استمتعوا
“لماذا عليّ أن أرافق تلك السخيفة سوفيلا؟“
رغم أنني تنهدتُ بقوة وأنا أقولها،
إلا أن سوفيلا، كعادتها، لم تردّ بكلمة.
حتى أنا، بخبرتي المتواضعة، أعلم أن من غير اللائق أن تسافر آنسة من النبلاء وحدها إلى منزل زوجها، ومع ذلك،
لم يكن على وجه سوفيلا أي أثر للقلق أو التوتر.
“ألا تقولين شيئًا؟! تبًا لكِ… دائمًا ما تبدين كئيبة وبائسة.”
نظرتُ إلى وجهها الجامد كالصخر، وغمغمتُ بضيق.
لطالما كرهتُ السيدة العجوز في منزل الكونت ستانلي، والتي توفيت لاحقًا.
“اعملوا بضمير لا تخجل ن منه كخدم في منزل الكونت ستانلي.”
كانت تجمع الخدم وتلقي خطبًا كهذه،
وتمتدح من يعمل بجد. يا للقرف… كم كانت مملة!
أنا لا أريد سوى حياة سهلة.
طالما الراتب نفسه، فالراحة أفضل، أليس كذلك؟
أما السيدة، فقد كانت دائمة البكاء في أيام صحة العجوز، تبكي في الممرات عمدًا حتى تثير انتباه الآخرين بدلًا من أن تبكي في غرفتها! كم كانت مزعجة.
ولكن عندما مرضت العجوز، تحولت السيدة فجأة إلى امرأة مبتهجة، تصطحب التجار الأجانب إلى غرفتها وتشتري بلا توقف! يا لها من مخيفة.
وحتى سوفيلا، التي كانت تتجاهلها دائمًا،
أصبحت هدفًا لها وكأنها عدو قتل والدتها!
ألم تكن تلك ابنتكِ؟ مخيفة فعلًا… لكن ما دامت السيدة سعيدة بإيذاء سوفيلا، فالأمور سهلة بالنسبة لي.
كنت أفكر، ياله من نعيم! أنا خادمة من العامة،
أتلقى راتبًا لأتسلّى بإيذاء نبيلة!
كنت أضحك بصوت عالٍ.
هل تريدين أن تسمعي عن بطولاتي؟
حبستها في مخزن مظلم.
أجبرتها على الاستحمام بماء بارد في منتصف الشتاء.
مزجت طعامها بالوحل مع الطاهي الذي أتى بعد جون.
صحيح أنني كنت أمارس ذلك بشغف،
لكن من كانت تأمرني هي أمها الحقيقية!
حقًا، تفكير النبلاء يظل لغزًا لا أفهمه.
ولكن، الآن وقد رحلت سوفيلا، لم يعد لدي من أؤذيه!
هذا آخر يوم لي، عليّ أن أفرغ فيه كل ما لدي!
“بالمناسبة، ما معنى كلمة ‘ميرور‘ التي قلتِها في القصر؟
هل هي لعنة أو شيء من هذا القبيل؟
مضحك! أعتقد أنكِ جننتِ من شدة كرهك للزواج!”
ضحكتُ بصوت عالٍ، وفجأة، ردّت عليّ سوفيلا لأول مرة.
“ميرور تعني المرآة. كل ما فعلتِه في حياتك سيعود إليكِ.”
“هاه؟ ما هذا الهراء؟ لا يمكن أن…”
قبل أن أكمل، كانت العربة قد وصلت إلى قصر دوق براون.
رأيت القصر للمرة الأولى، وكان أفخم بكثير مما توقعت.
أهذا حقيقي؟ سوفيلا ستعيش هنا؟
هذا أفخم من منزل الكونت ستانلي بأضعاف!
“سوفيات، انسة! آنسة سوفيلا!”
بينما كنت أتحرق غيظًا،
دوّى صوت كبير، وشاهدت ما لم أكن أصدق.
ماري، وتوم، وجون… أولئك الذين طُردوا من منزل الكونت منذ سنوات!
كيف؟ ألم تطردهم السيدة؟ ألم يكونوا قد ماتوا جوعًا في مكانٍ ما؟! فلماذا يعملون الآن في مكان راقٍ كهذا؟!
“ماري! توم! جون!”
ركضت سوفيلا نحوهم بوجه مفعم بالسعادة،
سعادة لم أرها على وجهها من قبل.
ما الذي يجري؟ ألم يكن زواجها وسيلة لتعذيبها من قبل والدتها؟!
