1
كانت أروقة القصر الكبير ممتدة كمتاهة، جدرانها المرصعة باللوحات الزيتية والشمعدانات الذهبية تعكس بريقًا بارداً. الضوء يتسلل من النوافذ العالية، فينثر لمعانًا على أرضية الرخام الناعم.
للعين الخارجية، بدا القصر جنة من الفخامة والهيبة… لكنه بالنسبة لإليانور، لم يكن سوى قفص من ذهب.
منذ طفولتها، لم تعرف الدفء العائلي الذي يحنّ إليه معظم الأطفال.
والدها، الملك هنري، رجل صارم قاسٍ، لا يرى في ابنته سوى ورقة سياسية، أداة لتعزيز سلطته وتوسيع نفوذه.
أما أمها، الملكة كاثرين، فقد كانت انعكاسًا باهتًا لزوجها، توافق على قراراته دون نقاش، وتنشغل بجلسات السيدات وزوجات النبلاء أكثر من انشغالها بابنتها.
أما إليانور، فقد كبرت وهي تراقبهم من بعيد، تتعلم كيف تُخفي مشاعرها خلف ابتسامة، وكيف تتحمل ثقل التوقعات من دون أن تملك صوتًا يسمع.
…
في صباحٍ بارد، استيقظت على صوت خطوات مألوفة تقترب من غرفتها.
فتح الباب بخفة، ودخلت مارغريت، خادمتها وصديقتها منذ الطفولة، تحمل بين يديها ثوبًا أزرق مطرزًا بخيوط فضية.
قالت مارغريت بمزاح وهي تقترب:
“آنستي… لو رأى والدك شعرك الفوضوي هكذا، لاعتبره فضيحة تُهدد المملكة.”
ضحكت إليانور وهي تجلس أمام المرآة:
“أبي لا يحتاج إلى فضائح جديدة، يكفيه قوانينه الباردة التي تخنقنا جميعًا.”
اقتربت مارغريت، وأخذت تمشط خصلات شعرها الفضي الطويل، الذي انسكب كالحرير على كتفيها.
بين كل تمريرة وأخرى، كانت عيناهما تلتقيان عبر انعكاس المرآة.
قالت مارغريت بصوت ناعم، لكنه مملوء بالصدق:
“إياكِ أن تسمحي لأحد بأن يقرر حياتك عنكِ. ما تملكينه أثمن مما يظنون.”
توقفت الأميرة عن المزاح للحظة، ثم همست:
“لولاكِ يا مارغريت… لظننت أنني مجرد ظل لا قيمة له.”
…
بعد ساعة، كانت إليانور قد تسللت كعادتها إلى المطبخ.
هناك، اختلطت رائحة الخبز الطازج برائحة الحساء الدافئ. أصوات الأواني تتداخل مع همسات الخدم وانشغالهم.
وفجأة، خرج صوت حاد من بين أكياس الطحين:
“بووو!”
قفزت إليانور إلى الوراء قليلًا، لترى توماس، ابن الطباخ، يطلّ برأسه المغطى بالدقيق.
ضحك حتى سقط أرضًا، وصاح:
“أمسكت بكِ! وجهك صار أبيض مثل الطحين!”
وضعت الأميرة يديها على خصرها متظاهرة بالغضب:
“توماس! كم مرة قلت لك ألا تفعل هذا؟”
لكنه ركض بين الطناجر، يقلد أصوات الجنود والنبلاء، ويقول بصوت عميق ساخر:
“أيتها الأميرة الجليلة، حكم المملكة يبدأ… بتذوق الحلوى أولًا!”
ضحكت إليانور من قلبها.
مارغريت التي رافقتها، اكتفت بالوقوف عند الباب، تبتسم بصمت وهي ترى كيف ينشر ذلك الطفل الصغير الضحك في قلب سيدتها.
…
مع اقتراب الظهيرة، جلست إليانور في الحديقة الملكية، تحت شجرة ياسمين وارفة.
كانت تحدّق في السماء الزرقاء، تفكر بصوت مسموع:
“لماذا لا يسألني أحد عن رأيي؟ لماذا أنا مجرد قطعة شطرنج يحركونها كما يشاؤون؟”
لم يجبها أحد سوى نسيم لطيف داعب أوراق الأشجار.
