━━━●┉◯⊰┉ الفصل 5 ┉⊱◯┉●━━━
تجاهلَ كايدِنْ بِنْ، الذي كانَ لا يزالُ يتمتمُ بقلقٍ، واستحضرَ ذكرى أخرى لهُ مع رينا في ذهنِهِ.
‘أرجو أنْ تعذريني عنْ وقاحتي السابقةِ.’
‘أنا مَنْ أسأتُ إليكَ أوّلًا. فقد جئتُ دونَ إشعارٍ مُسبقٍ، فشكرًا لأنّكَ لمْ تطردْني.’
‘ومعَ ذلكَ، كانَ خطأي أنْ أطلقتُ نيةً عدائيةً بتهوّرٍ تجاهكِ. الأمرُ حساسٌ ليّ، لذلك تغلّبتْ مشاعري عليّ.’
‘حقًا، لا بأسَ. سمعتُ أنَّ أهلَ الشمالِ سريعو الغضبِ وكثيرو الانفعالِ. ربما تطوّروا هكذا بسببِ معاركِهم التي تجعلهم ما بينَ الحياةِ والموتِ. أحيانًا، يكونُ ما يمليهِ القلبُ أصوبَ ممّا يمليهِ العقلُ.’
‘لمْ أتوقّعْ أنْ تقول شيئًا كهذا بهذهِ الطريقةِ. هلْ تسخرينَ منّي؟’
‘ماذا؟ كلا، بالطبعِ لا! مَنْ يجرؤُ على مسّكَ؟ شخصٌ مثلي سينتهي أمرهُ قبلَ أنْ يقتربَ منكَ حتى.’
‘…اعتني بنفسِكِ وأنتِ ذاهبةٌ.’
“هااه.”
أنهى كايدِنْ تذكّرهُ لهذا وضحكَ بخفّةٍ. لمْ يبالِ بنظرةِ بِنْ، التي كانتْ كمنْ يرى مجنونًا أمامهُ.
كانتِ الأميرةُ رينا كأرنبٍ يقتحمُ عرينَ نمرٍ ويعرضُ رقبتَه له. لمْ يرفضْ عرضَها الغريب الذي رمتهُ دفعةً واحدةً لأنّهُ أعجبَ بشجاعتِها.
تذكّرَ كيفَ أكملتْ كلامَها رغمَ ارتعاشِها، فتسرّبتْ ضحكةٌ أخرى من شفتيه.
كانتْ امرأةً غريبةً، جريئةً في كلامِها لكنّها تراقبُ ردودَ أفعال الآخرينَ بحذرٍ.
قالَ حدسُه إنَّ الأميرةَ رينا تتحدّثُ بصدقٍ.
بينما كانَ بِنْ يفكّرُ في استدعاءِ طبيبٍ لسيدهِ، تحدّثَ كايدِنْ:
“ربما سيكونُ لدينا دوقةٌ جديدةٌ قريبًا.”
“ماذا؟ أنتَ تمزحُ، أليسَ كذلكَ؟”
“هلْ رأيتني أمزحُ من قبل؟”
ضحكَ كايدِنْ بخفّةٍ، فاتّسعتْ عينا بِنْ بشدةٍ.
بدا سيّدُه مستمتعًا بشكلٍ غيرِ معتادٍ.
علمَ بِنْ مدى إصرارِ كايدِنْ عندما يهتمُّ بشيءٍ، فتنهّدَ بهدوءٍ. يبدو أنَّ عرضَ الأميرةِ رينا قدْ أثّرَ فيهِ بقوّةٍ.
مهما كانَ الأمرُ، واجبُ التابعِ هو دعمُ سيّدِه. لذلك قالَ بِنْ بجدّيّةٍ:
“على الأقلِّ، انتظرْ تقريري قبلَ اتّخاذِ القرارِ.”
“أحضرْه بحلولِ الغدِ.”
“…”
“ماذا؟ لا تريدُ؟”
“لو قلتُ لا، ستطلبُ منّي إحضارَه اليومَ، أليسَ كذلكَ؟”
“يبدو أنكَ تعرفُ هذا جيّدًا.”
ابتسمَ كايدِنْ مؤكّدًا، فنظرَ بِنْ إليهِ بانزعاجٍ وخرجَ منَ المكتبِ.
***
‘نجحتُ!’
