“لا أعرف لماذا أرسلوا فتاة عديمة الفائدة مثلكِ… لكن اذهبي وأخبريهم: تلك الفتاة ذات الشعر الأشقر الثرثارة التي أرسلوها هذه المرة ماتت وهي تحاول سرقة مالي.”
“ماذا قلت؟”.
“آه، وأخبريهم أيضًا: إذا توقفوا عن مضايقتي، سأبقى هادئًا ومطيعًا كما يريدون. ألا يكفي هذا؟ هذه المرة السادسة بالفعل!”.
اتسعت شفتا ليليانا بدهشة. لم تكن الصدمة من الجرائم التي تحدث عنها سيلفانو بلا مبالاة هي ما أذهلها فحسب، بل كانت الحقيقة التي بدأت تتضح: سبب تصرفه بحذر شديد.
‘إذن، هذا هو السبب…’ فكرت. يبدو أن لجنة المافيا أرسلت عدة أشخاص من قبل، وقد يكون سيلفانو قد قضى عليهم. لهذا ظن أنها واحدة منهم، مرسلة لمعاقبته أو استهدافه.
تنهدت ليليانا بعمق، وشعرت بالإحباط يغمرها. كل التوتر الذي شعرت به والألعاب التي لعبتها معه كانت مضيعة للوقت. لو كانت تعلم نواياه منذ البداية، لما أضاعت ساعات في محاولة كشف هويته.
بنفاد صبر، لوّت ذراعها المقيدة بقوة.
“قلتُ أتركني! لا علاقة لي بأي من هذا، ولا أهتم!”. تغيرت نبرتها فجأة، مما جعل سيلفانو يعبس بعمق. لكنه لم يبدُ مهددًا. لم تعد ليليانا تشعر بالحاجة إلى الحذر.
“لا تقاطعنب، واستمع حتى النهاية. جئتُ لأعيدك إلى ديمريسي. ألن تموت هنا مللًا أن عشت حتى آخر ايامك؟”.
قلبت ليليانا كلامه عليه بسخرية، مرتدية ابتسامة مشابهة لابتسامته الماكرة.
“ألم تكتفِ من استنشاق الهواء النقي؟”.
اختفت ثقته المعتادة، وتمايلت عيناه بالارتباك. بدا وكأنه تلقى ضربة غير متوقعة، فضحك بسخرية.
“يا إلهي، هذا مثير!”.
على الرغم من محاولته للحفاظ على هدوئه، شعرت ليليانا باضطرابه. استغلت الفرصة وأضافت بسرعة: “سأقدم لك فرصة لا تتكرر. فرصة لتعيث فسادًا كما تشاء في ديمريسي.”
***
في الرابعة عصرًا، كان المكتب يغرق في ضوء الشمس الدافئ الذي تسلل عبر النوافذ، ملقيًا بظلال متشابكة على الأرضية الخشبية. كان الهواء هادئًا وكسولًا، يقطعه فقط صوت تقليب الصفحات من حين لآخر.
كان بول جالسًا خلف مكتب العمل، يراجع أوراقًا، بينما كان ثيودورو مستلقيًا على الأريكة، يقرأ جريدة، يمرر الوقت ببطء.
تحطمت السكينة عندما أزال بول نظارته ليستريح قليلاً، وتمتم ثيودورو من خلف جريدته:”ما هذا الفوضى.”
نظر بول نحوه، وتبع عينيه إلى الجريدة.
“هل تتحدث عن ويست بيل؟”.
كانت العنوان الرئيسي في الجريدة تتحدث عن جريمة قتل أخرى في تلك المنطقة.
“نعم، إنها حرب عصابات هناك.”
“همم… قد يدعو السيد لوتشيانو إلى اجتماع قريبًا.”
تنهد ثيودورو وأغلق عينيه. لكنه كان يعلم أن إغلاق عينيه لن يمحو المتاعب.
استغل بول اللحظة ليطرح سؤالاً كان يدور في ذهنه منذ فترة:”ماذا ستفعل؟ من المرجح أن يطلب السيد لوتشيانو منك التعامل مع عصابة غوت. إذا واصلت حماية الثلاث فصائل-“.
