نقر الأمير الثاني بلسانه مستاءً من رد روبليت الحازم، الذي لم يدع مجالًا لاختراق ولو بإبرة.
إن كنت مغرمًا بامرأة، فعليك أن تُحكم قبضتك عليها بكل الوسائل الممكنة. ما هذا التردد الفاتر؟
حسنًا، هذا قد يصبّ في مصلحتي، بما أن ذلك يعني تلاشي أحد المنافسين.
ما إن خطرت هذه الفكرة في باله حتى ابتسم بمكر، ولعق شفته السفلى.
كان ذلك بالتزامن مع حفل التهنئة الذي أُقيم للماركيزة لابرينث.
بعد أن سمع عن سييلا من أليس، بدأ الأمير الثاني يترقّب اللحظة المناسبة للاقتراب منها.
لكن ظهور رينوس المفاجئ في الحفل بعثر كل حساباته، واضطر إلى تمضية الوقت في تهدئة نبلائه الذين اضطربوا من حضوره غير المتوقع.
وحين بدأت الأمور تهدأ قليلًا، اندلعت فوضى جديدة عندما أثارت الماركيزة جلبة في حفلة الشاي الخاصة بوالدته.
“إنها آنسة غير لائقة على الإطلاق! لا تقترب منها مهما حصل! أرجوك، يا بُني، خذ بكلامي هذا على محمل الجد!”
حقًا…
لم يرَ شيد والدته تغضب بهذا الشكل من قبل، كما لم يسبق له أن رأى شخصًا واحدًا يجعلها تفقد أعصابها إلى هذا الحد.
علاوة على ذلك، فإن شقيقه الأكبر، الذي لم يُبدِ اهتمامًا بأي أحد من قبل ويحظى بحب الإمبراطور، أظهر تعلّقًا شديدًا بتلك الشابة.
فضوله المشوّه تجاهها نما بنحو خارق.
وحين سمع أن سييلا تبادله الاهتمام، قرر أنه لا بدّ من إزاحة شقيقه من طريقه بأسرع وسيلة ممكنة، حتى لو تطلب الأمر اللجوء إلى أساليب ملتوية.
كلا، لم يعد يكفيه أن يُزيحه فقط.
عليه استغلال هذه الفرصة ليتفوق عليه.
ولذا، حين سمع بخطة البابا لتحويل رينوس إلى تنين شرير، أصرّ على أن تكون المواجهة النهائية بينه وبين شقيقه، حتى تكون الكفّة لصالحه.
ففي حين يُوصم شقيقه كخطر يُهدد الإمبراطورية، يكون هو البطل الذي واجه التنين الشرس بشجاعة، وأنقذ الشعب.
حينها، لن يكون بمقدور الماركيزة تجاهله أيضًا.
وما إن انتهى من التفكير، حتى ربّت بخفة على كتف روبليت، الذي كان يحدّق فيه بنظرة باردة.
“لا تعبس هكذا، دوق. إن رآنا أحدهم، لظن أنني قلت شيئًا فاضحًا. الآن فترة قمر الياقوتي، لذا فحدوث أمور كهذه أمر متوقّع، وإن كان لا ينبغي له أن يحدث.”
“……”
“والسبب في قولي هذا، هو أنني أحذّرك مسبقًا: إن وقع أمرٌ من ذلك القبيل، فلا تتسرّع باستخدام قوتك. فنحن لدينا الآنسة تيرييل، أليس كذلك؟”
وكلما واصل شيد حديثه، ازداد برود نظرات روبليت. لكن شيد تابع حديثه بلا اكتراث.
“أولًا، نحاول إعادته إلى طبيعته عبر التطهير، ثم إن دعت الحاجة، تتدخل أنت. لا يمكنك قتل شقيقك فورًا ودون تفكير، أليس كذلك؟ ألا توافقني؟”
روبليت التقط نواياه الحقيقية فورًا.
ما سمعه لم يكن مجرد احتياط؛ بل بدا وكأن الأمير الثاني ينوي إثارة شقيقه حتى يتحوّل بالفعل إلى تنين، ثم يستخدم تيرييل وقوة “بوريتينا” للسيطرة عليه لاحقًا.
