بعد أن أنهيتُ أمر أليس بنجاح وخرجتُ من المكان، سلّمني “ليدر” مظروفًا سميكًا قائلاً إنه شيء وصلني للتو.
كان المرسل هو برج السحر، والاسم المدوّن: آبل.
لقد كانت رسالة ردًا على الرسالة التي أرسلتها سابقًا بشأن “سحر إعادة الزمن إلى الوراء”.
“سأعود إلى المنزل!”
من دون تردد، بدّلت ملابسي وعدت إلى قصر لابرينث.
وبمجرد وصولي، توجهت مباشرة إلى غرفتي حتى لا يقاطعني أحد. حتى إنني أغلقت النافذة بإحكام تحسبًا لقدوم رينوس، ثم جلست أمام مكتبي.
وبهدوء، فتحت رسالة آبل بعناية.
وكما هو الحال دائمًا مع رسائل آبل، فقد بدأت بتحية خفيفة:
> [أتمنى أن تكوني بخير. بفضلكِ يا سيدتي، أنا أيضًا بخير.
عندما وصلتني رسالتكِ بعد وقتٍ قصير من إرسال أداة كشف النسب، للحظة ظننت أن هناك خطبًا ما بها، فقلقت كثيرًا. إن وُجد بها خللٌ ما، فلا تترددي في إخباري فورًا…
…أما بشأن فك شيفرة “إلدورادو”، فقد سارت الأمور بسلاسة… وسأشارككِ النتيجة فور الانتهاء منها…
…وأخيرًا، بخصوص استفسارك عن “سحر إعادة الزمن” — لقد بحثت في الأمر.
لا أعلم لماذا يهمّكِ هذا السحر بالذات، لكن… لا تقولي إنكِ تنوين استخدامه؟]
عبارة “لا تقولي إنكِ تنوين استخدامه؟” بعثت في نفسي شعورًا مزعجًا لا يمكن تجاهله.
وكأنها تقول لي، بشكل غير مباشر: “مهما حدث، لا تستخدميه.”
واصلت القراءة:
> [سحر إعادة الزمن لم يُبحث فيه كثيرًا، حتى هنا في برج السحر، لذا فالمعلومات المتوفرة عنه ضئيلة جدًا.
والسبب بسيط — لأنه مهما عدنا إلى الوراء، لا يستطيع البشر تغيير أي شيء.]
“لا يستطيعون تغيير أي شيء؟”
هذا لا يمكن أن يكون صحيحًا.
القصة الأصلية التي كنتُ أعرفها — تلك الأحداث لم تعد موجودة.
لقد نجحتُ في فسخ خطبتي من “دوفال”، ولم أمت، بل نشأت بيني وبين “رينوس” علاقة غرامية.
حتى روبليت، الذي رأى رينوس يتحول إلى تنين شرير، لم يُبدِ عداءً شديدًا.
واصلت رسالة آبل في الصفحة التالية:
> [على سبيل المثال، حتى لو أعدنا الزمن عشر دقائق إلى الوراء، فإن كل شيء يعود إلى ما كان عليه قبل عشر دقائق. وبالتالي، نحن لا نتذكر أننا أعدنا الزمن.
لذا، نعيد تكرار نفس الأحداث مجددًا، وتكون النتيجة كما كانت قبل إرجاع الزمن.
قد تسألين: “لم لا نحتفظ بالذكريات إذًا؟” لكن—
السحر الذي يحفظ الذكريات أصعب حتى من سحر إعادة الزمن.
فحين تتداخل الذكريات قبل الإرجاع وبعده، قد تتشابك وتتضارب، مما قد يؤدي إلى اضطرابات عقلية، وفي بعض الحالات، إلى الجنون.
(الكائنات العليا مثل التنانين قد تتحمّل امتلاك ذاكرتين أو أكثر، لكننا نحن البشر لا نستطيع!)
علاوة على ذلك، لا يمكن للبشر تنفيذ كلا النوعين من السحر في آنٍ واحد، فذلك يتطلب طاقة سحرية بمستوى تنين.
ولهذا يُعتبر سحر إرجاع الزمن حكرًا على التنانين.]
وضعتُ رسالة آبل جانبًا وغرقتُ في التفكير.
“حكرٌ على التنانين”، إذن…
ألم يقل جودوري إن التنين الشرير أعاد الزمن إلى الوراء؟
إذا كان التنين الشرير قد دمّر العالم ثم استخدم سحر إعادة الزمن، فحينها تترابط الأحداث منطقيًا.
لماذا اختلفت الأمور عن القصة الأصلية التي كنت أعرفها، وكيف عاد العالم المدمّر إلى ما كان عليه — كل هذا أصبح واضحًا الآن.
لكن… لماذا أعاد التنين الشرير الزمن؟
وضعتُ ذقني على يديّ المشبوكتين، ونظرت من النافذة التي غطّاها البخار الأبيض بفعل البرد. كان الليل قد خيّم باكرًا بسبب الشتاء، ولم يكن هناك أي مصدرٍ للضوء.
