لم يبدُ الإمبراطور متفاجئًا، وكأنّه كان يتوقّع هذه النتيجة إلى حدٍّ ما، رغم أنّ ملامحه كانت قاتمة للغاية.
وحسب ما أعلمه، فقد أحبّ الإمبراطور الإمبراطورة الراحلة حبًّا عميقًا.
فقد أبقى منصب الإمبراطورة شاغرًا لسنواتٍ طويلة، بل إنّه، رغم المعارضة الشديدة، عيّن رينوس وليًّا للعهد، رغم أنّه كان مصابًا بلعنة التنين الشرير إلى درجة منعته من المشاركة في أيّ نشاط عام.
ذلك هو الإمبراطور كما عرفته. ومع ذلك، وذات يوم، وُلد له طفل من الزوجة التي أدخلها القصر بعد وفاة الإمبراطورة.
والمريب أنّه عند احتساب موعد الحمل، تبيّن أنّه تزامن تقريبًا مع ذكرى وفاة الإمبراطورة.
ولهذا السبب، انتشرت شائعات تقول إنّ الطفل ليس من صُلبه.
ثم ظهر كاهن يُدعى جيليوت، زاعمًا أنّه سمع صوت الحاكم، لينفي تلك الشائعات مؤكدًا: “الأمير الثاني هو بالفعل ابن جلالة الإمبراطور الشرعي.”
ولأنّ الأمر لا يتعلّق بنبيلٍ عادي، بل بسلالة العائلة الإمبراطورية، فقد كان من الممكن فتح تحقيق مستقل رغم شهادة الكاهن. ومع ذلك، اختار الإمبراطور ألّا يخوض في المسألة أكثر.
ويُقال إنّ ذلك لم يكن بسبب ثقته في الزوجة الجديدة، بل لأنّه لم يرغب في إثارة الجدل حول نسب طفل حديث الولادة.
لكن أن يُعاد فتح هذا الملف الآن…
“تحدّثي، يا دوقة لابرينث.”
قال الإمبراطور بهدوء وهو يُحدّق بصمتٍ في الجوهرة المركزيّة لجهاز كشف النسب.
“هل ما حدث في المباراة النهائية كان فعلًا تجلّيًا لغضب الحاكم تجاه الأمير الثاني، لأنّه تجاهل أمرًا مشينًا يتعلّق بوليّ العهد؟”
“هل لي أن أسأل لماذا يطرح جلالتك مثل هذا السؤال؟”
“تحوّله أمام الجميع إلى شيءٍ شبيهٍ بالتنين الشرير لا يبدو محض صدفة. وأنا على دراية تامّة بالشعور العميق بالدونية الذي يكنّه الأمير الثاني تجاه وليّ العهد…”
…يا إلهي.
خفضتُ بصري بهدوء. في الواقع، لطالما كان الأمير الثاني طائشًا وعديم المسؤولية.
وبعد أن فكّرتُ قليلًا، قرّرتُ أن أكشف فقط القدر الذي لن يضرّني.
“بحسب علمي، قبل عدّة أيام من النهائيات، زار سموّ الأمير الثاني شركة لومينوس التجارية، واشترى لفيفة سحرية تُـمكِّن من تغيير الهيئة. أعتقد أنّ هذا ربما كان السبب الذي أثار غضب الحاكم.”
ولم تكن هناك حاجة لذِكر من كان الهدف الحقيقي لذلك السحر.
أغمض الإمبراطور عينيه ببطء، وقد بدا عليه الإرهاق الشديد.
・ 。゚ ✧ : * . ☽ . * : ✧ ゚。 ・
بعد انتهاء لقائي الخاص مع الإمبراطور، رافقني رينوس إلى العربة.
وخلال طريق العودة إلى النقابة، كان رينوس يُحدّق إلى الخارج بعينين تحملان مشاعر معقّدة.
ويبدو أنّ سبب ذلك هو قبولي بخطبة الإمبراطور دون مشاورته. كانت التجاعيد الطفيفة في جبينه توحي بانزعاجه.
لم يكن بوسعي رفض أمر الإمبراطور… ثمّ إنّني كنتُ أظن أنّ رينوس يرغب في خطبتي…
شعرتُ بخيبة أمل طفيفة، فأخذتُ أتلفّت بقلقٍ قبل أن أبدأ الحديث بحذر:
“سموّك.”
“…نعم؟”
ردّ متأخرًا بنصف لحظة.