فكّر روبليت بتمعّن:
هل للأمر علاقة بقضية القديسة؟
وبحكم مكانته، كان يعلم تمامًا أن المعبد يعتزم تنصيب سييلا كقديسة مقبلة.
ولم يكن صعبًا أن يتخيل مدى غضب الملكة حين بلغها هذا الخبر.
هل تسعى لاستبدالها بتي… مهما كان اسمها؟
إن لم يكن هناك سوى خيارين، فرجّح روبليت أن الملكة ستفضّل اختيار تيرييل.
فهي لا تنتمي فقط إلى “بوريتينا”، بل إلى “تشيريش” أيضًا.
“إن كنت حقًا تريد الفوز بقلب الماركيزة لابرينث—”
خفض الأمير الثاني صوته وهمس لروبليت:
“فابقَ ساكنًا وحسب. ما أقوله لك الآن، هو لأنني أخشى أن تتدخل بسيفك وتُفسد عملية التطهير للآنسة تيرييل.”
لكن روبليت كان يعرف الحقيقة جيدًا: ما يخشاه شيد حقًا، ليس تعكير صفو “التطهير”، بل إفساد خطته بأكملها.
كتم رغبته في إسكات فمه بالقوة.
“وأرجو أيضًا ألا ترتكب حماقة وتنبه شقيقي مسبقًا. مع أن الأمر لن يُحدث فارقًا كبيرًا.”
ففي النهاية، العقار الذي يتحكم في قوة التنين الشرير يخضع لإشراف صارم من المعبد. حتى لو حذّره الدوق، فلن يُجدي الأمر نفعًا.
إلا إن كان قادرًا على الإقلاع عن تعاطيه.
وبينما راودته هذه الفكرة، ربّت شيد على كتف روبليت مجددًا بنبرة تشجيع، ثم انسحب من المكان.
نظر روبليت إلى كتفه الذي لامسه الأمير بنظرة اشمئزاز، ثم نفض كتفه بامتعاض وتوجّه نحو الحديقة.
كان لا بدّ لي أن أخبر سييلا بما حدث للتو.
إلا أنّني لم أعد أُطيق رؤية المشاهد المُقزّزة في قاعة الحفل، لذا قرّرت أن أنتظر خروج سييلا إلى الحديقة.
فهي تُحبّ استنشاق الهواء النقيّ بعد شرب الكحول.
・ 。゚ ✧ : * . ☽ . * : ✧ ゚。 ・
بعد أن تبادلتُ بضع قُبلات إضافية مع رينوس تحت أغصان الهدال، قرّرت أن أكرّس نفسي لأداء واجبي كمُضيفة للحفل.
لكن، في الحقيقة، كنتُ أكثر اهتمامًا بعرض علاقتي مع إيرميتشو على المجتمع الراقي، أكثر من اهتمامي بأداء دور المضيفة المثالية.
يمكن القول إنّ الأمر بأسره كان بمثابة حملة دعائية لمتجر “لومينوس” الفاخر.
حرصتُ لهذا اليوم على أن أرتدي كل شيء من إيرميتشو، بدءًا من الحقيبة وصولًا إلى المجوهرات.
كان ذلك نوعًا من الترف لم أكن لأحلم به في حياتي السابقة.
بصراحة، راودتني فكرة أن أحمل لافتة لامعة كُتب عليها: “هذه من إيرميتشو.”
صحيح أنّ الحقيبة والمجوهرات تحمل شعار العلامة، لكنه صغير جدًا وقد لا يُلاحظ.
لكن كل تلك المخاوف تلاشت سريعًا.
“آنسة لابرينث، أيمكن أن تكون هذه—؟”
“هل هذه… من إيرميتشو؟”
اتضح أن ما قيل عن جنون إيرميتشو الذي يجتاح المجتمع الراقي لم يكن مبالغة، تمامًا كما قالت آريا.
الشابات اللواتي تعرّفن على حقيبة إيرميتشو من مسافة بعيدة اقتربن سريعًا، وسرعان ما اكتشفن أن كل ما أرتديه من عقد وأقراط وأساور هو أيضًا من إيرميتشو، فلم يستطعن إخفاء ذهولهن.
“نعم، صحيح. إنّها من إيرميتشو.”
