━━━●┉◯⊰┉ الفصل 3 ┉⊱◯┉●━━━
“مَن جاءَ لزيارتي؟”
“الأميرة رينا إيف ميرنييه، سيدي.”
استغربَ كايدن، الذي لم يتذكّرْها على الفورِ حتّى بعدَ سماعِ اسمِها، وسألَ:
“هل كان لدينا موعدٌ؟”
“بالطبعِ لا.”
هزَّ بن كتفيهِ مازحًا، فعبسَ كايدن.
كان مشغولًا بتحضيراتِ عودتِه إلى الشمالِ، وها هو زائرٌ غيرُ متوقّعٍ يظهرُ أمامهُ فجأةً.
والأسوأُ أنّها من العائلةِ الإمبراطوريّةِ، فهي أقربُ إلى ضيفٍ غيرِ مرغوبٍ.
بعدَ الإمبراطورِ الذي يستدعيهِ لأمورٍ تافهةٍ، الآنَ جاءتِ الأميرةُ لتعكّرَ صفوَ حياته.
“ألا يمكنُ إعادتُها؟”
“تعلمُ الإجابةَ، فلمَ تسألُ؟”
ابتسمَ بن بلطفٍ وأجابَ بحزمٍ، فتنهّدَ كايدن بعمقٍ.
نهضَ على مضضٍ وتوجّهَ إلى غرفةِ الاستقبالِ.
لم يلتقِ بالأميرةِ رينا سوى مرّةٍ واحدةٍ في مأدبةٍ قبلَ ستِّ سنواتٍ.
كانتْ ضعيفةَ الجسدِ ونادرًا ما تحضرُ
الحفلاتِ.
جسمٌ نحيلٌ، شعرٌ أبيضُ بلاتينيٌّ نقيٌّ يميلُ الى الشقرة، بشرةٌ شاحبةٌ كالثلجِ، وعينانِ زرقاوانِ فاتحتانِ.
كانتْ تشبهُ الإمبراطورَ كثيرًا، لكنْ طباعَها
بدتْ أقربَ إلى والدتِها.
بالطبعِ، كلُّ هذا مجرّدُ تخميناتِه.
لم يتبادلا حوارًا حقيقيًا من قبلُ.
كونَها شخصيةً بالكادِ يعرفُها هذا جعلَ من الصعبِ عليه تخمينَ نواياها المفاجئةِ في زيارته.
عندَ وصولِه إلى غرفةِ الاستقبالِ، تأمّلَ كايدن رينا بهدوءٍ.
كانتْ جالسةً مغمضةَ العينينِ، غارقةً في أفكارٍ عميقةٍ.
عندما أحدثَ صوتًا، فتحتْ عينيها.
كانتْ عيناها الزرقاوانِ الباردتانِ تحملانَ
شعورًا بالأنفصال عن العالم.
شعرَ وهو يواجهُهما كأنّ شيئًا داخلَه يُكشفُ أمامها رغمًا عنهُ.
كانتْ مختلفةً تمامًا عن الفتاةِ الضعيفةِ البريئةِ التي رآها سابقًا، لدرجةِ أنّه تساءلَ إنْ كانتْ هي نفسُها.
“دوقُ كرينسيا.”
“كايدن كرينسيا، حامي الشمالِ، يحيّي نجمةَ عائلةِ ميرنييه المتألّقةَ.”
أدّى كايدن تحيّةً خفيفةً للأميرةِ وجلسَ مقابلَها.
تحدّثتْ رينا بوجهٍ حازمٍ:
“جئتُ لأطلبَ منكَ شيئًا. بالطبعِ، ليسَ مجرّدَ مساعدةٍ بلا مقابلٍ.”
“منّي أنا؟”
ميلَ كايدن رأسَه بسخريةٍ وسألَ.
هل كان بينَهما ما يكفي من الثقةِ لإبرامِ صفقةٍ كهذه؟
فوقَ ذلكَ، كانتِ العائلةُ الإمبراطوريّةُ تحذرُ من دوقيةِ كرينسيا بشدّةٍ.
كان ذلكَ بسببِ قوتِهم الهائلةِ وجيشِهم الضخمِ، إذْ يُطلقُ عليهم لقبُ ‘أحفادِ التنانينِ’.
