لكن لا فائدة من الإنكار، فقد كنت قد رأيتُ كل شيء بعينيّ نصف المغمضتين. لقد انكشف أمره وهو يرمق الدمية الصوفية بنظرات حانقة.
فأبعدتُ الدمية عني وجذبته إليّ بقوة، ثم، وقد جاء منساقًا بلا وعي، أحطته بذراعي كما لو كان دمية، وأخذت أربّت على ظهره.
“ما رأيك… أن ننام هكذا؟”
— ……!
“وما المشكلة؟ في النهاية سنتزوج.”
تجمّد رينوس مكانه وقد كان على وشك الهرب.
بالطبع، لم يكن قصدي أن يتحول إلى هيئته البشرية في تلك اللحظة. وقبل أن يساء فهمي وتحدث كارثة، سارعتُ بإضافة جملة أخرى:
“لكن، فقط لتعلم… لا مجال لارتكاب تجاوزات قبل الزواج.”
— ……!
ارتسمت علامة التعجب فوق رأسه، وتجمد جسده مرة أخرى. لا شك أنه فهم مغزى كلامي الآن.
ابتسمتُ برضا، ثم أطبقت ذراعي أكثر على جسده المتجمد، مغمضة عينيّ لأغفو. وما إن وضعت يدي على جسده الصغير، حتى انتقلت إلى راحتي خفقات قلبه السريعة المرتبكة، وكأنها نقرات عذبة، مما أشعرني بسعادة غامرة.
في تلك الليلة—
رأيتُ حلمًا سعيدًا، بأنني أمتطي تنينًا ذهبيًا ضخمًا وأجوب به القارة بأسرها.
・ 。゚ ✧ : * . ☽ . * : ✧ ゚。 ・
وبعد مرور فترة من الزمن،
في أحد أيام ما بعد الظهيرة، حين انقضى الصيف الحار وحلّت نسائم الخريف العليلة،
وبعد أن استعدتُ كامل عافيتي، أقمت حفلة صغيرة في حديقة القصر الخلفية، حفلة بسيطة اقتصرت على عدد قليل من المقربين احتفاءً بشفائي.
كان الحاضرون: رينوس، روبليت، جيرالد، أليس، ماي، وأعضاء من «نقابة التلاعب بالحب في سيل» متخفّين في هيئة تجار من شركة «لومينوس».
أكلنا وشربنا طويلًا، حتى أخذ الجو يزداد مرحًا.
رفع ليدر يده فجأة، وصاح بصوت مخمور مرتفع:
“أغتنم هذه الفرصة لأعلن… أنني سأتزوج صغيرتي ماي قريبًا!”
فالتفتت جميع الأنظار في الحال نحو ليدر وماي الجالسة إلى جواره.
في طرفة عين، احمرّ وجه ماي حتى بدا كالتفاحة، ثم صحت مرتبكة: “يا إلهي، ما هذا الهراء الذي تقوله؟!” ووجّهت إلى خاصرته لكمة قوية أحدثت طرقة مسموعة.
“آخ…!”
انكمش ليدر وسقط من على مقعده من شدّة الضربة، لكن كلماته كانت قد وصلت بالفعل إلى آذان الجميع.
“حقًا؟!”
“ومتى سيكون الزفاف؟”
“مبارك لكما!”
وأحاط أعضاء النقابة بالثنائي في لحظة، وقد ملأت وجوههم الحماسة والفضول.
أما أليس، التي حضرت مع جرالد، فقد رمقته بنظرات مترددة وهمست بخجل:
“إذن… يا وريث لابرينث، متى سيحين دورنا نحن؟”
بينما بدا روبليت لسبب ما متألّمًا بمرارة، ثم التقط كأسًا من النبيذ العتيق وشربه دفعة واحدة.
أما أنا، فقد انتهزت انشغال الجميع بليدر وماي، وانحنيت نحو رينوس لأهمس في أذنه بطلب أن نتحدث على انفراد قليلًا.
فاكتفى رينوس بهزة خفيفة من رأسه وتبعني بهدوء.
・ 。゚ ✧ : * . ☽ . * : ✧ ゚。 ・
كنت أعضّ على شفتي، محاوِلةً تهدئة خفقات قلبي المتسارعة، وأواصل السير حتى غاب صخب الآخرين عن مسامعي.
مشينا طويلًا، حتى بلغنا أعماق الحديقة حيث بدت أوراق الأشجار تتلون بألوان الخريف، فتوقفت أمام شجيرة من الورود.
وعلى الرغم من أننا في فصل الخريف، ما زالت الورود القرمزية متفتحة بكامل بهائها، تفخر بجمالها الأخاذ.
وكان عبيرها النفّاذ يلسع أنفي بقوة، حتى خُيّل إليّ أنني أغرق في بحر من الورود.
“كم أنا… متوترة.”
كان هذا الوقت المناسب لأقول أخيرًا الكلمات التي رددتها لنفسي مئات المرات.
ومع ذلك… لماذا كان قلبي يرتجف هكذا؟
استنشقتُ عبير الورد حتى امتلأت به رئتاي، ثم قبضتُ بقوة على حاشية فستاني قبل أن ألتفت نحو رينوس.
كان هو أيضًا يحدّق بي بتعبير متوتر قليلًا، وكأن توتري انعكس على وجهه.
التقت عيناي الورديتان بعينيه الذهبيتين في فضاء ساكن.
ما عدا النسيم الخريفي العليل الذي داعب وجنتيّ وهزّ برفق شجيرات الحديقة، كان كل شيء ساكنًا تمامًا.