“حماية؟” قاطعه ثيودورو بضحكة ساخرة. “أنا فقط أتعاون معهم لأنهم مفيدون أحيانًا.”
سكت بول، وأطرق برأسه. كان يريد أن يسأل المزيد: هل حقًا يراها بهذه البساطة؟ ألم يفكر أبدًا في أن التمسك بعائلة باربونا ولوتشيانو قد لا يكون الخيار الأفضل لمستقبل المنظمة؟ لكنه لم يجرؤ على تجاوز حدوده.
حاول قراءة تعابير ثيودورو، لكن الأخير غطى وجهه بالجريدة واستلقى على الأريكة، كأنه يرفض مواصلة الحديث. تنهد بول بهدوء، وهو يشعر بالإحباط.
فجأة، سمع طرق على الباب.
طق طق طق.
“لدينا زائر.”
“همم؟”.
عبس بول. هل كان هناك موعد مجدول؟ استعرض ذاكرته وتفقد التقويم، لكن لم يجد شيئًا. نظر إلى ثيودورو، الذي لم يتحرك، وسأل: “من الزائر؟”.
سمع همهمات من خلف الباب، ثم جاء الرد: “ليليانا موريتي-“
“ليليانا موريتي، هكذا قالت.”
“الآنسة ليليانا موريتي هنا.”
قفز بول من مقعده، مصدومًا. كان صوتها المميز، الخافت والغامض، لا يُخطأ. التفت إلى ثيودورو، الذي أزال الجريدة من وجهه وحدق في الباب بعينين متسعتين.
قبل أن يتكلم بول، قال ثيودورو: “أدخلها.”
فتح الباب، ودخلت ليليانا ببطء، يتبعها رجل ذو مظهر مهمل. كان بول لا يزال واقفًا، فمه مفتوحًا من الصدمة. حتى ثيودورو، رغم هدوئه، رفع حاجبًا بدهشة.
“إذن، عاد المشاغب الذي تخلت عنه ديمريسي.”
كانت تحيته باردة وساخرة. عبس سيلفانو، لكنه سرعان ما تراجع بدهشة.
“ما هذا؟ كدتُ أظنك شخصًا آخر! لقد تقدمتَ في العمر!”.
“مر وقت طويل منذ آخر لقاء. أنت أيضًا تتقدم في السن.”
“كنتَ جذابًا إلى حد ما يومها. من كان يظن أنك ستصبح رجلاً عجوزًا بلا حياة؟ وأنتَ يا بول، نفس الشيء!”.
“أنا؟ هل رأيت نفسك في المرآة قبل أن تتحدث؟ بعد كل هذا الوقت، لا زلتَ وقحًا!”.
بينما كان الثلاثة يتبادلون الإهانات، وقفت ليليانا تطرف بعينيها بدهشة.
“كف عن الهراء,” رد ثيودورو بسخرية، نافيًا أي قرب بينهما. لكن من الواضح أن هناك تاريخًا مشتركًا. لا أحد يتبادل مثل هذه المزاحات دون معرفة سابقة.
:ما الذي جمع هؤلاء؟’ تساءلت ليليانا. ‘سيلفانو من عائلة كوريلا، وليس بينيديتي.’
لكن أسئلتها حُلت بسرعة غير متوقعة.
“لماذا تتصرف هكذا؟ ستجعلني أشعر بالإهانة، ثيو! حتى والدك فيتوريو سينهض من قبره غاضبًا. لقد ساعدتكم كثيرًا يومها!”.
“توقف عن ذلك.”
“ألم أكن أنا من أخذ بثأر السيدة دي لوسيا التي أحببتها كثيرًا؟”.
توقفت ليليانا. هل يُسمح لها بسماع هذا؟ كانت المعلومات ثقيلة. هل استعانت عائلة بينيديتي بقاتل مأجور من عائلة كوريلا للانتقام للسيدة دي لوسيا؟ وهل كان سيلفانو هو من نفذ هذا الانتقام؟.
