1
جسدٌ طري، هلامي، بلون أزرق سماوي نقي.
عينان مثل حبتي فاصولياء سوداء تزينان الوجه، وفمٌ صغير بالكاد يُرى ما لم يُفتح عمدًا.
سلايم.
لقد أصبحتُ سلايم. وايضا سلايم صغير ضئيل الحجم أيضًا.
ما الذي اقترفتهُ بحق السماء؟
لقد مرّت ثلاثة أشهر منذ استيقظتُ كـ سلايم في هذه الغابة.
“موااانغ.”
تنهدٌ هارب خرج من فمي الصغير.
وكأنني أعرف ما الذي حدث لي.
حرّكت مؤخرتي الصغيرة وتكوّرت بجانب مصدر دافئ.
بعقلٍ بسيطٍ كهذا، لم يكن بإمكاني فهم الوضع، ناهيك عن شرحه.
كل ما أستطيع فعله الآن… هو حماية الصديق الصغير النائم أمامي.
نسمةٌ باردة تسللت من خلال شقٍ في الباب، لتداعب شعره الأسود الجميل.
ذلك الفتى الجميل… هو طوق نجاتي.
وميضٌ من الأمل اشتعل بشدة في صدري.
بداية هذه الفوضى الغريبة… كانت قبل عدّة أشهر.
***
أنا أكره البرد…
في عزّ الشتاء، لا يوجد شيء أدفأ من التمدد تحت بطانية ناعمة.
تنفّست بعمق وزفرت بسعادة.
حتى في نومي، ظلّ تيار هواء بارد يتسلل إليّ، فأضطرّ للتكور على نفسي.
أين بطّانيتي…؟
تقلبتُ بحثًا عنها، وفجأة، استيقظت على شعورٍ شديدٍ بالبرد.
أنا… مستلقية على مكتبٍ خشبي صلب؟
كل ما أراه حولي شظايا زجاجٍ مكسور وآثارٌ لسائلٍ غامضٍ جاف.
عقلي تجمّد، حاولت أن أرفع جسدي — لكنني لم أستطع لمس الأرض.
لماذا…؟
هل هذا ممكن أصلًا؟
أنا… لا أملك يدين؟
لا، لأكون دقيقة: لا أمتلك يدين، ولا ذراعين، ولا ساقين.
ما الذي حلّ بي؟
هل أنا محاصَرة داخل صخرة أو شيء ما؟
مهما فكرت، لم أستطع فهم ما يحدث.
بدأت أحرك جسدي محاولة استيعاب وضعي.
وعندما ركّزت النظر داخل قارورة زجاجية شبه سليمة على الطاولة، رأيت شيئًا…
ما هذا؟
صُدمت، وحاولت لمس القارورة بـ”يدي” اليمنى.
بالطبع، ليست لدي يد.
في تلك اللحظة، لاحظت كتلة زرقاء ضبابية تهتز بجانبي الأيمن.
هاه؟
ثم تحركت نحو اليسار. والكتلة الزرقاء الزاهية تزحف نحو الجهة الأخرى أيضاً.
“موااات!”
صرخة خرجت من مخلوقٍ صغير بعيونٍ منقّطة داخل الزجاج.
ذلك… أنا؟
ما رأيته… كان سلايم.
سلايم بحجم كفّ اليد، تمامًا كأولئك الذين يطفون في ألعاب الخريف ذات الأوراق المتساقطة.
“موااانغ…”
لا يمكن… لا يمكن أن يكون هذا حقيقيًا…
هذا جنون، حتى أنني لا استطيع التحدث!
“مااه…”
مرحبًا؟
“موا.”
اذهب.
“موانغ.”
تعال.
“مواات.”
الجميع…
أي عالمٍ مجنونٍ هذا…؟
في الزجاج، انعكس جسد سلايم بلون صودا أزرق، وعيون سوداء صغيرة.
ياللشفقة…
“مااااه…”
هذا غير معقول…
والمؤلم أكثر، أنه مهما حاولت تذكّر مَن أكون، لم أستطع. لا اسم، لا وجه، لا شيء.
ذاكرتي مُسحت بالكامل.
أذكر فقط… فتاة كانت تعيش في كوريا…
ربما كنت طالبة جامعية…؟
هل متُّ؟ هل هذا تلبّس؟
زفرت تنهيدة استسلام. لا فائدة، لا أستطيع تذكّر شيء.
ما هذا الفراغ القاتل؟
أتذكّر كيف كنت أرهق نفسي في الوظائف الجزئية، أو أرسم على هوامش كتبي أثناء المحاضرات…
لكن، لماذا لا أستطيع تذكّر نفسي؟ أو أي أحدٍ حولي؟
السلايم الصغير في الزجاج تدلى برأسه.
“موت.”
غير قابل للتصديق…
هل خسرتُ ذكائي بسبب تحولي إلى سلايم؟
زفرتُ تنهيدة عميقة. حياتي البشرية انتهت بسخافة لا تُصدّق.
عندما نظرت حولي بحزن، أدركت أنني في كوخٍ غريب.
بقع دمٍ جافة وزجاج مكسور يبعثان شعورًا سيئًا.
الزجاجات تشبه تلك التي تُستخدم في مختبرات العلوم…
وفجأة، ومضة لمعت في رأسي
“مويت!”
حدث شيء ما! هل كنت… تجربة؟!