بدأتُ أفكر بهدوء: ما الذي دفع التنين الشرير إلى إعادة الزمن إلى الوراء؟
“حتى إن كان قد فقد السيطرة بسبب الإيستالوت، فقد كان يكره البشر أساسًا.”
وفقًا لسجلات التأسيس، فإن التنين الشرير فقد محبوبته، فانفجر غضبًا وقتل كل من وقعت عليه عيناه.
لذا، حتى وإن قتل البشر جميعًا في هذه المرة أيضًا، لم يكن هناك ما يدعوه لإرجاع الزمن…
لكن، التنين الشرير أعاد الزمن إلى الوراء.
…ثم رينوس، الذي كان في هيئة التنين الشرير، حاول أن يُخفي عني تلك الحقيقة. حتى في حالته اللاعقلانية، حاول ذلك.
لماذا قد يفعل ذلك؟
> [لأن ذكريات ما قبل إرجاع الزمن وما بعده قد تتصادم، مما يؤدي إلى تشوش في الذاكرة، وقد يصل الأمر إلى الجنون.]
ذلك السطر من رسالة آبل ظل يتردد في ذهني دون انقطاع.
كنت على دراية بكل ما حدث قبل استرجاع الزمن وبعده.
ومع ذلك، لم أُصَب بأي اضطراب في الذاكرة، ولم أُجنّ.
وذلك لأنني تذكرت أحداث ما قبل رجوع الزمن على أنها “قصة من كتاب قرأته”، ووضعت فاصلًا واضحًا بينها وبين الواقع.
“…كيف كان ذلك ممكنًا؟”
مجرد تصادف متكرر لا أكثر؟
كلا، لا وجود لما يُسمى بالصدفة في هذا العالم.
فالصدفة ليست إلا حتمية خُطط لها مسبقًا، سواء من قِبل شخص ما أو بواسطة قدرٍ محتوم.
“إذًا، فربما…”
بدلًا من اعتبار ما حدث محض مصادفة، فإن من الأرجح أن شخصًا ما تعمّد أن يجعلني لا أُصاب بالجنون نتيجة تصادم الذكريات.
“ومن المرجّح أن يكون ذلك الشخص هو من أعاد الزمن.”
— يا آنستي الشريرة! كنتِ أميرة طيبة في حياتكِ السابقة! لكنكِ متِّ باكرًا!
كلمات جودوري عن «حياتي السابقة» عادت لتخطر في بالي.
> [وفقًا لسجلات تاريخ إلدورادو، فإن “أبشوليكتار”، قبل أن يفسد، كان يحمل مشاعر خاصة لآخر أميرة في إلدورادو.
ويُقال إنه كان يحرس إلدورادو، وينشر الكثير من السحر للبشر، فقط لينال رضاها.
ولكن حين تُوفيت الأميرة في سن مبكرة بسبب مشاكل صحية (أليس هذا مذهلًا؟ فالناس يعتقدون أنها قُتلت لكونها شريرة!)، لم يفارق قبرها للحظة واحدة.]
ومع تلك الذكرى، عادت أيضًا إلى ذهني رسالة آبل القديمة، التي تحدثت عن التنين الشرير وآخر أميرة لإلدورادو.
رينوس، الذي حافظ على وعيه رغم كونه في هيئة تنين شرير.
وعاطفته اللامحدودة تجاهي، التي أغدقها عليّ دون أي تفسير.
آخر أميرة لإلدورادو، التي حظيت بحب التنين الشرير قبل ألف عام، ثم ماتت صغيرة ووصِمت بالعار.
وأخيرًا، كلمات جودوري بأنني في حياتي السابقة كنتُ تلك الأميرة الطيبة.
بدأت قطع الأحجية المعقدة في عقلي تتقارب… لكنها لم تكتمل بعد.
حدقت في النافذة المكسوة بضباب أبيض من أثر الليل البارد، أفكر مرارًا وتكرارًا.
ثم، وسط هذا الزخم من الأفكار المشوشة، خرجت مني همسة لم أستطع كتمها:
“هل أنا حقًا… تلبّستُ شخصية من داخل كتاب؟”
طَرق… طَرق… طَرق — فجأة، جاء صوت طرق خفيف من خلف النافذة.
ارتجفت، واستدرت بسرعة إلى مصدر الصوت.
وهناك، رأيت تنينًا صغيرًا يحدّق بي بعينين فضوليتين، ويصدر صوت “بييب؟”، حاملاً باقة من الورود الزرقاء أكبر من جسده الصغير.
وبسبب أنني كنت قد أغلقت جميع النوافذ التي أعتدت أن أتركها مفتوحة، لم يكن يستطيع الدخول.
— بييب؟
أمال رأسه بتساؤل نحو النافذة المغلقة بإحكام.
كنت على وشك النهوض وفتح النافذة دون تفكير، حين لفت نظري أن رسالة “آبل” ما تزال على مكتبي.
“يا لي من مهملة.”
لم أكن أرغب في أن يعلم رينوس أنني أُجري بحثًا عن سحر الزمن، لذا سارعتُ بجمع الرسالة وأدخلتها إلى الدرج بسلاسة وكأن شيئًا لم يكن.