حسبَ كايدن أيَّ فخٍّ محتملٍ وقالَ لرينا:
“حسنًا، دعيني أستمعُ لما لديكِ.”
“أريدُ أن تتزوّجني.”
“؟!”
“كح! كح! أغهغ!”
سعلَ بن، الواقفُ بجانبِهما، مختنقًا من صدمةِ إعلانِ رينا لطلب الزواج المُفاجئ.
كان كايدن مذهولًا بنفسِ القدرِ.
“عذرًا، هل أخطأتُ السمعَ؟”
“لا، سمعتَ جيدًا. إنْ أمكنَ، أودُّ الزواجَ قبلَ عيدِ ميلادي العشرينَ.”
“…”
كرّرتْ رينا نيتَها بهدوءٍ وانتظرتْ ردَّه.
بدتْ وكأنّها جاءتْ لاستعادةِ شيءٍ تركتهُ خلفها، فهي تتحدثُ بجرأةٍ لافتةٍ.
أمّا كايدن، فقد كان مبهوتًا لدرجةِ أنّه لم يجدْ كلامًا ليقوله.
“إنْ سمحتِ، متى عيدُ ميلادِكِ؟”
“بعدَ شهرٍ.”
“تمزحينَ، أليسَ كذلكَ؟”
“أنا جادّةٌ.”
“…”
نظرَ كايدن إلى رينا مذهولًا.
ما الذي تقولُه هذه الأميرةُ فجأةً؟
شهرٌ واحدٌ بالكادِ يكفي لتحضيراتِ زواجٍ عادي، ناهيكَ عن زواجٍ ملكيٍّ من الأميرة، لذا هذا أمرٌ مستحيلٌ.
والأهمُّ مِن كُلِّ هذا…
‘لمَ أنا بالذاتِ؟’
كان عمرُ العشرينَ مميّزًا للعائلةِ الإمبراطوريّةِ.
إمبراطوريةُ ميرنييه، التي أُسّستْ بإرادةِ الكائناتِ
الإسطورية، لا تزالُ تحتَ تأثيرِها.
كانتِ العائلةُ الإمبراطوريّةُ تتلقّى قوى الكائناتِ الإسطورية بعدَ بلوغِ سن الرشدِ مباشرةً.
كانتْ هذه القوى سرَّ استمرارِ حكمِ ميرنييه.
تختلفُ قدراتُ كلِّ كائنٍ أسطوريٍّ باختلافِ الأفرادِ، وكقاعدةٍ، لا تُشاركُ هذه القدراتُ مع أحدٍ خارجَ العائلةِ الإمبراطوريّةِ.
وفجأةً، تذكّرَ كايدن كلامَ الإمبراطورِ في لقاءٍ سابقٍ:
‘لمَ لم تتزوّجْ بعدَ أن بلغتَ سنَّ الزواجِ؟’
‘في السنواتِ الأخيرةِ، كثرتْ هجماتُ الوحوشِ في الشمالِ، فلم أجدْ وقتًا لذلك.’
‘ألا يجدرُ بكَ التعجيلُ إذًا؟ إنْ أصابَكَ مكروهٌ، سيكونُ ذلكَ تهديدًا للشمالِ. ألا يجبُ أن تؤمّنَ خلفًا لأجلِ الشمالِ؟ لديّ بناتٌ كثيراتٌ.’
‘أشكرُ اهتمامَكَ، لكنْ لديّ أخٌ متزوّجٌ. حتّى لو حدثَ ليّ شيءٌ، لن تنقطعَ سلالةُ كرينسيا، فاطمئنَّ.’
حاولَ الإمبراطورُ بمهارةٍ خطبتَه لإحدى بناتِه.
والآنَ، ظهرتْ هذه الأميرةُ فجأةً.
ربطَ كايدن الأمورَ وابتسمَ بسخريةٍ.
يبدو أنّ الإمبراطورَ ينوي مراقبتَه عبرَ زواجِه من إحدى بناتِه، وبالأخصِّ هذه الأميرةِ التي ستصبحُ بالغةً قريبًا.
تأكّدَ كايدن أنّ الإمبراطورَ وراءَ زيارتِها، فتصلّبَ وجهُه.
تجمّدَ الجوُّ فجأةً، وكأنَ البردَ انتشرَ فيه.