‘إذن، هذا سبب إنقاذ فيتوريو لسيلفانو من الموت ونفيه، ولهذا أيضًا أعاد لوتشيانو ضمه لاحقًا،’ فكرت.
كشفت الحقائق التي لم يعرفها حتى ووين. لكن السؤال الأكبر بقي: من هي السيدة دي لوسيا؟ اسم الحانة التي تعمل فيها ليليانا مستمد منها بالتأكيد، لكن واين لم يذكر شيئًا عنها. هل كان يجهل الأمر، أم أخفاه عن قصد؟.
وما الذي حدث لتدفع عائلة بينيديتي إلى طلب مساعدة كوريلا للانتقام؟ ومن كان الهدف؟.
لكن قبل أن تجد إجابات، التقط ثيودورو قلم حبر من الطاولة وألقاه نحو سيلفانو.
هوووش!
مر القلم بالقرب من أذن ليليانا، لكن سيلفانو تفاداه بحركة رشيقة.
“آه!”.
سقط القلم على الأرض. تنفست ليليانا بصعوبة، مصدومة من هجوم ثيودورو المفاجئ.
:ما هذا الجنون؟: فكرت، وهي تحدق فيه. لكن ثيودورو بدا غير مبالٍ بفشل هجومه. ربما كان يعلم أن سيلفانو لن يُصاب بسهولة، وكان الهدف فقط إسكاته.
“إذا لم ترغب في العودة إلى تلك القرية النائية، أغلق فمك.”
نهض بول بسرعة، وهو يبدو متوترًا. لاحظت ليليانا أن هذه هي المرة الأولى التي ترى فيها بول يتحرك بهذه العجلة. ربما شعر أن ترك سيلفانو لفترة أطول سيؤدي إلى كارثة.
:هل يجب أن أغادر أنا أيضًا؟’ تساءلت ليليانا، وهي تنظر إلى سيلفانو وهو يغادر المكتب. لكن صوت ثيودورو البارد أوقفها.
“لدينا حديث لم ننتهِ منه، ليليانا موريتي.”
تشنجت رقبتها. استدارت ببطء لترى ثيودورو جالسًا بغطرسة، ساقيه متقاطعتين، يشير إليها بذقنه.
***
:ما هذه الحياة المجنونة؟’ فكرت ليليانا. قلبها لم يعرف الراحة أبدًا. بعد أن تعاملت مع سيلفانو، ها هي الآن تواجه تحديًا جديدًا: ثيودورو.
كان سيلفانو غير متوقع، يجعلها تشعر بالتوتر في كل لحظة. أما ثيودورو، فكان وجوده نفسه يبدو كجبل لا يمكن تسلقه، يخنقها بثقله.
جلست على الأريكة، تشعر بالتوتر، وهي تراقب ظهر ثيودورو العريض. لم يقل شيئًا منذ أن استوقفها، وبدأ يعبث بالخزانة.
بانغ!
ارتجفت ليليانا عندما أغلق باب الخزانة، وأنزلت عينيها بسرعة. اقتربت خطواته الثقيلة، وتوقف حذاؤه أمامها.
“اخلعيه.”
“ماذا؟”.
رفعت رأسها بدهشة، لترى عينيه الباردتين مثبتتين عليها. كرر بنبرة حادة: “اخلعيه. أم يجب أن أفعل ذلك بنفسي؟”.
“ماذا… لماذا؟”.
شحب وجهها، وأمسكت بياقتها بقوة، متراجعة. لكن يده اقتربت بسرعة، وخلع معطفها الرقيق بسهولة، ثم رفع كم بلوزتها.
“آه!”.
تأوهت ليليانا عندما لامس القماش بشرتها المجروحة. كشف ذراعها عن جرح ناتج عن سكين.
توقف ثيودورو فجأة، وعيناه مثبتتان على الجرح الأحمر. ابتلعت ليليانا ريقها بصعوبة، ونظرت إليه بحذر.
~~~
لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 19"