03
مجرد فتى بالثامنة حظي بوجه جذب أي شخص وقع نظرة عليه. خصلات شعره البنية الحريرية كانت غالبا ما تزعج عيون الغزال خاصته…مقلتيه تلألأت بلون بني لامع ورموشه رفرفت بكل مرة يرمش بها والشامة أسفل عينه اليسرى لم تزده إلا جمالا…حتى مع كونه عبدا بجسد هزيل لسوء التغذية والوقوف أسفل الشمس لفترات الطويلة إلا أن بشرته بيضاء شاحبة ربما تصنع بصمة لو لمستها.
كان جينتا فتى بجمال أنثوي استثنائي فلم يشبه أحد من عبيد عائلة مياراي حتى امه وأبيه…لم يكن حقا معجبا بوجهه فعلى عكس ذلك الجمال داخله كان يمقت الجميع…ربما تأثر بأفكار كايو أو فقط صدق ما رأى…ما عاشه.
اهتمت عائلة جينتا بالمطبخ، بالطبع لا يمكن للعبيد الطبخ للأسياد فقط الاهتمام بالتحضير، تحضير اللحوم والخضروات وغسل الأواني وتنظيف الفوضى.
غالبا ما قضى جينتا الوقت يلعب ويساعد والدته…توفى والده عندما كان ما يزال بالسادسة وتربى على يد امرأة ربما تكون مجنونة قليلا.
عكس البقية كان جينتا أكثر من التقى بالحارس نوا الذي تردد على المطبخ لأخد نواقصه باستمرار، عرف بين العبيد هناك بالشهم والرجولي…رجل يبلغ الأربعين ذو شعر اسود ولحية مهدبه، ارتدى غالبا الملابس البنية المناسبة لموقعه وعلق على خصره خنجرا اعطى له من سيد العائلة تكريما على مجهوداته.
رجل مثالي اخفى قبح رغباته عبر ابتسامة لطيفة صدقها الجميع…الجميع باستثناء الطفل الجميل جينتا. بكل مرة التقت عينيه مع نوا اقشعر بدنه للابتسامة التي تظهر أسنانه العالق بين فراغتها قطع لحم.
غالبا ما تودد الحارس للفتى رغم نفوره منه ومحاولة تفاديه التي جعلت والدته تغضب وتوبخ جينتا وأحيانا يثير حقنها حتى تضربه مرة أو اثنين…رجل عادي ابتسم لهم فكيف لطفلها إلقاء هذا الود ومبادلته بالنفور والهرب.
امتلكت والدة جينتا ملامح أكبر من سنها فعلى الرغم من كونها مازلت في الثلاثينات إلا أن وجهها لا يعطي إلا أنها بالخمسين أو الستين…برزت عظام وجنتها النحيفة وانحنى ظهرها قليلا الي الأمام…كان شعرها اسود تساقط بعضه وظهر به الشيب بالفعل واتضح وقوع سن عندما تتحدث أو تبتسم ونادرا ما ابتسمت على أي حال.
كانت معرضة للعديد من أنواع الإشاعات، هي مشعوذة أو من نسلهم، ربما تكون مريضة بمرض معدي أو أصابها الخرف المبكر. اشتبه بها بقتل زوجها قبل عامين عندما وجد ملقى بوسط الغابة مزرق الوجه ولكن لم يكن هناك أي ادله على سبب موته وبطبيعة الحال لا يزور الأطباء العبيد ولم تتواجد أي أدلة على القتل أو ربما كان تسمم؟ فقط تلك المرأة تعلم وربما ابنها.
كان منزل عائلة جينتا محط اهتمام للعبيد دائما فحتى قبل عام من موت الأب توفى الابن الأكبر الذي وجد جثة هامدة أخرجت من البئر بعد البحث عنها لأسبوع وتصنيفه على انه هارب. سجن كل من امه وأبيه وتعرضا لأقصى أنواع التعذيب محاولة في اكتشاف مكان ابنهم الهارب والذي كان يختنق بحثا عن بعض الأنفاس حتى اكتشفته تاري التي استخدمت بئر الغابة للاستحمام بليل. كانت صدمة أدخلتها بحالة فزع وأججت العداوة مع والدة جينتا.