أما مارغريت، فقد وضعت وشاحًا خفيفًا على كتفيها دون أن تنطق، وكأنها تعرف أن الكلمات لن تكون كافية.
…
في تلك الأثناء، داخل قاعة العرش، كان النقاش محتدمًا.
قال اللورد غريغوري بصوت ثقيل:
“جلالتك… الأميرة بلغت العمر المناسب. لا بد من ترتيب زواجها قريبًا، فالأمر مسألة دولة لا عاطفة.”
أجاب الملك هنري بنبرة صارمة:
“ستكون ورقة رابحة لنا. اختيار الزوج يجب أن يتم بعناية… ولن أدعها تُفسد ما بنيته.”
اكتفت الملكة كاثرين بهز رأسها موافقة، دون أن تضيف كلمة.
…
لم تكن إليانور موجودة، لكن قلبها أحسّ بالثقل يزحف بين جدران القصر.
بينما كانت تضحك على حركات توماس الغريبة، كان مصيرها يُرسم في مكان آخر… دون أن يُسأل عن رأيها.صوت أجراس القصر المهيبة أعلن بداية يوم جديد.
نهضت إليانور ببطء، لا من حماسٍ لليوم، بل من إدراكٍ أن كل صباح يحمل معه مزيدًا من القيود.
دخلت مارغريت الغرفة كعادتها، تحمل صينية الإفطار.
قالت وهي تضعها على الطاولة:
“لقد أعد الطباخ حساءً خاصًا لكِ اليوم، قال إنه يحتوي على الأعشاب التي تحبها.”
قبل أن ترد إليانور، اندفع الباب بعنف، وكأن أحدهم تعمد أن يكسر هدوء الغرفة.
وقف عند العتبة فارس القصر الأكبر، وقال بانحناءة مقتضبة:
“جلالتكِ الصغيرة… الملك يريدك في قاعة العرش بعد قليل.”
رفعت إليانور حاجبيها بدهشة:
“في هذا الوقت المبكر؟ ما الذي يريده الآن؟”
لم يرد الفارس، بل انسحب كما جاء، تاركًا خلفه ثقلاً في الأجواء.
تنهدت مارغريت، ثم همست وهي تصلح ثنيات الفستان:
“يبدو أن جلالته لا يريد أن يترككِ تستمتعين بيومك.”
ابتسمت إليانور نصف ابتسامة، ثم قالت بنبرة يملؤها السخرية:
“وهل تركني يومًا؟”
…
في طريقها إلى القاعة، مرّت إليانور بأروقة القصر المزدحمة بالخدم.
كانوا جميعًا يتوقفون لتحيتها بابتسامات صادقة.
إحدى الخادمات المسنات قدمت لها زهرة صغيرة، قائلة بخجل:
“لأجل جمالكِ يا سيدتي.”
أخذتها إليانور بابتسامة دافئة:
“شكرًا لكِ يا روزا… هذه أجمل من كل جواهر القصر.”
ضحك الخدم من عفويتها.
كان هذا ما يميزها عن والديها: لم ترَ نفسها يومًا أعلى من الآخرين، بل رأت فيهم عائلة بديلة… عائلة تعطيها ما لم تجده في بيتها.
…
عند وصولها، كانت قاعة العرش باردة كالعادة، تهيمن عليها هيبة والدها وهيبته وحده.
جلس الملك هنري على العرش، وإلى جواره الملكة كاثرين بصمتها المعتاد.
قال الملك بصوت ثقيل:
“إليانور… لقد كبرتِ بما فيه الكفاية. لم يعد هناك مجال لتضييع الوقت في اللهو مع الخدم.”
شعرت الأميرة بانقباض في صدرها، لكنها أخفت ذلك بابتسامة متوترة:
“أنا لا ألهو يا أبي، أنا فقط—”
قاطعها الملك وهو يضرب صولجانه بالأرض:
“يكفي! المملكة تحتاج تحالفات أقوى. لقد بدأت مناقشات الخطبة مع أحد أنبل الأسر.”
جحظت عيناها:
“خطبة؟ من دون أن تسألني؟!”
أجاب ببرود:
“لستِ بحاجة إلى رأي. ما نفعله من أجلكِ… ومن أجل المملكة.”
أما الملكة، فظلت صامتة، تنظر بعيدًا وكأن الأمر لا يعنيها.
