تثاءبتُ وأنا أتمطّى. لم يكن من المفترض أن تبدأ البطولة قبل الظهيرة، لكنني استيقظت منذ الفجر بسبب كثرة ما ينبغي الاستعداد له، وها قد نال مني الإرهاق تمامًا.
“آنستي، رجاءً افتحي عينيكِ للحظة فقط.”
“لا تخفضي رأسكِ!”
“همممغ…”
بينما كانت ماي وبقيّة الخادمات منهمكات في تجهيزي للخروج، كنت أغطّ في نومٍ متقطع، رأسي يتمايل في كل اتجاه.
وعلى الرغم من النعاس، واصلن الاعتناء بي وتزييني بعنايةٍ فائقة.
فقد أخرجن أجمل المجوهرات من إيرميتشو، وحتى الفستان كان أكثر فخامةً من المعتاد، وقد زُيّن بأدق التفاصيل.
وهذا طبيعي تمامًا، فاليوم هو اليوم الذي يُهدي فيه الفائز النهائي انتصاره للآنسة التي أعطته منديلها.
بمعنى آخر، هو يوم يتطلب استعدادًا دقيقًا، كما لو كنتِ مدعوّة لحضور زفاف حبيبك السابق.
لكن لا أظن أن الأمر سيبلغ هذا الحد.
حسب توقّعاتي، لن يُقام حفل تسليم الجوائز اليوم. أو بالأحرى، لن يكون بالإمكان إقامته.
فهم لن يكونوا في حالة تسمح لهم بذلك.
لكن بما أنني لا أستطيع البوح بهذا الآن، تركت الخادمات يواصلن عملهن بصمت.
وبعد أربع ساعاتٍ كاملة من الاستعداد المتقن، خرجت لأجد روبليت قد جاء لمرافقتي، وتراجع خطوةً إلى الوراء فور رؤيتي.
عادةً ما يكون رينوس هو من يرافقني، لكن بسبب أنه مشغولٌ بالمشاركة في النهائي، جاء روبليت بدلًا منه.
فركتُ عينيّ النُعاستين وحدّقت فيه في هيئته الباهرة.
وسيم فعلًا…
شعره الفضي مصفف بإتقان، وعيناه البنفسجيتان تشعّان كحبات الجمشت المصقول، وزيّه الأسود الرسمي بدا مثاليًّا تمامًا.
وسامةٌ نادرة تُبهج العين، وكأن الزينة التي اعتنى بها زادت من تألقه.
لو لم أكن معتادة على وجه رينوس، لكنت احمررت خجلًا منذ اللحظة الأولى.
وفيما كنت أحدّق به، نظر إليّ روبليت من أعلى وفتح فمه قائلًا:
“جئت لاصطحاب سيريال… من أنتِ؟”
“أنا تلك السيريال.”
“بالنسبة لسيريال… أنتِ جميلة.”
“جميلة؟!”
حدّقت فيه بريبة، رافعةً حاجبًا. ما خطبه اليوم؟ أليس من الطبيعي أن يقول شيئًا مثل “هذه ليست السيريال التي أعرفها”؟
أمسكت بخفّة يده الممدودة لركوب العربة، وتمتمت:
“حسنًا، بدءًا من اليوم، أنا سيريال الجميلة.”
“لم تكوني سيئة سابقًا أيضًا.”
“…هل تحتاج إلى اقتراض المال مني؟”
“لا. أنا أملك مالًا أكثر منكِ.”
“خطأ. أنا من يملك أكثر.”
“لا. أنا من يملك أكثر.”
وبينما كنا نتشاجر بطريقةٍ صبيانية حول من يملك مالًا أكثر، بدأت العربة بالتحرّك بسلاسة.
لكن سرعان ما اختفى التعبير المرح من وجه روبليت. ورغم أننا كنا وحدنا داخل العربة، خفّض صوته وكأنه يتحدث عن سرّ خطير.
“بالأمس، ذاك الـ«تي-شيء ما» فرّ من قصر تشيريش. تمامًا مثلما قلتِ، يبدو أن المعبد والأمير الثاني قد أرسلوا رجالهم.”
“أوه؟”
مثلما توقعت تمامًا.
لكن، يا للأسف… حتى لو جاء جدّ تيرييل بنفسه، فلن يمكنه أن يجعلها قديسة بعد الآن.
بفضل تمكّن رينوس من السيطرة الكاملة على تحوّله إلى التنين الشرير بواسطة الأداة السحرية، أُحبِطت مخططاتهم من جذورها. مما جعلني أبتسم بارتياح.
وليس ذلك فحسب.
