بضربة واحدة فقط، سقط سيفه من يده. حدّق في سيفه الساقط على الأرض بعينين لا تصدّقان ما حدث.
الجمهور الذي كان يراقب المبارزة، والحكم الذي كان من المفترض أن يديرها، ركّز الجميع أنظارهم على السيف نفسه، وكأنهم يشتركون في شعور واحد.
وسط الصمت الطويل، فتح رينوس فمه ببرود.
“يبدو أن الأمر قد انتهى.”
“…آه، ن-نعم! نعم!”
أعلن الحكم، الذي كان متجمّدًا من الصدمة، النتيجة على عجل وارتباك.
“الفائز في هذه الجولة هو سمو ولي العهد، الأمير رينوس!”
“لقد… لقد انزلقت يدي!”
صاح ديف، الذي كان واقفًا في مكانه بذهول، بنبرة يائسة.
“تعرّقَت يدي، فانزلق السيف عند الضربة… وأظن أن الأرض لا تزال زلقة لأن الثلج لم يذب تمامًا بعد. يبدو أن هناك خللًا في أرضية–”
“أمسك بسيفك مجددًا.”
قطع رينوس سيل أعذاره بكلمة حاسمة، مشيرًا برأسه إلى سيف ديف الملقى بعيدًا خلفه.
“أليس ما تريده هو إعادة المبارزة؟”
“…!”
ضجّ الجمهور، المندهش من تطور الأحداث غير المتوقع.
إعادة المبارزة؟! حتى وإن كان الفوز نتيجة صدفة، ألم تُحسم النتيجة بالفعل؟
كان من الواضح للجميع أن إعادة المبارزة لا تصب في مصلحة رينوس.
“ووهووو!”
“اقبل بالنتيجة!”
تعالت أصوات الاستهجان من هنا وهناك تجاه ديف، لكنه تجاهلها تمامًا والتقط سيفه من جديد.
لا يزال أثر الصدمة التي شعر بها عند ارتطام السيفين يلفّ معصمه.
وكأنه ضرب صخرة.
لكنه أقنع نفسه بأن ذلك مجرد وهم. توتره أثناء مواجهة ولي العهد جعله يتخيل الأمر. لا بد أن توتره هو ما جعله يشعر بهذه القوة غير الواقعية.
“سوف… نبدأ مجددًا.”
قال الحكم بتردد وهو ينظر إلى رينوس، الذي اكتفى بإشارة بعينه.
بانغ–!
أُطلقت إشارة البدء مجددًا.
هذه المرة، لم يندفع ديف بشكل متهور. راح يراقب رينوس بحذر بالغ.
وكما في السابق، كان رينوس يمسك سيفه بارتخاء، دون أي تركيز ظاهري على المبارزة. لم يكن يبدو عليه أنه في قلب منافسة حقيقية.
ربما كانت الضربة الأولى مجرد صدفة، مجرّد حظ لا أكثر.
قبض على سيفه بإحكام. هذه المرة، اندفع من دون حتى أن يطلق صرخة قتال.
لكن…
ومجدّدًا، سقط سيفه في أول ضربة.
تشااانغ–!
أن يُسقط فارسٌ من فرسان الحرس الإمبراطوري سيفه بضربة واحدة؟!
لا يزال الأمر صادمًا، وإن كان تأثيره هذه المرة أخف قليلًا، ربما لأنها لم تكن المرة الأولى. أعلن الحكم النتيجة مجددًا بوجه متجهم.
“صاحب السمو ولي العهد رينوس هو الفائز.”
“…….”
“…….”
بعد أن انتهت المبارزة مرتين في ضربة واحدة فقط، لم يعد من الممكن اعتبار الأمر مجرد صدفة. تسمرت أعين المتفرجين على ديف، الذي تجمّد في مكانه، وسيفه الساقط عند قدميه.
تورد وجه ديف من شدة الإهانة، ثم بدأ يتحدث بصوت مرتجف:
“هذا… هذا غير منطقي أبدًا…”
ثم فجأة، مدّ إصبعه مشيرًا إلى رينوس.
“هذا غير مقبول إطلاقًا!”
