كان مزيج رائحة العطر ودخان السّجائر يلسع أنف يوري. لكن ما أثار أعصابها حقًا كان شيئًا آخر.
تباطأت دقّات قلبها، وشعرت ببرودة في صدرها.
‘حتّى بعد أن تلقّيتِ العلاج في المركز، لم تستطيعي التّوقف عن الشّرب…؟’
كانت تعتقد أنّها لا يمكن أن يخيب أملها أكثر من ذلك. لكن في النّهاية، مزّقت أختها قلبها مرّة أخرى.
سواء أكانت تعرف مشاعر يوري أم لا، استندت يونجو إليها بعيون غير مركّزة وابتسامة مذهولة.
“كم من المال لديكِ؟ أقرضيني بعضًا.”
“الحبّ، جراحة التّجميل، القمار. أيّها هذه المرّة؟ لا تخبريني أنّكِ تطلبين مالًا للبحث عن عمل مرّة أخرى.”
“أيتها المجنونة!”
تمايلت يونجو ودفعت يوري بعنف بعيدًا.
كان سيناريوها دائمًا هو نفسه.
كانت يوري تعرف بالضّبط ما سيحدث إذا فتحت فمها. ومع ذلك، تحدّثت ببرود مرّة أخرى.
“هدّدكِ والداي بقطع الدعم إن لم تحصلي على وظيفة هذا العام، فجئتِ إلى أختكِ الصغرى لتثيري الفوضى. لو أكلتِ التوفو بعد خروجكِ من السجن، لكنتِ اكتسبتِ بعض النضج.”
«”أكل التوفو” بعد السجن يرمز لبدء حياة نظيفة وبريئة.
يُقال لمن لم يتغيّر بعد خروجه، كنوع من التوبيخ أو السخرية.»
صفعة!
في اللحظة التي انتهت فيها كلماتها، جاءت يد خشنة طائرة، فأدارت وجه يوري بحدّة إلى الجانب.
آه، هناك شخص في البيت…
عندما لمست خدّها، ظهر الدّم، من المحتمل أنّه خدش بظفر.
مدّت يوري يدها وأمسكت بياقة أختها وهي تلهث.
“لقد أصبحت قبضتكِ أضعف كثيرًا، أليس كذلك؟”
مع ذلك، دفعت أختها بعيدًا وداست عائدة إلى المبنى. تردّد صوت صرخة يائسة بعدم إخبار والدتهما متأخرًا قليلًا في الزّقاق.
كما توقّعت، كان لياندروس يراقب كلّ شيء من خلال النّافذة.
مرّت يوري بالرّجل المذهول، وأخذت بعض الثّلج من الفريزر وصبّته بقوّة في كيس بلاستيكيّ. ثمّ غرقت في كرسيّ وضغطت الثّلج على خدّها، محدّقة إلى الأمام.
“لقد رأيت، أليس كذلك؟ هذا هو السّبب الثّاني لعدم عيشي مع عائلتي.”
“…”
ساد الصّمت.
وقف لياندروس في مكانه، يراقب يوري بهدوء لفترة قبل أن يقترب منها ببطء.
آخر مرّة بكت فيها بسبب شيء كهذا كانت عندما كانت في التّاسعة عشرة، مختبئة في الحمّام مع رذاذ الماء يعمل. منذ ذلك الحين، أقسمت ألّا تسكب دمعة أخرى…
دفنت يوري وجهها في صدر لياندروس العريض.
تدريجيًا، أصبحت ملابسه دافئة بدموعها.
***
“كانت المرّة الأولى عندما كنتُ في السّنة الثّالثة من المدرسة الإعداديّة. خمسة عشر عامًا.”
انسكب ضوء القمر على أكتاف الاثنين، اللذين جلسا مستندين إلى السّرير مع تمديد أرجلهما.
كان كيس الثّلج في يد يوري قد ذاب إلى حالة رخوة، يقطر الماء على الأرض.
“يقولون إنّ المرّة الأولى هي الأصعب، لكن بعد تلك الصّفعة الأولى، أصبح ذلك أمرًا معتادًا.”
“…وماذا عن والديكِ؟”
“كانا يعلمان. لهذا السّبب تقدّمتُ عمدًا إلى كلّيّة بعيدة وغادرتُ المنزل. لو بقيتُ، لتصاعد النّزاع بيني وبين أختي إلى حرب عائليّة كاملة. لستُ ناقمة. لقد حاول والداي بجديّة لإصلاح الأمور بيننا.”
أمسك لياندروس يدها بقوّة. كان الدّفء في لمسته يقول أكثر من مئة كلمة مواساة.
“إنّه أمر مثير للشّفقة، ومع ذلك، حزين أيضًا. لم تكن دائمًا هكذا. مهما فكّرتُ، لا أستطيع معرفة أين أخطأت الأمور…”
تجمّعت الدّموع في عيني يوري مرّة أخرى، ومسحتها بسرعة.
