حين نفخ راين في أذنها، لم يكن مجرد هواء…
كان كأنّ روحًا كاملة انسكبت بداخلها.
اتسعت عيناها، وانقطع صوتها، وتجمّدت ملامحها كأنها ابتلعت البرَد.
وسقطت.
🌫️داخل الرؤية…
فتحت عينيها، فوجدت نفسها ترتدي الفستان الأسود نفسه…
واقفـة في غرفة غريبة، لكنّها مألوفة…
كأنّها رأتها مرارًا، لكن في الأحلام.
كان أمامها مرآة… لا تعكس صورتها.
بل تعكس وجه امرأة أخرى.
ذات عيون بلّورية، وشعر طويل ينزف دمًا.
فجأة، سُمِعَت أصوات فتيات يصرخن…
ستّ صرخات.
كل واحدة كانت أضعف من الأخرى… ثم صمتٌ تام.
همست صوت امرأة خلفها:
“كلّهنّ فشِلن، يا ليانا.
كلّهن أردن أن يغيّرن راين…
لكنّ الحب حين يُولَد مريضًا… لا يُشفى.”
استدارت بسرعة، لتجد العجوز اولڤيا، واقفة وسط الرماد، تمسك كتابًا محروقًا.
“من أنتِ؟!”
صرخت ليانا.
قالت العجوز بابتسامة حزينة:
“أنا من حاولت أن أحرق الحقيقة… فابتلعتني.”
ثمّ اشتعلت بالنار أمامها، واحترقت…
لكن النار لم تُصدر صوتًا، ولا دخانًا.
كأنّها نارٌ روحيّة… تمحو الذكرى، لا الجسد.
⏳ عودة للواقع…
استيقظت ليانا وهي تتنفّس بصعوبة، ووجه راين أمامها مباشرة، عينيه تبرقان.
“رأيتِها، أليس كذلك؟”
قالها بهمسٍ عميق.
“رأيتُ ماذا؟!”
صرخت وهي ترتجف.
أجابها ببرود:
“ماضيكِ.”
“لكن هذا… لم يكن ماضيي!”
صرخت وهي تدفعه بعيدًا.
اقترب منها مجددًا، صوته أكثر ظلامًا:
“ومن قال أنكِ كنتِ ليانا منذ البداية؟”
اتسعت عيناها.
“ماذا تعني؟!”
اقترب منها أكثر، لمسته الباردة على رقبتها، وكأنّه يتحسّس النبض:
“أنتِ… ولدتِ مرّة أخرى، في جسدها.
لكن روحكِ… كانت هنا منذ زمن.”
ثمّ ابتعد وقال:
“ولأجل ذلك… لم يكن لي خيار، سوى أن أعيدكِ إليّ.”
تراجعت، جسدها لا يستجيب، وعقلها على وشك الانفجار.
“أعدني؟! مَن أنا؟!”
ابتسم… وأدار ظهره.
قال قبل أن يغادر الغرفة:
“ستعرفين كل شيء…
حين يحين موعد الزفاف.”
ثم أغلق الباب خلفه… وتركها وحدها في الغرفة.
والفستان الأسود… لا يزال معلّقًا على الجدار، ينتظرها.
يتبع…
التعليقات لهذا الفصل " 5"