أخذ رينوس يتلوّى بين ذراعيّ، يطالب بأن أُطلق سراحه. وراح الشريط الأحمر المربوط حول عنقه يخشخش وهو يلامس ملابسي.
لكنني تجاهلت الأمر، وواصلت احتضانه بينما أربّت على ظهره مجددًا.
هيا، كن طفلًا لطيفًا… ودعنا نُهدّئك أولًا.
– بيييييب!
عندها بدأ رينوس يشدّ شعري. آآخ، هذا مؤلم!
«آه، هذا مؤلم! توقّف عن الشدّ، أرجوك.»
– بييييييب!
«صاحب السمو!»
– بييييييييييييب!
لم يكن هناك أي مجال للتفاهم. ومع شعوري بالعجز، لم يكن أمامي خيار سوى وضع هذا التنين الصغير المتمرّد على سطح المكتب.
وما إن لامست قدماه المكتب، حتى شرع في الرقص مجددًا، يهزّ جسده بكل حماسة.
وبصراحة… لم يكن الأمر يبدو كرقصة عشوائية بدافع السعادة، بل أقرب ما يكون إلى رقصة تودد أو مغازلة. ولم يكن ذلك مجرد شعور، بل كان واقعًا.
– بيب! بيب! بييييب!
من أين تعلّم كل تلك الحركات الراقصة المعقدة؟! لقد كانت… أداءً فنيًا بحق. حدّقت به بعينين نصف مغمضتين، وأنا أفكر في تلك الرسالة التي كانت داخل الطرد.
أيعني هذا أن رينوس… كان مدركًا لاحتمال أن يقوم بمثل هذه التصرفات الغريبة؟
– بيب، بيب!
أتذكّر قوله ذات مرة، في فترة قمر الياقوت الصيفي، إنه إن تحوّل إلى تنين شرير تحت ضوء ذلك القمر، فلن يتمكن من العودة إلى هيئته البشرية.
لكن إن كان حقًا يختبر أداة سحرية “تمنحه القدرة على التحكم في قوى التنين”، كما كُتب في الرسالة، فلا بد أنه اتخذ احتياطاته. فلا يُعقل أن يتحوّل دون خطة، إن كانت هناك خطورة حقيقية في عدم عودته إلى هيئته الأصلية.
– بيييييب!
والأدهى… أن لدى رينوس مبارزة غدًا بعد الظهر!
بالتالي، حتى في أسوأ الحالات…
– بييييييييييييب!
حتى في أسوأ الحالات، لا بد أن يعود إلى هيئته البشرية قبل ذلك الموعد، أليس كذلك؟
– بيب! بييييييييب!
واصل صراخه، وكأنه يتوسل إليّ أن أنظر في عينيه. ولم يكن أمامي سوى أن أشجعه بلا روح.
– بيييييب!
«وااااه!»
تصفيق، تصفيق، تصفيق.
– بييييييييب!
«واااااااه…»
تصفيق أقوى
وبينما كنت أتابع رقصة رينوس المبهرة، ظهر جودوري فجأة وهمس بلهفة:
– آنستي! آنستي! ما رأيك أن ننتهز الفرصة ونقضي على التنين الشرير؟! أعرف نقطة ضعفه!
«الرأس، الصدر، والبطن؟»
– لا! الرأس، الصدر، وباطن القدم! البطن ليس نقطة ضعف!
ثم سحب قلمًا من حاملة الأقلام، ولكن فجأة توقف رينوس عن الرقص، وأطلق زمجرة خافتة وهو يكشف عن أنيابه.
كان واضحًا أن عقله قد غاب، ولم يتبقَّ سوى الغريزة… وهو الآن أكثر تحفزًا وعدوانية من أي وقت مضى.
– هآآآآآاه!!
ارتعب جودوري من تلك الهالة القاتلة التي بثّها التنين، فاختفى في لمح البصر، ولم يترك خلفه سوى القلم الريشي ملقى على الأرض.
…ما هذا بحق السماء؟
حدّقت بالقلم المتروك بتعبير فارغ، وعندها، وكأنه أراد لفت انتباهي، أخذ رينوس يطبع قبلات متتالية على وجنتيّ.
– بيب!
“……”
ثم بدأ رينوس يرقص مجددًا فوق سطح المكتب، يبتسم بوجهٍ مشرق ويؤدي رقصة التودد بحماسة لا تخفى.
“واو، مذهل…”
تصفيق، تصفيق، تصفيق، تصفيق، تصفيق.
