“لا أحد هنا يعرف آداب الإمبراطورية مثلكِ، سيفرح إيدن بهذا.”
“ومع ذلك، اسأله للتأكد. ربما كان إيدن قد رتب لمعلمة أخرى.”
“حسنًا.”
لم يقل كايدن إن إيدن سيوافق بالتأكيد.
راقب رينا بهدوء وهي تفكّرُ بحماسٍ في خططها، وكان منظرها المتحمس يبعث الابتسامة.
“سأخبر السيدة ماري أن تزوركِ مسبقًا.”
***
في اليوم التالي، انتظرت السيدة ماري، بعد دعوة كايدن، في غرفة الاستقبال.
كانت ترتشف الشاي براحة، مبتسمة برضا.
كانت هذه أول مرة يدعوها الدوق على انفراد، وهي التي تمنت إعجابهُ دومًا.
كانت دقائق الانتظار تبدو كأعوامٍ طِوال.
في تلك اللحظة، دخلت امرأة غريبة إلى الغرفة.
“آه، لقد جئتِ مبكرًا.”
“من أنت؟”
“أتشرف بلقائك لأول مرة. أنا رينا كرينسيا.”
قدمت رينا نفسها بأدب وجلست في المقعد الرئيسي.
لم تدرك ماري هويتها في البداية، لكن سرعان ما تجمدت تعابيرها.
كان خبر زواج دوق كرينسيا من الأميرة، بموافقة الإمبراطور، قد انتشر في الشمال.
كان هذا الزواج يثير استياء العديد من نبلاء الشمال الذين أرادوا جعل بناتهن دوقة كرينسيا.
كانت ماري إحداهم، فلم تستطع إلا إلقاء نظراتٍ جافية على الأميرة.
“هل أنت من دعتني على انفراد؟”
“نعم، هذا صحيح. شكرًا لتفرغكِ رغم طلبي المفاجئ.”
ابتسمت رينا بأدب وأمسكت فنجان الشاي الجديد.
ترددت ماري للحظةٍ أمام أدبها المتقن، ثم قالت بوضعيةٍ متشددة:
“ظننت أن الدوق من دعاني، فجئتُ رغم انشغالي.”
“حقًا؟”
حافظت رينا على ابتسامتها رغم تعليق ماري الجافي.
أزعجها تعبيرها الهادئ، لكنها أكملت:
“إذًا، ما الذي تريدين مناقشته؟”
بموقف متعال، كأنها تقول: ‘قولي ما عندك بسرعة’ حافظت رينا على هدوئها رغم كل هذا.
بل كان من الأفضل الدخول في الموضوع مباشرة.
“سمعت أنك منعت داليا من الحديث عن أمها. هل يمكنني سؤالك عن السبب؟”
عند ذكر داليا، تغيرت تعابير ماري بسرعة إلى القسوة.
“نعم، فعلت. لكن لمَ يجب أن أوضح ذلك لكِ؟ لا يبدو هذا اهتمامًا قد تظهرينه وأنتِ قد جئتِ لتوكِ إلى الشمال.”
كانت كلماتها تحمل توبيخًا مغلفًا بالأدب، تعني: ‘لست من الشمال، فما شأنك؟’
لم تتزعزع رينا رغم رد ماري الحاد، فقد توقعت طباعها من خلال تردد داليا وتفكّيرها المتواصل في مربيتها.
لكن، للتأكد، دعتها للحديثِ مباشرةً، فربما كانت مخاوفها مبالغًا فيها.
ومع تواصل الحديث، تأكدت ظنونها.
عندما لم ترد رينا، استمرت ماري بثقة:
“على أيَّ حال، داليا كابنة لي منذ كانت رضيعة. أنا أعرفها أكثرَ من أميرةٍ ظهرت فجأةً.”
كانت تحذرها بوضوح من التدخل في طريقة تربيتها.
بدت كأنها تظن أن رينا تحاول اقتحام مجالها.
حينها ردت رينا بنبرة لينة:
“لا أقصد التقليل من جهودك. لكن، أظن أن منع طفلة فقدت أمها حديثًا من الحديث عنها قاسٍ. أردت فقط فهم نيتك.”
للأسف، لم تكن ماري مستعدة للاستماع.
لو لم تكن رينا من العائلة الملكية، لغادرت المكان فورًا.
كانت ماري، كمولودة في الشمال، تفتخر بانتمائها، ولم تكن من النوع الذي يظهر الولاء لسيدة جديدة، لا سيما أميرة منسية بلا نفوذ.
رفعت ماري نظاراتها الفضية وقالت بحدة:
“لستُ أدري، لكن لا أرى في ذلك ما يُعدّ تصرُّفًا قاسيًا.
فمنذ ما قبل قدوم سموّ الأميرة، كانت الآنسة داليا تُربّى لتكون الوريثةَ التي ستقودُ عائلة كرينسيا في المستقبل. والمشاعرُ المفرطةُ تجاهَ مَن سيقودُ عائلةً بأكملها لاحقًا ليست إلا ترفًا لا داعيَ له.”
عندما شدَّدت على كلمة ‘الوريثة’ بنبرةٍ خفيّة، أطلقت ليلي من خلفها صوتَ تذمُّرٍ ضجر.
كان استفزازًا متعمَّدًا بلا شكّ.
فعلى الرُّغم من أنّ أيدن كرينسيا يشغلُ رسميًّا منصبًا في الدوقية فضلا عن كونهِ أخ كايدن الصغير، فإنّ الجميع في الشمال يعلمون أنّ الدوق يضعُ في حسبانه داليا لتكونَ الوريثةَ التالية لعائلة كرينسيا.
لحسن الحظ، لم تنجر رينا لهذا الأستفزاز، بل ردت بهدوء:
“لكن داليا في السادسة فقط.”
“وماذا بذلك؟”
ردت ماري بموقف عنيد، ثم تبعت هذا بضحكةٍ ساخرة.
عندما كادت ليلي تتدخل غاضبةً، نظرت ماري إلى رينا من رأسها إلى أخمص قدميها وقالت:
“بصراحة، يبدو لي أنك تريدين إضعاف داليا عمدًا. ألا يمكنك أن تكوني أكثر صراحة؟”
“ماذا تعنين؟”
“بصراحة، أليست داليا شوكة في عينيك؟ لو لم تكن موجودة، لكان طفلك هو من سيقود كرينسيا.”
كانت تقصد أن رينا تحاول إفساد داليا عمدًا.
تجمدت تعابير رينا أمام هذا التعليق الجارح.
كانت تحاول فقط إجراء حديث، لكن الرد كان حادًا جدًا.
بدت ماري كمن تخفي شيئًا بحذرها المفرط هذا.
لم تستطع ليلي الصبر، فتدخلت:
“سيدة ماري، كلامك جارح! إنها زوجة سيدك وأميرة العائلة الملكية…”
التعليقات لهذا الفصل " 22"