أجبتُ وأنا أُبرز المجوهرات بفخر، باذلةً جهدًا إضافيًا لتبدو واضحة قدر الإمكان، وعلّقت الحقيبة على ذراعي بطريقة لافتة.
وفي لحظة، أطلقت الشابات المحيطات بي صرخات اندهاش امتزجت بالإعجاب.
“يا إلهي!”
“كيف تمكّنتِ من ذلك؟!”
“يُقال إنّ المال وحده لا يكفي للحصول عليها!”
“حتى الحقيبة من إيرميتشو؟! لم أكن أعلم أنهم يصنعون حقائب أيضًا!”
“إنها جميلة للغاية!”
“هل يُعقل أن صاحب السمو ولي العهد هو من…؟”
إحدى الفتيات رمقت رينوس بنظرة جانبية، تظن أنه طلب شيئًا خاصًا من إيرميتشو من أجلي.
وللتوضيح، فبعد مغادرتنا الشرفة، كان رينوس يتبعني كما يتبع الفرخ أمّه، لكن ما إن تجمّعت الفتيات حولي، حتى انسحب بخفة إلى الخلف.
عندها، همست إحداهن لجارتها، وهي تضربها بمرفقها:
“أتعلمين… تلك الحادثة المتعلقة بالحفيد البيولوجي لإيرميتشو؟ سمعت أنّ الآنسة لابرينث هي من حلّتها.”
“ماذا؟ حقًا؟ ولكن كيف؟”
“يُقال إنها استخدمت أداة سحرية ما—جهاز كشف النسب، على ما أظن؟ ربما كان شيئًا طلبه صاحب السمو من برج السحر خصيصًا…”
ثم وجّهت الفتيات أنظارهنّ نحوي، يطلبن بتلك النظرات إجابة عن حقيقة الشائعة.
لكنني تظاهرت بعدم ملاحظتهنّ، وواصلت الحديث مع الفتيات اللواتي كنّ يعبّرن عن غيرتهنّ من مظهري.
لأنّ لتلك الأداة السحرية عددًا محدودًا من الاستخدامات، فمن الأفضل أن تظلّ المسألة في إطار الشائعات المتناثرة.
وبينما كنتُ مشغولة بالتفاعل مع الفتيات اللواتي تتلألأ أعينهنّ بالإعجاب، اقتربت فتاة تبدو كالسنجاب. تذكّرت أنها كانت تتفاخر سابقًا بجمع عدد كبير من ملصقات لومينوس، وسألتني بخجل:
“هل تربطكِ علاقة شخصية بالسيد إيرميتشو…؟”
“نعم.”
هذا النوع من الأمور يُفضَّل أن ينتشر على نطاق واسع.
أجبتها على الفور، فانطلقت الفتيات من حولي يصرخن بسعادة تُشبه نعيق الغربان.
“كيف أصبحتما مقرّبين؟!”
“هل تملكين المزيد من مجوهراته؟!”
“هل حصلتِ على الحقيبة بهذه الطريقة أيضًا؟!”
انهالت عليّ الأسئلة من كل اتجاه، فأجبتُ بإجابات لم تُرضِ فضولهنّ فحسب، بل خدمت أيضًا مصالح لومينوس مستقبلًا.
“في الواقع، أبرمت لومينوس مؤخرًا شراكة مع إيرميتشو. ونُخطّط لإطلاق مجموعته من المجوهرات والحقائب في متجر لومينوس الفاخر الذي سيفتتح قريبًا.”
شهقة!
“لكن، بما أن الطلب سيتجاوز العرض بشكل كبير، نُخطّط لاتباع سياسة خاصة.”
“سياسة خاصة؟ ما الذي تعنينه بذلك…؟”
“نُخطّط لتقديم فرصة الشراء حصريًا للعملاء المميزين.”
وما إن ذُكرت عبارة “العملاء المميزين”، حتى انطلقت شهقات الدهشة من هنا وهناك.
ثم بدأت الفتيات، بدءًا بالشابة التي تشبه السنجاب، في إخراج دفاتر ملصقات لومينوس ورفعها نحوي بحماسة.
“أنا… جمعت مئة ملصق!”
“أما أنا، فمئة وخمسون!”
“أنا… جمعت كل الملصقات! حتى الإصدارات المحدودة!”
