فقد تم القضاء على الأرواح الشريرة التي وُلدت منه حديثًا، أما أرواح سييلا المليئة بالغضب فكانت تفتك بجسده بضراوة.
آه… يبدو أن النهاية قد حانت فعلًا.
وعلى وقع ذلك، غاص نوكس في يأسٍ عميق، وعض شفتيه وهو يغلق عينيه ببطء.
لكن فجأة، لمعت فكرة في رأسه، ففتح عينيه على اتساعهما وأخذ يتفحص ما حوله.
هو والأمير الثاني هاجما شقيقته بهدف امتصاص متاهتها، لكنهما فشلا.
والآن، أصبحت سييلا هي من تمتص متاهة الأمير الثاني بدلًا من ذلك.
وبالفعل، حين نظر إلى الجدار، رأى المتاهتين تندمجان لتُشكّلا واحدة.
وهذا يعني أن المتاهات أصبحت في حالة غير مستقرة للغاية.
وإدراكًا لذلك، توصل نوكس إلى طريقة يمكنه بها توجيه ضربة قاصمة لسييلا، مالكة المتاهتين.
وإذا نفذها، فسوف يموت بلا شك.
لكن… لا يمكنني أن أقف مكتوف اليدين وأموت هكذا.
وما إن أنهى حساباته، حتى اندفع نوكس مباشرة نحو جسد الأمير الثاني. لكن قبل أن يتمكن من الوصول، باغتته ركلة هائلة من قدمٍ ضخمة، أطاحت به أرضًا بشكلٍ مثير للشفقة.
دووم!
– آهغ…
– ضعيف جدًا. ولا يبدو طعمه شهيًا.
قال سيربيروس وهو يلعق شفتيه بخيبة أمل، كمن لعب بكرة بين مخالبه.
عبست سييلا، التي لم ترغب في أن يموت نوكس بهذه السهولة، ونبهته:
“لا تأكله. جيجي.”
– ……من باب رابطة الدم، دعيني أقدّم لك نصيحتي الأخيرة، أختي.
وبوجهٍ مشوه من الألم، حاول نوكس النهوض بصعوبة، لاهثًا وهو يتحدث:
– لو غيرتِ منظوركِ قليلًا، لأمكنكِ عيش حياة أكثر رغدًا.
الجميع سيركع تحت قدميكِ، ويقسم بالولاء الأبدي.
“……”
– حتى وإن فقد قوته، ما زال آبشوليكتار يطيع أوامركِ بإخلاص، ومهما رغبتِ به سيجلبه لكِ. فلماذا ترفضين الطريق الأسهل، بينما هو أمامكِ؟
“……”
– إن كنتِ تكرَهين تلويث يديكِ بالدماء، فسأقوم بالأمر بدلا عنكِ. سأتحمل كل ما هو قذر، أما أنتِ، فلا تنظري سوى إلى الجمال، ولا تسمعي إلا ما يسرّك. ثم—
“ولِمَ يتّهمني شخص مثلك زورًا بأنني شريرة؟”
توقّف حديثه الطويل فجأة.
وبنبرة صوتها الباردة، أدرك نوكس أنه لا توجد كلمات قادرة على ثني إرادتها أو التأثير فيها.
وعندما استشعر النهاية، ارتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة مُرّة، وتفوّه بكلماته الأخيرة:
– وُلدنا في اليوم ذاته، وفي الساعة ذاتها… ألا يجدر بنا إذًا أن نرحل معًا في الوقت ذاته؟
وفي لمح البصر، انتصب نوكس واقفًا وانقضّ على شيد.
ورغم أن الأرواح الغاضبة كانت تنهش روحه، إلا أنه واصل اختراق الجسد بعناد، محاولًا السيطرة عليه بكل ما أوتي من قوة.
شعرت سييلا بأن هناك أمرًا مريبًا، سواء من كلماته الأخيرة المليئة بالشؤم أو من حركته غير المبالية بجسده، فأمرت سيربيروس على الفور:
“هاجمه!”
دوّي!
مرة أخرى، انقضّ سيربيروس بمخالبه على نوكس.
لكن، وعلى نحو مفاجئ، تصدت له أرواح سييلا الشريرة التي اشتعلت أعينها غضبًا وسعت إلى حماية جسد شيد من ضربة سيربيروس.
استغل نوكس تلك الفوضى، وبمجرد ما استحوذ على الجسد، انطلق مسرعًا نحو حفرة تغلي فيها الحمم.
ومن دون أي تردد، ألقى بجسده داخلها.
“……!”
شهقت سييلا بذهول، وهمّت بإصدار أمر لأرواحها.
لكنها لم تكمل، إذ باغتتها آلام حادة في رأسها، فوضعت يدها على جبينها وتمايلت بتألم.
فقد تسبب انهيار المتاهة التي فتحها شيد بُعيد وفاته في ارتداد عنيف، أصاب سييلا التي كانت تمتص تلك المتاهة دون قصد، ضاربًا كيانها بقوة ساحقة.
“آه…”
شعرت بالغثيان، كأن أحدهم اقتلع دماغها وأخذ يضربه بمطرقة بعنف لا يُحتمل.
أصبحت المتاهة بأكملها تهتز، كأنها على وشك الانهيار.
وفي خضم ذلك، لاحظ سيربيروس والأرواح الشريرة أن وعي سييلا قد بلغ حافّة الانهيار، فالتفتوا إليها بعيون تقدح شررًا.
