02
” هذا كالو العبد الخاص بي…انظروا كيف يحني راسه بالأسفل حتى يكاد جبينه يلامس أصابع قدميه “
وقف الفتى المغرور بملابسه الحريرة الطويلة السوداء وسرواله الذي يشع بياضًا كما لو ان يدًا بشرية لم تلمسه قبلا…كان قماش الحزام الملتف على خصره انعم من أصابع العبيد الخشنة وعلى الرغم من كونه سيدا لم يتملك شعرا ناعما بل شعرا أشعث جعل والدته تحلقه له دائما
أشار على العبد الواقف خلفه بخطوة متفاخرا امام أصدقائه الذين لم يكونوا اسيادا بل مجرد نبلاء من منطقة عيش عائلة مياراي
” كالو؟ ما هذا الاسم هل يعني غائط؟ “
فتى سمين ضحك بصوت عالي ممسكا بكرشة سامحا للعابه بتحليق على شعر كايو
” كيف يمكن ان يطلق أحدهم اسمًا كهذا على ابنه…مقزز “
فتى اخر كان عكس الأول نحيفا حتى برزت عظام وجنتيه واتضح حجم انفه الكبير نظر الي كايو بتقزز.
” وهل تتوقع من العبيد اختيار اسم فخور؟ انهم لا يمتلكون أدني تقدير للذات ” قال كايجين السيد الصغير واقفل المروحة الفخارة بيده ولامس بطرفها وجنت كايو حتى رفع له راسه ” انه مثل والده، عبد والدي. مطيع ويعرف مكانته جيدا لو طلبت منه خلع ملابسه هنا لن يرفض، هل تريدون رؤيته؟ “
” لا! “
صرخ الفتى السمين ليافي واقفل عينيه
” توقف عن هذا كايجين هل تريد ان نصاب بالعمى؟ هل يمتلك العبيد اعضائنا ذاتها؟ مجرد التفكير بهذا يجعلني راغبا بالتقيؤ “
غطى الفتى الاخر تيواني فمه بكم ردائه الطويل عاقدا جبينه
” هل تريدون الرهان؟ عن كيف تبدو رجولة عبد لم يبلغ؟ اراهن انها تبدو مثل الكلاب “
ضحك كايجين على كلامه ما جعل الاثنان الاخران يضحكان بدورهما
” على أي حال هل قمت بقص لسانه؟ لما هو هادئ للغاية هذا ممل “
قال ليافي
” كالو “
همس كايجين فأجاب كايو
” نعم سيدي “
عمت لحظات هدوء قبل ان ينفجر الاثنان ضحكا
” حتى صوته يليق بعبد ” بدا ليافي السخرية واتم بعده تيواني ” رائحة أنفاسه الكريه وصلت الي، ما الذي يتناوله العبيد على أي حال؟ ”
توقف ليافي عدة ثواني يفكر بهم بسؤال الأخر بجدية ثم أجاب كأنه اكتشف حقيقة مبهرة
” الحشرات وربما الأعشاب وروث الأحصنة؟ “
” رائحتهم تأكد قولك. ”
” لننهي هذا التجمع المقزز ” قاطع كايجين سخرية الأخران والتفت الي كايو ” نظف رف الكتب وطاولة الدروس. ”
كان بقاء العبد رفقتهم لفترة طويلة يثير غثيان السيد الذي دعاه فقط بسبب رغبة أصدقائه برؤيته ولإشباع غرورة كونه يمتلك عبدا خاصا به. انحنى كايو دون النبس بحرف وغادر يستمع الي ضحكات الثلاثي من خلفه، أظلمت مقلتيه بعد محاولة طويلة لإخفاء تلك التعابير التي تعكس ما بداخله وكما امر سيده انطلق للمكتبة للتنظيف داعيا ألا يقابل أحد ليس بحالته هذه على الأقل.
كان قادرا على ردع سيل الإهانات وربما حتى ضربهم أو قتلهم فلم يكونوا إلا تجمع من المدللين عديمي القيمة ولكنه وللأسف يلتزم بالمنطق. ليس مستعدا لخسارة أي عضو من جسده كما معاقبة والدته بسببه سيكون أخر ما يريد.
