حينها، وتحت تأثير نوبة مفاجئة من المزاح، طرحت عليه سؤالًا آخر:
“ألم تتدرّب على الغناء أيضًا؟”
“بل فعلت… لكن نُطقي لم يكن جيدًا…”
“يمكنك أن تغنّي لي بصوتك الحالي.”
“…”
“سأكون في انتظارك.”
“لا، لا تفعلي.”
“دعني أتشوّق لذلك، أرجوك.”
حين لمعت عيناي بلهفة وتوهّج وجهي، وضع رينوس يده على وجهه وأصدر أنينًا محبطًا.
ثم مسح وجهه بكفّيه كمن يحاول استعادة رباطة جأشه، وما لبث أن أنزل يديه وقال بصوت خافت، كأن لا مفرّ له:
“سأحاول.”
وقد احمرّ طرف عينيه وهو ينطق بذلك.
كان من الطبيعي أن يُظهر شيئًا من الرفض في لحظة ما، ولو فعل، لكنتُ تراجعت فورًا. ومع ذلك، لم ينبس بكلمة اعتراض واحدة.
وفي غمرة سعادتي، ابتسمت ابتسامة خفيفة.
حينها، وبعد أن ظلّ يرمقني خلسة بوجه محمّر، تمتم رينوس بخفوت:
“لكننا لا نزال تحت أغصان الهدال…”
وهذه المرة، كان وجهي أنا من احمرّ.
لم يكن من الصعب إدراك ما يقصده… لقد كان يقول إنه يرغب في قبلة أخرى.
أخذت أُدير عينيّ في تفكير مضطرب… ثم، حين وقعت نظراتي على عينيه المفعمتين بالتوق، اعتراني شعور مشاغب غريب.
لذا أجبته بحسم:
“لا.”
ارتجف رينوس وكأنه لم يتوقّع أن أرفضه.
ولكن قبل أن تُخيّم عليه خيبة الأمل، سارعتُ بإكمال حديثي:
“لأني أنا… من سيبادر.”
“…!”
“أغمض عينيك.”
القبلة الأولى دائمًا هي الأصعب، أما الثانية… فأسهل بكثير. لم أعد تلك الحمقاء التي تتردد أمام مجرد قبلة.
رفعت قدمي برفق ووقفت على أطراف أصابعي، لكن الفارق الكبير في الطول حال دون وصولي إلى شفتيه.
ولحسن الحظ أو لسوئه، كان رينوس قد أغمض عينيه، فلم يكن يعلم شيئًا.
لذا أمسكت بياقة سترته وسحبته إلى الأسفل بلطف، رغم أن الوضع بدا وكأنني أمسكت بتلابيبه، لكن لم أُعر الأمر اهتمامًا، ولا هو كذلك.
وسرعان ما لامست شفتيه الدافئتين والناعمتين شفتيّ.
・ 。゚ ✧ : * . ☽ . * : ✧ ゚。 ・
من ناحية أخرى، كان روبليت غير قادر على إزاحة نظره عن الشرفة التي اختفى فيها سييلا ورينوس.
رغم أن الستائر كانت تحجب الرؤية، إلا أنه لم يكن بحاجة لرؤية ما يجري. فمع أغصان الهدال المعلّقة في أنحاء قاعة الحفل، كان من السهل تخيّل ما قد يفعله اثنان في خلوة كهذه.
كان يعلم منذ وقت طويل أن سييلا تُكنّ مشاعر لوليّ العهد. ومع ذلك، لم يستطع كبح ذلك الألم الذي كان يخترق قلبه.
«هل السبب… هو قصر قامتي؟»
على غير عادته، أخذ روبليت يمرّر يده فوق رأسه في شرود.
لطالما لم يكن يُولي الأمر اهتمامًا من قبل، لكن بمجرد أن خطرت له فكرة أنه لم يدخل حتى في قائمة “مواصفات الرجل المثالي” بالنسبة لها، شعر بحرقة خفيفة في صدره.
صحيح أنه حتى لو حصل على “الصحوة”، لا يعني ذلك أنها ستقع في حبه… لكن على الأقل، لن يكون خارج دائرة التأهّل.
«آه….»
منذ أن أدرك مشاعره تجاه سييلا، أصبح لا يستطيع التفكير بها دون أن يتنهّد. ولم يكن التفكير في كيفية الوصول إلى تلك “الصحوة” أسهل حالًا.
في الواقع، كان يعمل جاهدًا على تحقيقها منذ أن عرف مواصفات الرجل الذي يجذب سييلا.
لكن، رغم محاولاته المتكررة، لم يكن قادرًا على ذلك.
إذ إن شرط صحوة “العدالة” هو: أن يظهر في حياته “شيء” يريد حمايته، ولكنه لا يستطيع حمايته بجسده المحدود الحالي.
أراد روبليت حقًا أن يحمي سييلا،
سواء أكان من ولي العهد الذي قد يتحوّل إلى تنّين شرير، أو من أيّ خطرٍ آخر.
لكن، لو سُئل: «هل حقًا لا يمكنك حمايتها بجسدك المحدود هذا؟»، لكانت إجابته: لا.
«لأنّ سييلا قويّة.»
نعم، سييلا كانت قوية. قوية بما يكفي لتقاتل على قدم المساواة، ولو للحظات، مع من يُلقّب بأقوى محارب في الإمبراطورية.
