الفصل 36 :
“إذًا، لو كُنتِ مكانك، مَن تظنّين أنّكِ ستختارين؟”
“أنا مُتحيّرة بين إدوين ولويس… في الحقيقة، أشعُر أنّ قلبي يميل أكثر نحو لويس.”
بعد أن انتهت من مراجعة مخطوط المجلّد الثالث من “حفلة التنكّر”، كانت كلوي أوّل مَن قرأ الكتاب، وفي النّهاية انجذبت إلى بطل الجزء الثالث، لويس.
‘لقد بدأت بالميل منذ جيرارد.’
على عكس إدوين الجافّ، بدا لويس الماكر واللطيف أقرب إلى قلب كلوي.
فما لم يقرأ المرء الأجزاء الثلاثة دفعةً واحدة، فاختيار بطلٍ من مجرّد قراءة الجزء الثالث وحده لم يكُن عادلًا، خصوصًا مع قوّة الانطباع الأخير.
“أنا أيضًا أعتقد أنّ لويس سيحظى بشعبيّة كبيرة، لكن لا أحد يعلم ما ستكون النتيجة.”
كانوا لا يزالون في مرحلة تصميم الكتاب كنُسخة تجريبيّة، لكن سرعة الإنتاج لدى المطبعة بالتعاون مع البرج العاشر كانت وحشيّة بحق، حتى إنّ الأمر لن يستغرق وقتًا طويلًا للتحضير.
“على أيّة حال، من حسن الحظ أنّ البرج العاشر موجود.”
فالبرج العاشر وحده كان قادرًا على إنجاز ما لا تستطيع دار نشر واحدة تحمّله.
إذ لِإجراء تصويت شعبي، يجب إحصاء الأصوات واحدة تلو الأخرى، وما دام الأمر على الورق فقط، فهذا مُستحيل.
وحين شرحت لهم الطّريقة باختصار، اخترع ديارشي، سيّد البرج، أداة بسرعة وحلّ المشكلة.
وبينما كانوا يُجهّزون النُسخ التجريبيّة، كان على الأغلب يُنتج عدّة أدوات أخرى أيضًا.
‘…هذه فُرصة مناسبة لأُنشئ فروعًا إضافيّة للبرج العاشر في مُدن الإمبراطوريّة الرئيسيّة.’
قال ذلك دييرون، نائب سيّد البرج، بصوتٍ مُنهك وكأنّه يحتضر، معتبِرًا أنّها فُرصة لتوسيع النّفوذ من جديد.
“أُريد أن أُجري سحبًا بين النّاخبين لتقديم هدايا، لكن لو كبّرتُ الأمر من البداية قد يتعقّد الوضع، لذا سأُؤجّلها للمرّة القادمة.”
“يا آنسة، أنتِ حقًّا شرّيرة.”
“ولماذا؟ أليس جميلًا أن نُقدّم هدايا؟”
“عليكِ أن تُفكّري أيضًا في أولئك الذين لن يستطيعوا الحصول على ما يُريدونه.”
وحين تذكّرت، أدركت أنّ الكثير من الزبائن عند دار النشر طالبوا بأن تكون السّلعة قابلة للشّراء بالنّقود مباشرة.
لكن تحويل كلّ شيء إلى تجارة ماليّة سيُحزن القُرّاء الذين لا يملكون المال.
“إذن يجب أن تُطلق فعاليّة الهدايا لاحقًا إلى جانب منتجات يُمكن شراؤها بالنّقود.”
أدارت القلم بين أصابعها مُفكّرة في ما قد تُنتج من سلع جانبيّة من “حفلة التنكّر”.
**
“من الآن فصاعدًا، سنُوظّف موظّفين جُدد بانتظام، لذا رتّبوا جميع المهام بحيث يُمكن تسليمها بسهولة.”
زيادة عدد العاملين في دار نشر سافاير تعني أنّ كمّ العمل سيزداد أيضًا.
إذ لم تكُن دانيال تتوقّع أنّ إصدار المجلّد الثالث فقط من “حفلة التنكّر” سيجلب هذا الكمّ الهائل من الأعمال الإضافيّة، لكنّه فعل.