لكن ما إن وقعت عيناه عليّ، حتى انفرجت ملامحه المتصلّبة فورًا، ممّا منحني شجاعة كافية لنزع القناع الذي ما زلتُ أرتديه. أزحتُ الغطاء عن رأسي، ونثرتُ شعري الذي كنتُ قد لففته.
ثم، دون إنذار، كشفتُ عن هويتي الحقيقية.
وبينما رينوس يُحدّق بي بدهشة، باغتتُه بسؤالٍ مباشر:
“ألستَ راغبًا في خطبتي؟”
“بالطبع لا.”
أجاب دون أدنى تردّد.
شعرتُ بأنّ قلبي، الذي كان يضرب من التوتر، قد هدأ بسرعة، فسألته مجدّدًا:
تساءلتُ بصوتٍ مرتفع من شدّة الدهشة. وما إن أومأ رينوس برأسه بخفّة، حتى سارعتُ إلى الاعتراض:
“لا، على الإطلاق. أنا حقًّا أردتُ الارتباط بك. ومنذ وقتٍ طويل، قبل حتى أن يذكر جلالة الإمبراطور ذلك اليوم.”
“…نوكس قال إنّني أعدتُ إليكِ فقط الذكريات التي تحتاجينها، دون أن أُطلعكِ على الحقائق التي يجب أن تعرفيها. وقال إنّني أستغلّكِ.”
ثمّ خفض رينوس نظره، وقد أثقلته مشاعر الذنب.
“وكان محقًّا.”
“سُموّك.”
“كنتُ سعيدًا للغاية برسالتكِ حتى نسيتُ كلّ شيءٍ آخر. كنتِ، لا، أنتِ قلتِ إنّك لا ترغبين برؤيتي مجددًا. ولهذا لم تأتِ طوال ذلك الوقت…”
نبرة الألم في صوته جعلت قلبي يهوي.
وسط ذلك الجو الثقيل، حيث لم يكن غريبًا لو قال: “سأبتعد عنكِ”، سارعتُ إلى الانتقال للجلوس بجانب رينوس، وأمسكتُ يديه بكلتا يديّ بقوة.
“أنا لم أقل شيئًا كهذا أبدًا!”
“لأنّها ذكرى… لم أستعدها.”
ارتجفت عيناه الذهبيتان بعنف، وكانت يداه خاليتين من أيّ قوة.
“في حياتكِ السابقة، قلتِ إنّك لا ترغبين في رؤيتي مجددًا.”
“لكن تلك كانت حياة سابقة! أنا الآن أريد رؤيتك كلّ يوم!”
عند صرختي، تلألأت الدموع في عيني رينوس.
ولكن قبل أن أتمكّن من رؤيتها جيدًا، جذبني إلى حضنه، وأحاطني بذراعيه بشدّة.
وبينما كان يفرك خدّه في شعري، همس بصوتٍ مختنق:
“وأنا أيضًا أريد رؤيتكِ كلّ يوم. عندما أفتح عيني صباحًا، أريد أن تكوني بقربي، وعندما أنام ليلًا، أريد أن تغفوي معي في نفس المكان.”
“إذًا—”
“لكنّني… في المقابل، أُخفي عنكِ أمرًا بالغ الأهمية…”
“وهل هذا يعني أنّك تريد الابتعاد عني؟”
تشبّثتُ بسترة معطفه بقوة، وطرحتُ السؤال الذي تسرّب من أعماق قلبي إلى شفتيّ.
عندها أجاب رينوس بنبرة خاوية يملؤها التهكّم:
“هذا مستحيل. لا أستطيع أن أبتعد عنكِ.”
“إذًا انسَ كلّ ما قلتُه في حياتي السابقة. من تقف أمامك الآن ليست هي من كنتُ في ذلك الزمان.”
اشتدّ حضنه لي، وكأنّه يرفض بشدّة فكرة نسيان تلك الكلمات.
عضضتُ شفتي السفلى بقوة.
كما قال نوكس، كان رينوس عالقًا في ظلّ ذاتي السابقة—أميرة إلدورادو. ونظرًا لطبيعة التنانين التي لا تعرف النسيان، فمن المرجّح أنّه لن يتمكّن من التحرر منها أبدًا.
كنتُ أرغب في إنقاذه من عذابه، لكن ما دمتُ لا أتذكّر حياتي السابقة، فلن يكون لعزائي أيّ أثر فعلي.
ولذا، بدلًا من أن أقول شيئًا، شدّدتُ ذراعي حوله أكثر، حتى لا يتمكّن من الهرب.