ثم فتحت النافذة.
— بييب!
كان وجه التنين الصغير محمرًا بعض الشيء من البرد بعد تحليقه في هذا الطقس، وهو يمد إليّ بفخر باقة وردٍ أزرق من ريلشتاين.
كان أمرًا غريبًا — كيف لوجهه أن يبدو محمرًا رغم أنه مغطى بالحراشف؟ وكيف لباقة الورود أن تبقى نضرة على نحو لا يُصدّق وسط هذا البرد القارس؟
ابتسمت له بودٍ وأنا أتسلّم باقة الورود.
“شكرًا لك.”
— بيييب!!!
حين رآني أبتسم، ابتسم رينوس بدوره، بل بصفاءٍ يفوق ابتسامتي.
ثم، بعدما لاحظ الكتب والبطانية المبعثرة بشكل عشوائي على الأريكة، طار نحوها كما لو كان ينوي ترتيبها.
راقبته بصمت—تنين صغير يرفرف في أرجاء الغرفة من أجل التنظيف، وكأن مهابة التنين الشرير قد تبخّرت بلا أثر.
ثم بخفة، أنزلت بصري وأخذت أُداعب بتأنٍّ بتلات وردة زرقاء ما زالت في حضني. كان رأسي يؤلمني قليلًا بسبب الأفكار التي ملأتني منذ لحظات.
— بييب؟
رينوس، الذي لم يكن يدري بِمَ أفكر، أشار بصوت خافت إلى فنجان الشاي على الطاولة، والذي لم أشربه حتى نهايته.
بدا وكأنه يسألني إن كنت قد أنهيته ليقوم بإزالته أيضًا.
“……”
رفعت بصري ببطء ونظرت إليه. رمش بعينيه متسائلًا، ثم طار إليّ بخفة وارتمى في حضني.
— بييب؟ بييييب؟
رفع رأسه ونظر إليّ بعينين بريئتين، وكأنهما تسألان: “لم تبدين جادة إلى هذا الحد؟”
حقًا… لمَ أنا الوحيدة التي تتصرف على هذا النحو؟
ولذا، عبّرت بصوت عالٍ عمّا كان يدور في خلدي:
“أليس لديك ما تودّ قوله لي؟”
— بيييب..؟
رمش رينوس، كما لو كان يقول: “عما تتحدثين؟”
هل كان يجهل حقًا ما أقصد، أم أنه يتظاهر بذلك؟
من خلال تجاربي السابقة معه، كان رينوس يتبع أسلوبين عند مواجهته موقفًا يتطلب الكذب: إما أن يقول إنه “سرّ”، أو يلتزم الصمت الكامل.
وبطريقة تُشبه تملّق قطة متوجّسة، بدأت أُدلّك بلطف أسفل ذقنه، محاوِلة استدراجه مرة أخرى.
“أمر لم تخبرني به؟ شيء تخفيه عني؟”
لم يقل رينوس شيئًا.
بل أغمض عينيه بهدوء، وكأنّه يتلذّذ بلمستي، ودفع بذقنه أكثر باتجاه أصابعي.
عندها شعرت بحاجةٍ إلى أن أكون أكثر صراحة.
“كتابٌ يتحدث عن الماضي… أو ربما أميرة؟”
— …!
هذه المرّة، جاء الرد واضحًا لا لبس فيه. تجمّد جسد رينوس للحظة ونظر إليّ مباشرة.
رأيت ذلك بوضوح—عينيه الحمراوين تهتزّان باضطراب.
لكنّه، سريعًا، تظاهر وكأن شيئًا لم يحدث، وأرخى جسده ثانيةً وأغمض عينيه. وعندما وضعتُ يدي برفق على ظهره، شعرت بدقّات قلبه المتسارعة.
ومن ذلك الرد، وجدتُ إجابتي عن السؤال الذي طرحته.
لم أكن قد تلبّست شخصية من كتاب، إذًا.
…وأدركتُ أيضًا أن رينوس لا ينوي الحديث عن هذا الأمر.
لم يكن من الصواب أن أُجبره على قول ما لا يرغب بقوله. كل ما أستطيع فعله هو أن أنتظر اليوم الذي يقرر فيه بنفسه أن يبوح بالحقيقة.
ولذا، كتمتُ السؤال الذي كنتُ أريد أن أطرحه أكثر من أي شيء، وسألتُ شيئًا آخر:
“دعك من ذلك. الأهم من ذلك الآن… هل تُحبّني يا صاحب السمو؟”
في لحظة، احمرّ وجه رينوس احمرارًا شديدًا.
ثم، بخجلٍ ظاهر، أومأ برأسه قليلًا وأدار نظره بعيدًا. أما ذيله—الذي كان دائمًا المؤشر الأدق على حالته العاطفية—فبدأ بالدوران بشكل هستيري كأنه مهرٌ جامح.
وأنا أتابع ذلك بصمت، حاول هو يائسًا كتم حركات ذيله، فجلس عليه محاولًا إخفاءه، ثم سعل بتصنّع وكأنّه يشعر بالإحراج.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 145"