أجبرتُ زاويتي شفتيّ، اللتين لم تشأا أن ترتفعا طبيعيًا، على الارتسام بابتسامة خجولة.
“لديّ ما أود قوله.”
عند وقع تلك الكلمات المثقلة بالمعنى، تجمد وجه رينوس قليلًا. لكن ذلك التوتر تلاشى بسرعة مع كلماتي التالية:
“أتذكر ما قلته سابقًا؟ إنني كنت أرغب في الاعتراف لك في مكان ذي أجواء جميلة.”
في الحقيقة… هذه الحديقة لم تكن المكان الذي تخيلته يومًا.
كنت أحلم بأن يكون اعترافي على متن سفينة رحلات كبيرة، خلال حفل فاخر، وتحت سماء الليل حين تتفجر الألعاب النارية زينةً للسماء… كنت أريد أن أعترف له هناك بأنني أحبه.
لكن انهياري ومرضي أضاعا عليّ الكثير من الوقت. وبما أننا كنا نعلم بالفعل ما في قلبينا، لم أرغب في إطالة الأمر أكثر.
ولهذا، واليوم تحديدًا، وقد تعافى جسدي بما يكفي للخروج بلا مشقة، عقدت العزم على قول الكلمات التي ظللت أؤجلها.
“لقد قلتَ لي ذات يوم، يا صاحب السمو… عندما أكون مستعدة لتلقي مشاعرك، أن آتي إليك.”
وفي تلك اللحظة، بعثرت نسمة خريفية عابثة شعري، حتى لم أعد أرى تعابير وجهه بوضوح.
ولكي أتجنب نظراته عمدًا، انحنيتُ قليلًا وأنا أزيح الخصلات المبعثرة خلف أذني. ثم، تمامًا كما خططت، مددتُ يدي نحو شجيرة ورد قريبة واقتطفت وردة قانية.
أو بالأحرى… حاولت ذلك. فبقوة ضعيفة، كان الأمر أقرب إلى انتزاعها على نحو مرتبك.
لكن المشكلة أن ساق الوردة كان صلبًا للغاية ولم يُنتزع بسهولة.
“آه…”
لم يكن هذا المشهد هو ما تخيلته بتاتًا.
وأنا أقاوم الساق المتعنت، خرج أنيني لا إراديًا. كم تمنيتُ لو كان بيدي مقص، لكن من غير المعقول أن أحمله في موقف اعتراف كهذا.
وبعد أن راقبني لحظة، بدا أن رينوس قد رأى أن الأمر لن يتم، فمدّ يده واقتطف الوردة بدلاً عني.
متجنبة النظر إليه، خطفتُ الزهرة من يده بخجل مبالغ فيه.
“شكرًا لك.”
اشتعل وجهي بحمرة خجل، وسمعته يضحك ضحكة صغيرة عند رؤيته لذلك.
لم أجرؤ على النظر إلى وجهه، فأبقيت رأسي مطأطأ. وما إن توقفت ضحكته حتى مددتُ يدي، دون أن أرفع عينيّ، وقدمتُ له الوردة القرمزية مباشرة.
“أنا الآن مستعدة.”
“……”
“مستعدة لأن أبقى معك، إلى الأبد.”
لطالما تلقيت من رينوس ورودًا زرقاء.
ومعناها: المستحيل، أو المعجزة.
في حياتي السابقة، حين لم أكن أعرف الحقيقة، لم أفكر إلا في جمال تلك الورود الزرقاء.
لكن بعد أن تذكرت حياتي السابقة، علمت أن حبه لي كان هو ذاته تجسيد تلك الوردة الزرقاء.
وكما تمنى، وقعت المعجزة حقًا.
فقد آن للوردة الزرقاء أن تتحول إلى حمراء.
رفعتُ بصري ببطء عن الأرض، فرأيت شعره الذهبي يلمع تحت وهج الشفق، وعينيه بلون الغروب تعكسهما.
في صمت، انحدرت دمعة وحيدة من عيني رينوس. مسحها على عجل بكمِّ ردائه وهو يتجنب نظراتي.
كان الأمر أشبه بفقاعات صابون ملوّنة بألوان قوس قزح، تنفجر واحدة تلو الأخرى بصوت مبهج، حاملةً السعادة في طياتها. بانحناءة رقيقة في عينيّ، رسمتُ ابتسامة واسعة على وجهي وقلت بنبرة مازحة:
“ألن تقبل وردتي؟”
“لا.”
من دون أن يأبه بالأشواك التي وخزت يده، خطف رينوس الوردة على عجل.
“سأقبلها.”
“إذن… هذا يعني أنك قبلت اعترافي أيضًا، صحيح؟”
“… نعم.”
بعينين مرتجفتين، ألقى رينوس نظرة إلى الوردة ثم أومأ برأسه ببطء. بدا وكأنه لم يستوعب كلماتي تمامًا، بل أشبه برد فعل آلي وسط ارتباكه.
ولعل ذلك صحيح، فقد توقّف عن الإيماء عند سؤالي التالي:
“إذن… هل هذا يعني أن اليوم هو أول يوم لنا معًا؟”
رفع رينوس نظره إليّ، بينما شبكتُ يدي خلف ظهري وأملتُ جسدي إلى الجانب في حركة مرحة.
“أوَ… ليس كذلك؟”
ثم رمشتُ برموشي مرارًا، كرفرفة أجنحة فراشة، متصنّعة الدلال.
وعندها فقط، عاد شيء من التعبير إلى ملامح وجه رينوس الشارد.
ببطء، قلدني، مغمضًا عينيه ويفتحهما من جديد. ثم، بابتسامة هادئة كالهلال ارتسمت على عينيه وشفتيه، أجابني:
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 181"