الرسّام زيون، الذي لا وجود لاسمه سوى على الورق داخل نقابة الفنّانين.
رغم أنّه انضمّ إلى النقابة منذ خمس سنوات، إلّا أنّه لم يتلقَّ يومًا أيِّ طلبٍ أو دعم من أحد.
سواءً رسمَ أشخاصًا أو مناظر طبيعيّة.
فقد كان لا أحد يقصده لأنَّ لوحاته واقعيّةٌ تمامًا، ولا تختلف عن المشهد الفعليّ ولو قليلًا.
فالرسّام الحقيقيّ –في نظرهم– يجب أن يكون مجرّدًا، مُبدعًا، وأن يعبّر بجمالٍ وخيال.
أمّا هو، فقد اعتاد أن يُهمَل فنّه، ويُقال له إنَّ لوحاته مجرّد نُسخٍ باهتة بلا فنّ.
“إنْ تخطّيتُ وجبة العشاء، ربّما أتمكّن من شراء فرشاةٍ جديدة.”
زيون كان يعيش من تنفيذ طلباتٍ يدويّة بسيطة تُعرض على لوحة النقابة.
ومع ذلك، لم يتخلَّ يومًا عن حبّه للرّسم، ولم يُفكّر بالاستسلام.
اختار الفرشاة على معدته الجائعة، ودخل إلى مستودعه الصغير لينام فيه.
وفي اليوم التالي، ذهب كعادته إلى النقابة.
“هل هذا هو الأخير؟”
“نعم، الرسّام الذي تبحثين عنه يمكن لأيٍّ من هؤلاء الثلاثة أن يرسم لكِ ما تريدين.”
ربّما لم يستيقظ تمامًا بعد.
فقد تمّ اقتياده إلى غرفة فور دخوله النقابة على يد موظّفة الاستقبال، وهناك وجد عددًا لا بأس به من الأشخاص، ورأى بين الحضور اثنين من الرسّامين المألوفين له.
وحدها كانت تجلس تلك المرأة النبيلة، مرتديةً عباءةً فاخرة.
‘ذلك هو حارسها، على ما يبدو.’
طالما رأى النبلاء من بعيد، لكنّها كانت المرّة الأولى التي يراهم فيها عن قرب.
“أنا الرسّام، زيون.”
لم يستطع أن يتذكّر متى كانت آخر مرّةٍ قدّم فيها نفسه أمام أحد.
خشية أن يكون قد أساء الانطباع، جلس بتوتّر في المقعد الذي أشارت إليه الموظّفة، وهو يعصر طرف ردائه بيده.
“أريدك أن ترسم ما سأقوله لك الآن.”
يبدو أنَّ تلك النبيلة جاءت لتقديم طلب، لا دعم.
الفتاة ذات الملامح الهادئة، والتي كانت واقفةً بجانبها، بدأت تتحدّث، وطلبت موضوعًا بسيطًا، فباشر زيون بالرسم مباشرة.
“وردةٌ حمراء واحدة، وسياجٌ مُغطّى باللبلاب.”
رغم التوتّر الذي شعر به، أتمّ زيون الرسم بسرعة.
وعندما وضع فرشاته على الطاولة منتظرًا اكتمال رسومات الآخرين، قالت النبيلة فجأة:
“اجعل الوردة أكثر جمالًا، وأزل هذا الجزء من اللبلاب، والسياج… ارجع إلى هذه الصورة كمثال.”
وأشارت إلى إحدى زوايا اللوحة بأطراف أصابعها، ثمّ قدّمت له رسمةً رديئةً مرجعيّة.
“أوه، لا تُبالوا، أكملوا رسمكم فقط!”
نظر الرسّامان الآخران إلى لوحة زيون للحظة، ثم عادا إلى عملهما.
ثمّ ناولت النبيلة الرسمة ذاتها إلى الرسّامَين الآخرين، وطلبت منهم تعديلاتٍ مختلفة.
