الغرفة غارقة في صمتٍ أسود، لا يكسره إلا صوت قطرات الماء المتساقطة من السقف، كأنها إيقاع مميت يواكب توتر أنفاسهما.

كانت ليانا تجلس أرضًا، يداها ترتجفان وهي تضغط على معصميها اللذين ما زالا يحملان آثار القيود الخفية. كلما أغمضت عينيها رأت الظلال تلتف حولها من جديد، تسمع همسها العميق: “لن تفلتي… لن تفلتي أبداً.”

فتح الباب ببطء، وظهر راين. خطواته كانت ثابتة، لكنها تحمل ثِقل رجلٍ يجرّ معه عالماً من العواصف. وقف أمامها، عيناه متوهجتان بظلامٍ غامض، وكأنها لم تعد ترى إنسانًا بل مزيجًا بين رجلٍ مهووس وكيانٍ يسيطر عليه جنونه.

قالت بصوتٍ مبحوح:
— “لماذا تفعل هذا بي؟! ما الذي تريده حقًا؟ هل تظن أنّ تملكي سيجعلك سعيدًا؟”

اقترب، ركع أمامها، مد يده ليلمس خدها، فدفعت يده بعيدًا بعنف. ومع ذلك، لم يظهر الغضب على ملامحه… بل شيء أخطر: ابتسامة حزينة مشبعة بالهوس.

همس:
— “لستِ تفهمين، ليانا. أنا لا أريد سعادتك… ولا سعادتي. ما أريده أبعد من ذلك. أريدكِ أن تكوني لي… حتى لو احترق العالم من حولنا.”

ارتجفت كلماتها وهي تقول:
— “أنتَ لستَ طبيعيًا، راين. هذا ليس حبًا… إنه مرض.”

انحنى أكثر، حتى صارت أنفاسه تلفح وجهها، وصوته يقطر جنونًا:
— “نعم… هو مرض. لكنكِ عدواي الوحيدة، ودوائي الوحيد. إن حاولتِ الفرار، فسأمزق كل شيء حتى أجدكِ من جديد.”

صرخت وهي تحاول دفعه، لكن فجأة، الجدران المحيطة بهما بدأت تتشقق، وخطوط حمراء ظهرت كأنها نزيف يتدفق من الحجر نفسه. الرائحة المعدنية للدماء ملأت المكان.

ارتعبت ليانا، بينما راين لم يتحرك، بل أغمض عينيه وكأنه يتلذذ بهذا الانهيار.
قال بصوتٍ عميق:
— “الظلال تسمعني… وتراكِ أنتِ فقط. كلما قاومتِني، كلما ازداد عطشها لكِ.”

تراجعت للخلف، ظهرها التصق بالجدار النازف، والدماء الباردة لامست بشرتها. حاولت الصراخ، لكن راين مد يده مرة أخرى، يثبتها بقوة، وعيناه تحملان وعدًا لا رجعة فيه:
— “لن تخرجي من هنا إلا ممهورة باسمي، بروحي… بظلالي.”

وفي اللحظة التي كادت فيها أن تفقد وعيها من شدّة الصراع، انطفأ كل شيء فجأة. الصمت عاد، الجدران توقفت عن النزيف، والظلام ازداد كثافة حتى صار كالسجن.

ليانا أدركت الحقيقة المرعبة: إنها لم تعد سجينة القصر فقط… بل سجينة قلب راين وظلاله.