…
خرجت إليانور من القاعة، خطواتها سريعة، أنفاسها متوترة.
في أحد الممرات، اصطدمت بمارغريت التي كانت تنتظرها.
سألتها بقلق:
“ماذا حدث؟ وجهكِ شاحب!”
ترددت الأميرة لحظة، ثم قالت بصوت مرتجف:
“أبي… يريد أن يزوجني دون أن يسألني. يريد أن يجعلني صفقة.”
وضعت مارغريت يدها على كتفها، وقالت بحزم لم تعهده منها من قبل:
“لا تدعيه يقرر كل شيء. يجب أن تجدي قوتك بنفسك يا إليانور.”
…
في المساء، حاولت الأميرة أن تنسى.
جلست في المطبخ حيث اعتادت أن تجد نفسها بعيدًا عن قسوة القصر.
كان توماس يقف على كرسي صغير، يحاول الوصول إلى الطاولة العالية.
حين رآها، صرخ ضاحكًا:
“آنستي! لقد صنعت لك كعكة. لكنها ربما… انفجرت قليلًا.”
أشار إلى قطعة عجين محروقة نصفها ملتصق بالقدر.
غمرتها الضحكة رغم كل شيء، حتى دمعت عيناها.
جلس الطفل بجانبها، وأخذ يروي نكات عن الحراس والنبلاء، يقلد مشيتهم المتكبرة وصوتهم العميق.
قالت له:
“أتعلم يا توماس؟ أنت الوحيد الذي يجعل هذا المكان أقل قسوة.”
ابتسم الصغير بفخر، وكأنه حصل على وسام شرف.
…
لكن حين عادت إلى غرفتها ليلًا، جلست أمام النافذة، تحدق في القمر.
كلمات والدها ترنّ في أذنها: “لقد بدأت مناقشات الخطبة…”
شعرت بدمعة تسقط بصمت، ثم همست لنفسها:
“لن أكون جسرًا لأحد. لن أعيش حياتي كما يريدون.”
ومع أن قلبها ارتجف خوفًا، إلا أن بداخلها شعلة صغيرة بدأت تضيء طريقًا مختلفًا.
كانت الشمس تميل نحو الغروب حين اجتمعت العائلة المالكة على المائدة الطويلة في قاعة الطعام الكبرى.
جلس الملك هنري في صدر الطاولة، وملكته إلى جانبه، بينما جلست إليانور مقابلة لهما، تحيط بها أطباق لم تمسها يدها.
كان الحديث كله يدور حول السياسة والتحالفات.
تحدث الملك عن أحد اللوردات الذي أرسل وفدًا، وأشاد بأراضيه وثرواته، ثم التفت نحو ابنته فجأة وقال:
“إليانور، ستجلسين معه في العشاء القادم. أريدك أن تظهري بمظهر لائق.”
رفعت الأميرة رأسها بحدة، وفي عينيها بريق رفض لم يستطع إخفاءه حتى أكثر الناس خبرة بالمجاملة.
“أجلِس مع رجل لم أره من قبل… فقط لأنك قررت؟”
خفضت الملكة عينيها نحو كأسها، وكأنها لم تسمع شيئًا.
أما الملك فابتسم ابتسامة باردة وقال:
“هذا ليس طلبًا. إنه أمر.”
توقفت الشوكات في أيدي الخدم القريبين للحظة، وكأن الصمت قد جمّد القاعة.
قالت إليانور بصوتٍ ثابت، رغم ارتعاش يديها تحت الطاولة:
“أنا لست سلعةً توضع على الطاولة يا أبي. أنا شخص… لي حق أن أختار.”
ارتفع حاجباه بدهشة لم تخلُ من الغضب، وضرب الطاولة براحة يده:
“لقد تجاوزتِ حدودكِ يا إليانور!”
ارتجف هواء القاعة، لكن الأميرة لم تنحنِ.
قالت بهدوء قاسٍ:
“بل أنتم من تتجاوزون حدودي.”
…
بعد العشاء، حين عادت إلى غرفتها، دخلت مارغريت مسرعة:
“ماذا فعلتِ؟ الجميع يتحدث عنكِ… يقولون إن الملك لم يغضب هكذا منذ سنين!”
جلست إليانور على طرف السرير، تنظر إلى يديها المرتجفتين:
“لم أستطع أن أصمت. لا أريد أن أعيش حياتي سجينةً لأوامرهم.”