أن يجرؤ على الإشارة إلى ولي العهد بإصبعه؟! تصرف لا يُعقل.
تجمّد كل من في الساحة من هول الموقف المفاجئ. باستثناء شخص واحد — رينوس نفسه.
صرخ ديف بغضب، وقد انتفخت عروقه:
“قوتي الجسدية تُعدّ من الأقوى في فرسان الحرس الإمبراطوري! ومع ذلك، صاحب السمو تصدى لسيفي دون أن تهتز أنملة من يده! هذا أمر لا يستطيع فعله سوى دوق جاستيس بنفسه!”
“…….”
“أنا… أعلم أن من الصعب تصديقه، لكنني مقتنع تمامًا أن صاحب السمو قد استخدم مواد محظورة! لا تفسير آخر لهذا الفرق المهول في القوة!”
عند سماع عبارة “مواد محظورة”، خيّم الصمت البارد على القاعة.
في البطولة السابقة، تبيّن أن ثمانين بالمئة من المرشحين للفوز قد استخدموا مواد محظورة، فانتهى الأمر بتلك المسابقة على نحو مبهم ومخيّب للآمال.
وبفضل ذلك، تمكّن الأمير الثاني “شيد” من حصد لقب البطولة دون خوض مبارزات تُذكر.
ولكن، أن تُستخدم مثل تلك المواد هذه المرة… ومن طرف ولي العهد نفسه؟
حدّق رينوس في ديف بعينين خاليتين من أي دفء، ثم حرّك شفتيه بهدوء.
“لكل كلمة وزن. ولا تنسَ أن ما تفوّهتَ به الآن يحمل وزناً كبيرًا.”
ارتجف ديف عندما سمع نبرة صوته الرتيبة الخالية من الانفعال.
وحينها فقط عاد إليه رشده، بعد أن كان قد انقطع تحت وطأة الخزي، وبدأ يدرك أن ما شهده قد لا يكون نتيجة مواد محظورة، بل قوة رينوس الحقيقية.
لكن الإدراك جاء متأخرًا.
تلفّت رينوس بنظره نحو مقاعد كبار الشخصيات (VVIP)، متأمّلًا الوجوه.
ثم ابتسم بخفة عندما رأى سييلا تهدّد أحد أبناء النبلاء وهو على وشك البكاء باستخدام سيخ خشبي، قبل أن تنتقل عيناه إلى المقاعد الخلفية، حيث كان “روبليت” نصف نائم، رغم هذه الضجة كلها.
ناداه بهدوء:
“دوق جاستيس.”
كما كان متوقعًا منه، فتح روبليت عينيه ببطء، إذ كان يتظاهر بالنوم لتجنّب التورط في أمور مزعجة.
أرسل نظرة مفادها “دعني وشأني، أرجوك”، لكن رينوس تجاهلها كليًا.
“أحتاج إلى شهادتك.”
“…صاحب السمو ولي العهد يتمتع بتلك القوة بالفعل.”
أجاب روبليت مُكرهًا.
وحين التفتت إليه أعين الجماهير بدهشة، أضاف شرحًا بوجهٍ يشبه من يطرد ذبابة مزعجة:
“سبق وأن رأيته يوسّع أربعة من فرسان الحرس الإمبراطوري ضربًا، بلا رحمة.”
“…أربعة؟”
“هل تعني أنه واجههم جميعًا في الوقت نفسه؟”
انهالت عليه الأسئلة من كل صوب، لكن روبليت، الذي لم يكن راغبًا في تمجيد رينوس أكثر، عاد وأغلق عينيه متظاهرًا بالنوم مجددًا.
أما رينوس، فبعد أن حصل على الشهادة المطلوبة، أدار نظره نحو ديف، الذي بات وجهه شاحبًا كمن سُحب منه الدم، وجسده يرتجف بعنف.
عندها دوّى صوت رينوس حادًا كالثلج المتكسر.
“الحكم.”
“ن-نعم، يا صاحب السمو!”
انحنى الحكم، الذي لا يعدو كونه موظفًا بسيطًا، بارتباك ظاهر.
