منحنيات جسدها هي حزام الخرز الذي يضيق خصر الفستان، مما يمنحها مظهرًا أنيقًا ومثيرًا في آن واحد. لكن هذا الجمال المقيد جعلها تبدو كبجعة بيضاء تسبح في بركة موحلة، متألقة وسط الظلام المحيط.
فييوووو.(صفير)
أُطلقت نكات مبتذلة وتعليقات وقحة من الرجال المارة، لكن ليليانا تجاهلتها ببرود، وكأنها لا تستحق حتى لحظة من انتباهها. اتجهت بخطى واثقة نحو واجهة متجر معين، عيناها مثبتتان على الهدف.
[دي لوسيا]
كان بارًا قديمًا، أحد معاقل عائلة بينيديتي.
‘سمعت عنه من واين فقط، لكنني لم أزره من قبل. إذن، هكذا يبدو.’
كان المظهر الخارجي مفاجئًا. بدا وكأنه يعود لعشرين عامًا مضت، متداعيًا ومهملًا، دون أي أثر للتجديد. لم يكن يشبه مكانًا يتجمع فيه أعضاء المافيا، بل بدا كبار على وشك الإغلاق. حتى الأصوات الخافتة المنبعثة من خلف الباب كانت أغانٍ قديمة من الأربعينيات، كتلك التي تُسمع على راديو عتيق.
‘هل هذه خدعتهم؟ يجعلون المكان يبدو غير جذاب ليبعدوا الغرباء.’
أمسكت ليليانا بمقبض الباب الصدئ، أصابعها تلمس المعدن البارد. من خلفها، سمعت تعليقات صاخبة أخرى.
“يا آنسة، أعتقد أنكِ أخطأتِ المكان!”.
“نصيحة مني، من الأفضل ألا تدخلي.”
لم تكن نية المتحدثين كذلك، لكن كلماتهم بدت كتحذير من تغيير مصيري. لو دخلت، لن تعود حياتها كما كانت. كانت تعلم ذلك جيدًا. لو أزالت وجود بينيديتي وكوريلا من عقلها، لعاشت حياة هادئة خالية من المخاطر. لكن قرارها كان نهائيًا، ولم يكن هناك مجال للتراجع.
فتحت ليليانا الباب بثقة.
دينغ.
التفت الرجال الجالسون على كراسي خشبية متآكلة، يرشفون مشروباتهم في صمت، نحو المدخل. فعل الساقي ذو الشعر الأبيض المتناثر نفس الشيء، رافعًا حاجبًا بدهشة عند رؤية ليليانا. كان وجهه متجعدًا بالسنين، وعيناه تحملان نظرة متشككة.
“همم…”
وضع الساقي الكأس التي كان ينظفها وتقدم نحوها بخطوات بطيئة.
“هل جئتِ لتناول مشروب؟ اليوم…”.
“لا، جئتُ للبحث عن عمل.”
عبس الساقي، متفاجئًا من طلبها المفاجئ. انفجرت صحكى من زاوية في البار، كأن كلماتها بدت سخيفة في هذا المكان القاسي.
لكن ليليانا ظلت هادئة، وجهها خالٍ من أي ارتباك. كررت بهدوء وثقة: “سمعت أن هذا بار جاز، فأردت معرفة إذا كان هناك مكان لمغنية.”
كان قرارًا اتخذته الليلة الماضية بعد تفكير عميق. لتتسلل إلى قلب المنظمة بخفية، ستكون مغنية بكل سرور.
‘كنت دائمًا أحلم بالوقوف على المسرح مرة أخرى.’
خطر لها هذا الفكر وهي تقف أمام الباب. من بين أماكن عمل المنظمة، كان بار الجاز هو الأكثر استرخاءً وأقل رسمية. كمغنية هناك، يمكنها التواصل مع أعضاء المافيا بشكل طبيعي، بناء علاقات تدريجية دون إثارة الشكوك. كانت هذه الخطوة الأولى في خطتها الطموحة، ولم يكن هناك خيار أفضل منها.
~~~
لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 4"