فلقد أعددتُ أيضًا مفاجأةً خاصة للأمير الثاني، الذي تجرّأ على محاولة استغلال تحوّل رينوس إلى تنينٍ شرير لأغراضه الخاصة.
بسبب ذلك، كان قلبي يخفق بحماس لما خططتُ له، حتى إنني لم أستطع النوم حتى وقتٍ متأخر من الليل.
“أنتم جميعًا هالكون… انتظروا فحسب.”
وبينما كنتُ أتلذذ بهذه الفكرة الممتعة وحدي، تدخّل روبليت فجأة وهو يراقبني بصمت:
“تي–أيًّا يكن اسمها، تركتها تذهب مثلما طلبتِ.”
“أوه، أمم… شكرًا.”
“…هذا كل شيء؟”
“هاه؟”
ما الذي يقصده؟ رمقته بعينين نصف مُغمضتَين من شدة النعاس، متعجّبة من تصرفاته الغريبة على غير عادته هذا اليوم.
“هل هناك شيء تريده مني؟”
“…لا.”
أجاب بتوتر وهو يتجنب نظري. ثم أدار وجهه نحو النافذة، وتمتم بارتباك:
“فقط… الطقس جميل اليوم.”
“……”
وكانت أطراف أذنيه قد احمرّت بلونٍ ورديٍّ خفيف.
راودني شعور بالارتباك، وتكدّست علامات الاستفهام فوق رأسي. ما هذا الآن؟
حدّقت في روبليت بعينين نصف مُغلقتَين، محاوِلةً فهم تصرفاته الغريبة التي لم تعد تُحتمل، وفجأة نطقتُ بما خطر في بالي دون تفكير:
“هل من الممكن أنك… تحبني؟”
بصراحة، لطالما تردّدت في حسم هذا الأمر سابقًا.
فهو دائمًا ما يحاول تعليمي المبارزة، ويتفاخر أمامي بأنه أصبح أطول، بل يساعدني طواعية في أمورٍ لم يكن ليكترث بها من قبل، وكان يعتبرها مزعجةً على الدوام.
كل من يراه كان سيظن أنه معجب بي، ومع ذلك، كنت أرفض تصديق ذلك فقط لأن فكرة أن “روبليت يحب زعيمة نقابة التلاعب بالحب في سيل” كانت راسخةً في ذهني بقوة.
لكن تصرفاته هذا اليوم كانت مبالغًا فيها، فلم أتمالك نفسي وطرحت السؤال مباشرة.
هل يُعقل أنه يعرف أنني الزعيمة؟
راودتني هذه الفكرة للحظة، لكن سرعان ما طردتها. لا، لا داعي لتلك الأفكار المشؤومة. يكفيني أن كرامتي تنهار باستمرار أمام رينوس.
هززت رأسي داخليًا في محاولة لطرد هذه الأوهام السخيفة.
لكن…
“…ماذا؟”
يبدو أن كلامي كان مفاجئًا جدًا له، فعيناه اتسعتا قليلًا.
حدّق في وجهي لوهلة، ثم رفع زاوية فمه في شبه ابتسامةٍ ساخرة، وكأنه يسخر مني.
“هل تريدين أن أحبكِ؟ إذا طلبتِ، سأفعل.”
“…لا، لا داعي.”
“إذا أردتِ، يمكنني قبول اعترافكِ.”
“قلت لا.”
“الفرص كهذه لا تأتي كل يوم، تعلمين.”
“كفّ عن هذا، قلت لا.”
اللوم يقع عليّ لطرحي هذا السؤال منذ البداية. عبست بحدّة، وشبكت ذراعيّ واتكأت على ظهر المقعد.
وهكذا، وأنا على تلك الحال، أخذ النعاس يدبّ بي مجددًا وبدأ رأسي يترنّح.
عندها تحدّث روبليت مرة أخرى:
“إن كنتِ غير مرتاحة، يمكنكِ الاتكاء عليّ والنوم.”
“لا داعي.”
“إذًا… هل ترغبين في تعلّم المبارزة؟”
“قلت لا.”
“تعلمين؟ من يتعلّم المبارزة قد يزداد طوله فعلًا. بالطبع، لن تصلي إلى طولي، لكن…”
“اخفض صوتك. أحاول أن أنام.”
“أنا أشعر بالملل.”
“إن كنت تشعر بالملل، فنم أنت أيضًا.”
ثم أدرتُ ظهري إلى لوفليت، مظهرةً بوضوح أنني لا أنوي مواصلة الحديث.
ولحسن الحظ، لم ينبس ببنت شفة بعد ذلك.
وفي لحظةٍ ما، أحسست به يضع معطفه فوقي. وبينما كنتُ أغفو، سحبتُه إليّ لا إراديًا، وانغمست في نومٍ أعمق.