رغم أنها كانت في بداية تعرفهما تسقط منهكة عند أقل مجهود، إلا أنها الآن، وربما لأنها لم تفتح أي متاهة مؤخرًا، باتت تتنقل بخفّة دون أيّ مشكلة.
لقد أصبحت مشغولة جدًا هذه الأيام، لدرجة أنّ الهالات السوداء بدأت تظهر تحت عينيها، لكنها، حتى بهذا الشكل، بدت جميلة… فماذا عساي أفعل مع هذا الحب الأعمى؟
لا، بل قبل ذلك…
«كيف لي أن أصل إلى مرحلة الصحوة؟»
ذلك كان جوهر المشكلة.
فالشرط الأساسي للصحوة هو أن يشعر المرء بأنه لا يستطيع حماية من يحب بجسده الحالي.
لكن، وهو ينظر إلى سييلا تبتسم بتلك الطمأنينة، لم يشعر إطلاقًا بهذا العجز.
وفي تلك اللحظة، تبادل أحد الأزواج قبلة تحت أغصان الهدال القريبة منه.
لم يكن في ملامحهما شيء يشبه سييلا أو رينوس، لكن في عيني روبليت، بدا المشهد وكأنهما هما تمامًا.
«هل جننت؟»
عضّ روبليت شفته بقوة، وأدار وجهه بعيدًا. غيرة عارمة أشبه بثوران بركان تفجّرت في داخله وانسابت في أوصاله.
تساءل: لو أنه علم منذ البداية أن القائد الحقيقي لنقابة “التلاعب بالحب في سيل” هي هي نفسها… هل كان الأمر ليختلف؟
لكن لا جدوى من هذا السؤال الآن. أليس قد فات الأوان؟
وفيما كان يجرّ أقدامه بصعوبة مغادرًا القاعة وهو يقمع مشاعره المنفجرة…
“دوق جاستيس.”
ناداه أحدهم. وعندما استدار، التقى بعيني الأمير الثاني، الذي كان ينظر إليه بابتسامة خبيثة تنمّ عن نوايا خفيّة.
ورغم أن روبليت لم يكن يحب ولي العهد، إلا أنه كان يكره الأمير الثاني أكثر بكثير. بل، في الواقع، لم يكن يكنّ له مشاعر كراهية فحسب، بل لم يكن يعبأ بوجوده من الأساس، كونه مجرّد أحمق متغطرس لا يستحق حتى الكراهية.
لم يتذكّر اسمه، وكان وجهه بالكاد محفوظًا في ذاكرته لمجرّد أنه أحد أفراد العائلة الإمبراطورية.
وكعادته، حاول تجاهله وانحنى قليلًا ليمرّ دون حديث، لكن صوت الأمير الثاني المقيت أوقفه:
“سمعت أنك مهتم بالماركيزة الصغيرة لابرينث.”
“…”
أشاح روبليت بنظره بعيدًا، ليلاحظ الأمير الثاني بريقًا غريبًا في عينيه.
لقد أدرك من تردّده وتغيّر سلوكه أنّ ما سمعه لم يكن مجرّد إشاعة… بل كان حقيقيًا.
فضحك الأمير الثاني ضحكة ساخرة وقال بمكر:
“يا لها من صدفة عجيبة. في الواقع، أنا أيضًا مهتم بالسيدة الصغيرة.”
عندها، عبس روبليت قليلًا.
لكن الأمير الثاني، متجاهلًا ذلك، خفّض صوته وتابع:
“لكن… ما دام أخي العزيز ملتصقًا بها كالعلكة، أمثالنا من الناس العاديين ليس أمامنا إلا أن نعضّ على أصابعنا ونراقب من بعيد، أليس كذلك؟”
“عذرًا، سأغادر الآن.”
لم يرغب روبليت في الاستمرار بذلك الحديث السخيف، فاستدار ليغادر،
لكن جملة الأمير التالية جعلته يتوقف فجأة، ويعود ببطء ليستدير نحوه:
“لكن… إن تحوّل أخي فجأة إلى تنّين شرير، هل تظن أن السيدة الصغيرة الواقفة إلى جواره ستنجو؟”
“…ما الذي تقصده؟”
تجمّدت نظرة روبليت ببرود، وقد استشعر خطرًا خفيًا خلف تلك الكلمات العبثية.
أما الأمير الثاني، فهزّ كتفيه باستخفاف، وكأنّه يقولها على سبيل المزاح.
“أقول فقط، لنفترض مجرد افتراض.”
“حتى لو كان مجرد افتراض… لا تنطق بكلمات كهذه.”
“لكن هذا يعني أن الفرصة قد تُمنح لك، يا دوق.”
“لن أرحّب بها أبدًا.”
فحسب رسالة المعبد، يوم يتحوّل ولي العهد إلى تنّين شرير… تموت سييلا.
وحتى لو لم تمت، فإنّ ولي العهد سيحاول قتلها.
«وما الذي سيشعر به قلب سييلا إن حصل ذلك…؟»
مجرد التفكير بذلك كان مؤلمًا بما يكفي ليمزّق قلبه.
صحيح أنه لا يحب أنها تكنّ مشاعر لولي العهد… لكن ما يؤلمه أكثر من ذلك هو أن تتأذّى.
حتى لو لم يكن بمقدوره الوقوف إلى جوارها، فهي –بالنسبة له– يجب أن تبقى دائمًا مبتسمة.
[ أوهانا : روبليت زوجي تعال تزوجني 🥺 ]
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
ترجمة : أوهانا
الانستا : han__a505
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 137"