سار بين الطرقات الي الشرفة خلف المنزل حيث تقع حجرة الدروس والمكتبة، سحب الباب واخد نفسا عميقا محاولة إبعاد الأفكار عديمة الجدوى من عقله. حدق بالمخطوطات المفتوحة على طولها حتى امتدت أسفل الطاولة الخشبية ودوائر الحبر على طاولة والكتب على الأرض، حتى اللوح كان ممتلئا بالكتابة والأرض غارقة بالأوراق.
باشر مسح اللوح وجمع الكتب عن الأرض ووضعهم على الرف بعد مسحه من الغبار، القى ببقايا الأوراق بالقمامة ومسح الحبر عن الطاولة. عمل بدون صوت أو أفكار كانت عينية ذابلة وراسه غلا حتى انطفاء وربما تذوق بعض الدماء داخل وجنتيه، كايو الذي عاش تحت كنف والدة تمنحه الحنان وتزرع بعقلة الباطن كم هي مهمة كرامته وألا يتخلى عن عزة نفسه حتى لو كانا عبدًا فما يزال إنسانا ولا تقاس قيمته بالطوق عبر عنقه.
تنهد محاولة تهدئة غيظه وباشر لف المخطوطات، توقف لثانية لوقوع نظرة على كلمة شدة كل عصب بجسده.
” تصنع الأطواق من حديد خاص يستخرج من مناجم هاولين. “
نبس الكلمات المكتوبة وتكاد مقلتيه تحلق بعيدا عن جفونه، هل كانوا يجعلونهم هم من يقيدون أنفسهم؟ هم يعملون طوال السنة بالمناجم لاستخراج ما يوضع عليهم مثل الكلاب؟ خلى مصلح ” مهين ” من الثقل المناسب للوصف.
” الحديد الأسود…معدن نادر لا يتوفر ألا في هاولين وهو مصدر دخل العشيرة الشمالية، يتم بيع الحديد الأسود الي اندولين لتصنع منه أطواق العبيد وتبيعه لباقي المملكة. “
كان عملا تجاريا بين العشيرتان التي تفتقران الي أي دخل طبيعي، هاولين التي كانت دائما باردة وغرقت بالثلوج لم تتمكن من احتراف الزراعة أو تربية الحيوانات واندولين الحارة اكتسبت عبيدا اقوى جسديا من باقي العشائر وازدهرت بالحرف اليدوية مثل صناعة المجوهرات والفخار والحديد.
” كايووو. “
لحن صوت أنثوي اسمه فترك المخطوطة وتتظاهر بمسح الحبر عن الطاولة. اعرض عن إعطائها اهتمامه أو النظر لها كونه يعلم هويتها وهي أخر من يريد رؤيته الآن.
” كايو؟ ”
أعادت مناداته مع بعض التعجب واقتربت تحني جذعها بجانبه حتى ترى وجهه، تحت خصلاته السوداء التي غطت عينيه جاهد نفسه لتغير تعابير السخط المسيطرة عليه وبتعسر رسم ابتسامته اللطيفة.
” أنسة ميناكي. ” رفرفت رموشها البنية الطويلة عند مقابلة وجهه الباسم وسماع صوته اللطيف وبفرح غطى نبرتها قالت: ” أنت قاسي حقا كايو! لم تزرني مؤخرا. هل تعلم الصعوبة التي قاسيتها وانا امنع نفسي من زيارتك أملا بانك ستتذكرني أولا! “
مياراي ميناكي، اخت كايجين الصغرى والآنسة المدللة ومحبوبة عائلة مياراي الصغيرة…فتاة جميلة بشعر بني حريري لامس خصرها ومقلتين بلون السماء، وجنتيها الممتلئة وابتسامتها اللطيفة وانفها المدور كان إغراء ليتم قرصه والتسبب بحمرته، عكست مثالية النبلاء على الرغم من كونها طفلة بالثامنة.