لماذا تبتسم هكذا؟! لماذا تظهر ملامح السعادة التي لم أرها عليها أبدًا؟
“نشكر لكِ إيصال السيدة سوفيلا بسلام. يمكنكِ الآن الانصراف.”
قال لي كبير الخدم بلطف ظاهر،
لكن عينيه كانتا قاطعتين كالسكاكين.
ارتجفت من شدة بروده، وغادرت القصر كمن يفرّ من الموت.
لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟
أنا غاضبة.
احترق من الداخل.
كان من المفترض أن تتعس سوفيلا بزواجها،
أن يكون هذا أقسى ما يمكن أن يفعله أحد بها.
لكنها تبدو الآن كمن وجدت سعادتها أخيرًا!
★☆★
لم تمضِ ستة أشهر على زواج سوفيلا حتى تم طردي من منزل الكونت.
ولم أكن الوحيدة، بل تم الاستغناء عن معظم الخدم.
قالوا إن الأسرة لم تعد تملك ما يكفي لدفع الأجور.
لا أعرف ما الذي حدث، ولكن بعض الخدم الأذكياء فرّوا فورًا.
“ألن تطلبي توصية من السيدة؟” سألت.
“أنتِ غبية يا ميرا. توصية من منزل الكونت الآن؟ عدمها أفضل!”
“لكن أليس من الصعب العمل في منزل نبيل بدون توصية؟“
“إذا حملتِ توصية من منزل اشتهر بإساءة معاملة ابنته،
فأنتِ تعترفين بجريمتكِ!”
لكنّي لم أفعل شيئًا! كنتُ فقط أنفذ أوامر السيدة!
لم أفهم لماذا يُنظر إليّ كمجرمة.
ذهبت إلى أحد القصور ومعي توصية من الآنسة روز كتبتها على مضض، وقالت إنها لمن ‘يرغب‘.
لكن كل منزل يراني أقدّمها، يرفضني فورًا. لماذا؟!
وأخيرًا، حصلت على وظيفة في منزل بارون ذاع صيته بين الخدم كسجن تنفر منه الأرواح.
لكنني كنتُ واثقة أنني سأصمد.
لقد تعاملتُ من قبل مع سيدة مرعبة،
فحتماً يمكنني التأقلم هنا أيضًا.
لكن منزل البارون كان أسوأ من كل الشائعات.
كان البارون يعذّب الخدم علنًا،
والخدم القدامى يفرغون سخطهم على الخدم الجدد.
وأنا، بالطبع، أصبحت هدفًا لهم.
حبسوني في مخزن مظلم، فبكيت من شدة الرعب.
أجبَروني على الغطس في ماء بارد، فصرخت من شدة البرد.
والطاهي الذي شاركني إيذاء سوفيلا، عمل معي هنا أيضًا.
وذات مرة، وُضع الطين في طعامنا، فتقيأنا معًا.
‘ميرور تعني المرآة. كل ما فعلتِه في حياتك سيعود إليكِ.’
أهو سحر؟ هل كانت سوفيلا تحمل لعنة؟
ما فعلته بها يعود إليّ الآن، قطعةً بقطعة.
لأول مرة أشعر بما شعرتْ به.
النبلاء والعامة… كلنا نخاف من الظلام، ونتألم من البرد، ونتضور جوعًا.
لو أنني لم أؤذِ سوفيلا… هل كنت سأعيش شيئًا مختلفًا؟
لا أدري.
لكن من يؤذونني الآن، يبدون في سلوكهم كما كنتُ أبدو أنا حين أؤذيها… مستمتعين.
كنت أضحك وأتلذذ بألمها.
ولم يخطر لي يومًا أن ما أفعله قد يكون موجعًا بهذا الشكل.
الآن، أريد الرحيل.
لكني أعلم أنه ما من منزل سيقبل بي بعد هذا.
‘ميرور تعني المرآة. كل ما فعلتِه في حياتك سيعود إليكِ.’
ولذا، أمضي أيامي أستعيد ما فعلته.
هل هناك شيء آخر فعلته بسوفيلا؟
كم مرة بعد تبقّت؟ كم مرة أسأت إليها ولم أعِ ذلك؟
لقد أذيتها مرارًا وتكرارًا، حتى بتُّ لا أذكر عدد المرات.
ولا أتذكر سوى عندما يُفعل بي الشيء نفسه.
أجل، هذا أيضًا فعلته بها من قبل.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 4"