نهضَ كايدن، غيرَ راغبٍ في مواصلةِ هذه اللعبةِ:
“أرفضُ.”
“أيها الدوقُ؟”
نهضتْ رينا مرتبكةً خلفَه.
لم تتوقّعْ رفضًا قاطعًا بهذه السرعةِ.
“انتظرْ قليلًا. لم أنتهِ من كلامي…”
عندما أمسكتْ بهِ، قالَ ببرودٍ:
“الآنَ، يبدو أنّ جلالتَه يرسلُ الأميرةَ بنفسِها.”
“لا أفهمُ ما تقصدُ.”
“هل تتظاهرينَ بالجهلِ؟”
ردَّ كايدن بسخريةٍ على رينا، التي بدتْ مصرّةً على الإنكارِ.
ارتجفتْ رينا، لكنّها واجهتْ نظرتَه وقالتْ، متمنّيةً أن يصدّقَ كلماتها:
“أقسمُ، أنا لا أعلم. أخبرني لمَ أنتَ غاضبٌ؟”
لم تكنْ تريدُ الطردَ قبلَ أن تبدأَ الحديثَ الجدّيَّ.
في المقابلِ، ارتبكَ كايدن من وجهِها الذي
بدا جاهلًا حقًا.
خفّفَ من حدّتِه وسألَ بهدوءٍ:
“ألم يرسلْكِ جلالتُه؟”
“لا!”
صاحتْ رينا، مستاءةً من سوءِ الفهمِ، ثمّ احمرَّ وجهُها خجلًا من صوتِها العالي.
كانتْ ترتجفُ، لكنْ إصرارَها على إيصالِ
نيتِها كان شجاعًا.
سألَ كايدن، متردّدًا:
“إذًا، لمَ اقترحتِ الزواجَ منّي؟ بالكادِ التقينا من قبلُ، أليسَ كذلكَ؟”
كان استغرابُ كايدن طبيعيًا.
كانتْ هي تعرفُه، لكنْ هو بالكادِ يعرفُها الآنَ.
بدتْ فكرةُ طلبِ مساعدتِه هكذا بعفويّةٍ غيرَ مجديةٍ وخرقاء أيضًا، لذلك قرّرتْ استغلالَ وضعِها لإقناعِه بالزواج.
قالتْ رينا بهدوءٍ:
“أريدُ مغادرةَ العاصمةِ.”
“فلمَ لا تفعلينَ؟”
“الأمرُ ليسَ بهذه البساطةِ. يجبُ على أفرادِ العائلةِ الإمبراطوريّةِ البقاءُ في العاصمةِ ما لم يتزوّجوا. ألا تعلمُ ذلكَ؟”
تنهّدَ كايدن عندَ إشارةِ رينا.
لا يمكنُ لأفرادِ العائلةِ الإمبراطوريّةِ مغادرةُ العاصمةِ دونَ إذنِ الإمبراطورِ.
كان قانونًا لحمايتِهم من استغلالِ قوى الكائناتِ الإسطورية التي يتملكونها، لكنْ في هذا العصرِ، أصبحَ أذنُ الخروجِ قيدًا.
“لكنْ، لمَ يجبُ أن أكونَ أنا؟ ولمَ يجبُ أن أتزوّجَكِ أصلًا؟”
عبسَ كايدن، فأطرقتْ رينا رأسها وتمتمتْ:
“لأنّكَ الوحيدُ الذي لا يخشى نظراتِ جلالتِه. فأنا أريدُ التحرّرَ من الإمبراطورِ.”
سكتَ كايدن عندَ هذا الجوابِ الصادقِ.
التحرّرُ من الإمبراطورِ.
كلامٌ ليسَ هيّنًا.
لكنْ، دونَ معرفةِ ظروفِها، لم يستطعْ الأجابةَ بتهوّرٍ.
ظنّتْ رينا صمتَه رفضًا ضمنيًا، فواصلتْ بسرعةٍ:
“بالطبعِ، لا أطلبُ قبولي دونَ مقابلٍ. جئتُ لأجدّدَ العهد القديم بين العائلتين.”
__تَرْجم بِكلِّ حُبٍّ مِنْ قَبْلِ كَارِيبِي
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 3"