‘يبدو أنّها تملك صورةً واضحة عمّا تُريده.’
كانت آذانه مُرهفة، فسمع كلّ شيء.
ورغم أنّه لم يفهم كلّ التفاصيل، إلّا أنَّ وردة زيون وسياجه كانا يبدوان أكثر واقعيّةً مقارنةً بزملائه.
نوعٌ من الرسومات لا يفضّله النبلاء عادة.
“…لنكتفِ بهذا.”
ما إن أكمل زيون رسمه، حتى فتحت النبيلة فمها وقالت ذلك.
لم تكن تجربةً مألوفة، لكنه لم يتوقّع الكثير أصلًا، وكلّ ما فعله هو التحديق في رسمته.
‘لو أنّي رأيتُ وردةً حقيقيّة، لأتقنتها أكثر.’
في خضمّ شعوره بذلك الندم الطفيف…
“نرغب بتقديم طلب إلى السيّد زيون، بناءً على رغبة سيّدتي. هل يمكنكِ تجهيز عقد الطلب؟”
رفَع زيون رأسه فورًا، مندهشًا من هذا الإعلان المفاجئ.
وبتوجيه من موظّفة النقابة، وقّع أوّل عقدٍ يتلقّى فيه أجرًا حقيقيًّا.
ثمّ تابع بعينيه النبيلة ومرافقيها وهم يغادرون الغرفة.
‘هي التي اختارت لوحتي.’
في ذلك اليوم، التقى زيون بالمنقذ الذي سيُغيّر مجرى حياته.
***
“هل هذه حقًّا، النسخة النهائيّة؟”
وصلت دانيال إلى القصر في وقتٍ متأخّر من بعد الظهر، وقد بدا وجهها شاحبًا، وسلّمتها ظرفًا.
في داخله كان هناك كتابان وملصق.
استغرق توظيف رسّامٍ وتصميم الغلاف وقتًا أطول مِمّا توقّعوا، وظلّوا يتبادلون النسخ مع دار الطباعة حتّى اللحظة الأخيرة.
بما أنّهم قرّروا إصدار نُسختَين من الكتاب، أصبحت الأمور أكثر تعقيدًا، وتأخّر الجدول الزمني أكثر.
إحدى النسختين كانت فاخرةً بغطاء ذي خامةٍ خاصّة، رغم تشابه الألوان، بينما الأخرى كانت بسيطةً نسبيًّا.
في الوسط، وُضع شعار نصف القناع صغيرًا في كِلتا النّسختَين، بشكلٍ رمزيّ موحّد.
“أحسنتِ، أظنّ بإمكاننا بدء الطباعة بهذا الشكل.”
لم يَعُد هناك ما يُمكن انتقاده، فقد أصبح كلّ شيء كاملًا.
بعد أن راجعتُ التفاصيل بدقّة، ابتسمتُ لـ دانيال التي كانت ترمقني بنظرةٍ متوتّرة.
“سنبدأ الآن فعليًّا الاستعدادات للنشر. شكرًا جزيلًا يا سيّدتي!”
ربّما لأنّني كنت دائمًا أُشدّد على الكفاءة والسرعة…
فهي أصبحت تتحرّك بسرعة تلقائيًّا، دون أن أقول لها بأن تنصرف.
“لقد قدّمتُ كلّ ما يمكنني تقديمه.”
بجانب عمليّة الإنتاج، كنتُ قد نقلتُ له كلّ المعارف والأساليب.
والآن، لم يتبقَّ سوى انتظار موعد إصدار الحفلة التنكّر.
بقي أسبوعان تقريبًا.
**
دانيال وغريك كانا يُطيعان كاترينا في كلّ شيء.
حتى لو طلبتْ منهما الموت، لتمرّنا على طريقة أداء ذلك.
لم يعترضا قطّ، ولم يُظهرا شكًّا في أيّ قرارٍ تتّخذه.