اتّسعت عينا يوري عند هذا الكشف غير المتوقّع تمامًا.
“أنت توأم؟”
“توأمان متطابقان. من بعيد، لا يستطيع معظم النّاس التّمييز بيننا. وأخي… حسنًا، لا يعيش حياة مثاليّة بالضّرورة. يسمّيه النّاس من حوله ‘فاسقًا’.”
“فاسق…”
ابتسم لياندروس بإحراج وهو ينظر إلى يوري المفاجأة.
أوه لا. سرعان ما عدّلت يوري تعبيرها لتسهّل عليه المواصلة ونظرت إلى الأمام مرّة أخرى.
“كان أخي مريضًا منذ الولادة. بدلاً من تعلّم السّيف، كان يرسم. كان موهوبًا جدًا، حتّى إنّ النّاس أطلقوا عليه لقب عبقريّ. سلّم منصب الوريث لي مبكرًا. كان يعلم منذ صغره أنّه لم يكن مقدّرًا له العيش مقيّدًا في مكان ما.”
“هذا نوعًا ما مذهل. عادةً ما يتقاتل النّاس على منصب الوريث، أليس كذلك؟ ربّما شاهدتُ الكثير من المسلسلات…”
“لكن مع ذلك، ‘فاسق’؟ لا أستطيع تصوّر ذلك على الإطلاق إذا كان يشبهك تمامًا.”
“حسنًا… في الواقع، كانت لديه علاقات معقّدة مع النّساء حتّى عندما كان في الأكاديميّة. عندما تواعد هذا العدد من النّاس بشكل عابر، يلتصق به لقب من هذا القبيل. المشكلة هي أنّه فخور بهذا اللّقب. تشاجرنا كثيرًا بسبب ذلك.”
“يبدو أنّه عكسك تمامًا. عادةً ما يكون التوأم متشابهين في الشّخصيّة أيضًا، لا فقط في المظهر.”
أمسك لياندروس يدها بقوّة أكبر لكنّه لم يوافق أو يعارض. انخفضت رموشه الذّهبيّة بلطف مثل مروحة.
“الآن وأنا أفكّر في الأمر، ربّما يأتي شوقه لعاطفة النّساء من والدتنا.”
“والدتك؟”
“شنقت نفسها في غرفتها في عيد ميلادنا الثّامن.”
ماذا؟
شهقت يوري لا إراديًا من الصّدمة.
بقي تعبير لياندروس هادئًا، لكن ارتعاشًا طفيفًا تشكّل بين خصلات شعره الأشقر المشعّث.
“كانت دائمًا مكتئبة. لم نرَها تبتسم ولو مرّة واحدة. لكن أخي… لقد أعطاها عاطفة أكثر بكثير ممّا فعلتُ أنا. بينما كنتُ أتبع والدنا، بقي هو داخل المنزل بسبب صحّته، لذا حدث ذلك بشكل طبيعيّ. أحيانًا، أشعر بالأسف تجاهه.”
ثماني سنوات—عمر كافٍ لتذكّر شيء صادم كهذا. حاولت يوري قراءة تعبير لياندروس.
“وأنت؟ هل أنت بخير؟”
“تعلّمتُ ألّا أشارك أفكاري الدّاخليّة مع والدي.”
“حسنًا، أنا من عالم آخر على أيّ حال، لذا أخبرني كيف تشعر حقًا. لا يوجد هنا من سيذهب ويشارك أسرارك. حتّى لو أخبرتُ أحدًا، سيظنّون فقط أنّني مجنونة.”
“هم…”
داعب لياندروس ظهر يدها بإبهامه بلطف، متردّدًا. ثمّ، كما لو أنّه يسحب مذكّرات خبّأها في خزانة ولم يجرؤ على فتحها مجدّدًا، بدأ يتحدّث.
“بصراحة، لا أعرف حقًا. لكن إذا كان لتوأمي سرّ، فهو أنّ أخي يعلّق اللّوحات التي يكملها في غرفة نوم والدتنا القديمة. وفي الأيّام المشمسة، أذهب إلى هناك وأنظر إلى تلك اللّوحات. عندما أفعل، أشعر وكأنّني مجرّد فتى صغير عاديّ مرّة أخرى، كما كنتُ من قبل.”
“أعرف هذا الشّعور. قد يبدو سخيفًا بعض الشّيء، لكن بالنّسبة لي، إنّها الرّوائح. عندما أشمّ شيئًا كنتُ أشمه كثيرًا وأنا طفلة، يبدو وكأنّني عدتُ إلى ذلك الوقت.”
ابتسمت يوري بخفّة ونظرت إلى لياندروس.
في مرحلة ما، كان هو أيضًا قد استدار ليواجهها.
وجهه، كلوحة مرسومة، كان مضاءً بنعومة وحالميّة باللّيل.
ثمّ، حدث ذلك فجأة.
شعرت يوري وكأنّ مغناطيسًا جذبها—منجذبة إليه بشكل لا يقاوم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 5"