” تقبلي اعتذاري الصادق أنستي فلا وقت فراغ لي والبحث عن الأنسة شرف لا استحقه. “
انحنى حتى اخفى شعره تعابيره المختلطة ثم أعاد الاستقامة يقابلها بابتسامة.
” لا تتلفظ بشيء حانق كهذا كايو! تعلم حبي بقضاء الوقت رفقتك، لا يهمني كونك عبدا فمازلت تملك هذا الوجه الجميل. “
صر على أسنانه محاولا عدم عض وجنته الداخلية مجددا، ليس بعد ما حدث صباحا. بصعوبة بالغة ثابر على الابتسام والقى المجاملات التي تود سماعها.
” إطراءك يسعدني أنستي، سأحاول القدوم إليك بعد التفرغ من مهام السيد الصغير بالطبع إذا منحتني الموافقة لمثل الشرف. “
قفزت الطفلة سعيدة لكلماته المنمقة واعتصرت ذراعه بين ذراعيها وجسدها تحتل السعادة محياها.
” ستغار صديقاتي عند رؤيتك! بعد أسبوعين سنقيم حفلة شاي صغيرة وعليك القدوم للبحث عني. سأعلمك كيف تتزين حتى يحين موعد تفاخري بك…أدرك جيدا أنك جميل بدون بذل مجهود ولكني ارغب بجعل الفتيات يصبنا بنوبة قلبية من الانبهار بجمال عبدنا. “
هل سيعاقب لو حفر إصبعين بعيونها الباسمة حتى تتوقف عن الالتصاق به؟
” ميناكي! ”
أخرجه من ظلمات وجهه وأفكاره صوت كايجين الذي وصل للتو ووجد شقيقته تتشبث بذراع عبده، ليس منظرا سيجعله سعيدا.
” أخي…لما استعجلت بالقدوم! ”
تركت ذراع كايو وتفرغت للؤم أخيها.
” لما تستمرين بعرقلة عمله أيتها الطفلة المزعجة. حان موعد الدرس ومازالت الطاولة بفوضى. “
القى كلماته ومقلتيه الغاضبة تحملق بكايو الذي اخفض راسة.
” لا تعاقب كايو…كان منغمسا بالتنظيف أنا من أزعجته. “
خفضت صوتها قليلا يمتلئ بالحزن.
” لن أعاقبه ولذلك اخرجي قبل أن أغير رأيي. “
أعاد وجهها الإشراق وقبل خروجها طبعت قبلة على وجنه أخيها.
” لما تقف كالصنم؟ أكمل عملك. “
جلس على كرسيه وهو يراقب لف كايو للمخطوطات، كان يجهل الحقيقة…كون قدرة كايو على القراءة ومعرفته بمحتوى مثل هذه المخطوطات المهمة.
” أنت حق محظوظ لامتلاك سيد مثلي كالو لم يكن سيد أخر ليمر خطائك بدون عقاب. “
” يفيض قلبي امتنانا لمسامحتي على أخطائي سيدي. “
قهقه كايجين على الكلمات التي استحوذت على إعجابه ولعب بكرسيه للخلف.
” جيد بلعق الأحذية والتملق، مثل والدك. “
جاهد لمنع نفسه من عادته السيئة ولكن تشبيهه بوالده أصابه بالغثيان، تذوق طعم الدماء جراء عض وجنته الداخلية في محاولة صعبة بالاحتفاظ بتعابيره حسنة.
” ثنائك فخر لي سيدي. “
كايجين الذي هوى محاصرة كايو وإذلاله ارتفعت ضحكته وملئت أرجاء المكتبة، كان مدركا لكون هذا العبد يشعر بالإهانة ولهذا أحب تجريد كبريائه منه. كلمات كايو المتملقة أثلجت صدر كايجين أكثر من أي أغاني شعبية أو غزلية قد يسمعها.
قاطع ضحكاته المرتفعة دخول المعلم فعدل جلسته وتوقف عن القهقهة، ليس احتراما لمعلم اقل منه مكانه بل لنشر سمعته الحسنة بين النبلاء فالمعلمون هم أكثر من يخلق سمعة النبلاء.