مارغريت وضعت الغطاء على كتفيها، وقالت بهدوء:
“لكن يجب أن تكوني حذرة… الملك ليس رجلاً يتسامح مع العصيان، حتى لو كنتِ ابنته الوحيدة.”
…
في اليوم التالي، وجدت إليانور عزاءها كالمعتاد في المطبخ.
كان توماس يجري خلف القطط الصغيرة التي اعتادت سرقة الطعام، يضحك بصوت عالٍ جعلها تبتسم رغم همومها.
حين رآها، صاح:
“آه! أميرتنا الجميلة! هل جئتِ تنقذينني من وحوش القطط؟”
ضحكت وجلست على الطاولة، تراقب فوضاه، ثم قالت له:
“أتعلم يا توماس… أحيانًا أشعر أنني أنا الوحش في هذا القصر.”
توقف الطفل وحدّق بها بعينين بريئتين، ثم قال ببساطة:
“المَلك وحش. أنتِ… أنتِ الملاك اللي يحمي الخدم.”
كلماته كانت طفولية، لكنها اخترقت قلبها بعمق، حتى دمعت عيناها.
…
حين حلّ الليل، جلست عند النافذة مجددًا.
كانت تعرف أن المواجهة التي حدثت على المائدة مجرد بداية.
والدها لن يتراجع، بل سيزداد ضغطًا.
لكنها أيضًا لم تعد قادرة على التراجع.
كان بداخلها صوت صغير يصرخ:
“لن تكوني ظلًا لأحد… لن تكوني ملكية تُباع.”
ومع ذلك، لم تكن تعلم بعد أن هذه الشرارة الصغيرة ستشعل نارًا أكبر مما تتخيل.
لم تمرّ سوى أيام قليلة على مأدبة العشاء، حتى تحولت كلمات الأميرة الجريئة إلى همساتٍ تتناقلها أروقة القصر.
كل خادم كان يحكي القصة بطريقته، وكل وصيفة تضيف إليها شيئًا من المبالغة.
في قاعة الاستقبال، حيث اجتمعت سيدات البلاط حول الملكة، ارتفعت ضحكاتٌ خافتة.
إحداهن قالت بسخرية:
“سمعنا أن الأميرة رفعت صوتها على الملك نفسه! يا له من عار…”
أخرى غمزت بابتسامة باردة:
“كيف يمكن لفتاة أن تكون مؤهلة للزواج إن لم تكن مطيعة حتى لوالدها؟”
الملكة جلست بينهم، تتظاهر باللامبالاة، لكنها في الحقيقة كانت تستمتع برؤية ابنتها محاصرة بالانتقادات.
قالت بجفاء وهي ترفع فنجان الشاي:
“ابنتي لا تزال صغيرة… لكنها ستتعلم قريبًا معنى الطاعة.”
…
في المطبخ، كان الوضع مختلفًا.
الخدم كانوا يروون القصة بعيون لامعة، وكأنها حكاية بطولية.
إحدى الطاهيات قالت بفخر:
“لقد قالتها علنًا! لم يجرؤ أحد قبلها على تحدي الملك!”
ضحك توماس وهو يتسلق الطاولة:
“أخبرتكم! أميرتنا ليست مثل الباقين. هي لا تخاف من أحد.”
لكن سرعان ما ظهر ظل طويل في الباب: أحد الحراس، بوجهٍ متجهم.
قال بصوت جاف:
“تذكروا… الكلام الزائد عن الأميرة قد يجلب لكم المتاعب. الملك يملك آذانًا في كل مكان.”
ساد صمتٌ ثقيل بعد رحيله، لكن إليانور التي كانت تستمع من بعيد لم تستطع كبح ابتسامتها الصغيرة.
على الأقل، في أعماق القصر، كان هناك من يراها بطلة لا عاصية.
…
في المساء، دخلت مارغريت غرفة الأميرة وهي تحمل رسالة مختومة.
“رسالة من الملك، جلالتكِ الصغيرة.”
مزّقت إليانور الختم بيدين متردّدتين، وقرأت بصوت مسموع:
“ستحضرين مأدبة مع اللوردات في الأسبوع القادم. عليكِ أن تُظهري ندمك وتلتزمي بما يليق بابنة ملك.”