“أظنّ أنّ هذه الفترة هي الأكثر انشغالًا بالنّسبة إلينا.”
“صحيح. البرج كان يتولّى كل شيء سابقًا، فلم يكُن لدينا الكثير لفعله.”
في الوقت نفسه، كانوا يُعدّون تعليماتٍ خاصّة، ويُرسِلون بيانات رسميّة إلى نقاط البيع، ويُجهّزون عدّة ملصقات إعلانيّة.
وكان غريك يبحث بنفسه عن أرضٍ ومبنى لنقل دار نشر سافاير إلى مكان أوسع.
“ضع الرسم بحيث تترك مكانًا مُخصّصًا للنّص لاحقًا.”
“بما أنّها زهرة تالّيونِه، فارسمها من عشرة زوايا على الأقل، مع نسخٍ تُظهر بتلات كثيرة وأخرى قليلة.”
أعطى زيون التعليمات لموظّفَين تحت إشرافه، بينما قلّل هو نفسه من نومه ليُكمل الرسومات.
كما قال أحد الموظّفين، المرحلة الأخيرة قبل إصدار الكتاب دائمًا الأكثر انشغالًا.
ولم يحظَ بفرصة قراءة المجلّد الثالث مسبقًا سوى دانيال وغريك وزيون.
***
<دليل إضافي لبيع رواية كارما>
1. عند بيع المجلّد الثالث، ضعوا بجانبه “ملصق إعلان الفعاليّة” ليتسنّى للزبائن أخذه بحرّية.
2. يجب تعليق ثلاثة على الأقل من “ملصقات إعلان الفعاليّة” في أماكن بارزة داخل كلّ نقطة بيع.
…
ومع تثبيت النّسخ التجريبيّة، بدأ الاستعداد للإنتاج الكامل وتوقيع عقود توزيع إضافيّة.
وبطبيعة الحال، كان خبر صدور المجلّد الثالث من “حفلة التنكّر” قد انتشر منذ زمن.
واقترح غريك على كاترينا إضافة بند سرّيّة، لكنّها رفضت، معتبرة أنّ الضجّة ستجذب الأنظار أكثر.
ولهذا السبب، راح بعض السّحرة يتردّدون قرب دار النشر، لكن المدهش أنّ أحدًا لم يُلقِ لهم بالًا.
وفي اليوم السابق للإصدار، أجروا أيضًا سحبًا داخليًا لاختيار شخصين لنسخة موقّعة.
“مررتُ بالبرج العاشر هذا الصّباح، وكان التنظيم أفضل مما توقّعت.”
“هل أدليتَ بصوتك؟ أسرعتَ فعلًا.”
“يجب أن أفعل قبل أن يزدحم المكان. غدًا سيصطفّ الناس في طوابير طويلة.”
“اللعنة، لم أفكّر في ذلك. سأذهب فورًا في استراحة الغداء. آه… لكنّي لم أُقرّر بعد لمن سأُصوّت.”
“لماذا لا تمنح صوتك للويس أيضًا؟”
“…إذن لقد صوّتَّ للويس. لكن ما زال جيرارد في قلبي. الذكريات التي قضيناها معًا في حفلة التنكّر لا يُمكن نسيانها أبدًا!”
ومجرّد نقاش قصير أظهر بوضوح لمن صوّت الاثنان ومَن ينوون التصويت له.
وفي صباح يوم الإصدار، كان جميع الموظّفين قد سهِروا الليل لقراءة الكتاب بأكمله.
وبدون أن يطلب منهم أحد، ذهبوا جميعًا في استراحة الغداء إلى البرج العاشر للإدلاء بأصواتهم.
“أتمنّى أن تصل نُقودي الفضّية إلى الكاتبة كارما!”
“إنها تجربتي الأولى مع التصويت، لكنّه مُمتع. أتساءل إن كان فرسان السماء سيُقيمون فعاليّة مشابهة لاحقًا.”