“بما أن هناك اتهامًا، فالأفضل أن نحسم الأمر بشكل نزيه. آمُرك أن تُجري فحصًا لجميع المشاركين في البطولة، بمن فيهم أنا، للتأكد من عدم تعاطي أي مواد محظورة.”
“ن-نعم! أمرك مطاع.”
“وحين تصدر النتائج—”
حدّق رينوس في ديف بعينيه الذهبيتين اللتين تجمّد فيهما الدفء.
كان ديف على وشك فقدان الوعي، فخرّ راكعًا وضرب جبهته بالأرض، وتوسّل:
“س-سموك… لقد أعماني الهوس بالنتيجة، فارتكبتُ خطأً فادحًا… أرجوك، أرجوك أن تمنحني الرحمة!”
إن توجيه إصبع الاتهام إلى أحد أفراد العائلة الإمبراطورية وحده يُعد جريمة تستوجب العقوبة، وغالبًا ما يُعاقَب مرتكبها بحرمانه من يده.
وبالنسبة لفارس، فإن فقدان اليد يعني نهاية حياته المهنية، إن لم تكن نهايته.
لذا، أخذ ديف يصرخ كالمجنون.
ورغم ذلك، تملّكته بارقة أمل ضعيفة: ألم يعفُ ولي العهد عن الآنسة “تشيريش” بعد أن اقترفت خطأً مماثلًا؟ ربما يعفو عنه هو أيضًا…
لكن رينوس لم يُبدِ أي رحمة.
“–الفارس ديف يُعاقب وفقًا لما ينص عليه القانون.”
“…صاحب السمو!”
“لو لم أكن أنا خصمك، ولو لم يدلِ الدوق بشهادته، لكنتُ أنا من يُقتاد الآن من هذا المكان، مكللًا بالعار.”
“ذ… ذلك لأن—”
“لكل كلمة وزن. وما قلته بلسانك، ستكفّر عنه بجسدك. فلا تتحسر كثيرًا.”
وبعد أن قال ذلك، استدار رينوس مبتعدًا.
وبمجرد أن فعل، تحرّك الفرسان الذين كانوا ينتظرون إشارة لاعتقال ديف.
صرخ ديف مذعورًا بأعلى صوته…
“يا صاحب السمو! يا صاحب السمو!”
رغم أن النداء صدر من أعماق قلبه، إلا أنه لم يتلقَ أي رد، ولم تتوقف خطوات رينوس.
ذاك النداء الذي لم يجد من يصغي له، ظل يتردّد في أرجاء الساحة، صدىً أجوف يتلاشى في الهواء.
واستمر ذلك العويل البائس حتى اختفى ديف، الذي اقتيد بعيدًا على أيدي الفرسان، تمامًا عن الأنظار.
* * *
بناءً على أمر رينوس، أُجري تحقيق شامل في تعاطي المواد المحظورة بين جميع المشاركين في البطولة.
وكان رينوس أول من بادر بالخضوع للفحص بنفسه.
وكما هو متوقع، لم تُرصد في جسده أي آثار لموادٍ محظورة.
وبذلك، شاع بين الناس أن القوة التي أظهرها في ساحة القتال كانت قوته الحقيقية، مما رفع من مكانته التي كانت أصلاً آخذة في الارتفاع بسبب قضية برج السحرة.
بطبيعة الحال، لم يكن الجميع راضين عن العقوبة التي أنزلها رينوس على ديف، أحد فرسان الحرس الإمبراطوري.
وكان أكثر المعترضين من الموالين للأمير الثاني، وراحوا يزعمون أن ولي العهد لو كان يتحلى فعلًا بالرحمة، لصفح عن ديف كما فعل مع الآنسة تشيريش.
“كيف لخطأ بسيط أن يتسبب في شلّ يد فارس كان بكامل عافيته؟ حتى الطغاة لا يبلغون هذا الحد من القسوة!”
“من الآن فصاعدًا، سيخشى الناس حتى من السعال أمام ولي العهد! سيقول: ‘أتجرؤ على السعال أمامي؟ اقطعوا لسانه!’”
ورغم كل تلك الادعاءات، فإن سمعة رينوس لم تهتز على الإطلاق.
بل على العكس، صعدت بحدة متسارعة.