– آنستي! أنا سأحميكِ!
استشعر جودوري الخطر، فاندفع واقفًا أمام سييلا ليحميها بجسده.
وفي تلك اللحظة بالذات—شاقًا طريقه بصعوبة عبر المتاهة غير المستقرة—تمكن رينوس أخيرًا من الدخول، وهرع نحوها ليضمها بين ذراعيه بقوة.
“آنستي!”
توقفت الأرواح الشريرة التي كانت على وشك الانقضاض على سييلا عندما استشعرت الهالة المتفجرة للتنين الشرير التي تفوح من رينوس.
سييلا، التي اختفى الدم من وجهها، كانت يداها المرتجفتان تتشبّثان بذراع رينوس بشدة، فأخذ يُربّت على وجنتيها بخفة.
“آنستي، لا تفقدي وعيكِ. أرجوكِ، تماسكي! لا تستسلمي!”
رغم أنه كان يحميها من الأرواح، إلا أن فقدانها للوعي في تلك اللحظة يعني أن المتاهة الخارجة عن السيطرة ستُغلق قسرًا، وتبتلع كل ما في جوفها بلا رحمة.
لذا، بذل رينوس كل جهده لإيقاظها.
لكن، كما لا تستطيع راحة اليد أن تسند برجًا آيلًا للسقوط، لم يكن من الممكن استعادة عقل بدأ يتداعى.
عضّ رينوس على شفتيه في عجز.
عندها شعر بشيء مألوف ينبعث منها—قوة كانت يومًا ملكه.
حينها تذكّر كيف أنه، في بُعد آخر، استخدم حياة سييلا السابقة ليحوك ماضيها كأنه كتاب ويعرضه عليها.
إن استخدمتُ ذلك الأسلوب لجعلها تغفو…
ربما يمكنها حينها أن تحتفظ بوعيها سليمًا.
ولكن—كان هناك مشكلتان تعيقانه…
كانت المشكلة الأولى أنه لم يعد يمتلك القوة اللازمة لفعل ذلك.
أما الثانية فحتى لو استطاع، لم يكن هناك ما يضمن متى ستعود سييلا إلى الواقع.
في الماضي، ابتكر شخصية خيالية تُدعى “المؤلف” عبر سيربيروس، الذي كان مرتبطًا بروحها، ومن خلال صدمة نفسية موجّهة، استطاع أن يعيدها إلى الواقع…
لكن…
هل يمكن أن تنجح هذه الحيلة مرة أخرى؟
رأى رينوس أن ذلك غير وارد.
“آه…”
ومع ذلك، لم يكن بإمكانه ترك سييلا تفقد وعيها بهذه البساطة.
لكن الحقيقة التي لا مهرب منها، أنه لم يعد يملك أي قوة.
فماذا عساه أن يفعل؟
– أيها التنين الشرير العظيم…
في تلك اللحظة، بدأ جودوري، الذي كان يراقبه بصمت، يشدّ كم ردائه بإلحاح.
وفور أن التقت عينا رينوس بعيني ذلك الروح الصغيرة، اللامعتين بلون السماء—
فهم كل شيء.
كانت هذه الروح أمامه جزءًا من قوته عندما كان لا يزال تنينًا مقدسًا، قبل أن يتحوّل إلى تنين شرير. بمعنى آخر، إن استخدم “جودوري”، فسيتمكن من تهدئة وعي سييلا وإغراقه في نوم عميق.
ولكن إن فعل ذلك… فإن الروح العزيزة على سييلا، والتي تحبها بشدة…
– أنا أيضًا سأحمي آنستي!
وكأنه قرأ ما دار في نفسه، وقف جودوري بثبات وضرب صدره بقبضته، كمن يطمئن صاحبه ألا يقلق عليه.
تردد رينوس لحظة، ثم مدّ يده نحو جودوري ببطء.
فما كان من الروح إلا أن تحوّل فورًا إلى كتلة من الضوء الساطع، وانساب إلى راحة يده.
[ أوهانا : لا لا جودوري حبيبي لااااا حسبي الله عليك يا الكاتبة ما حصلتي حل إلا قتل طفلي اااااااا ببكي ]
رويدًا رويدًا، بدأ الوعاء المحطم يلتئم، وعادت القوة إليه.
لقد مرّ وقت طويل منذ آخر مرة عانق فيها هذه القوة، حتى إنه، رغم أنها كانت له في الأصل، بدت غريبة عليه وهو يشعر بها تملأ كل ذرة من جسده.
وبينما كان يتأمل يده بتعبيرٍ غريب، انحنى رينوس بلطف، وطبَع قبلة خفيفة على جبين سييلا.
وداخل قلبه، همس بدعاء صامت: أتمنى أن تعود سييلا إلى وعيها سريعًا.
ثم، جامعًا آخر ما تبقى من قواه، أرسل وعي سييلا برفق إلى نومٍ عميق.
وهكذا، غطّت في سبات يُشبه الموت.
・ 。゚ ✧ : * . ☽ . * : ✧ ゚。 ・
بيب بيب بيب، بيب بيب بيب، بيب بيب بيب—
رنّ منبّه الهاتف بصوتٍ مزعج.
تأوهت وأنا أُعقّد ملامحي، ثم فتحت عينَي بصعوبة، فقط لأُفجع بما كان أمامي.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 172"