” كيف كانت أحوالك سيدي الصغير، هل حفظت ما دوناه بالأسبوع الماضي؟ “
قال المعلم ومسح على لحيته البيضاء، بدل نظره بين كايجين وكايو ببعض الحيرة.
” حفظته وقمت بقراءة بعض المخطوطات عن الحديد الأسود والأطواق. “
” كما العادة سيدي الصغير يبهرني باهتمامه بدروسه بانتظام. ” ابتسم المعلم الكبير بالسن ومازال يحرك مقلتيه بينهم. ” مع خالص احترامي أفضل لو تمنع عبدك من حضور الدروس منذ اليوم. “
نظر كايجين الي كايو المنغمس بتنظيف الرفوف من الغبار، فقط ظاهريا. أذنيه كانت مهتمة بدرس اليوم أكثر من أي شيء أخر وكلمات المعلم الخرف ضايقته.
” لا تلقي بالا له معلمي فالعبيد لا عقل لهم فكيف سيفهمون ما يقدمه معلما قدير مثلك؟ “
نال المديح إعجاب العجوز، مسح على لحية المعاز خاصته برضاء. كان يرفض فكرة تواجد كايو معهم بالدرس ولكنه لن يطرده…ليس بعد سماع مثلك هذه الكلمات.
” حسنا إذا لنبدأ درس الحديد الأسود. ” دون على اللوح العنوان والتفت يخفي ذراعه في كمه الطويل وأكمل: ” كما قرات سيدي الصغير الحديد الأسود أحد اهم المعادن وأكثرها ندرة حول القارة ولا يتواجد إلا بهاولين والعاصمة كازولين. يتمتع الحديد الأسود بعدة مزايا منها سهولة صياغته والتي تجعل قيمته مرتفعة بالسوق وكما تكيفه العجيب. “
” تكيفه العجيب؟ “
سال كايجين للمعلومة الجديدة والمبهمة.
” اجل يتكيف الحديد الأسود مع أي ظرف كان، لن تفسده متانته الرياح والأمطار ولا يصدى كما يتقلص حجمه ويكبر حسب طريقة الاستعمال وتدريجيا. ” اخرج يده من كمه ورسم دائرة على اللوح يشرح بها. ” هل تعرف ما الاستخدام الأكثر أهمية للحديد الأسود؟ “
” أطواق العبيد. “
” أحسنت، يعرف الحديد الأسود في العاصمة بحديد العبد ولأنه يوضع على أعانقهم منذ ولادتهم ويدفنون به عند موتهم. يكبر حجم الحديد حول عنقهم مع كبرهم بالسن أو عند زيادة وزنهم ويتقلص عند الحاجة لذلك ليكون مناسبا، هل تعلم لما يدفنون بمثل هذا المعدن الثمين بدل إعادة صياغته؟ ”
” أخبرني والدي، من اجل ولادتهم في حياتهم القديمة عبيدا للسيد ذاته والا يفنى ولائهم مع وفاتهم. “
كافح كايو لكبح قهقه حاولت الخروج من فاهه واكتفى بالابتسام ومازال يتظاهر بترتيب الكتب، كلماتهم ومعتقدتهم تثير سخريته فلا وجود لأشياء مثل الحياة الأخرى ولا يصدق هذا إلا الحمقى والحالمون أو المتجرفون الذين يرفضون تصديق نهاية جبروتهم وحياتهم المترفة.
كايجين المحب لكونها فتى مثاليا وذكيا سرد سؤالا كان الأخر تواقا لسماعه
” حديد صلب ومرن ومتكيف، هل لديه أي نقاط ضعف؟ “
القى المعلم نظرة خاطفة لكايو المتظاهر بالانغماس في التنظيف مثل طفل ابله، تنهد وأجاب على السؤال.
” الحديد العادي الساخن، لمس الحديد الأسود بقطعه حديد عادي وساخنة سيتسبب بكسره فورا. “
كاد كايو الرقص وسط المكتبة، أدرك صعوبة خروج الكلمات من فم المعلم أمام هذا العبد الصغير وكما غباء كايجين الذي اختار كبريائه، معرفة هذا النوع من المعلومات كان سريا فحتى والده لم يعرفه.