– بييييييب!
وفي النهاية، لم يكن أمامي سوى التصفيق لرينوس حتى اللحظة التي سبقت النوم، وأنا أشاهد رقصاته المتتالية بلا توقف.
لكن المحنة لم تنتهِ عند هذا الحد.
– بييب.
«لا، لا يمكن يا جلالتك. عليك أن تنام في الغرفة الأخرى.»
– بيييييييب!
لقد تأخر الوقت، وحان موعد النوم.
بدّلت ملابسي إلى بيجامتي واتجهت إلى السرير، لكن رينوس أصرّ بإلحاح أن ينام إلى جانبي.
وماذا لو تحوّل إلى هيئته البشرية أثناء النوم؟ ملابسه ستكون قد اختفت بالكامل!
وبما أن راينوس حافظ على كرامتي، فقد وجب عليّ الآن الحفاظ على كرامته.
وبهذه القناعة، قررت أن أبعده.
لكن مهما حاولت دفعه نحو الغرفة الصغيرة المتصلة بغرفة النوم، كان يتمسّك بأطراف اللحاف، والوسادة، وطرف بيجامتي بإصرار، ويهزّ رأسه رافضًا.
وفي النهاية، بدا عليه الحزن الشديد، وبدأت دموعه الكروية تتساقط من عينيه واحدة تلو الأخرى.
– بييه… بييييه…
آه…
ذلك الكائن الصغير بحجم حبّة فول، وهو يرخي جناحيه ويجهش بالبكاء، لم يكن من الممكن مقاومته.
حسنًا… إن تحوّل أثناء النوم، فليكن رينوس هو من يعاني، لا أنا.
لقد قمتُ بكل ما في وسعي. وكل هذا خطأ رينوس وحده. إلى اللقاء، يا كرامة رينوس…
لكن فجأة تذكّرت تلك الكتب الحمراء التي رأيتها في مكتب رينوس.
آه…
رينوس الذي امتصّ ميولي بالكامل… أصبح كائنًا خطيرًا بحق.
لذا، قررت أن أغمض عيني وأفعلها… لففت ذراعيّ التنين الصغير حول جسده، وثبّته جيدًا.
وبحبلٍ من الطرد الذي أحضره، قمت بربطه بإحكام كي لا يتمكن من التشبث بي مجددًا.
– بييب؟
ربما ظنّ أن الأمر مجرد لعبة ممتعة، إذ مال برأسه بتساؤل دون أن يبدي أي مقاومة، واستسلم بهدوء تام.
آسفة، بييك… لكن عندما تستعيد وعيك، ستتفهم موقفي.
بهذه الأفكار، أخذتُ التنين الصغير وألقيتُ به في الغرفة الصغيرة المتصلة بغرفة نومي.
«ها، تفضّل. نم هنا الليلة.»
– بييب؟
«أراك غدًا.»
– بييييب؟
كان التنين الصغير لا يزال عاجزًا عن إدراك ما يجري، فأخذ يميل برأسه يمنة ويسرة وهو ينظر نحوي بفضول.
ثم، ما إن أغلقت الباب، حتى بدأ يصدر أصوات نقر خافتة برأسه على الباب، متبوعة بأنين حزين يمزّق القلب.
طرق…
– بييب؟
طرق، طرق…
– بييييب؟
طرق، طرق، طرق…
– بييييييييب؟
“لا، يا صاحب السمو. ستنام هناك الليلة. أراك غدًا.”
دوووم!!
“……”
في تلك اللحظة… عجزت تمامًا عن قول أي شيء.
لقد حطّم بييك الباب بكل بساطة، وكأنه يثبت للعالم أنه بالفعل تنين شرير!
– بييييييب!
وما إن وقعت عيناه عليّ من جديد، حتى أطلق صرخة بهيجة.
لكن في المقابل، سمعتُ وقع أقدام الخدم وهم يركضون نحو غرفتي، بعد أن أفزعهم ذلك الصوت الهائل.
“ماذا حدث؟!”
“هل أنتِ بخير؟ آنستي!”
“آنسة!!”
آه، تبًا.
حتى وإن كان يُصنَّف ككائن نادر، فإن رينوس، المعروف بأنه سحلية ذات قدمين، لو اكتُشف أنه حطّم الباب، فلن يكون ذلك في صالحي.
خصوصًا بعد أن اختفى فجأة من منزلي، حيث أخبرت الجميع أن بييك سحلية حرّة تُحب التنقّل بين الطبيعة والمنزل.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 125"