وبينما كانوا يتسلّون بجمع الأصوات داخليًا لمعرفة ميول كلّ موظّف:
إدوين: 6 أصوات
جيرارد: 5 أصوات
لويس: 9 أصوات
هذا الفارق البسيط جعلهم أكثر حماسة.
“جيرارد حصل فقط على خمسة أصوات؟ عُد إلى قراءة المجلّد الثاني، ستُغيّر رأيك.”
“هذا اللّعين لويس… ظهر في النّهاية فقط وحصد أكبر عدد من الأصوات.”
وبالرّغم من جدالهم وتشبّثهم بآرائهم، لم يتغيّر شيء، فأصواتهم لم تكُن سوى جزء صغير من جبل الجليد.
ولا يزال أمامهم ثلاثة أسابيع قبل انتهاء فترة التصويت وجمع النتائج.
***
“بما أنّه لا توجد نُسخ موقّعة هذه المرّة، سيكتفي النّاس بشراء نسخة واحدة لكلّ منهم.”
“تبا، هذه الفعاليّة لن تنفعنا أبدًا… ألن تبقى أكوام من الكتب في المخازن؟ دار النشر لا تعرف كيف تجني المال.”
أبدى التجّار وأصحاب المكتبات امتعاضهم من الفعاليّة الجديدة، لكن لم يكُن أمامهم خيار سوى الالتزام بالدّليل الجديد والتّعاقد.
فحتى مع بعض العناء، كان عليهم بيع الكتب ليكسبوا أرباحًا.
ومع أنّهم عادةً ما يُلبّون كلّ مطلب، لم يستطع أحد منع تذمّرهم في الخفاء.
***
<احتفال بانتهاء “حفلة التنكّر”>
صوّتوا لشخصيّتكم المُفضّلة من بين “إدوين، جيرار، ولويس” أبطال المجلّدات الثلاثة للكاتب كارما!
◈ التصويت متاح فقط في فروع البرج العاشر.
◈ لكلّ شخص صوت واحد فقط، وتكلفة التصويت: عملة فضّية واحدة.
◈ بعد انتهاء المدّة، سيُجمع عدد الأصوات، وسيكون من المُحتمل إصدار تكملة جانبيّة مع الشخصيّة التي حصدت أكثر الأصوات.
◈ صوتكم الثمين سيصل إلى الكاتب ويمنحه قوّة كبيرة.
***
حين علّق المعنيّون الملصقات بخطوط أيديهم وتفحّصوا التعليمات من جديد، عبسوا بوجوههم.
وفي اليوم الأوّل للإصدار، بدأ البيع رسميًّا، وكان الناس يأخذون الملصقات بدهشة.
وتوقّع كثيرون أن تكون المبيعات أضعف لغياب النُسخ الموقّعة، لكنّ توقّعاتهم تغيّرت شيئًا فَشيئًا.
“أترى؟ الناس يشترون ثلاث نُسخ دفعة واحدة حتى من دون توقيع.”
“بالفعل، أظنّ أنّ الزبائن أصبحوا أكثر تنوّعًا. ربّما يعودون لاحقًا لشراء كتبٍ أخرى من مكتبتنا.”
وبعد أن اختفى التقييد على الشّراء بدخول البرج في خطّ الإنتاج، صار بإمكان النّاس الشّراء بلا حدود.
وبينما نادرًا ما اشترى البعض أكثر من عشر نُسخ، كان الغالبيّة يُفضّلون أخذ ثلاث بدلًا من نسخة واحدة.
وحين تأكّد التجّار أنّ المخزون لن يتكدّس، وزّعوا الملصقات بسعادة.
ولاحقًا فقط أدركوا سبب شراء النّاس لثلاث نُسخ: نسخة للقراءة، ونسخة للاحتفاظ، ونسخة للعرض أو للإعارة.
ومهما كان أصل هذه العادة، فإنّ ازدياد عدد القُرّاء والمشترين للكتب كان أمرًا رائعًا حقًّا.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
《 قناة التيلجرام مثبتة في التعليقات 》
حسابي ✿ 《انستا: fofolata1 》
التعليقات لهذا الفصل " 36"