” سرقتي حب حياتي ولم يكفيك فقررتِ سرقة السبب الذي أعيش لأجله. “
كررت تلك الجملة بإصرار شديد بكل مرة ترى بها تاري أو تسمع باسمها…كانت مصره على أنها من قتلت ابنها كما سرقت منها الرجل التي أحبته في طفولتها وبسببها هي تزوجت من والد جينتا عديم القيمة…على الأقل كانت ستكون زوجة العبد المباشر للسيد.
وسط كل مشاق حياتها أو عدم العدل التي تعرضت له كما تقول كان الحارس نوا نورا أشعث على حياتها التي أكلها بها الشيب…رجل نبيل وسيم ابتسم كل ما قابلها…امرأة غبية ظنت أنها مميزة له وتخيلت حتى طعم العيش بعيدا عن العبودية في منزل الحارس نوا…جهلت الحقيقة…ليس هي بل ابنها ما أعجبه.
ذلك الطفل الجميل الذي يبدو كأمير من قصة خيالية أو من الأسهل قول أميرة…قدم لزيارة محاولة فتح أحاديث مع الفتى الجميل وبكل مرة هرب منه اثأر رغبته بالتقرب منه أكثر. بدا كل شيء بلقاء صدفة بالغابة حيث عشق جينتا تسلق الأشجار لتناول الفاكهة حلوة الطعم ومن سوء حظه بعد قطفة لتفاحة والقفز للأرض وجد نفسه يقابل جسدا ضعف حجمه جعل القشعريرة تذب في جسده.
” كما قالت والدتك تشبه القرد الصغير تتعلق باي شجرة تراها.”
ابتسم الحارس مظهر الأسنان الغير المرتبة التي يضايق منظرها جينتا.
” اعتذر سيدي. “
في محاولة لأنهاء الحديث انحنى له سريعًا رغبة بالهرب.
” هل سمحت لك بالانصراف؟ ” قال جديًا حتى تسبب بتجمد كل جزء من جسد الصغير. ” أعاملك ووالدتك بلطف لا يعني نسيان مكانتك واحترامك. “
عاد للوقوف بين الشجرة والرجل المقزز كما دعاه بداخله، ثبت ذراعيه خلف ظهره يعتصر التفاحة بكفه محاولًا وضع خوفه بها واخفض راسه.
” اعتذر عن قلة احترامي سيدي أرجوك اغفر لي غروري. “
نبرة اليأس ولاسى التي تغطت على لحن الفتى جعلت دواخل نوا ترتعش سعيدا لما يبدو عليه.
” كما تعلم جينتا أنا مختلف عن الجميع ولا أكره العبيد. تود معرفة سري؟ ” رفع الفتى راسه واجتاحه الفضول…تفحص ملامح الحارس التي كانت تشع بابتسامة لم يفهمها. أوما إيجابًا دون النبس بحرف حتى يسمح للأخر باطلاعه على سره، جلس نوا على ركبتيه حتى قابل وجهه وجه جينتا الخائف واقترب حتى يهمس بأذنه ” أنا عبد هارب. “
ارتجف جسده وحرك وجهه حتى يقابل الأخر باحثا عن الكذب بكلماته. كان واثقا ما اثأر ريبة جينتا وتسبب بتساقط العرق البارد على جيبنه وأسفل ظهره.
” هذا لا يمكن أن يكون صحيحا. “
تمتم بشفاه مرتجفه.
” لما؟ ”
رد نوا بجفاء.
” لا يمكن للعبيد الهرب.”
” بلا يمكنهم. “
إجابة الحارس جعلت صورة شخص ما تمر على ذهنه. من غيره كايو العبد الوحيد الذي يتوق للهرب أكثر من غيره.
” ولكن…” تردد جينتا في إكمال الشك أو الحديث وقاطعه الأخر فورا ” هل تعتقد أنى سأشوه شرفي بكذب كذبة مهينه كهذه؟ لما قد يشبه الإنسان نفسه بالبراز. “
كان منطقيا بطريقة عجيبة…لما سيكذب بشيء قد يودي به الي الموت؟
بعد الكثير من الصمت كل ما تمكن من قوله: ” لما أخبرتني؟ “
” لأني أحضرت هدية من أجلك ”
ادخل يده بجيب سرواله الخلفي تحت نظرات جينتا الخائفة والمليئة بالشك. اخرج منديلا وابتسم وهو يفتحه وما ظهر تسبب بشهقة جينتا.