__________
” رفاق. ”
نادا كايو بعد جلوسه على الصخرة لفترة طويلة بهدوء يستمع خلفه لصدى أصوات حديث اسايو وتامو.
” أخاف ندائك أحيانا. “
أجابت اسايو وتركت شعر توما الأسود المجعد، كانت تحاول تخلصيه من القمل بطريقه تعلمتها من والدتها، جلست على العشب بجانب الصخرة الرمادية الكبيرة التي غالبا ما اتخذها كايو مجلسا له.
” أوافق اسايو، كانت لديك النظرة العميقة التي تتفوه بعدها بجملة ستقطع أعناقنا وتطعم لحمنا للخنازير. “
فرك توما شعره وراقب ما سيتحدث به كايو من فوق جدع شجرة قديم واقع.
” معرفتك الجيدة لي تطربني. ” وضع ابتسامة صغيرة ساخرة منهم وسريعا ما أعاد تعابيره الجدية التي تدل على القى قنبلة. ” هل فكر أحدكم بطريقة نكسر بها الأطواق؟ “
” اسمع صوت والدتي تناديني. “
زحفت اسايو بعيدا وتوما التفت للجهة الأخرى من الغصن.
” سأقضي حاجتي. “
انتظر كلامها رد فعل من كايو أو ضحكه صاخبة كعادته ولكنه على العكس كان هادئا تخلو عينيه السوداء من أي مزاح، اسايو وتوما من لم يتقبلا كونها ليست بمزحه عادا للوقوف مقابل كايو تكاد مقلتيهم تخرج من محجرها.
” قل إنها نكته غير مضحكة مثل باقية نكاتك. ” قال توما وأضافت اسايو بعده ” نحن ننتظر سماع علو قهقهتك كايو. “
” انه مجرد سؤال لما كل هذه الجدية؟ ”
وضع ابتسامه تخفي عينيه جعلت الأخران وأخيرا يتمكنان من التنفس
” لا أستطيع تحمل أسئلة إجابتها قطع عنقي. “
تنهدت اسايو بعمق وعادت للاستلقاء على العشب.
” هل سمعت أي شيء بدروس السيد؟ بدأت تتصرف بغرابة مؤخرا. “
استفسر توما واضعا يده على كتف كايو محاولا إيصال اهتمامه به.
” ليس حقا، مازلت استمتع بالتعلم من خلال دروسه ولكنه غير مفيدة لنا. “
منذ درس الحديد الأسود وهو يحارب رغبته لتجربة صهر ما على عنقه، كره رؤية الذهاب للعمل بالكهوف وشعر بحنق كل مره رفع المطرقة وكأنها تطرق داخل حنجرته وليس بالحائط. أن يصنعوا تلك الأشياء بأيديهم، رغب حقا بالتقيؤ عند التفكير بذلك.
” لا يوجد شيئا سنستفيد منه عبر التعلم ولكني احترم هوايتك. “
تبادل كلاهما البسمة واستلقى توما أرضا بجانب اسايو التي دفعته بقدمها.
” لا تنقل لي حشراتك. “
صرخت به وعلى الغير العادة اغلق عينيه متألما عندما لامست قدمها فخدة.
” هل أنت بخير؟ “
سال كايو الذي لاحظ الم توما أولا.
” ماذا؟ ” جلست اسايو لعدم ملاحظتها تعابير توما المتألمة وانتشر فورا بعض تأنيب الضمير بداخلها.” هل أصبت؟ “
” لا لا! أنا بخير بكامل عافيتي! ” جلس ولوح لهما نافيا غير محب لنظرات القلق التي تعتلي محياهم. ” وقع على أحد الدروع عندما كنت أنظف ساحة الفرسان وترك كدمة. ” فرك مؤخرة راسه رفقة ابتسامة غبية.
” أيها الأحمق ظننت أن أحدهم أذاك. كيف يمكنك إيذاء نفسك، لما أنت غبي؟ “
ضيق كايو عينية على قهقه توما الغبية، علم جيدا انه يكذب ولكنه اختار الصمت…جميعهم يعانون في أعمالهم بطريقة مختلفة ولا داعي لفتح تلك الجروح وأهانته، ليس عندما يكون الوقت الوحيد لهم للابتسام والحديث هو الآن.