“كنت قد سلّمت ملصقاتي من قبل من أجل شراء بطاقات اليانصيب… ألا تُحتسب؟ لو أضفتها لكان لدي أكثر من مئة!”
“أنا لدي أكثر من مئتين!”
“هل يمكن أن أدمج ملصقاتي مع أفراد عائلتي؟!”
يا إلهي، أذناي تكادان تنفجران…
رفعت يدي بصمت إشارةً لهن كي يهدأن.
وما إن خيّم الصمت على الجمع الصاخب، حتى تحدثت إليهن بنبرة جادة:
“عذرًا، لكن الملصقات القديمة لن تُحسب من ضمن المعايير عند اختيار العملاء المميزين.”
“ماذااا؟!”
“لكن لماذا؟!”
صرخت الفتيات اللواتي قدمن دفاترهن بكل ثقة في حالة من الاستياء.
لماذا؟ لأنني أحتاج إلى كسب لقمة العيش أيضًا. لو منحت الفرصة للجميع، فماذا سيبقى لي؟
لكنني أخفيت هذه الأفكار في قلبي، ووجهت استياءهن نحو طرف آخر.
“هكذا طلب مالِك متجر لومينوس، من باب الحرص على العدالة.”
“أها… هذا منطقي.”
“يا للخسارة…”
عند سماع كلمة “العدالة”، بدا الإحباط على وجوههن، لكن لم تعترض إحداهن بعد ذلك.
أضفت أن شروط اختيار العملاء المميزين لا تزال قيد النقاش، وسيُعلن عنها عند افتتاح المتجر رسميًا.
ثم، وبعد أن انسحبت من بين الحشد بهدوء، بدأت أبحث بنظري، فلم أجد رينوس في أي مكان.
هل خرج قليلًا لاستنشاق بعض الهواء؟
وبعد أن تأكدت من غيابه، لمعت عيناي بخبث. هذه فرصتي لتذوق كل أنواع النبيذ في الحفل.
فـماي قالت إنها أحضرت نسخًا محدودة خصيصًا لهذا اليوم…
لن أسامح نفسي إن فوّتُّ هذه الفرصة.
بدأت فورًا بالاقتراب من الخدم الذين يحملون صواني النبيذ، وشرعت في تذوق كل نوع.
وبسبب كثرة الأنواع، اكتفيت برشفة من كل كأس، ومع ذلك، بدأ تأثير الكحول يتسلل إليّ بسرعة.
حتى بعد أن شعرت بالدوار الخفيف والنشوة، لم يظهر رينوس. وعند هذه النقطة، بدأ القلق يتسلل إليّ.
لا يبدو أنه في قاعة الحفل.
كنت قد حذرته من احتمال حضور تيرييل الليلة، وطلبت منه ألّا يأكل أو يشرب شيئًا، احتياطًا.
فمن غير الممكن أن يكون قد تناول الإيستالوت.
إذًا، أين ذهب؟
وقد بدأ جسدي يسخن من أثر الكحول، اتجهت إلى الحديقة المُلحقة بقاعة الحفل لأبحث عنه.
ولحسن الحظ، أخبرني بعض النبلاء أنهم رأوه، فتتبعت الاتجاه الذي أشاروا إليه بلهفة.
وبعد جولة طويلة من البحث—
رأيت أخيرًا رينوس غارقًا في ضوء القمر الأحمر، واقفًا في ركن ناءٍ لا يرتاده أحد.
كان يبدو مضطربًا، وعيناه مركّزتان على شيء ما خلف جذع شجرة، وملامحه متجهمة توحي بالخطر.
لمَ هو هنا؟
ما الذي يراه هناك؟ وبينما كنت أتقدّم نحوه بفضول—
فجأة، أطلق أنينًا وأمسك صدره متألمًا. بدا وكأنه يتألم بشدة.
ما هذا؟
وفي لحظة، شعرت وكأن دلوًا من الماء البارد سُكب عليّ، فذهب عني أثر الكحول دفعة واحدة.
تجمّدت في مكاني، أراقبه عاجزة، وأنا أراه يتألم لأول مرة في حياتي.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
ترجمة : أوهانا
الانستا : han__a505
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 138"