وكان السبب أن أحدهم، ضاق ذرعًا بتعاطف الناس مع ديف، أرسل رسالة إلى الصحيفة، يكشف فيها عن واقعة مشابهة حدثت العام الماضي:
[الشخص الذي خاض ضده المبارزة حينها كان صديقي.
وقد كان يكرّس حياته كلها للسيف، وكان صادقًا ومجتهدًا…
ولكن لمجرد أن ديف اشتبه في تعاطيه مواد محظورة، قام بسجنه فور انتهاء المبارزة.
وعلى الرغم من عدم وجود أي دليل على تعاطيه شيئًا، وتم إطلاق سراحه سريعًا، فإن نظرات الريبة لم تفارقه أبدًا.
“كيف لفارس قروي أن يهزم فارسًا من الحرس الإمبراطوري؟”
وفي النهاية، اضطر صديقي للانسحاب من البطولة والعودة إلى قريته.
ومنذ ذلك اليوم، لم يلمس السيف مرة أخرى…]
ما إن انكشفت الحقيقة، حتى تبخّر التعاطف الشعبي مع ديف دون أن يترك أثرًا.
“منذ أن بدأ يصرخ باتهامات التعاطي من العدم، بدا الأمر مريبًا.”
“في النهاية، لم يفعل سوى أن اتهم رجلًا بريئًا ظلمًا.”
“أعتقد أن إجراء فحص شامل بهذه الطريقة كان في محله. لن يُظلم الأبرياء بعد الآن، ويمكننا أن نثق بالنتائج.”
وهكذا، ارتفعت سمعة رينوس يومًا بعد يوم.
وأخذ الناس يُبدون له ودًا حقيقيًا، بعد أن كان غامضًا، مجهول الملامح في نظرهم.
—
لكن كانت هناك جهة تلقّت ضربة نارية من هذه الحادثة.
“أيها الأحمق المجنون!!!”
اهتزت الطاولة تحت قبضة الكونت إيسيت، الذي بدا وكأنه على وشك الانفجار من شدة الغضب. أما “دوفال”، الذي وقف أمامه، فكان كالفأر أمام قطّ جائع، لا يقوى على الحركة.
لكن، ما الذي أعاد دوفال إلى قصر آل إيسيت من جديد؟
خلف عودته قصة طويلة…
فبعد أن انتهت الحفلة المرتقبة في قصر الياقوت بكارثة، قبض الكونت إيسيت فورًا على رايلا التي حاولت الفرار.
صرخ في وجهها حتى كادت عروق عنقه تنفجر من الغضب، وهو يسألها عن المتواطئ الذي شاركها في ارتكاب مثل هذا الفعل المشين.
شعرت رايلا برعب، واعترفت بالحقيقة.
“أ-أخي…! هو من أمر بذلك عبر نقابة تُدعى ‘التلاعب بالحب في سيل’…!”
وما إن سمع الكونت تلك الكلمات، حتى اندفع بجنون وأحضر دوفال بنفسه.
دوفال، الذي كان قد فرّ مبكرًا من غضب والده ولجأ إلى أحد أصدقائه، وجد نفسه يُسحب ذليلًا إلى القصر، بعدما خانه ذلك الصديق.
وهكذا، علم الكونت بكامل تفاصيل فضيحة حفل الخطوبة في القصر الياقوتي.
وليت الأمر توقف عند هذا الحد.
لكن المصيبة الحقيقية جاءت لاحقًا، حين ورد إلى القصر رسالة رسمية من السلطات:
[أثناء التحقيق الشامل في تعاطي المواد المحظورة ضمن بطولة “سيف الشتاء”، تأكد أن “دوفال إيسيت”، من عائلة إيسيت، قد تناو
ل موادً محظورة.
وبناءً عليه، تُسحب من عائلة الكونت إيسيت أهليّة المشاركة في البطولات لمدة عشر سنوات.
كما يُفرض عليها غرامة مالية قدرها ثمانية مليارات جولد.
— هيئة أرجينتايم الرسمية. ]
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
ترجمة : أوهانا
الانستا : han__a505
الواتباد : han__a505
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 117"