وبينما بدا عليه شيءٌ من الدهشة بسبب هذا التصرف المفاجئ، بدأتُ أتمتم كطفلةٍ مدلّلة:
“أتعرف؟ من الطبيعي أن يكون لدى الناس بعض الأسرار. أنا أحبك حتى لو لم تكن لديك أسرار، لكنني أحبك أيضًا إن كانت لديك. لذا دعنا نترك هذا جانبًا الآن، وركّز فقط على من أكون اليوم.”
“لكن…”
“أنا أسمح لك بأن تُبقيه مدفونًا.”
قلتُ ذلك بنبرةٍ مرحةٍ متعمّدة، فضحك رينوس بخفّة. وشعرتُ براحةٍ خفيّة تسري فيّ عندما بدأ جسده المتشنّج يلين شيئًا فشيئًا.
لكن كلماته التالية جمّدت ملامحي من جديد.
“شكرًا لكِ. ولكن، ما أُخفيه أمرٌ يجب أن تعرفيه لا محالة.”
“……”
“كان ينبغي أن أُخبركِ الآن، لكن… أشعر بالخوف. وإن لم يكن لديكِ مانع، أرجو أن تنتظري قليلًا فقط. سأُخبركِ قبل أن نُتمّ خطبتنا. وإن تغيّر رأيكِ بعد ذلك—فلكِ مطلق الحرية أن تقولي ما تشائين.”
قال ذلك ووجهه مدفونٌ في كتفي، وجسده يرتجف بخفّة.
كان الأمر أشبه برجاءٍ صامتٍ يتوسّل ألّا أتركه، حتى لو تبدّلت مشاعري بعد أن أسمع الحقيقة. فشدّدتُ احتضاني له بكلّ قوّتي، وكأنّني أقول له إنّ هذا لن يحدث أبدًا.
“لن أرحل عنك أبدًا. وبالمناسبة، لم أقم حتى الآن بالاعتراف بمشاعري بشكلٍ صحيح. إذًا، ما رأيك أن نؤجّل الخطوبة قليلًا؟”
عندما فكّرتُ في الأمر، أدركتُ أنّه لا حاجة فعلية للخطوبة. يمكننا الزواج مباشرة—كي لا يتمكّن رينوس من الهرب.
وبينما كنتُ أربّت على ظهره بتلك النية في قلبي، سمعتُ ضحكة خافتة منه.
بدا وكأنّه استعاد هدوءه، مقارنةً بما كان عليه قبل قليل، ما جعلني أبتسم تلقائيًّا.
・ 。゚ ✧ : * . ☽ . * : ✧ ゚。 ・
وفي تلك الأثناء، في مكانٍ آخر…
كان شيد قد صدّق بثقةٍ عمياء كلمات نوكس، الذي وعده بأنّه سيجعله الإمبراطور بدلًا من شقيقه، ولذلك نفّذ أوامره حرفيًا، وعلّق المرآة في نهاية الممر، ثمّ بدأ بإرسال الخدم واحدًا تلو الآخر.
وقد راوده الشكّ قليلًا في سبب إرسالهم واحدًا تلو الآخر، لكن نوكس أوضح أنّه سيستفيد من المعلومات التي يملكها الخدم لصياغة خطةٍ يهزم بها وليّ العهد، ففكّر شيد: “آه، هذا منطقي.” ولم يسأل أكثر.
وكانت تلك هي غلطة عمره.
“أعتذر يا صاحب السمو… لكن هل لي أن أسأل متى سيعود الخدم الذين أرسلتهم سابقًا؟”
في أحد الأيام، سأل كبير خدم قصر الأمير هذا السؤال بحذرٍ شديد، فُوجئ شيد.
متى سيعودون؟ هذا يعني أنّ من أرسلهم إلى الممر لم يعد أيٌّ منهم.
وكحال معظم النبلاء في المراتب العليا، كان يُصدر الأوامر دون أن يُكلّف نفسه عناء متابعة النتائج، فلم يخطر بباله أنّ شيئًا كهذا قد حدث.
رغم أنّ همسات الشائعات كانت تتناقلها بهدوء بين أفراد النبلاء، فإنّ أحدًا لم يملك الجرأة لذكرها أمام شيد، لذا لم تصل إلى مسامعه أبدًا.
“لمَ الاستعجال؟ أنا واثق أنّه سيُعيدهم في النهاية.”
استعاد شيد رباطة جأشه بسرعة، ثم وبّخ رئيس الخدم المرتبك وطرده.
بعدها توجّه غاضبًا إلى نوكس ليواجهه.
“يقولون إنّ الخدم لم يعودوا بعد. ألم تكن تحاول فقط جمع المعلومات؟ إلى أين أرسلتهم بالضبط؟”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 167"