” انه لحم الضأن من وجبة اليوم…فكرت بك أثناء تناوله. “
” لا. لا أريد شكرا لك. ” حاول جينتا التملص من بين الحارس والشجرة والهرب لولا انه امسكه من يده وسحبه للعودة. ” اعرف الم العيش كعبد والرغبة الصارخة لتجربة تناول اللحوم. لا ترد لطفي سيدفن هذا بيننا هنا. “
رفرفت رموش جينتا بشوق للفرصة التي أعطيته له…تذكرة مجانية لدخول الجحيم. مغرية حتى جعلت لعابه يسيل. رائحة قطعة اللحم التي استنشاقها كل يوم بالغابة.
” ألا باس بهذا؟ “
” بالطبع! أنها من أجلك لا تتردد. “
بدل نظرته الخائفة والتي كانت تحوي الكثير من الأغراء بين قطعة اللحم بيد الحارس ووجهه الواثق، تردد داخله خوفا ولكن بالنهاية مجرد طفل بالثامنة يتمنى تجربة شيء شهي لمرة بحياته.
ماذا لو اكتشف؟ ولكن كيف سيكتشف؟ فقط للحظة هنا وسيدفن كل شيء.
صرخ داخله بالرفض عكس شهوته للحم صرخت لعدم تضييع الفرصة…انتصر صراخ الشهوة على المنطق فمد يده البيضاء الصغيرة لامساك القطعة التي ما تزال دافئة. اسكت صوت المنطق ووضعها بفمه دون محاولة المزيد من التفكير. أدمعت عينيه لطعم الذي تخلل فمه ولانتشار عصارة اللحم بلسانه تسبب بشعور من النشوة لم يحلم بتجربته من قبل.
كبر شعوره ما جعله يتناول كل اللحم بالمنديل بشراهة دون توقف رغبة بالا ينتهي شعورهم اللذيذ بفمه، شعر بانه لامس النعيم ثم عاد للأرض مجددًا. عندما وجد المنديل بات فارغا. انطفأت نيران الرغبة وأعاد صوت الضمير والخوف والمنطق الصراخ. ارتجفت ساقيه وتبدلت دموع اللذة للخوف مما سيحل به الآن.
لا، لا باس وعده نوا بان هذا سر…ما فائدة فضحه على أي حال؟ بطبع لطالما كان الحارس نوا طيبا يحاول التقرب منه ويحسن معاملة والدته…هو عبد سابق ولكن…
توقف عن التنفس والحراك. دقت الطبول بقلبه حتى اخترقت أذنيه وغطت باقيه الأصوات عندما شعر بما شعر…يد الحارس التي كانت ممتدة له تعطيه اللحم صارت تلمس مكان لا يجب عليها لمسه. اخفض الفتى راسه لتاكد اين يمسك الرجل أمامه فحتى لطفل كان يعلم أن شيء كهذا خاطئ.
” عفوا سيدي…يدك “
تلعثم ولكنه بصعوبة تمكن من التحدث.
” ما بها يدي؟ “
تظاهر بالجهل ومازال يضع تلك التعابير المسالمة وكأنه لا يلمس منطقة حساسة لطفل صغير.
” اعتذر ولكن…ربما يمكنك إمساك يدي…لن اهرب أعدك لست بحاجة لإمساكي. “
” بالطبع لن تهرب. ” ضغط أكثر ما جعل الفتى يضع تعابيرا متألمة. ” لا يمكنك الهرب مني جينتا فقدت غرقت الآن. “
جزء منه أدرك الحقيقة والجزء الأخر كذب الأمر…كذب انو القى بنفسه الي حفرة عميقة سيندم على دخولها.
ماذا سيفعل كايو أن كان بمحلي؟ بطبع سيجد طريقة للهرب أو التفاوض؟ فكر جينتا…فكر…فكر.
حادث نفسه جاهلا لتعابير الرعب المرتسمة على وجهه والتي راقت للحارس بشدة.
” تعلم كيف هي حياة العبيد…قلت إنك لن تستغل اللحم ضدي…تعرف ما يعنيه هذا الرعب لنا.”
حاول باي طريقة الحصول على عاطفته حول التحدث وتواصل أعينهم ومن سوء حظه الرد الذي تحصل عليه كان ضحكة صاخبة جعلت الطفل يتجمد بمكانه.