شدّت أصابعها على الورقة حتى تمزّقت، ثم همست:
“ندم؟ على ماذا؟ لأني قلت إني لست سلعة؟”
مارغريت وضعت يدها على كتفها بلطف:
“ربما لو صبرتِ قليلاً… سيتغير الأمر.”
لكن الأميرة التفتت نحو النافذة بعينين لامعتين:
“بل سيتغير فقط إن وقفتُ أنا بوجههم.”
…
تلك الليلة، جلست الملكة بجانب الملك في مكتبه.
قالت ببرود وهي تضع الخاتم الماسي في إصبعها:
“لقد جعلتني ابنتك أضحوكة بين سيدات البلاط. إن لم تُؤدّبها، فلن يحترمنا أحد.”
أومأ الملك ببطء، ثم أغلق الدفتر أمامه:
“ستُؤدَّب… على طريقتي.”
ازدانت القاعة الكبرى بثريات الكريستال وأكاليل الزهور البيضاء.
اجتمع النبلاء بكامل أناقتهم، أصواتهم تتداخل بين الضحكات العالية والهمسات الفضولية، وكل العيون تتطلع نحو مقعد الأميرة الفارغ.
دخلت إليانور أخيرًا، بثوب فضي طويل ينساب على الأرض، وشعرها الفضي يلمع تحت الضوء.
بدت كأنها تمثال من نورٍ بارد، لكن في عينيها كان شيء آخر: صلابة لا تُكسر.
جلس الملك هنري في صدر المائدة، إلى جانبه الملكة بابتسامة مصطنعة.
رفع يده معلنًا:
“نجتمع الليلة لنطوي صفحة صغيرة من سوء الفهم. ابنتي ستُظهر للجميع أنها تعرف مكانها كابنةٍ للعرش.”
تبادل النبلاء النظرات، وبعضهم كتم ضحكة.
كانوا ينتظرون لحظة إذلال الأميرة.
…
وقفت إليانور ببطء، أنفاسها متوترة لكن صوتها حين تكلمت خرج واضحًا:
“مكانتي؟”
سرت همهمة في القاعة.
تابعت وهي تنظر مباشرة إلى والدها:
“إن كنتم ترون أن مكانتي هي أن أكون بضاعةً في سوق تحالفاتكم… فأنا أرفض.”
تجمدت القاعة في لحظة صادمة.
أحد اللوردات كاد أن يختنق بلقمة في فمه، بينما أسقطت إحدى السيدات كأس النبيذ من يدها.
الملكة شهقت، لكن الملك ضرب الطاولة بقوة حتى ارتجت الصحون.
صوته دوّى كالرعد:
“كفى! لقد تجاوزتِ حدودكِ أمام جميع حلفائي!”
لكن إليانور لم تخفض عينيها هذه المرة، بل قالت بصوتٍ هادئ كحد السيف:
“لم أتجاوز حدودي يا أبي… أنا فقط أرسمها.”
…
بعد دقائق من الفوضى، انسحب بعض الضيوف خائفين من غضب الملك، بينما بقية النبلاء راقبوا المشهد بدهشة متلذذة بالفضيحة.
أما الخدم الذين اصطفوا على الجوانب، فقد تبادلوا نظرات خفية.
توماس، المختبئ خلف أحد الأبواب، تمتم بفخر:
“إنها شجاعة… شجاعة أكثر من كل الرجال هنا.”
…
حين انتهت المأدبة أخيرًا، أُعيدت الأميرة إلى جناحها بحراسة مضاعفة.
دخلت مارغريت خلفها وهي تلهث:
“يا إلهي يا إليانور! ما الذي فعلتِ؟ الملك لن يسامحك أبدًا هذه المرة!”
جلست الأميرة قرب المرآة، تنظر إلى انعكاسها بعيون متعبة لكنها متوهجة:
“مارغريت… ربما لا يسامحني العالم بأسره، لكني لن أسامح نفسي إن صمتُّ.”
في الخارج، كان الملك يخرج من القاعة بخطوات ثقيلة، والملكة بجانبه تقول:
“لقد جعلتنا أضحوكة أمام البلاط كله.”
أجاب بصوتٍ بارد:
“لن أجعلها تجرؤ على ذلك مرة أخرى… أعدك.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

عالم الأنمي عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!

إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"