في طريقِ عودتِها إلى القصرِ الإمبراطوريِّ، هتفتْ رينا داخليًا.
قلقتْ من موقفِ كايدِنْ غيرِ المتعاونِ، لكنَّ الأمورَ سارتْ على ما يرامُ.
في حياتِها السابقةِ، درستْ كلَّ شيءٍ عنهُ بأمرِ الإمبراطورِ. لذلك لا أحدَ يعرفُ ما يثيرُ اهتمامَه مثلَ رينا.
كانَ كايدِنْ شديدَ التعلّقِ بالشمالِ وأهلِه، مستعدًا للتضحيةِ بنفسِه لحمايتِهم.
لذا هي استهدفتْ هذهِ النقطةَ.
إذا كانتْ قدْ قادتْه إلى الدمار في حياتِها السابقةِ، فالآنَ ستفعلُ العكسَ.
‘أستطيعُ رؤيةَ المستقبلِ، وأشياءَ أخرى أيضًا، مثلَ أوكارِ الوحوشِ المختبئةِ خلالَ موسمِ التكاثرِ. أشعرُ بطاقةٍ غريبةٍ هناكَ.’
‘حقًا؟’
‘وقريبًا، ستنتشرُ وحوشٌ منَ الدرجةِ الأولى في الشمالِ. إنْ تزوّجتني، سأخبرُكَ بأماكنِ بيضِها. تدميرُها قبلَ الفقسِ سيكونُ مفيدًا للشمالِ.’
‘هذا عرضٌ مغرٍ، لكنْ كيفَ أصدّقُكِ؟’
‘غدًا، سيصلُ رسولٌ منَ الشمالِ يخبرُكَ باكتشافِ جلدِ غوريت، وحشٍ منَ الدرجةِ الأولى.’
‘هلْ تقولينَ حقًا إنّكِ ترينَ المستقبلَ؟’
‘ستعرفُ غدًا إنْ كنتُ أكذبُ لخداعِكَ أمْ أرى المستقبلَ بالفعلِ.’
‘إنْ كانَ كلامُكِ صحيحًا، فلنْ يكونَ هناكَ سببٌ لرفضِ عرضِ الزواجِ هذا.’
‘إذًا، سأنتظرُ.’
جمعتْ رينا يديْها المرتجفتينِ على صدرِها. كانَ كايدِنْ أكثرَ رعبًا ممّا توقّعتْ.
شعرُه الأسودُ كالليلِ، وعيناهُ البنفسجيّتانِ الحادّتانِ كعينيْ وحشٍ مفترسٍ، وهالتُه، كحفيدِ تنينٍ، كانتْ مخيفةً.
كانَ طويلًا لدرجةِ أنّها شعرتْ بألمٍ في
رقبتِها وهي تنظرُ إليهِ.
نظرتْ رينا إلى قلعةِ الدوقِ المبتعدةِ منْ نافذةِ العربةِ وغرقتْ في أفكارِها.
لحسنِ الحظِّ، لمْ يتجاهلْ عرضَها. رغمَ حدّتِه، كانَ واضحًا أنّه استمعَ إليها بجدّيّةٍ.
شعرتْ براحةٍ، ونظرتْ إلى السماءِ الزرقاءِ لأوّلِ مرّةٍ منذُ زمنٍ، متمتمةً:
“يا لها من سماءٍ رائعةٍ تجعلُ العينينِ تدمعانِ…”
قرّرتْ أنْ تراها قدرَ المستطاعِ طالما تستطيعُ، ولمْ ترفعْ عينيْها عنْها لفترةٍ.
***
مرتْ ثلاثةُ أيامٍ منذُ لقائِها بدوقِ كرينسيا، ولمْ يصلْ منهُ أيُّ خبرٍ.
بدأتْ رينا تشعرُ بالقلقِ منَ الانتظارِ الطويلِ غيرِ المتوقّعِ.
‘ما الخطبُ؟ هلْ لمْ يصلِ الرسولُ بعد؟ هذا مستحيلٌ.’
في هذا الوقتِ تقريبًا، اكتُشفَ جلدُ غوريت في الشمالِ، فعادَ الدوقُ مسرعًا.
خلالَ خمسةِ أيامٍ، سيرحلُ. لذلك لمْ تكنْ متأكّدةً إنْ كانَ عليها الانتظارُ أكثرَ.
