بعد صعود ألكسندر، بقيت ليانا وحدها في الممرّ، تشعر بأنفاسها تتثاقل، كأنّ الهواء تحوّل إلى حجر.
راين مشى أمامها، صامتًا، حتى وصلا إلى جناحها.
فتح الباب، وأشار لها بالدخول. كانت الغرفة فسيحة، يغمرها لون الخشب الداكن، ومليئة بكتب قديمة، ستائر ثقيلة، وسرير بأربعة أعمدة.
لكن أكثر ما شدّ انتباهها… المرآة.
مرآة ضخمة، ذات إطار ذهبي محفور عليه نقش غريب… كأنه لهيب يبتلع عيونًا مفتوحة.
اقتربت منها، ووقفت تنظر… لكنها لم ترَ انعكاسها مباشرة.
بل رأت شيئًا خلفها… شخصًا يمرّ من الممر.
استدارت بسرعة. لم يكن هناك أحد.
“متى ماتت أم ألكسندر؟” سألتها فجأة، غير قادرة على كبح الفضول.
راين لم يجب فورًا.
ثم همس: “هي لم تمُت.”
تجمّدت.
“لكن… أين هي؟”
“لم تعد موجودة… لكنها لم تمُت.” قالها وهو يغلق الباب، ويتركها في الغرفة.
ليلة مظلمة… وصوت داخل الجدران.
في منتصف الليل، استيقظت ليانا على ضحكة طفل.
ليست ضحكة بريئة… بل مشوّهة، كأنها خرجت من فمٍ لا يعرف الفرح.
قامت من السرير، اقتربت من الباب… فجأة، مرّ ظلٌ صغير من تحته.
فتحت الباب ببطء.
في نهاية الممر، كان ألكسندر واقفًا، وجهه لا يُرى، فقط خيال من خلف الضوء الضعيف. كان يمسك شيئًا.
دمية… محروقة الوجه.
“ألكسندر؟” نادته، لكنه لم يتحرك.
“ما الذي تفعله هنا؟”
فجأة، رفع رأسه وقال:
“هل تعرفين كم مرة قالوا لي: (سنكون عائلة سعيدة؟)”
سكت، ثم تمتم بصوتٍ باكٍ:
“كله كذب… كلّهن رحلن. وهنّ الآن في الجدار.”
“ماذا؟” قالت وهي تتقدّم نحوه.
لكنه ابتعد وهو يقول:
“راين لا يحب الأسئلة. الأسئلة تُشعل الغرفة… وتحرق من فيها.”
واختفى في الممر.
في اليوم التالي…
ليانا قررت أن تفتح أحد الأبواب المغلقة في الطابق السفلي.
وجدت مفتاحًا قديمًا بين الكتب، ودفعها الفضول إلى ذلك الباب المغلق دائمًا.
وحين فتحته… شمّت رائحة شيء قديم جدًا.
رأت غرفة، مليئة بفساتين زفاف… معلّقة، ومرقّمة.
كل فستان له اسم مكتوب عليه. وأمام كل فستان… صورة صغيرة لامرأة.
في الزاوية… فستان أسود. تحته لوحة خشبية كُتب عليها:
“رقم 7 – ليانا.”
شهقت، وتراجعت خطوة.
هذا… فستانها؟! لكنه موجود قبل أن تصل.
ماذا يعني هذا؟ من هنّ الستة الأخريات؟ وهل هنّ من قال عنهن ألكسندر… (هنّ في الجدار)؟
وفجأة… سمعت خلفها صوت راين، بصوته الهادئ المخيف:
“ألم أقل لكِ… لا تفتحي الأبواب؟”
استدارت، لكنه كان يقف عند الباب، وعيناه رماديتان أكثر من أي وقت.
قال وهو يتقدّم: “كان من المفترض أن نبدأ ببُطء. لكن بما أنكِ استعجلتِ الحقيقة…”
اقترب منها، ولمست يداه كتفيها، وكأنّه يثبتها مكانها.
همس في أذنها: “سأُريكِ… من كنتِ قبل أن تصلي.”
ثم نفخ شيئًا في أذنها… فاحترق المكان في عينيها، كأنها دخلت ذاكرة ليست ذاكرتها.
وسمعت صوت امرأة تصرخ…
لكن الصوت… كان صوتها هي.
التعليقات