・ 。゚ ✧ : * . ☽ . * : ✧ ゚。 ・
وفي تلك الأثناء، في مكانٍ آخر…
كانت أليس تقف عند مدخل الساحة بوجهٍ عابس، تراقب بعناية النبلاء وهم يترجّلون من عرباتهم.
لكن، مهما بحثت بعينيها، لم يظهر الشخص الذي كانت تنتظره.
بدأت تعضّ شفتها السفلى بقلق، والغضب مرسوم على وجهها.
“لماذا يتأخر إلى هذا الحد؟”
ألم يكن من المفترض أن يصل قبلها؟ أن تسبقه هي، النبيلة، إلى المكان وتظلّ تنتظر، وهو مجرد عامي؟! أيّ وقاحةٍ هذه؟
في حياتها كلها، لم تنتظر أحدًا بهذا الشكل سوى مرّتين. المرة الأولى كانت من أجل زعيمة نقابة التلاعب بالحب في سيل، وهذه هي الثانية.
وزاد من غضبها أن عائلة ماركيز تشيريش أصبحت تحت المراقبة، بعد أن عصت تيرييل أوامر ولي العهد وهربت خلسة.
أليس، وقد كُسر كبرياؤها مرارًا، شدّت على شفتها بأسنانها.
“تلك الحقيرة… كل شيء يتدهور بسببها!”
وما زاد الطين بلّة هو أن النبلاء الداخلين إلى الساحة لم يكفّوا عن إلقاء نظراتٍ جانبية نحوها، وكأنهم يسخرون من مكانتها التي لم تعد كما كانت.
نظراتهم كانت كالسكاكين، ومع كلّ واحدة، كانت أليس تزداد غضبًا على من كانت تنتظره.
فقط انتظر… حين تظهر، سأجعلك تزحف على الأرض ندمًا.
في تلك اللحظة، وقع بصرها على سييلا وهي تترجّل من العربة برفقة روبليت، الذي كان يرافقها كمرافقٍ رسمي.
فاضطرم الغضب في قلب أليس.
لماذا هي من تحظى بمرافقة الدوق؟!
أليس، التي كانت تخفي إعجابًا طويل الأمد بروبليت، ارتجفت من شدّة الغيرة. كان الدوق لا ينظر لا لها ولا لأيّ من النبيلات، ومع ذلك بدا وكأنه قريب جدًّا من سييلا، مما زاد الأمر إيلامًا.
بينما كانت تجعّد حاجبيها بامتعاض، سقط ظلٌّ طويل أمامها.
“أعتذر على التأخير.”
رفعت أليس رأسها حين سمعت ذلك الصوت الرجولي العذب، لتجد أمامها شابًا وسيمًا ذا شعرٍ أحمر، يطابق نوعها المفضل تمامًا.
وفي لحظة، انطفأ غضبها المتصاعد كأنّه لم يكن.
يا إلهي…
ما الذي يحدث؟ لماذا هو وسيم إلى هذا الحد؟
ولأن جيرالد نادرًا ما كان يظهر في المناسبات الاجتماعية بسبب دراسته في الأكاديمية، كانت هذه المرة الأولى التي تراه فيها أليس.
“إنه تمامًا على ذوقي…”
بل كان أقرب إلى ذوقها حتى من دوق جاستيس، الذي كانت تطارده سابقًا.
سرعان ما تلاشت الخطوط الغاضبة بين حاجبيها.
وقد أُسِرَتْ به على الفور، فأخذت تمسحه بنظراتها من أعلى إلى أسفل، وقد فتنها هدوؤه وأناقة حضوره.
وجهٌ وسيم، جسدٌ متناسق، ويبدو ذكيًّا كذلك.
حتى قماش ثيابه بدا من نوعٍ فاخر، مما يؤكّد صحة الشائعات حول تلقيه دعمًا من كونت إيسيت.
صحيح أن ملابسه لا تُضاهي بذخ ملابسها، لكن ذلك منحه مظهر جوهرةٍ خام لم تُصقل بعد.
حتى لو كان قد انفصل عن رايلا إيسيت… لا بأس.
فذلك الارتباط لم يكن بدافع الحب، بل لأسبابٍ مصلحية، ويمكنها غضّ الطرف عنه. فالنبلاء يفعلون ذلك طوال الوقت.
وفوق هذا، من
المؤكد أنه يكره سييلا مثلها، لذا لا بد أن هناك قواسم مشتركة بينهما.
وببرودٍ أرستقراطي، راحت أليس تتفحّص الشاب الذي سيكون خطيبها المؤقّت.
“همف، لا بأس به… بالنسبة لعامي.”
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
ترجمة : أوهانا
الانستا : han__a505
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 147"