بينما كانتْ رينا تمشي ذهابًا وإيابًا بقلقٍ، اقتربتْ رئيسةُ الخادماتِ بعدَ طرقِ البابِ، مقدمةً صينيةً فضيّةً تحملُ رسالةً.
تعرّفتْ رينا فورًا على رمزِ ميزانِ الحكمةِ وساعةِ الشمسِ الأبديّةِ، شعاريْ عائلةِ ميرنييه.
تمتمتْ بهدوءٍ:
“هذهِ…”
“تهانينا، سيّدتي الأميرةُ. لقدْ دعاكِ جلالةُ الإمبراطورِ إلى العشاءِ اليومَ.”
كتمتْ رينا صرخةً بدهشةٍ، مغطّيةً فمَها.
كانَ الإمبراطورُ يدعو أربعةً منْ أفرادِ العائلةِ الإمبراطوريّةِ الواعدينَ للعشاءِ، وهي مناسبةٌ لاختيارِ المفضّلينَ لهُ أمام الجميع.
كانتِ الفروقاتُ بينَ مَنْ يُدعَونَ ومَنْ لا يُدعَونَ هائلةً.
كان معظمُ أفرادِ العائلةِ الإمبراطوريّةِ يطمحونَ لدعوةِ العشاءِ هذه، ورينا منهم، لكنّها لمْ تُدعَ قطّ بسببِ سجنِها بعدَ ظهورِ قوتِها مباشرةً.
كانَ الإمبراطورُ طمّاعًا، يستخدمُ حتّى بناتِه كأدواتٍ لتحقيقِ حلمِه بتوحيدِ القارّةِ تحت سلطته، وكان قاسيًا بما يكفي لمحو أسمائِهنَّ منَ التاريخِ إنْ لزمَ الأمرُ.
كانتْ رينا الساذجةُ تتوقُ إلى نظرةٍ أو اهتمامٍ منهُ، دونَ أنْ تعلمَ أنَّ الثمنَ كانَ عشرَ سنواتٍ منَ الاستغلالِ والحبسِ والتعذيب.
‘لا بدَّ أنَّ الدوقَ زارَ الإمبراطورَ.’
وإلّا لما دعاها الإمبراطورُ فجأةً. في هذا الوقتِ، كانتْ رينا بالنسبةِ لهُ ابنةً غيرَ مهمّةٍ، سواءٌ كانت موجودةً أو غائبةً.
في الماضي، كانتْ ستقفزُ فرحًا بدعوةِ العشاءِ هذه، لكنَّ الآنَ، كانَ قلبُها ينبضُ بشدةٍ لسببٍ آخرَ.
‘يجبُ ألّا أخطئَ.’
لحسنِ الحظِّ، لمْ تظهرْ قوتُها بعدُ، فلا داعي لأنْ يسجنَها الإمبراطورُ مبكرًا. ومعَ ذلكَ، شعرتْ بالتوترِ.
ساعدتْ رئيسةُ الخادماتِ رينا في التحضيرِ للعشاءِ، وهو أمرٌ غريبٌ بالنسبةِ لها، إذْ كانتْ أميرةً بالاسمِ فقطْ.
ماتتْ والدتُها وهي تلدُها، وأخوها الأكبرُ بثلاثِ سنواتٍ اختفى منذُ ثلاثِ سنواتٍ أثناءَ حَملةٍ تطهيريةٍ.
عندما فقدتْ عائلةُ إيف، وهم أقرباؤُها منْ جهةِ الأمِّ، دعمَهم من قبل أخيها، طُردوا إلى إقطاعيّتِهم.
حاولتْ رينا اللحاقَ بخالِها، لكنْ ذلكَ لمْ يحدثْ بسببِ حظرِ الإمبراطورِ خروجَ أفرادِ العائلةِ الإمبراطوريّةِ.
تدريجيًا أصبحتْ رينا معزولةً. هلْ يمكنُ لأميرةٍ بلا دعمٍ خارجيٍّ أو إخوةٍ أنْ تعيشَ كأميرةٍ حقًا؟
وعندما حانَ وقتُ العشاءِ، سارعتْ رينا إلى
قاعةِ الوليمةِ مُبعِدةً هذه الأفكّار عَنها.
__تَرْجم بِكلِّ حُبٍّ مِنْ قَبْلِ كَارِيبِي
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 5"