مرّ الليل ثقيلاً.
راين اختفى منذ حديثه الغامض، وألكسندر لم يظهر مجددًا.

ليانا جلست في زاوية غرفتها، بين أصابعها الورقة التي كُتب فيها:
“اهربي قبل أن يُحكم القيد.”

كانت الكلمة تتكرّر في رأسها كأنها نبض:
“القيد، القيد، القيد…”

لكن هناك شيء في داخلها… لا يريد الهروب.

كأنّها مربوطة لهذا المكان بخيط غير مرئي.
شوق مريض.
حنين لشيء لا تذكره، لكنها تشتاقه بجنون.

**

في صباح اليوم التالي، وبينما كانت تتجوّل بين الممرات المهجورة في الطابق السفلي…
وقفت أمام المكتبة القديمة.

عيناها توقفتا على كتاب أسود الجلد، مكتوب عليه اسم واحد فقط:

“سِرين”

سحبته من الرف، لكنّه لم يتحرك.
شدّت بقوّة… حتى سقط جزء من الحائط خلف الرف، وظهر باب مخفي.

نظرت حولها… لا أحد.

فتحت الباب، ودخلت.

كانت الغرفة ضيّقة، معتمة، فيها طاولة، ومرآة صغيرة مشقوقة، وعلى الطاولة… دفتر قديم، مغطّى بالتراب.

فتحت الدفتر بيدين مرتجفتين، وبدأت تقرأ:

🕯️ رسالة مكتوبة بخط يد مرتجف:

“أنا سيرين…
كنتُ السابعة. قبلي ستّ، وبعدي لن تكون هناك أخرى… إلا إن عادت هي.”

“راين… لم يكن رجلاً فقط.
بل بوّابة.
يفتح فيكِ شيئًا، يعلّقكِ به، يغرس نفسه فيكِ حتى تصيرين شيئًا غيرك.”

“الزواج منه؟ ليس عقدًا… بل ختم.
حين يُتمّ الطقس، تتلاشى ذاكرتكِ القديمة، وتُستبدل بروحٍ من الماضي.”

“لا تُصدّقي عينيه… هو لا يرى بكِ ‘ليانا’، بل يراكِ… ‘هي’.”

“وهي… من أحرقت القصر أول مرة.”

صفحة بعد أخرى، كلمات تتناثر كأنها هذيان روح سُجنت.

وفي آخر الصفحة… صورة صغيرة مرسومة بالفحم.
وجه فتاة… تشبه ليانا بدرجة مرعبة.

تحتها كُتب:

“ليانا الأصل… أول قلبٍ أحبّه راين، ثم خانته.
فقرر أن يُعيدها… مهما كلّف الأمر.”

شهقت.

“أعيدها…؟”

وفجأة…
انطفأ الضوء.

والباب خلفها أُغلق بعنف.

ركضت إليه، تحاول فتحه… لا فائدة.

ثم جاء الصوت… همسٌ من كل جهة.

“الساعة تقترب… الليلة الخامسة.
لم يتبقَّ سوى ليلتين…
بعدها، يعود القلب لمالكه.”

ثم ظهر ظلّ في المرآة المشقوقة…

راين.
لكن عينيه لم تكن مثل كل مرة.
كانت سوداء بالكامل.

وابتسم.

“ألم أقل لكِ، ليانا…
في هذا القصر، الأبواب لا تُفتح… بل تُبتلع.”