فقط، يُنفّذان ما يُطلَب منهما.
بعد الانتهاء من إعداد الكتاب، تراجعتْ كاترينا عن التدخّل المباشر.
لكنّها كانت قد شرحت لهما كلّ ما يلزم، لذا تابعا التحرّك بناءً على إرشاداتها.
“سيّد ويليام! هذا أوّل كتاب نَنشره، وأردنا أن نُريه لك قبل أيّ أحد.”
كان النهج بسيطًا: التقرّب من معارف الصناعة بابتسامةٍ مشرقة.
“لدينا روايةٌ ‘رومانسيّة’ مميّزةٌ جدًّا، وكنتُ أودّ أن أُريها خصّيصًا لمجموعة شارت. عندما تجدون وقتًا، ألقوا نظرة، وإذا راقت لكم، أرجو أن تريوها للمعنيّين.”
ذهبوا إلى مختلف المجموعات، صغيرة ومتوسّطة، وبدأوا من الموظّفين الأدنى.
كاترينا شرحت بدقّةٍ كلّ شيء: ما يجب التأكيد عليه، وما يجب أن يبدو عليه سلوكهم.
لا تُقدّم العقد في البداية.
اقتربْ بلُطف، ثمّ انسحب دون تردّد إن لزم الأمر.
الشكل النهائيّ لرواية حفلة التنكّر كان مختلفًا عن غيره.
الغلاف ذو اللون القرمزيّ الفاخر، والعنوان والشعار منقوشان بالذّهب.
“دعهم يقرؤونها أوّلًا.”
كان غريبًا تقديم كتابٍ مجّاني لم يُطرَح للبيع بعد، لكن كما قالت كاترينا، الردود لم تتأخّر.
في أسرع الحالات، ردّوا خلال يومٍ واحد، وأحيانًا بعد ثلاثة أيّام.
في حالاتٍ نادرة، لم يصل أيُّ ردّ.
لكنّهم، بفضل ذلك، تمكّنوا من لقاء مدراء مجموعاتٍ متوسّطة لم يكن ليُتاح لهم لقاؤهم في الظروف العاديّة.
“هوه، ما هذا؟ يبدو أفضل من كتبي القديمة.”
كانتا نُسختان تبدوان متشابهتين من النظرة الأولى، لكنّهما مختلفتان.
فقد وُزّعت النسخة الأرخص على الجمهور العاديّ، واحتفظوا بالنسخة الأعلى جودة لغايات تسويقيّة.
“المحتوى نفسه، لكن هناك إصداران: سمارت وديلوكس. الأوّل لعامة الناس، والثاني للنبلاء.”
أسماءٌ جديدة استُخدمت بدلًا من وصف النسخة الفاخرة والنسخة العاديّة، بناءً على رغبة كاترينا.
رغم غرابتها، أبدى الجميع اهتمامًا واضحًا بالنسخة ديلوكس.
“وما هذا الخيط؟”
“آه، إنّه لتحديد آخر صفحةٍ قرأتها. هكذا يُستَخدم.”
كان ذلك الخيط مجرّد فاصل صفحات.
أوضح غريك طريقة استعماله بابتسامةٍ لم تفارقه.
لكن من المثير للسخريّة أنَّ وجود نسخة ديلوكس، رغم أنّها تطابق الأخرى في المضمون، أثار ردود فعل متباينة.
“بالفعل، هذه أكثر جذبًا للاهتمام.”
المجموعات التي تتعامل مع النبلاء ركّزت فقط على ديلوكس، أمّا المكتبات الشعبيّة فاهتمّت فقط بـ سمارت.
وعندما حان وقت التفاوض على عمولة التوزيع…
كانت هناك ضغوطاتٌ ومُساومات، وسعى البعض لرفع الأسعار أو تحصيل عمولاتٍ أكبر.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 7"