” ألن يأتي جينتا اليوم أيضا؟ “
سال كايو مقاطعا عراك الاثنان. توقف كلاهما وركزا بكايو ونمى بداخلهما بعض التعجب مثله.
” لم اعد أراه مؤخرا. “
أجاب توما.
” رايته مرة واحده قبل يومين ورفض التحدث متعذرا بانشغاله. “
قالت اسايو تلعب بالعشب أسفلها بين أصابعها.
” أكان يبدو بخير؟ “
سال كايو.
” لا اعلم فقد ابتسم لي وهرب. “
وها قد حصل هم جديد للتفكير به.
__________
بعيدا عن الأنظار وخلف الأشجار، دس جسده الصغير مراقبا منزل الحارس نوا الخشبي، خرج الحارس رفقة كلب الحراسة الأسود بعد نشر رائحة اللحم بأرجاء الغابة دون ضمير.
كالعادة قبل غروب الشمس ببضع ساعات كان يتناول وجبته وبعد أخذ قيلولة يخرج لعمل جولة رفقة كلبه الأسود ثم يضع الكلب بمنزله بجانب ساحة تدريب الفرسان ويعاود للمنزل للشرب حتى الثمالة.
بعد العديد من الأيام حفظ جدول الحارس نوا، أصر على تذوق لحم الضأن الذي يقوم هذا الرجل بإغرائهم به كل يوم. اليوم بدل المراقبة الخارجية اختار التسلل لبيته لحفظ مخطط المنزل الداخلي من اجل خطته فهو يعلم أن نوا لن يعود حتى غروب الشمس.
عض وجنته منتظرا اختفى نوا بين الأشجار وبعد عدة دقائق من اختفائه شق طريقة بين الأشجار والساحة العشبية وصولا الي الشرفة حيث الطاولة والشاوية.
” مقزز. ”
همس كايو عند رؤية باقيا الطعام على الطاولة والأرض وبعض النبيذ المنسكب هنا وهناك.
تنهد خوفا من إيصاده للباب ومن حسن حظه لم يفعل، شقت الابتسامة وجهه لتواجده بمنتصف المنزل الخشبي الكبير قليلا، ليس بالنسبة للأسياد ولكنه كبير كفاية لدى العبيد.
أزعجه صوت الخشب بكل خطوة خطاها للداخل وجاهد لتجاهل وقعه على أذنه رفقة صوت نبضاته الذي يحجب قدرته على التفكير، وصل مقابل غرفة بزاوية بعد مروره على دوره المياه والمخزن. أدرك كونها غرفة نوم نوا وأخر مركز لاستطلاعه.
وضع يده على المقبض ونبضاته تصنع موسيقى تثير خوفه وتحجب عنه سماع صوتا خرج من تلك الغرفة.
قبل سحب الباب جانبا ركز بصوت تنهد وأنين أصدر من داخل الغرفة. تجمد يتصبب العرق من جيبنه، هو من تأكد من عدم وجود هنا! راقب روتين الحارس مرارا وتكرارا حتى حفظه.
أعاد الصوت الأنين والذي يبدو كصوت بكاء مكتوم، عاد خطوة للوراء بعيدا عن الباب راغبا بالهرب وقبل التفاته اختفى الصوت موقدا لهيبا في قلب كايو من صرخ به عقله لفتح ذلك الباب.
اغلق عينيه محاولا البحث بداخل عقله عن إجابة للقتال الدائر بداخلة ولكن كل ما استمع إليه هو الطبول التي تقعر بصخب داخله.
قرر عدم التفكير وبلحظة واحده سحب الباب حتى رأى ما رأى.
” جينتا. “
همس كايو وتوسعت حدقتيه السوداء… وقف محدقا بجسد صديقه العاري المزين بكدمات زرقاء وبسيل الدموع المنزلق على وجنتيه.
– شاركوني بارائكم عن الرواية لدعمي !
التعليقات لهذا الفصل "02"