” جميل أنت يا جينتا…جميل لدرجة تجعل جسدي يرتعش ولكنك غبي كما يجب على العبد أن يكون.” استقام يحك مؤخرة عنقه واختفت ضحكته وابتسامته. “صدقت أنى عبد سابق؟ إهانة تثير غثياني ولكنها ثمن الحصول عليك. ”
” ماذا…تقصد. لم افهم. “
فهم ولكنه رفض تصديق ما فهمه.
” اقصد أنك ستطيعني منذ اليوم أو ستجرب كيف لخمسون جلدة أن تكون قاتلة. “
ضم الفتى يديه معا محاولة تخفيف رعشته وهو يرفع راسه لرؤية وجه الأخر الأطول منه.
” كيف سأطيعك؟ “
” ليس بالشي الصعب. ” باشر إنزال سحاب بنطله وهو يراقب تعابير جينتا الخائفة التي راقت له…تلك الدموع العالقة برموشه الطويلة كانت جميلة للغاية. ” افتح فمك الصغير. ”
كان ثمن قطعه اللحم باهظا للغاية.
من الطبيعي وصف حياة العبيد على أنها سوداء قاتمة. حياة بدون امل أو أحلام تعيش بها لخدمة شخص أخر دون توقف ولا يحق لك التعب والتذمر مهما اشتدت بك الحال. أخر ما كان ينقص عبد صغير هو أشياء مثل التحرش فحياته فرشت له بساط المعناة منذ لحظة تواجده برحم والدته.
صار جينتا الفتى المبتسم باهتًا وحزينًا تغطي جسده كدمات لرغبات رجل عجوز شاذ…لم يقتصر على اغتصاب الفتى الضعيف فعذبة وضربه…أحب إهانته وذله بالأوقات التي لم يشتهي بها جسده.
القى باللحم أرضا وبجانب قدميه القذرة وامر الفتى أن يتناول الطعام على أربعة مثل الكلاب، سكب على راسه النبيذ وهو عاري ولعق كل جسد من جسده وكدماته.
خلال بضعه أيام تعرض جينتا لما كان أسوء من ثمانية أعوام من العبودية.
أسوء من ضرب والدته له وأسوء من رؤية كيف وضعت امه السم من ثديها لزوجها…أسوء من رؤية والده يموت اختنقا من شرب حليب زوجته المسوم.
هل عليه الموت فحسب؟
” جينتا. “
تسلل صوت دافئ لمسامعه يوقظه من نومه العميق كان من خلالها يحاول نسيان بعض الألم والذل. فتح عينيه ببطء ولوهلة ضن بانه فقد عقله وبدا الهلوسة.
” كايو…أن تزورني بأحلامي بعد أن تجاهلتك لفترة طويلة…رؤية وجهك تسعدني. “
ابتسم الفتى والدموع تتسرب على وجنتيه غير قادر على إيقافها. حتى لو لم يقل فقد كان جسده يشتعل المًا وروحه تألمت أكثر.
حدق كايو بصديقه دون النطق بحرف واحد…للمرة الأولى يعجز عن إيجاد كلمات تناسب الوضع…كان قلبه يعتصر وتأجج الغضب بداخلة حتى صار بركانا.
يلوم نفسه على عدم الملاحظة…أنه خان صديقة وتركه يتألم عندما قطع وعدا لهم بان يحميهم.
” أه كم أود رؤية اسايو وتوما والضحك على شجارهم. ” اكتفى كايو بالصمت ومراقبة الأخر الذي أعاد إقفال عينيه أثناء حديثة. ” لا يمكنني لقائكم مثل السابق يا رفاق…اشعر بالخجل منكم ومن نفسي…ما تبقى من إنسانيتي فقدته ولا اعتقد بانه سيعود…أريد الموت. “
بدون إجابة على كلمات صديقة الملقى أرضا غادر كايو الكوخ…ذبل السواد بعينيه وأظلمت أثناء سيره عبر الغابة، كم يمقت ضعف حيلته وعدم مقدرته على فعل شيئا سوا الانسحاب. سار محبطا غاضبا…لا يدري الي أين ولكنه اقسم…اقسم على قتل الحارس نوا قبل أن يخسر جينتا ذاته.
اقسم على أن يرد الصاع صاعين لكل من أهانه وعذب أحبته.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل "03"