من كل رواياتي الخيالية التي قرأتها، هذا يشبه تمامًا وعي سلايم قد تم إيقاظه بعد تجربة فاشلة.
هل أنا متلبسة؟ أم أنني تجسّدت مجددًا كسلايم واستعدت ذاكرتي أخيرًا؟
“مويت؟”
وماذا عن الأشخاص؟ من فعل هذا بي؟
مسحت المكان بنظري، وشعرت بتقلصٍ في صدري.
آثار دماء جافة سوداء، كرسي مكسور غارق بالدم، وخدوش على الأرض…
“موووم…”
أدرت وجهي عن المشهد. نظرت مجددًا إلى صورتي في الزجاج.
هل عليّ حقًا أن أحفر في هذه الكارثة أكثر؟
على الأقل… أنا على قيد الحياة.
رأيت أثر دمٍ يقود إلى الباب، لكنني تجاهلته عن عمد.
هاها… الحمد لله، لا أحد هنا.
“ويت.”
انسَ الأمر.
سواء كانت حياة جديدة أو تلبّسًا… من يهتم؟
الوضع فوضوي من كل الجهات.
لا بد أن شيئًا دراميًا جدًا حدث، وهذا ما جعلني أستفيق.
عقلي، الذي كان قد دخل في إضراب، قرر تلخيص الوضع ببساطة.
هل لدي عقل أصلًا؟
حدّقت بجسدي السلايمي، لا أعضاء، لا أدمغة، لا شيء يُرى.
“موووونغ…”
هل هذا هو جسدي من الآن فصاعدًا…؟
سأعيش حياة سلايم… لا بل حياة سلايم بدلًا من حياة عادية.
“نوااانغ.”
كيف حدث هذا بحق الجحيم؟
في الروايات التي كنت أقرأها، الناس يتجسدون كأميرات، فرسان، أو شخصيات مدهشة!
حتى ابنة كونت أو خادمة مظلومة… على الأقل بشر!
مليئة باليأس، أدرت ظهري للحقيقة القاسية.
“موت.”
تماسكي…
التقطت أنفاسي، وقررت الخروج واستكشاف المنطقة.
البقاء هنا لن يُغيّر شيئًا.
لا بد لي من إيجاد طريقة للنجاة.
“مووونغ!”
مهارة مكتسبة!
لقد تعلمت كيف أتحرّك!
لا أطراف لدي، لكن الأمر لم يكن صعبًا كما ظننت.
انحنِ للأمام وادفع، الجسم ينزلق مثل الزلاجة!
“موانغ.”
زحلقة…
في الواقع، الأمر ممتع نوعًا ما؟
“موانغ.”
“مااه.”
“مويت!”
انزلقت بحماسٍ عدة مرات داخل الغرفة، ثم توقفت أمام بابٍ كبير.
ابتلعت ريقي، وألصقت جسدي بالأرض.
هل هناك أحدٌ بالخارج قد يساعدني؟
تقدمتُ ببطء عبر فتحة صغيرة في الباب، والثلج البارد انضغط تحتي.
كان الخارج غابةً بيضاء مكسوة بالثلج.
توقعت حيًا إجراميًا مظلمًا أو أحد الأحياء الفقيرة، لكن فمي ظلّ مفتوحًا من الدهشة.
قرب الكوخ كانت مساحة خالية، ومن بعدها غابة كثيفة لا يُرى آخرها.
“موااا…”
تبًا…
لم يكن أمامي خيار سوى الزحف بجسدي الصغير وسط الثلج.
يجب أن أجد شيئًا… أي شيء.
لا أعلم كم مرّ من الوقت، لكن معدتي بدأت تصرخ من الجوع.
غررر…
أصبحت رؤيتي بيضاء من شدّة الجوع.
ارتجفت من الإحباط.
أنا… أموت جوعًا.
من المؤكد أن هذا الجسد كان جائعًا حتى قبل أن أستفيق فيه.
مهلًا… ما الذي يأكله السلايم عادةً؟
تجهم وجهي.
ليس لدي أعضاء داخلية، هل سأُصاب بعسر هضم أصلًا؟
لا وقت للأسئلة. يجب أن أجد ما أسدّ به جوعي.
“بييييب.”
يا للمسكينة.
كأنهم كانوا يُطعمونها جيدًا أصلًا.
إذا كنتم ستجرون تجارب، فعلى الأقل احترموا حقوق السلايم الأساسية!
الغذاء شرط أساسي لنجاح أي تجربة، أليس كذلك؟
بينما كنت أتحرك متذمرة، انتشر في الجو عبقٌ غريب دغدغ حواسي.
مهلًا، أنا لا أملك أنفًا… هل أتخيله فقط؟
تمدّدت قليلًا للأمام، ورأيت شجيرة قريبة مليئة بتوت أحمر.
لا يمكن…
غريزة السلايم لا تكذب!
“مااه!”
طعام!
لهثت بحماس.
التوت بحجم الكرز يملأ رؤيتي، واتسعت عيناي.
وقبل أن أدرك الأمر، كان اللعاب يسيل من فمي الصغير.
سسسس… ششش.
ما ذلك الصوت؟
استفقت من نشوتي، وحدّقت نحو الأسفل بصدمة.
لعابـي… يذيب العشب.
“مييي…”
ما هذا بحق الجحيم؟!
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"